عبد اللطيف الحسيني: حينَ أجدُ لوحةً تضجُّ ألواناً مُهدَاة لعامودا , أجدُ نفسي تتلقّفُها قبلَ أنْ يستحوذََها غيري ليستأثرَ بها ويتركني بعيداًعنها دونَ أنْ أجعلَها تفكّر بنا (نحن كمجموع).
عبد
اللطيف الحسيني: حينَ
أجدُ لوحةً تضجُّ ألواناً مُهدَاة لعامودا , أجدُ نفسي تتلقّفُها قبلَ أنْ يستحوذََها
غيري ليستأثرَ بها ويتركني بعيداًعنها دونَ أنْ أجعلَها تفكّر بنا (نحن كمجموع).
ما يُدنيني من ألوان عمران هو هذه الألوانُ التي تقتربُ منّا وتلامسُ أدقّ تفاصيل
حياتِنا التي باتتْ أقربَ إلى كلّ الألوان , بعدَما كانتْ تحتدّ بوحدتِها وثباتِها
حيث لونٌ واحدٌ يغطّي كلَّ الملامح و يسوّدُ كلَّ ألوان الحياة ويقبّحُها عقماً وسقماً,
دونَ أنْ يفرّقَ بينَ ملامح صغير أو كبير , و لتصبح كلُّ الوجوه وجهاً واحداً
أمامَ مرآةٍ مهشّمةٍ تجعلُ الوجهَ النِّضِرَ
لا ماءَ فيه .
حين
اختارَ لونُ عمران مكاناً أثيراً (عامودا) وكأنّه اختارَ أمكنةً بنفس الآن لأنّها
مدينةٌُ خيّبَها بعضُ أهلها من "مثقفين صامتين" عندئذٍ تفرضُ الموازناتُ
نفسَها في سياق الفنّ والأدب , و من هنا تكون القيمةُ والمعيار لأيّ لونٍ أو شكل
أدبيّ , ما أعنيه هو طوفان التغيير يرافقُه طوفانٌ من نوع آخر : الألوان والكلمات,
فهما الشكلُ الملائِمُ لاستنطاق المسكوت عنه ومجاراة الواقع الحيّ . أَمَا كانَ
يُقال بأنّ الأدبَ انعكاسٌ للواقع ؟ . فأين انعكاسُ المرايا ؟ ولنْ أسألَ عن غياب
الشّخص والنصّ معاً , ففيهما تكمنُ المرارةُ ذاتُها .
عمران قَرَأَنا
من خلال فضاءٍ مُغيِّر لا حدودَ له , ليَجدَ عندَنا فضاءَاتٍ تشبهُ عالمَه اللونيّ
الذي وَجَدَ وَهَنَاً فينا فتحايل عليه وغرسَ في كلِّ زاويةٍ لوحةًً توحي : هذه هي
ألوانُكم التي تشبهُ حياتَكم الجديدة , فخذوها بالقلب واليدين .
...
كانَ
الفنُّ يواكبُ حركاتِ وسكناتِ مجتمع يطوف مدّاً ثوريّاً ’ وكان عمران يأتي بتلك
الحمولات الثقيلة إلى غرفة دمشقيّة بحجم الكفّ ليلطّخَها بألوانه التي تفتّتُ
الرتابةَ والكآبة:(هكذا وجدتُه قبل عقدين) .
يستدعي
عمران غبارَ طفولته وطينَها الجزراويّ إلى صقيع الحياة حيث يعيش فنّاً ولوناً على
مدار يومه , يعجن اللون و يحوّلُه فنّاً ويضعه أمامَنا : (هكذا أقرأُه الآن).
كم لوحةً
من عمران تكفي لتعيدَ السكينة إلينا ؟ :هكذا قال أحدُ الأصدقاء .
للمزيد : http://httpblogspotcom-alhusseini.blogspot.com/2011/12/blog-post.html