ريبورتاج عن الحفل التأبيني للشهيد
مشعل التمو في إمارة الشارقة
إعداد وتعليق: أ. خورشيد شوزي
كذا فليجل الخطب وليفدح الأمر فليس لعين لم يفض ماؤها عذر
أيها المفجوعون برحيل إحدى قامات النضال الأكثر علواً في خريطة الثورة السورية، المظفرة لا محالة.
بهذه الكلمات افتتح بها الأستاذ إبراهيم اليوسف الحفل
التأبيني للشهيد مشعل التمو، والذي أقيم مساء يوم الأربعاء 12/10/2011 في فندق
هوليداي انتر ناشيونال بإمارة الشارقة تحت رعاية الجالية الكوردية في دولة
الإمارات العربية المتحدة، وحضره ممثلين عن كافة أطياف الشعب السوري، ومنظمات
المجتمع المدني من منظمات حقوقية وسياسية وثقافية، وطلب من الحضور الوقوف دقيقة
صمت، تخليداً لروح شهيد الثورة السورية مشعل التمو، وتخليداً لأرواح كل من سقطوا شهداء في سبيل حرية سوريا، وتحريره
من الطغيان والاستبداد.
"لن يمرروا.... وأنا حي .. كلمات قالها مشعل قبل استشهاده"
ورددها إبراهيم أكثر من مرة بحنجرة
مرتعشة متألمة على فراق الصديق والحبيب، وأكمل كلامه قائلاً:
من أين أبدأ، وأنا أتناول بعض ملامح شخصية صديقي المناضل
مشعل التمو، كما عرفتها، من خلال علاقة مائزة، بدأت منذ أكثر
من عقدين زمانيين، وحتى اللحظة الأخيرة، من حياة هذا الأديب الرقيق، والسياسي ذي
الحنكة والمراس وبعد الرؤى، والمفكر العميق، والقائد الميداني، "البسيط
كالماء والواضح كطلقة مسدس"، وستمتد إلي- من جهتي- إلى لحظة"الغرغرة" شأن
اسم عظماء أهلي الكرد، وأبطال ثورتنا السورية.
وفي معرض
ذكره للمواقف التي عرفها عن قرب مع صديقه، وجمعتهما معاً، فهي: دروب الكلمة، والسفر معاً إلى أول مؤتمر- ربما-
جمع بين معارضة الداخل والخارج في باريس2004، وكذلك في أول
ملتقى في "أربيل" دعت إليه جمعية الصداقة الكردية العربية،
والاشتراك معاً في
إقامة العديد من الندوات واللقاءات المهمة، التي كانت رداً على القطيعة
التي أسسها النظام الاستبدادي في سوريا، عندما أراد أن يرفع جدران العزلة، بين مكونات الشعب
السوري، كجزء من مخططه الرهيب في بثِّ الفرقة وروح التشكيك، لدرجة أن ذلك كاد ينال من
كل فرد، وكل بيت، وكل حي، وكل شارع.
وعن نهج
نضاله أوضح الأستاذ إبراهيم بأن مشعل نذر نفسه بأن يكون مشروعاً غيرياً، وهذه الرؤية الوطنية الشاملة هي التي
وسعت دائرة الحقد عليه، بيد أنه كان يواجه كل ذلك بإرادة فولاذية صلبة، فلم تلين له
قناة، ولم تخر له عزيمة البتة، وهو صاحب الكاريزما المعروفة التي لا تتوافر إلا في القائد
الاستثنائي، عميق الرؤيا، سديد الرأي، فلا يتوانى عن قول كلمته، مهما كلفه ثمن قولها، وخطابه
الـ"بلا سقف" كان سبب استهدافه أكثر من مرة، ولوحق أكثر من
مرة.
