حوارالمبدعات
حوار
مع الكاتبة السورية : وجيهة عبد الرحمن
الأديبة والكاتبة
المبدعة : وجيهة عبد الرحمن سعيد
من مواليد محافظة
الحسكة بسوريا ...
تنثر ألق الجمال
والعذوبة فوق كلماتها الإبداعية ... تكتب بجرأة زائدة ، لتخلف من وجدانها إرثا
أدبيا متميزا، أعطاها علامة فارقة في الساحة الإبداعية والأدبية عامة ، شعرا نثرا
قصة ورواية ، بثرائها الفكري وغناها اللغوي
تنشر ورقيا
وإلكترونيا عبر عدة جرائد ومجلات ومنتديات ثقافية على امتداد الوطن العربي ...
لها في القصة :-
" نداء اللازورد " 2006
" أيام فيما
بعد " 2006
2009 " أم لوهم البياض "
ولها مجموعة قصصية :" الإفريز " قيد
الطبع .
وفي الشعر ،لها
في المتناول ديوان " كن لأصابعي ندى "
كما لها رواية
قيد الطبع ...
حاصلة على عدة جوائز ، منها :- جائزة اتحاد
الكتاب العرب ، فرع دمشق 2006 ، عن قصة :" هجرة البنفسج " ... جائزة
مجلة العربي الكويتية لمرتين عن قصتيها :"همس الجدات " و " رقصة
المازور " ... وجوائز سورية كثيرة ، كجائزة البتاني ، وجائزة مهرجان الخابور
، وجائزة عبد السلام العجيلي ...
تعرفت إليها عبر
بعض المواقع الثقافية الإلكترونية ، إنسانة ، ومبدعة متألقة ، لكنها متواضعة حد
التواضع .. فكان لي معها يوما هذا الحوار المفتوح ، الذي بدوري أفتحه في وجه
القارئ الكريم حتى يتعرف إليها هو الآخر ... أتمنى للجميع قراءة ممتعة ...
*
بداية ، كيف تعرف المبدعة المتألقة : وجيهة عبد الرحمن نفسها للقارئ الكريم
في الوطن العربي الممتد امتداد كتاباتها الإبداعية ..؟.
ج1- وجيهة عبد الرحمن أديبة إن صح
التعبير،اقترفتُ خطيئة الشعر في سن مبكرة
، الأمر الذي طبع حياتي بطابع الحزن الذي كان بادياً وطاغياً بوضوح في كتاباتي
،ومن ثم كتبت القصة بعد الشعر بسنين طويلة ،ألبست قصصي رداء الشعر الجميل لأغوص أكثر
في
تفاصيل النفس الإنسانية وأقدم قصة واقعية بكل
المقاييس، لدي أربع مجموعات قصصية:
الأولى :ّ" نداء
اللازورد"، الثانية :" أيام فيما بعد"، الثالثة:" أمٌّ لوهم
البياض"، الرابعة:" الإفريز" وهي قيد الطباعة ، وديوان شعري
بعنوان:" كنْ لأصابعي ندى" والرواية في طريقها إلى النشر...
ما يهمني في الكتابة هو أن يكون كل
ما أكتب يصب في قضايا السلام وما يخدم البشرية بدون مبالغة..... لدي الكثير الذي
لم أكتبه بعد.
*
متى أصابك مس الكتابة الإبداعية ، ومن نقل إليك عدوى هذا المرض الجميل ..؟
ج2- ثمَّة أمراض لا فيروس لها لينقل عدواها ، هكذا
هي الكتابة باعتقادي ، يصيب هذا المرض ناحية ما من الجسم، ثم يُستفحل لينتشر في كامل الجسم، فيحوله إلى كتلة ملتهبة
من مرض جميل ورائع هو الكتابة ، وقد أصبت بهذا المرض منذ أكثر من عشرين عاماً، لا أقول
عانيت منه، بل دفعني لولوج معترك الحياة الحقيقية،
التي كنت قبلاً بمنأى عنها لخوفي من الخوض في غمار حقائقها، ولكن فيما بعد وعندما
أصبحت مشروعاً بات
وجودي الذهني والواقعي مرهونا
باستمراري بالكتابة.
