د. محمود عباس
mamokuda@msn.com
.2.الشرق بؤرة الإرهاب حاضراً1
الجمعة 10 أيّار / مايو 2013, 07:29
الجزء الأول
الشرق يتجه إلى دمار، وبعده بناء غريب، تظهر بدايات ثقافة على أنقاض ثقافة الطغاة الحاضرة، لكنه سيدفع، حالياً وفي الآتي من الزمن، ثمناً رهيباً لماضٍ غرق في الجمود والتراكمات الفكرية الموبوءة. على مدى قرون سيطر الإسلام السياسي على شعوب الشرق، وخلقت ثقافة مغايرة لروحانية الدين الحقيقي، رغم مراحل التناوب بين خموده وطغيانه، وبروز المفاهيم العلمانية أو الديمقراطية مع كل الإتجاهات، إلا أن القوى الدينية السياسية سخرت المجتمع لغايات ذاتية، وأبطأت التطور البشري في هذه الجغرافية وعلى مراحل زمنية طويلة، قننت تبادل الأفكار والثقافات مع العالم الخارجي، بمنطق الحفاظ على نقاوة الدين الحنيف، وأدخلت الشعوب في عتمة فكرية قدر المستطاع، تحت رهبة الثقافة الإسلامية وعبادة الله بالطرق التي حللوها وحسب تأويلات خاصة من شريحة من علماء الدين التجسيديين في تأويل القرأن وكينونة الإله، فكانت السيطرة السياسية للإسلام على حساب السيطرة الروحانية، كما ابتغاه البعض.
أساليب الطغي في العالم الإسلام السياسي لم تختلف في كثيره عن سيطرة الكنيسة البابوية، رغم الإختلاف في الطريقة، إلا أن أهدافهما كانا متشابهين في معظمه، فمثلما كانت الكنيسة تسخر الإنسان وتدفعه لشراء صكوك الغفران بالقوة والخداع، كذلك كان قادة المذاهب يخلقون شريعة الفتاوي المتتالية، وقوى رجال السلطة المدنية الحاضنة للسلطة الدينية، يجرفون بكل مناهض لهم إلى حلقات معاداة التجسيد الإلهي، فظهرت وعلى مدى التاريخ القديم والحديث فتاوي عديدة يحللون بها دماء مفكرين كبار بل ودماء شعوب! وأصبحت الطرق الصوفية المسالمة بالنسبة للبعض منهم كفراً يستحق متبعيه القتل. هذه السيطرة الشمولية، بالإستبداد المذهبي المطلق، جرف بشرائح من المجتمع إلى الوقوف في وجههم في بعض الجغرافيات والقيام بثورات متنوعة المفاهيم والمنابع، ولم تكن تختلف عن ثورات الآوروبيين التي قامت وعلى مدى قرون ضد سلطة البابا المطلقة في روما، لكن الإختلاف كان في الأماكن والفترات الزمنية التي انتشرت فيها الأفكار والمفاهيم.
