مشعل التمو: تيار المستقبل الكردي
حالة وطنية معارضة للاستبداد البعثي
واحتكاره للدولة والمجتمع
لقاء مع الناطق الرسمي لتيار المستقبل الكردي في سوريا
الأستاذ : مشعل التمو
حسين أحمد
Hisen65@gmail.com
س - من هو مشعل التمو..
سياسيا , فكريا , أيديولوجيا .؟!
ج - أنا انتمي إلى خط سياسي , مدني , حر , لديه تراكم
في الخبرة السياسية , وينطلق من قاعدة ثقافية أن كان على صعيد الوعي , أو على صعيد
الممارسة , حيث لا سياسة واعية وناضجة , بدون ثقافة تمتلك حدا نسبيا من الوعي
بالوجود , إنسانيا , ديمقراطيا , تستطيع تجسيد هذا الوجود معرفيا , وتمتلك القدرة
على ترجمته سياسيا وهو ما اعتقد بأنه يشكل ركيزة أساسية لوعي سياسي , ينتج عنه عقل
سياسي , قادر على بلورة خطاب سياسي متجانس وذو سوية واحدة , يعتبر الفكرة القومية
هي الجامع والضامن للوجود القومي الكردي , وبالتالي الثقافة القومية تعتبر مخزونا رمزيا
قابل للبناء عليه بمستويات سياسية متجددة , يشكل الحق والعدل فيها , مرتكز الهوية
القومية .ولعل التجربة المريرة التي مررنا بها , حيث الاستخدام المفرط للايدولوجيا
, والتضخم الانوي بها , الذي جاء على أشلاء
الديمقراطية وقبول الاختلاف , وهو ما أوصلنا إلى حالة من فقدان التوازن السياسي ,
وبالتالي تبقى الإيديولوجية الوحيدة لي , هي المصلحة القومية لشعبنا الكردي , وهي
الناظم لأي عمل أو سلوك سياسي لي .
س - في المشهد الكوردي السوري : هناك الجبهة الديمقراطية
,والتحالف الديمقراطي الكورديين ,وأيضا هناك أحزاب خارج هذين الإطاريين كـ " يكيتي
و ازادي" وغيروهما , سؤال ضمن هذه الأطر وهذه الأحزاب برأيك كيف سيتمكن
المواطن الكوردي من إيجاد عنوان لتيار المستقبل الكوردي إذا أراد ان يبحث عنه ..؟؟
ج - كل ما هو موجود
من اطر وتنظيمات كردية , هو محط احترام وتقدير لدينا , فلها توجهاتها السياسية
وتعبيراتها المجتمعية , ولكننا نختلف عن تلك الرؤى والتصورات السياسية في العديد
من المسائل التي نعتقد بأنها حيوية وتمس نضالنا القومي , بل وتتوافق مع الطموح
القومي والوطني من حيث وجود فضاء مفتوح في مواجهة أفق مسدود , وما اعنيه , أننا
نمتلك عنواننا الخاص , الذي يتجلى في محاولة خرق الأفق المسدود والعبور إلى الفضاء
المفتوح , فما زرعه حزب البعث في المجتمع من تصوينات , وما أوجده من ثقافة خوف
وانكسارات سياسية عبر استبداده طويل الأمد , نحاول تجاوزه , سواء في طرحنا السياسي
أو في سلوكنا اليومي وممارستنا الميدانية , فنحن أعلنا وبكل وضوح بأننا تيار وحالة
وطنية معارضة للاستبداد البعثي واحتكاره للدولة والمجتمع والثروة والسلطة , وسنعمل
بكل الوسائل السلمية والديمقراطية على إنهاء هذا الاحتكار , وبالتالي فعنواننا السياسي
واضح تماما على من يريد الوصول إليه وهو حكما ليس تحت سقف سلطة البعث , كما هو حال
البقية , وإنما فقط وفقط تحت سقف الوطن ؟.
س – بما انك الناطق الأول لتيار
المستقبل الكوردي لقد صرحت في أكثر من محفل رسمي على ان المتغيرات الجارية على
الساحة الكوردية,وبكل إشكالياتها هي التي تنتج مواقف السياسية, ربما هذا الرأي صحيح
إلى حد ما,ولكن هذا بالنسبة للمواقف المرحلية..؟! ولكن ما هي مواقفكم الاستراتيجية
للمسألة الكوردية في سوريا وما تفسيرك لهذا الكلام الذي قلتموه في أكثر من مكان
..؟
ج - في مرحلة متغيرة
باطراد , تتوالى فيها الأحداث والمتغيرات , تصبح المواقف السياسية مرتبطة بالحدث
وتجلياته , وطبيعي أن أي موقف سياسي هو وليد ونتاج رؤية سياسية تستند إلى مرتكزات
تنتج الرؤية والموقف , فلا موقف سياسي بدون استراتيجية محددة له , وبالنسبة لنا
الاستراتيجية التي تنظم مواقفنا السياسية مهما تعددت وتنوعت , تبقى مصلحة شعبنا
القومية واليات تجسيد هذه المصلحة في خضم تداعيات الأحداث المتسارعة , فنحن شعب
متمايز عن الآخر العربي , نمتلك ارثنا القومي وأرضنا التاريخية وثقافتنا وحضورنا ,
واستراتيجيتنا في تيار المستقبل الكردي تتلخص في نقل وتكريس هذا الموروث في مستقبل
سوري , نمتلك فيه مصيرنا وحقنا في العيش بحرية على أرضنا , ويكون الدستور السوري
ناظما لكل مكونات المجتمع السوري ومحددا لحقوقها القومية والديمقراطية والإنسانية
.