*
يقولون بأن جوهر العمل الإبداعي يكمن في المسافة الفاصلة بين الكاتب
وكتاباته ... كيف ذلك ..؟، وإلى أي حد يمكن أن يصدق هذا القول ..؟، وأين تتجلى تلك
المسافة إن وجدت ..؟.
ج3- أتساءل هل من مسافة فاصلة بين الكاتب وكتاباته، إذ أنها تنبثق من ذاته
ووجدانه، هو منحل فيها وهي خارجة منه، إذا لامسافة فاصلة وإن وجدت ربَّما تكون
كشعرة معاوية، وهذا هو جوهر العمل الإبداعي الصادق والهادف إلى إحداث فرق.
*
لكل كاتب طقوسه الخاصة ومواقيت ممارستها ... حدثينا عن خصوصياتك ...
ج4- هنا هل أنا بحاجة إلى أن أعلن عن حالات
الجنون التي تنتابني أحيانا فتدفعني بكليتي إلى الانزواء صامتة؛ واللوذ بالصفحات
البيضاء لأبثَّها أوجاعي وأوجاع غيري، طالما هربت إلى الطبيعة بحثاً عن ذاتي فيها
، أصيخ السمع إلى صوت الكون المنبعث من كل
مايحيط بي ، المطر هو الملهم الأساسي لي ، أستحضر أثناء انهماره ما يخطر ببالي من
نصوص أو حالات أرغب في التطرق إليها وتجسيدها، لدرجة أنني أكره الشمس بالرغم مما
تحمله من معاني الحرية والحياة ، لدى استيقاظي كل صباح أول شيء أفعله هو الخروج
إلى الشرفة والنظر إلى السماء، التي أتمنى أن أراها دوماً إما غائمة أو ماطرة، هذا
الشعور أتمنى أن يختبره الناس جميعاً، شعور يمنحني الأمان بأن الكرة الأرضية مغلقة
أبوابها، مثلما نقفل أبواب بيوتنا فنشعر بالأمان إذ لا أحد سيدهمنا، هناك الكثير
من الحالات الجميلة التي عشتها بالتمازج مع الطبيعة،أخشى أنني لن أستطيع البوح بها
، ولكن يظل المطر هو ملهمي وكذلك تلهمني تلك المساحات الواسعة من الأرض الجرداء البنية
اللون في فصل الخريف ، فصل العري والحقيقة .
*
بعيدا عن الدونية والعنصرية ، واعترافا للآخر وبالآخر ، فالمرأة الكردية
" السورية المبدعة خصوصا "، اكتسحت الساحة الإبداعية بكل مكوناتها في
الآونة الأخيرة ، وأصبح اسمها متداولا وبكثرة ، حيث نجدها حاضرة في جل اللقاءات
والمهرجانات الثقافية العربية والدولية ... فما مرد ذلك ..؟.
ج5- عذرا من كلمة
الدونية التي لم ترق لي كثيراً ، ولكن العنصرية واقع ملموس عشناه كأكراد،و مازلنا نعيشه في ظل بعض الأنظمة القمعية، أجاثا كريستي
استطاعت وبدقة
وصف المرأة الكردية على أنها امرأة مقتحمة وقوية
الشخصية وتحب الألوان الصارخة ومتفائلة دوماً، من هنا ومن واقعي كامرأة كردية
وكاتبة كردية، فإن الكرديات نساء حقيقيات بمعزل عن شرطهنَّ الأنثوي والموروث
والعادات والتقاليد في ظل مجتمعات متخلفة، هذه المرأة ما أن يتاح لها هامش من
الحرية، تجدها تندفع مباشرة وبكل ماتملك لتقدم ذاتها الحقيقية، لذا تجدها في
المحافل العربية والدولية، ولكنهن لسن
كثيرات بل قلة قليلة.
*
إلى أي حد يمكن اعتبار واقع الحياة العامة والخاصة، مصدر إلهام كل كتابة ،
وهل يمكن إيجاد بديل لذلك ..؟.