عوامل متنوعة في الشرق، خَلَقتْ ثقافة نوعية، أستمرت مسيطرة على مدى قرون، إلى ان تخمرت في العهود المتأخرة فأمتزج التطرف الديني مع التعصب القومي، أحتضنتها السلطات الشمولية، نمتها ونشرتها على مدى عقود، خلقوا على بنيانها شرائح دينية متطرفة ومشايخ تبث فتاوى غريبة عن جوهر الدين، دفعوا بهم لنشر مفاهيم موبوءة، قام هؤلاء بدورهم بشكل فظيع، فخلقوا صراعات متنوعة بين المجتمع وكرسوها، لتمرير أجندات الحكام، بها حافظوا على مدى عهود على طغيانهم الشمولي بدون منازع، صرفوا على هذه الطفرات الثقافية الأموال الطائلة، إلى أن جعلوها في كثيره مدارس منهجية، نافست المذاهب الإسلامية الرئيسة، تخرج منهم قوافل من الناس، شكلوا كتل ومنظمات إسلامية سياسية، سخروا لها كل قواهم للإبقاء على التحريفات التي ظهرت في الإسلام منذ سقيفة بني ساعدة، ركزوا على الإسلام السياسي لتحريف المفاهيم الروحانية في الدين لبلوغ أهدافهم. اعتمد البعض من رؤساء وملوك الدول العربية على هذه التيارات المذهبية المتطرفة وبعمق، وأغرقوها في البعدين السياسي والإجتماعي، ففي الأول، بحثوا عن عدو يبررون بها حججهم المذهبية وتعصبهم الفكري، فأصبغوا عليه صفة الجهاد الديني، فكان في البدايات معادة الإتحاد السوفيتي الكافر، وبعد زواله أتجهوا إلى معاداة الغرب بكليته، وجعلوا مواجهتها بكليته جبهتهم. وفي البعد الإجتماعي، العلاقات العامة المنتشرة بين الشعوب الإسلامية، محور حراكهم، فالمجتمع الشرقي النابع من عمق الحضارات والروحانيات القيمة والتعامل الإنساني، المخالف لمفاهيمهم الدينية المركبة بمنهجية خاصة، أصبح مركز نشاطاتهم وعملياتهم الإرهابية، فبدؤوا في صراع مع هذه الشعوب بأساليب إرهابية تكفيرية لكل مخالف لفتاويهم ومفاهيمهم، يصارعون من أجل التغيير في الثقافة العامة والعلاقات الإجتماعية الحضارية.
العالمين العربي والبعض الإسلامي، بأجوائه الإقتصادية – السياسية، حيث الفقر والفساد والإستبداد، والإجتماعية – الدينية، التخلف والتنوع والتنافس، كانت مهيئة لإنتشار العديد من التيارات الدينية المتطرفة، والتمادي في مفاهيمها إلى أن تنتقل من مذاهب فكرية إلى قوى لإسلام سياسي تحتضن ميليشيات ومن ثم قوة عسكرية منظمة، مع مجموعات متخصصة في التدمير والقتل، وأنحرفت فيما بعد بشكل أوسع إلى تيارات ارهابية بمنطق الجهاد الإسلامي ضد كل من يقف في طريقه، دون تمييز لدين المنافس أو مفاهيمه أو قوميته. فكانت العمليات المنفذة على مدى عقود تكفي أن تجلب لذاتها صفة الارهاب الإسلام السياسي الدولي، ولم تكن في هذا تختلف عن الإرهاب الذي كانت أوروبا المسيحية غارقة فيها في بداية القرن الماضي.
منظمات إرهابية متنوعة وفي جغرافيات متعددة، ظهرت وانتشرت في بقاع العالم، لكنها ليست مدعومة ومنظمة مثلما هي الفرق والمنظمات التي ظهرت في جغرافية الشرق العربي والإسلامي، من حيث الدعم المادي والثقافي الديني، حيث البنية الروحانية المحاطة بتأويلات محرفة تحت غايات خاصة، والذي سخر ويسخر لها فتاوي وتحويرات ذاتية في مقاصد القرأن، والتي أغرقوها بتفسيرات جزئية ولآيات معينة لخدمة أهداف سلطات مدنية. لا شك ظهرت منظمات في دول مثل اليابان، وفي كمبوديا وغيرهما، لكنها لم ترتقي إلى البعدين الدولي السياسي والإجتماعي مثلما بلغته المنظمات الإرهابية الناتجة عن متطرفي الإسلام السياسي. فالدين بحد ذاته هي البنية