وعن مواقفه الشجاعة قال: في يوم تشييع جنازات
شهداء 12 آذار، وعبر فضائية العربية صرح الشهيد بأن "محافظ الحسكة مجرم"
وهذا ما كان كبيراً في عرف تلك المرحلة ... وأثناء التحقيق معه قال للمحقق:
"بشار الأسد ليس رئيسي، فأنا لم أنتخبه" ... كما قال ذات مرة لضابط حاول
منعه من التحدث في الزيارة الأولى، من قبل أسرته له، في سجن "عدرا" بشار
أسدك لن يمنعني من التحدث بلغتي الكوردية، أنا الآن سجين من
أجلها، كما أنه تلقى تهديدات في يوم تأبين شيخ الشهداء معشوق الخزنوي، لمنع ذلك التأبين الذي تم بالرغم من
تهديدات هؤلاء.
وانتقل
الأستاذ إبراهيم إلى موقف الشهيد منذ اندلاع الثورة المباركة، حيث أعلن من سجنه أنه
مع الثورة، وحقاً، فقد انضم شباب تيار المستقبل إلى الثورة، وكانوا، ولا
يزالون، جزءاً من نواتها، وهذا ما جعله محبوباً من قبل أوساط جد واسعة من
شباب الثورة، وهو الذي ردد الكلمة التي "رددها"
معشوق الخزنوي من قبل: ابصقوا في وجوه جلاديكم!!.
وفي ختام
كلمته قال : نم قرير العين، أيها الصديق الجميل، مشعل، واعلم يقيناً أنك من هؤلاء
الذين لا يكررون البتة، فلقد كنت أصدقنا، طراً.. أجل..! لقد كنت أكثرنا
وفاءً .. طوبى
لروحك صديقي مشعل، وأنت ترقد في قرية الجنازية، مسقط أحلامك وذكرياتك..
نم هناك، يا صديقي، "نم.. وأنت الذي لا تنام"، نم في جنوب درباسيتك، حيث قبر
والدك، على مقربة من البيت الذي ولدت فيه، ليكون مرقدك قبلة للمناضلين،
ومزاراً للملايين من أبناء سوريا، كرداً، وعرباً، وآثوريين، وأرمن، وشاشان، وتركمان، وعرباً
مسلمين، ومسيحيين، وإيزيديين، مادام اسمك يعانق كلمة آزادي التي دخلت معجم الوطن
والعالم، لتكون واحداً من أعظم رموز الثورة، فأنت شيخ ثوار سوريا وأنت عميد شهداء
الثورة، وسوف تسمى باسمك الشوارع، والمراكز الثقافية والمدن في سوريا "التشاركية" (بحسب مصطلحك الذي طالما ركزت عليه) كما
اسم حمزة الخطيب وإبراهيم قاشوش وغياث مطر، وغيرهم، من أبطال الثورة الظافرة لا محالة.
·
في الغربة، وما أكثر الكورد في
الغربة، يحتاج الأفراد والعائلات إلى منظمات مدنية هدفها الارتقاء بمختلف الظروف
المحيطة بالكورد، والإبقاء على الصلات والروابط مع الوطن، وعكس القيم الأخلاقية
والاجتماعية للمجتمع الكوردي في مجتمعاتهم الجديدة، وهذه القيم تظهر بشكل أفضل
وسليم من خلال التعاضد الاجتماعي، والتحلي بروح المسؤولية، ونشر الموروث الثقافي
والأخلاقي في المجتمعات الجديدة ضمن القوانين والأنظمة المرعية الإجراء في هذه
الدول... ومن بين منظمات المجتمع المدني التي تعنى بشؤون أبنائها لخلق آلـية ناجعة
للتعاون والتواصل فيما بينهم، الجاليات الكوردية ..... المحامي السيد محمد صالح أبو
بروسك رئيس الجالية الكردية في دولة الإمارات العربية المتحدة، ألقى كلمة الجالية بهذه
المناسبة، وبدأ كلمته بـ:
أننا اجتمعنا هنا أيها السادة لنهنئ بعضنا البعض