ج6- ما يميز الكاتب عن سواه من
العامة هوأنَّه يستطيع سبر أغوار النفس البشرية، وقراءة ما وراء الشيء أو الغوص في
الحياة العامة والخاصة واستنباط أفكاره، لذلك فإن كل مايو جد في الحياة والطبيعة
قد يكون مصدر إلهام للكاتبة والكاتب على حد سواء، وقد ذكرت بأن المطر هو الذي
يلهمني ويدفعني إلى الكتابة ، أما البديل فهذا يعود إلى خصوصية كل كاتبة وما يمكن
أن يلهمها، الأمر يعود إلى مسألة الاختلاف في التطلعات والأفكار والرؤى وطريقة
تناول الأفكار والخوض فيها.
*
يقولون بأن النقد العربي قاصر، مقارنة بنظيره الغربي، إن كان كذلك فما
السبب في نظرك ..؟، وكيف ترى الكاتبة وجيهة عبد الرحمن النقد بصفة عامة ..؟.
ج7- أكيد النقد العربي قاصر ، لأن
الأدب العربي قاصر أو أن الثاني قاصر لأن الأول قاصر، فالأدب العربي حتى الآن لم
يرتق إلى المستوى المطلوب، ثم أن النقد يحتاج إلى متخصصين، وامتلاك أدوات نقدية
عالية المستوى لتحفيز الكاتب إلى إنتاج أدب عالي المستوى، النقد مازال يتخبط في
حفرة المحسوبيات لصالح الأدب الرديء ، أو اتخاذ البعض من النقد آلة هدَّامة بغض
النظر عن المعايير المنطقية، أو تعريفه بأنَّه تبيان الآثار الإيجابية والسلبية،
نجد ناقد ما يتعامل مع نتاج أديب ما بعدوانية، وإن كان ذو مستوى عالي وفي الوقت
ذاته نجده يرفع من مستوى أدب رديء هزيل يكاد لايصلح للقراءة، باختصار الموضوع ذو
شجون، متى امتلكنا نقداً بناءا سنكون أدباء حقيقيين.
*
هل تم التفات النقاد لكتاباتك الإبداعية المتميزة ... بإنصاف أم بإجحاف
..؟.
ج8- مثلي مثل كل من تناول النقّاد(
نقادنا) نتاجهم، منهم من قرأ نتاجي برويَّة
وبدقة وتناوله بإنصاف ومنهم من جعل نقده لنتاجي ذريعة للنيل من شخصي
فتناوله بعدوانية وإجحاف، ولا أخفيك بأن هناك أيضا من جعل من كتاباتي متربعة على
قمة هرم الأدب العربي، ولكن الكاتب بتصوري يعرف مستوى كتاباته، لذا عليه أن يكون
يقظا لما يكتب عنه وله.
*
أعرف أن المبدعة وجيهة عبد الرحمن ، تبحث لنفسها عن مكان في هرم الرواية ،
هل وجدت لنفسها حيزا في هذا الهرم الإبداعي ..؟، ومتى تخلف لنا مولودها الروائي
الأول ..؟.
ج9- سابقاً صرحت بانَّ روايتي أو
لنقل مولودي الروائي الأول أشرف على إبصار العالم من حوله، قريبا جداً سأقدم
لقارئي العزيز أولى تجاربي الروائية علماً أنني أعمل عليها منذ أكثر من أربع
سنوات.
*
كل مبدع أو مبدعة ، بعدما تخلف مولودها الأول : " كن لأصابعي ندى
" تطمح في أن تخلف مولودا ثانيا ليؤنس وحدة أخيه .. هل للكاتبة وجيهة نفس
الطموح ، ومتى تحقق ذلك ..؟.
ج10- كما تعلم أنا لدي أربع مجموعات
قصصية وديوان شعري واحد بعنوان " كن لأصابعي ندى" ولكن ديواني لن يظل
وحيداً أعمل الآن على الانتهاء من الديوان الثاني ليؤنس وحدة أخيه.
