خورشيد شوزي
kh.shozi@gmail.com
الاستبداد والتعامي ونعمة التوالد
الجمعة 27 تمّوز / يوليو 2012, 10:15
الاستبداد والتعامي ونعمة التوالد
من ضمن مواهب أي نظام استبدادي أن يلمِّع صورته بالانجازات الوهمية، حيث يضخِّم الانجاز ويجعله رمزاً لحضارته، ويقيم المهرجانات الدعائية تمجيداً لما تصدَّق به على الشعب، وأزلام النظام يرقصون فرحاً وطرباً بهدايا القائد من جيبه الخاص أو من غلال أملاكه التي تشمل الوطن بأكمله، فمثلاً سوريا هي "سوريا الأسد" أي أن سوريا تعرف بالأسد - مسكينة سوريا - لقد جاء من ينفض الغبار عنك، فلولا آل الأسد لما كان لك ماض ولا حاضر ولا تاريخ ... ولما ازدهرت الصناعات على أرضك فالصين تهدي مصانعك الحرير لتنسج خيوطاً لشنق كل صوت حر، وروسيا تهدي الحديد لمصانعك لتنتج المعاول التي تحفر قبوراً جماعية للمساكين البائسين الذين أصبحوا عالة على ميزانية الصمود والتصدي.
إيران وحزب الله يهللون في تلفزيوناتهم وفضائياتهم وحسينياتهم بإنجازات القائد التاريخية الخارقة على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، وأن سورية غير مدينة بأيّ قرشٍ للخارج!!! هل يستغفلون العالم كله أو يتعامون عن الحقيقة؟! فالجميع يعلم أن القيصر بوتين ابتدأ عهده الأول بإعادة افتتاح القاعدة البحرية الروسية في ميناء طرطوس، وعقد الصفقات العسكرية، وتقديم خبراء عسكريين، وأسلحة، وتجديد عتاد الجيش السوري، ونتيجة لذلك فإن المديونية السورية لروسيا تجاوزت مبلغ 13 مليار دولار.
وبشار الأسد زار موسكو في عام 2005 ووقع على اتفاقية مبدئية يتم بموجبها شطب 73 % من الديون السورية، آخذاً بالحسبان أن المبلغ المتبقي وقدره 2.11 مليار دولار سيتم صرفه لتنفيذ العقود الروسية، ونفذت هذه الاتفاقية خلال الزيارة الثالثة في أغسطس عام 2008، ومن جديد وافقت روسيا على أن تبيع أنظمة صواريخ جو متقدمة إلى سوريا (هل هي هدايا للنظام السوري؟؟.)، وتم عقد اتفاقيات سرية تم بموجبها شطب 73 % أي 9.8 مليار دولار من صافي ديون سوريا لروسيا، والبالغة 13.4 مليون دولار.
هذا هو الجانب المعلن من الاتفاقيات، أما الجانب الخفي من الاتفاقيات فهي بعلم الله وموقعوا الاتفاقيات، فماذا تم التنازل عنه أو بيعه مقابل الشطب سيظهر بعد زوال النظام، وهذا واضح من احتضان الجانب الروسي للسلطة السورية وكأنهم جزء منهم.
نعم فان أغلب ما يستورد من الخارج هو السلاح حماية لكرسي الاسد الإله-هبل، والباقي تستورده شركات خاصة للمخلوف وأتباعه على حساب الشركات العامة.
نحمد الله ونشكره على أنه خص الكورد بنعمة التوالد، فكوردستان تولّدت منها أربع ضُمَّت إلى أربع دول مستحدثة حكمتها أنظمة غير بشرية ... والجزء الأصغر منها شهد ولادة حزب واحد في العام 1957 وكان عدد الكورد آنذاك حوالي 800 ألف نسمة، ومع كثرة الولادات أصبح في الوقت الحالي لدينا أكثر من ثلاثين حزباً- إذا اعتبرنا بعض التنسيقيات أحزاباً- بينما عدد الكورد الآن يقارب أربعة ملايين نسمة، وبإجراء عملية نسبة وتناسب نجد أن نسبة الزيادة على الأحزاب يعادل ثمانية أضعاف الزيادة في السكان، وهذا من بركات السلطة السورية.
لن أقول أنه كان علينا البقاء تحت مظلة حزب واحد شمولي لأن تعدد الأحزاب شيء طبيعي ومستحسن، والاختلاف في وجهات النظر شيء طبيعي وسليم يؤدي إلى التطوير والدفع إلى الأفضل لا إلى الأسوأ إذا وضعنا نُصْب أعيننا حقوق شعبنا في مرتبة تفوق مصالحنا الشخصية والوجاهية. ولكن أن يكون لدينا مفرخة أحزاب تعتبر أن كل شيء يجب أن يكون في مصلحة الحزب قبل مصلحة الشعب فهذا غير مقبول .. وبدلاً من مفارخِ الفُرْقة هذه كان على الجميع الاهتمام بمفارخ العقول وتحسينها وتوجيهها وتطويعها في خدمة الهدف الأسمى للشعب الكوردي بالعيش بحرية وكرامة على أرضه التاريخية رغماً عن أنوف العنصريين والشوفينيين من السلطة أو المعارضة .. وهذا لن يتم إلا بتحسين مفرخة عقولنا ووضع برنامج شمولي واحد له، وهو تأمين حقوقنا التاريخية المشروعة، وهذا لايتم إلاّ بوحدتنا وتلاحمنا، وتمسك كافة الأطراف الكوردية بمقررات هولير يوصلنا إلى هذه الحقوق، لأن الهدف واحد والطريق إلى الهدف لن يكون معبداً إلا بتضافرنا ووحدتنا على الأقل في هذه المرحلة الحرجة. وبذلك نتجنب لعنة أجيالنا القادمة على تفويتنا الفرصة التاريخية التي كانت أشبه بالحلم قبل الثورة.
هذه الكتابه تعبر عن راي كاتبها