الخصبة للجماعات المتطرفة، روحيا وفكريا، بعكس المتطرفين السياسيين الذين يعتمدون على التعصب القومي أو الإيديولوجية الفكرية ، ففي أوروبا سيطر هذا التطرف الديني وعلى مدى قرون، وكانت البنية ممهدة لها، منذ سيطرة الكنيسة البابوية على المسيرة الفكرية والسياسية، خلقت حروب عديدة وبأبعاد زمنية جغرافية طويلة وواسعة، وكان الصراع افظع من أن يلم به المؤرخون لتغطيتها تماماً، وكانت النتيجة ظهور تيارات متطرفة وجماعات إرهابية أرعبت أوروبا على مدى قرون، ومنها مجموعات فرسان الكنيسة بعد الحروب الصليبية التي دعت إليها الكنيسة البابوية، وشمل أرهابهم تحت مسميات متنعة من الفتوحات إلى الاستكشافات إلى رحلات التبشير، قضوا على مجموعات بشرية كاملة في الأميريكيتين، وفي مناطق أخرى من العالم، واستمرت التغيرات في تسمية المجموعات المتطرفة وشموليتهم التنظيمية، وتغيرت طرق الإرهاب، إلى بداية القرن الماضي، فدفعت أوروبا ثمنها بشكل هائل، دمار شمل كل القارة وأبعد، بحربين عالميتين، والتيارات الإرهابية حينها كانت تتغطى تحت شعارات متنوعة، شارك فيها الديانتين، المسيحية، واليهودية في بعضه، وإرهابهما تعمق في الواقع الإقتصادي إلى جانب السياسي الإجتماعي. واليهودية السياسية وعلى مدى تاريخها العميق، منذ الحضارات الأولى في الشرق وحتى اليوم تدفع ثمن إنحرافاتها الروحانية التي تسخرها السلطات والقوى المدنية لذاتها. وإذا كانت الشمولية لا تظهر بقوة مثلما هي في الديانتين الإسلامية والمسيحية فيعود إلى عامل الفكر التبشيري لديهم.
جغرافية الشرق، في العقود الأخيرة، أصبحت أخصب جغرافية للبؤر التي خلقت فيها هذه المجموعات الإرهابية، والبعض من السلطات العربية غذتها ودعمتها بكل الطرق، فعلى سبيل المثال لا الحصر، اصبحت سوريا وايران ومنذ إزالة دكتاتورية الصدام وحتى اليوم المنبعان اللذان لا ينضبان في تخريج دفعات الإرهابيين، دعمهما المادي والعسكري واللوجستي للعديد من مجموعات القاعدة، بلغت ابعاد واسعة، وخاصة تدريب وتهيئة المراهقين الشباب القائمين بالعمليات الإنتحارية، أخذت حيزاً كبيراً من نشاطات مؤسساتهم الأمنية، وإرسالهم إلى معظم دول الجوار وإلى العالم الغربي، حركت اعظم قدرات الإستخبارات العالمية، والأميريكية بشكل خاص، بلغت العمليات الإرهابية والإغتيالات السياسية والدينية أرقام رهيبة، فهم وراء كل الإرهاب الحاصل من باكستان مرورا بإفغانستان إلى العراق الذي دمروه، والإغتيالات في داخل الدولتين نفسهما مجموعاتهم الإرهابية ورائها، ولا يخفى ما يجري في لبنان، وغيرها من الدول الإفريقية والعربية. وفي بداية القرن الماضي أعتمد آل السعود على المجموعات السلفية أو الوهابيين الأوائل في صراعهم مع آل الرشيد وبمساعدتهم استطاعوا السيطرة على المملكة والقضاء على محمية الشمر في منطقة الحائل، ورغم أنهم تخلوا عنهم فيما بعد بسبب البريطانيين، وبأمر من الحركة الماسونية التي كانت وراء تكوين أسرائيل الحاضرة، إلا أنهم عادوا وبنوا المملكة على مبادئ المذهب الوهابي في كليته الفكرية، المتطرفة والمسالمة، وفرق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أفرازات هذه التيارات الإرهابية، بل إنها تخدمها في تطرفها الفكري. وفي البعد التاريخي الأعمق يتعبر الإرهاب الذي صدر من مجموعات حسن الصباغ والذين سموا بحركة الحشاشيين أو الحساسيين، والذين أصدروا الإرهاب