س - صرح احدهم وهو من الوسط
السياسي الكوردي بان تيار المستقبل له حضور واسع في المشهد الكوردي السوري,؟! ولكنه
على صفحات النت فقط..؟! أما في الحراك والميداني فهو ضعيف جداً ما تعليقك على هذا
الكلام .؟!
ج - نحن نحترم رأي
هذا الاحدهم ؟ ونقول له أن أهل مكة أدرى بشعابها , فالأطر الحزبية الموجودة ,
القاصي والداني يعرف حجمها العددي , وأيضا قدرتها وفعلها السياسي , ولعل انتفاضة آذار
وما تلاها من نشاطات جماهيرية أظهرت الكثير من المسكوت عنه في الشارع الجماهيري
الكردي , وبالتالي فنحن كتيار سياسي وثقافي , إذا كان الاحدهم إياه قد سمع
عنا فنعتقد بان غيره قد سمع أيضا , وأكيد
هو ليس الوحيد ؟ ومثل هذه التقييمات تعود إلى العقل الحزبي النافي لأي مختلف عنه ,
ونحن ننأى بأنفسنا عن مثل هذا الجدل البيزنطي ونقول فقط , الأمور تظهر بمحدداتها ,
وبقدرتها على تفعيل ما هو راكد , وليس بنفي ما هو موجود ؟.
س- في البلاغ الختامي الصادر
عن الاجتماع التأسيسي لتيار المستقبل, حيث افتتح الاجتماع بالوقوف دقيقة صمت على أرواح
شهداء الكرد و الديمقراطية..؟! شهداء الديمقراطية انه اصطلاح جديد وحمال أوجه فهل
لك أن تضع النقاط على الحروف بشكل موضوعي في تفسيرك لهذا المصطلح الذي غزى المنطقة
على شكل زلزال تسونامي ..؟
ج - نعتقد بان
الشهداء مهما تعددت مسمياتهم , يبقون شهداء قضية محددة , قومية أو وطنية , ومن
وجهة نظرنا كل القضايا تفرعات لقضية واحدة هي الديمقراطية , وإذا كانت اللفظة
مغيبة سابقا , فهذا لا يعني عدم حضورنا فعليا , ولعل العقل السياسي في مرحلة الحرب
الباردة كان يستخدم مفاهيم تلك المرحلة , وبالتالي فالديمقراطية والتحرر الوطني
وصيانة حقوق الإنسان وحق الشعوب في تقرير مصيرها .. الخ كلها مفاهيم تعبر عن طموح
الشعوب في التمتع بحريتها وممارسة الديمقراطية في فعلها السياسي والثقافي
والاجتماعي والاقتصادي , بمعنى هي مصب لكل الينابيع التي ضحى من اجلها الملايين من
شعوب العالم .
س- عبر معرفتي الشخصية بك أنت
عضو في اكثر من هيئة مثلا: عضو في هيئات المجتمع المدني ,واحد مؤسسي منتدى جلادت
بدرخان الثقافية ,وكذلك ناشط سياسي سوري كما انك ناشط في لجان حقوق الإنسان
السورية ,وسابقا كنت عضوا في المكتب السياسي لحزب الاتحاد الشعبي ,والآن أنت قيادي
في تيار المستقبل الكوردي والناطق الرسمي باسمه برايك كيف تستطيع ان توفق فيما
بينهما : من الناحية السياسية,و الفكرية ,و التنظيمية ..؟؟
ج- اعتقد بان كل ما
ذكرته يمر في نسق واحد , فلا تعارض بين السياسة والثقافة , بحكم أن الثقافة هي
ركيزة ومنتج للسياسة , ومن وجهة نظري , من يمتلك حدا من الثقافة , يمكن أن يمتلك
حدا من صوابية الموقف السياسي , بمعنى اعتقد بان الفعل الثقافي هو فعل مؤسس للموقف
السياسي , وبالتالي فاحدهما يصنع ويصقل الآخر , ولا تعارض بينهما , ومن جهة أخرى ,
فالعمل في هيئات المجتمع المدني , هو أيضا يصب في خانة العمل الثقافي |السياسي ,
المدني والديمقراطي , وأنا لا أجد أي تعارض حتى أوفق بينهما , ولكن هناك فقط الأعباء
الناتجة وهي تصبح سهلة إذا توفرت الإرادة والقناعة الشخصية , وهو التي تنبع من إيماني
بقضيتي وبضرورة تكثيف العمل في كل الميادين المفتوحة , المدنية والسياسية
والثقافية , ودائما الأيمان بعدالة القضية , يهون أية صعوبات تعترض مسيرة الإنسان
في النضال من اجل تجسيد حقوقه وشرعنتها .