باستشهاد مشعلنا فقيد الثورة والأحرار والنضال السلمي الديمقراطي.. ودعا في كلمته
الحاضرين للوقوف معاً وقفة إجلال و إكبار على روح الشهيد البطل المناضل مشعل تمو،
الذي اغتالته يد الغدر و الخيانة في مدينة الحب والسلام مدينة قامشلو، وأتمم
قائلاً: لا يحتاج الشهيد مني لذكر مناقبه، فمن أنا أمام قامة شهيد، لأعطيه شهادة
في حسن الصفات، فالشهيد كان مناضلاً كردياً سورياً، ووطنياً بارزاً، محباً لشعبه
الكردي، ومخلصاً لوطنه السوري، يعتز بهويته السورية مثلما كان يتفاخر بقوميته الكردية،
ولطالما ناضل جل حياته في سبيل تحقيق آمال شعبه في الحرية والعدالة والكرامة، فقدم
نفسه شهيداً ليبقى منارةً للأجيال، ورمزاً للتقارب بين جميع مكونات الشعب السوري،
وعمل على تعميق قيم التآخي والتعايش والاندماج الوطني بين السوريين على اختلاف
مشاربهم، حيث كان يتطلع ويعمل للانتقال بسوريا إلى دولة مدنية تعددية ديمقراطية،
اعتماداً على روح الشباب للوصول إلى الأهداف المنشودة لأنه كان يؤمن بأن المستقبل
لهم.
وختم كلمته بالقول: والله إني لأحسدك على ذلك، ولتطمئن
بان الذين اغتالوك لن يستطيعوا إطفاء مشعلنا، بل أشعلوا ملايين المشاعل، فتباً
لليد التي اغتالتك وأنت في أوج عطائك ... تباً للخيانة والغدر ... نعم لسوريا حرة
ديمقراطية ... نعم لوحدة السوريين الأحرار.
·
ولأن مشعل كان أكبر حالم
بالثورة .. وأكبر متنبئ بها.. شأن غيره من الثوار الحقيقيين، فقد كان من أوائل
الدعاة إلى المجتمع المدني، ومن الموقعين على بيان المئة مثقف، ولجان المجتمع
المدني، والمنخرطين في تأسيس النويات الأولى لحقوق الإنسان في سوريا ..... الأستاذ خورشيد شوزي رئيس
منظمة "روانكه" للدفاع عن معتقلي الرأي في سوريا، ألقى كلمة منظمات حقوق
الإنسان "ماف و داد و الراصد و روانكه"، وبدأ كلمته بـ :
مساء الخير والعزاء ..
بداية نعزي أنفسنا، والشعب الكوردي، والشعب السوري بكامله، برحيل مناضل كبير،
اختار له والداه اسم مشعل، لأنهم أدركوا فعلاً بأن الله خلقه ليكون من
مشاعل الحق والحرية.
أخي مشعل، لقد نلت حريتك،
وانتقلت إلى جوار ربك في جنانه الخالدة، وستلتقي بشيخ الشهداء معشوق الخزنوي ،
والخطيب، والمطر، ومن سبقكم من الشهداء، وبشرهم جميعاً بأن دماءهم لن تضيع سدى
لأنكم فتحتم أبواب الحرية.
ثم انتقل بالكلام إلى
الأفكار والرؤى لدى مشعل، والنظرة الثاقبة لهذا المناضل، والتي نمت وترعرعت في ظل
نشأة فكرية متفتحة، وضمن رؤية إنسانية لا تقبل المساومة على قضية أو مبدأ أو حق، وعرف عنه بأنه من أشجع الكتاب والمثقفين الكورد في سوريا، ومن
أوائل دعاة المجتمع المدني، وحقوق الإنسان في سوريا، وقد ساهم بشكل فعال في
بناء العلاقات مع المجتمع المدني، وقد شارك بفعالية في غالبية
المؤتمرات الداعمة لقضية وطنه مبتعداً عن الحزبية والتحزب، ويعتبر أن الكورد جزء لا يتجزأ من تركيبة النسيج السوري.