المنظم إلى جميع أطراف الدولة الإسلامية، كانوا يعتمدون على االإسلام السياسي تحت خصوصية المذهب الإسماعيلي. هذه الأمثلة من ضمن الحركات أو المنظمات الإرهابية المتنوعة المذاهب وفي فترات زمنية متباعدة دليل على أن البنية الإسلامية السياسية هي التي تخرج المجموعات الإرهابية، وهي ليست مرتبطة بمذهب أو طريقة دينية معينة، بل كل سلطة دينية أو مدنية تنحاز إلى منهجية مذهب معين في المفاهيم الإسلامية، لا بد وستخلف الإرهاب بشكل أو آخر، لنشر مفاهيمها، وأسلوب ائمة الشيعة منذ السيطرة على حكم أيران دليل بارز عليه، فقد شكلوا منظمات أرهابية متنوعة خاصة، ومنها مجموعات فدائية، تطبق طريقة مجموعات حسن الصباغ ومقاتليه، من حيث الروحانيات والغاية من الجهاد والصراع، فدائيين حد القتل الإنتحاري والغاية هي الجنة الموعودة من الإمام الأعلى. والسلطة السورية منذ بداية طغيانها بطائفتها العلوية ذات الفكر النصيري، جعلت من سوريا معسكر لتدريب الإرهاب بكل أنواعه، وقاعدة ينطلقون منها إلى كل الأطراف. ولا يستثنى من هذه الحقيقة معظم الدول العربية، بدءً من اليمن إلى الصومال ومن الجزائر إلى الأردن، أي في الواقع العملي الكل ساهم في هذه الفوضى الفكرية.
يتبع ...
د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأميريكية
الشرق الأوسط بؤرة الإرهاب
الجزء الثاني
المسيرة التاريخية للتيارات السياسية الإسلامية والمسيحية واليهودية متشابهة، إن كانت في الشرق أو في أوروبا، لا يختلفون في كثيرة، رغم البعد الزمني الذي فصل بين ظهور منظماتهم المتطرفة، والتي تلائمت والاجواء الملائمة لإرهابها. أختلفت المذاهب في الشرق الإسلامي على السيطرة السياسية، كل جهة سخرت لذاتها مختلف أنواع التفسيرات للقرأن والأحاديث، ودعموا التطرف الفكري والمذهبي بإظهار الآلاف من الأحاديث الملفقة، ساندوا هذه الثقافة بالشكل العملي، فكل سلطة مذهبية خلقت لذاتها مجموعات خاصة بالإرهاب، ولم يتوانى البعض بأن تستأجر مجموعات متخصصة للقيام بعمليات القتل والإغتيالات المذهبية والسياسية،، تاريخ الخلافات مليء بمثل هذه الوقائع، بدءً من الخلفاء الهاشميين الأوائل إلى الأمويين والعباسيين وحتى السلاطين العثمانيين والصفويين. التراكمات المتنوعة في ثقافة الإسلام السياسي، أدت إلى بروز حكام بمفاهيم تؤمن بالتطرف والإرهاب كجزء من السيطرة، وشرائح من المجتمع تتبنى القضية عنهم، وأغرقوا الشعب في ثقافة بعيدة عن اللاهوت الديني النقي، وحجزت عنهم غيرها من الثقافات إلا النذر اليسير، علماً ان أغلب الحكام كانوا لا يؤمنون بالمذاهب ولا بالدين الحقيقي بقدر ما سخروا متبعيهم لطغيانهم، وحركاتها الإرهابية لبسط السيطرة.
تزايدت وتوسعت رقعة هذه المنظمات مع توسع قدرة الحكام الذين رعوهم في بداية القرن الماضي، سخروا لهم علماء ومعاهد دينية لإصدار تأويلات اسلامية تساند سياسة التطرف وتبرير الإرهاب دينياً، فأنكروا بفتاوي التعامل الإنساني الحضاري على بنية الإختلافات الدينية أو المذهبية وحتى القومية، والغيت ثقافة قبول الآخر بدينه أومفاهيمه المخالفة. رسخت معظم هذه المنظمات الإسلامية آراء مشوشة حول التعامل مع الثقافات الأخرى، وكثيرا ما دنسوا حالات التقارب من الحضارة الأوروبية أو الأميريكية، في الوقت الذي كانت تلك الدول منابع مصادر التغذية و الدعم بكل أشكالها الإقتصادية والعسكرية والإجتماعية.