*
أين تجد المبدعة وجيهة عبد الرحمن نفسها ، في الشعر أم في القصة ..؟.
ج11-
باختصار
شديد أنا قاصة وشاعرة وربما قريبا روائية، أستطيع أن أقول أنا أديبة.
*
قيل بأن الثقافة العربية استنسخت من الثقافة الغربية ومنذ أوائل عصر النهضة
، سواء في القصة ، في الرواية ،أو في المسرح ... في ظل وجود القرآن الكريم منبع كل
الثقافات ، الذي جاء كاملا وشاملا للمجالات الإبداعية الثلاث ... ما مصداقية هذا
الرأي ..؟، وبماذا يمكن تفنيده ..؟.
ج12- كلمة ( قيل) إذا هل من مصداقية
لهذا الرأي، دعني هنا أقف بحياد، الثقافة العربية لها منابعها والثقافة الغربية
لها منابعها وإن كان هناك شيء من العدوى والتشابه فذلك يعود إلى حالة من التواصل
الثقافي بين كل الحضارات والأمم وهو ليس بالأمر الخطأ ولكن أن نلغي إحداها لصالح
أخرى بغض النظر عن المنبع وإن كان هذا
المنبع القرأن الكريم الذي يعد منبع
الكثير من الثقافات ، فكما نحن لدينا أساطير وملاحم ، هم أيضا لديهم، ولكن ما حدث
هو حالة التفاعل الثقافي، ولكن يظل الأهم من كل هذا الكلام هو من استطاع تطوير
ثقافته ومن بقي راكداً مراوحاً في مكانه ليتذكر أمجاده العظيمة، وينعت الآخرين
بانه مصدر تطورهم الفكري والعلمي والثقافي....
*
ما هو مخططك الاستعجالي في مجال الكتابة الإبداعية ..؟.
ج13- لست مستعجلة
أبداً، ربما لدي نتاج غزير وهذا مرده إلى جديتي في مشروعي الكتابي، لأن العجلة لا
تخدم الأدب أبدا، أو ربما الأمر الوحيد الذي لايجوز فيه العجلة هو الكتابة.
*
هناك من يرى في القصة القصيرة جدا حقل تجارب مفتوح ... وهناك من يعتبرها
طلقة طائشة مميتة ، من فوهة قلم شارد ... رأي الأستاذة وجيهة عبد الرحمن في هذين
الرأيين ..؟.
ج14- لست مع أي من الرأيين، لأن
القصة القصيرة جداً هي جنس أدبي حديث الولادة، من يدري ربما بعد أن يشب ويكبر هذا
المولود يكون أفضل إخوته وأكثرهم تأثرا وقدرة على تغيير العالم.
*
يقولون بأن هناك نقطة تقاطع بين الأجيال في مجال الإبداع ... ماهي مصداقية
هذا الرأي بالنسبة لك ..؟.
ج15- لاشك لولا تقاطع الأفكار لما
تطور العالم، مثل ذلك مثل ملامح الأولاد حين ننسبهم إلى احد ما من العائلة ولكن
على أنَّهُ نسخة محسنة، كذلك الأمر تتقاطع الأفكار إنما شريطة أن يكون الجيل
الجديد حامل لهذه الأفكار من أجل تقديم الأفضل.
* آخر كلمة يمكن أن توجهها الكاتبة
والمبدعة وجيهة عبد الرحمن للمبدعين الشباب ... والكتاب بصفة عامة ...
ج16- ربما قدرنا أننا حملنا القلم،
الأمر الذي أصبح بموجبه العالم أمانة في أعناقنا للوقوف مع قضايا الظلم والقهر ، ومن هم بحاجة
إلى تسليط الأضواء على واقعهم، لذا أطلب من المبدع الشاب والكتَّاب بصفة عامة أن
يكون القلم لسان حال ضمائرنا ومشاعرنا الحقيقية، ربما نحدث فرقا في مجرى الحياة.

محمد الكلاف
ناقد –قاص
وباحث تربوي
طنجة –
المغرب
Mohammed_gu@hotmail.fr