اعتقل المرحوم بسبب آرائه ونضاله، ووجهت له تهمة إثارة الفتنة لإثارة
الحرب الأهلية، وأسقط عنه القاضي تهمتي نشر أنباء كاذبة وتشكيل جمعية سرية بقصد
تغيير كيان الدولة الاقتصادي والاجتماعي، وحكم عليه لمدة 3 سنوات ونصف.
وعلى خلفية الاغتيال الغادر بحق المناضل مشعل، وجه
الأستاذ خورشيد كلامه إلى أبناء الشعب الكوردي، كافة، أفراداً وأحزاباً وتنسيقيات،
بتفادي الصراعات والتناحرات، وعدم الوقوع في الفخاخ المنصوبة لهم، من قبل الأعداء
الذين يريدون للشعب الكوردي أن يتمزق اجتماعياً وسياسياً أكثر وأكثر عن طريق هذا
الاغتيال، وعلى الجميع الاتعاظ من دروس الماضي المؤلم، وأن يكونوا على مستوى
المسؤولية التاريخية التي تتطلب توحيدهم، وتوحدهم مع سائر أطياف الشعب السوري،
لقهر قوى الشر والعدوان من أقصى الجنوب العزيز، الذي أشعل شرارة الثورة الحالية،
إلى أقصى الشمال الشرقي الحبيب.
وختم كلامه بالقول: نعزي أنفسنا والشعب الكوردي والسوري
والعالم الحر في كل مكان، على رحيل مناضل كبير، مشعل من مشاعل الحرية والنضال
لشعبه الكوردي والسوري، وأن يد الإجرام التي غيبته جسداً لن تستطيع تغييب ملايين
المشاعل السائرة على درب النضال من أجل إحقاق الحق، ونيل الحقوق المشروعة
والمغتصبة من شعبنا الذي دفع وسيظل يدفع أثماناً باهظة على دروب حريته حتى
ينالها، وسينالها لا محالة.
ثم ألقى السيد صلاح شبّار عضو المنظمة العربية لحقوق الإنسان في
سوريا كلمة المنظمة، وبدأها بالآية الكريمة: بسم الله
الرحمن الرحيم " ولا تحسبن الذين قتلوا في
سبيل الله أمواتاً بل أحياءً عند ربهم يرزقون "
أيتها السيدات والسادة
تذبل الورود، وتبقى بذورها في الأرض، وبعد فصل طويل تعود للظهور
معلنة ولادة جديدة لحياة جديدة، وشهيدنا اليوم قضى جسداً، وبقي روحاً تحلق في فضاءاتنا ... بقي مخلفاً خلفه جيلاً يسير على ما نادى له طوال عقود من
نضاله الطويل.
باسمي وباسم المنظمة العربية لحقوق الإنسان في سوريه، أتقدم
بأحر التعازي لوطننا السوري، ومن ثم لأنفسنا بالشهيد أملاً من الله أن يتقبله في جنانه أبداً.