ألتقت السلطتين الدينية السياسية والشمولية المدنية في طغيانهما على الشعب، تشاركوا وعلى مر التاريخ في الإستبداد المدني والروحاني، تلاقت مصالحهم في مجالات عديدة، نادراً ما تنافسوا على الإمتيازات، قسموها بين بعضهم، كل جهة دعمت الأخرى، وبررت التجاوزات والطغيان بتفسيرات، نشروا معاً ثقافة معينة، جمدوا بها الفكر البشري في الشرق الإسلامي وسخروا المجتمع لسلطاتهم. أستند الحكام الشموليين على مذاهبهم لنشر طغيانهم، وفي أغلب الحالات اصبغ الدولة بالمذهبية دون الإسلام الروحاني، وحشرت في دساتير الدولة فقرات لا تمت إلى الواقع العملي بشيء، مثلما هي الآن في سوريا أو إيران أو السعودية.
وجدت التيارات المذهبية في الإسلام السياسي، سيطرة العالم الغربي الإقتصادي على العالم ومن ضمنها العالم الشرقي الغني بالموارد، البنية الخصبة لخلق المنظمات الإرهابية، واستعمال الاسلوب المرعب في السيطرة والطغيان، بدؤوا بتطبيقها على شعوبهم ونشروا الإرهاب في المجتمع الشرقي قبل الغربي، وفي الدول الفقيرة اقتصاديا وثقافيا قبل الغنية. لم تكن هناك دراسات تكتيكية للحد من سيطرة العالم الغربي على الإقتصاد أو السياسة في الشرق، بل جرفوا المجتمع إلى مفهوم الإرهاب على أنه موانع التصدي للامتداد الغربي على المنطقة، خلقوا على أثرها أجواء مسمومة في المجتمع الشرقي قبل الغربي، منها الصراعات المذهبية والدينية والإثنية بشكل واضح، وخلفوا أراء مشوهة عن الدين الإسلامي في المجتمعات الأخرى، بينوا عن وجه مغاير للإسلام الحقيقي، وخلقوا صراعات مميتة في المجتمع الإسلامي، الذي يحتضن العديد من القوميات، والمذاهب، فتحول المجتمع الشرقي إلى ساحات لقتال من جميع الأنواع، والتي أدت إلى ردات فعل سلبية في العالم، فبدأ الشرقي يدفع ثمن هذه المآسي للعالم الغربي من النواحي الإقتصادية والسياسية والإجتماعية والثقافية، اصبح يرى ذاته مذنباً في كل شاردة وواردة، وفي كل حادثة عرضية، حتى أن بعض الكوارث الطبيعية اصبحت تقلق راحة المسلم، رهبة من أن يكون أرهابي شرقي قد قام بها.
الثورات التي تجتاح العالم الشرقي، كانت ثمرة المفاهيم المناهضة لهذه الثقافة الشاذة في مجتمعهم، لكن القوة الشبابية الثورية الواعية التي حملت شعارات نوعية في البداية لا تزال غير كافية للسيطرة رغم قيادتها وحملهم لراية الريادة، لكن في المنظور القادم، المجتمع الشرقي سيدفع الثمن أغلى مما يتوقع، والدمار بدء بها السلطات التي كانت تحتضن هذه التيارات الإرهابية وتغذيها، وهم يقومون بنفس المهمة التي قام بها في القرن الماضي الدكتاتوريات التي دمرت أوروبا عن بكرة أبيها، قبل ان يتبنى الشريحة الفكرية الثورية عملية بنائها على اسس ثقافية نوعية ديمقراطية إنسانية تتلائم والتطور الحضاري، فالشرق اليوم يكرر المسيرة، والدمار بدء يتوسع جغرافيته، على الأرض ومثلها بين القوميات والمذاهب والطوائف الدينية، ولا يخفى أن القوى الغربية تساند هذه التغيرات النوعية، وسوف تعمل الكثير للحد من الطفرات الإرهابية، والمنطق الإنساني والحضاري يبرر معظم التدخلات الدولية في المنطقة لإزالة بؤر الفساد النابع من السلطات الشمولية والدمار والذي تخلفه المنظمات الإجرامية.