س-إن الميلودرامية( 12)
الاذارية الدامية التي جرت في مدينة قامشلو ,ومن خلال أحداثها المتتالية التي طرأت
فيها ومنها تحولات ثقافية وسياسية واجتماعية مؤثرة جداً على الجغرافية الكوردية .
سؤالي هل برأيك أن تيار المستقبل الكوردي هو ولادة تلك التغيرات ام لا .؟
ج - طبيعي أن ما أوجدته
انتفاضة آذار من معطيات سياسية , تركت بصمتها على مجمل الحياة السياسية الكردية
والسورية والإقليمية والدولية , واجزم بان الانتفاضة لم تأتي من فراغ , وإنما كان
لها مسبباتها وعوامل تراكمها , وهي التي ساهمت في انطلاقتها , بمعنى أن أي فعل
جماهيري ليس وليد لحظته , وإنما له جذره السياسي والثقافي والاجتماعي , وهو ما
ينطبق بشكل أو بآخر على تأسيس تيار المستقبل الكردي , كتجمع سياسي وثقافي واجتماعي
, وإذا كانت الانتفاضة كحدث مجتمعي , أظهرت الكثير من مواطن الخلل في الحياة
السياسية الكردية , وسرعت الكثير من لحظات التأسيس , فان الجذر يبقى الهم القومي
وانتكاسات العمل الحزبي الكردي وما أوجده من وعي حزبي , نعتقد بضرورة المساهمة مع
كل نشطاء المجتمع الكردي ومثقفيه , بتحويله إلى وعي سياسي , وبالتالي زرع ثقافة
قبول الاختلاف كنقيض لمعارك داحس الحزبية .
س- إن الحدثين البارزين,الحدث القامشلوكي الدامي, والثاني
جريمة اغتيال (الشيخ معشوق الخزنوي) أصبحا موضوعين مهمين في مدى ارتباط المثقف
الكوردي لانتمائه القومي وجرأته على خوض كلّ المسائل الحساسة لهذه المرحلة , وضمن
هذه الأجواء , وهناك من ابتعدوا عن الكتابة أثناء هذين الحدثين ..؟ ما رأيك بهذه
المسألة وماذا تقول عن هؤلاء الذين لم يكتبوا حرفاً واحداً عن هذين الحدثين..؟
ج - دائما تتجلى
مصداقية المثقف ومدى ارتباطه بقضية شعبه , ليس فقط السياسية , وإنما حتى الإنسانية
, في المحطات الصعبة التي يحتاج فيها الشعب إلى رؤى سياسية وثقافية , تنير له
الطريق وتدفع عنه التهويل والتزوير والتهميش الممارس ضده من قبل أنظمة الاستبداد
والشوفينية , وبالتالي ففي مرحلة دقيقة من نضال شعبنا الكردي , يكون فيه المثقف
احد مرجعيات قراءة الحدث ووضع تصورات المستقبل على ضوءه , بمعنى يكون له دور ريادي
في إنارة العتمة , وهو ما فعله الكثيرون أثناء الحدثين الجليلين , مثلما انزوى الكثيرون
دون أي كلمة وموقف , ومن جهتي أقف باحترام أمام كل من ساهم ولو بكلمة صغيرة في
الدفاع عن شعبنا وقضيته العادلة , وعن شهدائه , وعن حقه في الحرية , أما الصمت فهو
من جهة موقف له تعبيره السياسي كنتاج لثقافة الخوف المزروعة في المجتمع السوري ,
ومن جهة أخرى نأمل أن يتم كسره وتجاوز حالته الثقافية , توافقا مع مستجدات الحالة
السياسية والثقافية والاجتماعية , التي أوجدتها انتفاضة آذار ولم يعد بأمكان أي
كان تجاوز محدداتها .
س- سؤال أخير ... إلى أين تسير بك الأيام والى أين
تريد أن تصل يا أستاذ مشعل ..؟
ج- لدي قناعاتي التي أؤمن
بضرورة تجسيدها , وهي تمتلك ركيزة هويتي القومية والإنسانية , وبالتالي فانا أسير
نحوها ؟ واعتقد بان خلق ركائز مدنية , سياسية , ثقافية , ولو بالحد الأدنى , في
المجتمع الكردي , تشكل نجاحا لتلك القناعات التي أتشارك وإياها مع مؤسسي وأعضاء وأصدقاء
تيار المستقبل الكردي , وتبقى يا صديقي الحياة وتجلياتها , فهي تكتبنا كما تشاء ؟.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ملاحظة :
اغتالت يد الغدر والخيانة
المعارض السوري مشعل تمو في مدينة
القامشلي بتاريخ 7/ 10/2011 وفي وسط خمسة
من رفاقه .