·
الشباب هم الأمل والغد المشرق
.. عقول متفتحة تجمعت على هيئة مجموعات
وتنسيقيات أخذت على عاتقها تطوير الحراك الجماهيري، وتصعيد حدة التظاهرات وتكثيفها
في جميع مناطق سوريا .. جعلوا من أنفسهم وقودا للثورة .. كانوا وما زالوا السبب
الرئيس في استمرار ثورة الحرية والكرامة ضد النظام الاستبدادي بتحركهم الفاعل على
الأرض السورية، والتواصل مع الأطر الشبابية والنضالية في الداخل الخارج، إيمانا
منهم بأن النظام لا يزول إلا بتوحيد الجهود، وتنسيق العقول في مواجهة أشرس الأنظمة
الاستبدادية في العصر الحديث.. كلمة
"ائتلاف بروكسل" ألقاها السيد
ياسر الأطرش، وابتدأها بآية من القرآن الكريم
(من المؤمنين رجالٌ صدقوا ما
عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا ، صدق الله
العظيم)، ثم تلا البيان التالي:
مخطئ من يقول بأن مشعل قد مات .. ومخطئ من يقول أن
المنية قد وافته .. والصحيح أنه هو من وافاها .. نعم لقد اختار مشعل موته ولم
يستسلم له .. اختار موته الخالد عندما قرر أن يصعد في فصل السقوط ، زيتونةٌ مباركة
مشعل .. زيتها أضاء ولم تسقط في أي خريف .. سنبلةٌ مباركةٌ مشعل أنجبت سبع سنابل
في كل سنبلة جيلٌ من الحب والشعب يضاعف لمن يشاء .. رجل بحجم وطنٍ .. حراً كان في قلبه وروحه ووجدانه .. طيب اليد
واللسان .. رجل سجنَ الظلم واستعلى عليه وكبّله .. حاكمَ القتلة ولم يحاكموه ..
فضحهم وعراهم بطهره وشرفه ..
أجيالاً من
الحرية كان مشعل .. ولما حمل في رحم قلبه ثورة الشعب وكادت الثورة تضع حملها، ما
أراد لهم قاتلوه أن يرى جنين الحرية وأن يمسح شعره ويؤذن للحرية في أذنه .. فطالته
يد قذرة غادرة هي ذاتها المدنسة بدماء الأطفال والشيوخ والحرائر .. وما علموا بأن
مشعل تمو كان نقطة تحول نوعية في الثورة السورية العظيمة، كان مطرة ( المسطاح )
التشرينية التي يستبشر بها السوريون بأن عامهم سيكون عام خير .. نعم لقد هطل على
القلوب برداً وسلاماً مبشراً بنصر من الله وفتح قريب ..
ووجه باسم الائتلاف اتهاماً مباشراً والمسؤولية الكاملة للنظام باغتيال الناشط
الكبير مشعل تمو .. وأن الائتلاف يعاهده بالمضي على درب الثورة السلمية حتى إسقاط
النظام بكافة أركانه وبناه .. واقترح بأن تسمى الجمعة القادمة باسم شهيد سورية
الحر مشعل تمو .. وأكمل كلامه قائلاً: خالدٌ في قلوب البشر والشجر وحتى الحجر أنت
يا مشعل .. طوبى لك حياتك التي اخترت .. وإننا على دربك لماضون ..
وفي ختام كلمته، قرأ الأبيات الرائعة التالية:
ما غاب ( مشعلُ )، إنما صعدا
ليزيدَ أسئلة الردى عددا
ضاقتْ بنا سُبُلٌ ، فأطلقها
لتُجدّدَ الصبر الذي نفِدَا
حملتهُ سبعةَ أشهر وهناً
فأتى يبشّرُ أنهُ وُلدا
ضحكتْ دمشقُ ، وقاسيونُ بكى
وجرى بقامشلو هوى بردى
·
إن غضبة المدن السورية في سبت
الوفاء لدماء مشعل، هزمت سياسة الفرقة والتمييز التي مورست طويلاً بحق الكورد، لا سيما وأن
المدن الثائرة تدرك تماماً أن مدن قامشلو و عامودا و سري
كانيي و درباسيي كانت من المدن الأولى التي وقفت مع المدن المنكوبة مثل درعا
والبيضا وبانياس وغيرها ... باسم أطفال وبنات وحرائر درعا،
وتحت شعار "من حوران إلى القامشلي .. شعبٌ
واحد .. إرادةٌ واحدة" ألقت الشابة سناء الزعبي كلمة قالت فيها:
السيدات والسادة المحترمون .. أيها السوريون الأحرار
تحية الحرية والكرامة لكم، وللشعب السوري العظيم في
الداخل والخارج، هذا الشعب الذي ناداه القدرُ فاستجاب له وقرر أن لا يعيش أبد
الدهر بين الحفر .. هذا الشعب الذي تعرض خلال خمسين عاماً خلت لأبشع أنواع الاضطهاد
والاستبداد وسرقة مقدّراته ومصادرة حرياته .. إلا أن هذا الليل انجلى وبزغ فجر
الحرية من جديد على سورية، وإذ الشمس تطلع من المشرق، فإن شمس سورية بزغت من
الجنوب، وليس هذا بمعجزة، إذ أن الشعوب تصنع أقدارها بقرارها وتضحياتها .. ثم ما
لبث هذا الفجر أن ملأ كيان وروح كل سوري حر شريف، فامتد النور المقدس ليعلن سورية
بأسرها وطناً للشمس وبيتاً للحرية .