هلك الملايين من البشر على يد دكتاتوريين وسلطات شمولية، كإنعكاس لسياسة الإرهاب التي بثوها في الوطن والعالم، فهم كانوا وراء أنزلاق المجتمع الشرقي إلى هوة التخلف وظهور المجموعات الإرهابية، ومن ثم الدمار والمجازر البشرية، ولا قوة حتى اليوم تستطيع إقافه، قد يتمكن البعض من تغيير مسار السقوط، والعالم الغربي شاهد يراقب ويتدخل بتخطيط، لأنه طرف فاعل في هذا التغيير القادم، على خلفية الإرهاب الذي صدر إلى العالم، وأثرت بشكل مباشر على الدول الأوروبية وأميريكا.
إنها عملية جدلية، أندرجت صراعهم مع الإرهاب الإسلام السياسي، والديمقراطية التي يجدونها السلاح الآخر للقضاء على الإرهاب وحاضنيها، مع الصراع التاريخي حول التعامل والتلاقي أو التنابذ الثقافي. فالتمهل وعدم تدخل الدول الكبرى في الصراع السوري الحالي تنبع من هذه الحقيقة، وتعتمد على المنهجية الخاصة بالتعامل مع الشرق المصدر للإرهاب، ولا يستبعد تخطيط لتكتيك ما قبل التدخل، وهو انتظار اللحظة التي ستجتمع فيها على الأراضي السورية بشكل واضح وعلني معظم اطراف االمنظمات الإرهابية السنية والشيعية مع القاعدة والسلطة الإيرانية المغذية والمحتضنة لبعضها، إلى حينها سيستمر الغرب بتقديم الدعم المتوازن للجميع وبالتساوي، ليقوم الكل بالقضاء أو إضعاف بعضهم أو الإتيان على نهاية تهديداتهم وإزالة خطرهم عن العالم، وعليه فتصريحات حزب الله وأيران حول تدخلهم بشكل علني مؤخراً في الصراع السوري كان من ضمن المخطط، فالصراع سيحل بالقضاء على السلطة السورية ومن ضمنها ستضعف شوكة إيران وحزب الله، أو إدخالهم في إطار الصمت الفعلي، إما بجغرافية وحدود مطوقة أو بتغيير كلي في قوتهم.
القادم من الصراع، بعد زوال النظام السوري والأطراف المؤيدة لها الداخلة في الهلال الشيعي، سينتقل إلى أعماق الجزيرة العربية، وبشكل خاص إلى السعودية، والتي تبينت وبشكل واضح على أنها حاضنة المذهب الوهابي بؤرة معاهد نشر ثقافة الإرهاب الإسلام السياسي، والتي خرجت ولا تزال تخرج المجموعات المتتالية، وحيث السيطرة شبه المطلقة لقوى العشيرة والعائلة، إلا أن التغيير الكلي، بالنسبة للعالم الغربي والقوى الديمقراطية، لا بد منه، فالإرهاب يجب أن يقضى عليه، مثلما قضي عليه في المجتمع الأوروبي أو في العمق المسيحي سابقاً والذي أمتد على مدى قرون، وما يظهر من دمار للاوطان والإنسان في الشرق، هي نتيجة لمسيرة طويلة في بناء تركيبة مغايرة لروحانية الدين الإسلامي الحقيقي، ومن مخلفات تسخير قوى الإسلام السياسي الدين لغاياتهم. على أمل ان لا يكون الثمن بحروب مشابهة للحربين العالميتين، رغم ما يجري اليوم في سوريا وما تقوم به السلطة والمجموعات المساندة لها من المنظمات الإرهابية الشيعية لا تقل فظاعة عن الجرائم الكبرى ضد الإنسانية والتي حدثت في الحربين العالميتين وما بعدهما.
الولايات المتحدة الأميريكية
الشرق بؤرة الإرهاب حاضراً
هذه الكتابه تعبر عن راي كاتبها