وأردفت قائلة:
من هذا البيت الواسع خرج شهيدنا البطل، شهيد العزة والكرامة مشعل تمو ليكون من أول
الأصوات التي تعلن الرفض والاستبداد والاستعباد، بل كان من أقدم الأصوات وأكثرها
وضوحاً، فلا مداراةَ، ولا مجاملة، ولا سقوف زائفة كانت تحكم مواقفه الوطنية
الشريفة .. وقد كان دائماً مستعداً للتضحية ودفع الأثمان الباهظة، فمكث في سجون
النظام المستبد ما مكث، وما أن خرج حتى عاود نشاطه السياسي الإنساني الوطني بعزم
لا يلين، إلى أن اغتالته يد الغدر، فخسرت الثورة السورية والوطن بأسره واحداً من
أنبل رجالاته، وأكثرهم وطنيةً وشجاعة وعزة .
وختمت كلامها
بالقول: إلى جنة الفردوس يا مشعل الحرية، وعهداً أننا لن ننساك وسنظل أوفياء
لمشروعنا الوطني التحرري التعددي الديمقراطي .. لك المجد ولقتلتك المجرمين الخزي
والعار .. وعاش الشعب السوري العظيم .
·
منذ إعلان نبأ استشهاد أبي
فارس، فقد كان في كل مدينة سورية.. في كل حي .. في كل شارع .. في كل قرية .. وفي
كل بيت مناحة .. حيث أصبح اسم مشعل موازياً لكلمة آزادي في قوس قزحية ..
تجسد روح مشعل بين مكونات سوريا جمعاء، بين شرفاء سوريا أجمعين، فغضبت من أجله
حماه كما حمص كما قامشلو كما درعا كما عامودا كما كوباني كما دمشق كما عفرين،
وبقية مدننا السورية الثائرة واحدة واحدة، وهو القائل: دماء أهلنا في درعا أفرجت
عنا، وليس قانون عفو من أحد... وإذا كان العالم برمته قد عرف آزادي معادلاً لكلمة الحرية، فإن دماء مشعل
هي ترجمان هذه المعادلة الكوردية ..... كلمة أبناء كرداغ(منطقة عفرين)
ألقاها الأستاذ كمال احمد، وبدأها بالقول:
أيها الأخوة .. أيها الحضور الكريم .. أتساءل وأسأل نفسي، يا ترى، لمن
أتقدم بهذا الطقس، ولمن أتوجه بواجب العزاء، هل أعزيكم؟، هل أعزي نفسي؟، هل أعزي
الشعب السوري من دجلة إلى المتوسط؟، هل أعزي شعب كوردستان من بحيرة وان إلى بحيرة
العمق؟، هل أعزي سنديانات زاغروس وآكري وسرسنك وكرداغ؟.
ثم وجه كلامه للحضور قائلاً: أتقدم بالعزاء إلى كل هؤلاء، فكلهم أهل الشهيد، كلهم
رفاق درب الشهيد، كلهم معنيون به في نضاله وتضحياته، وحتى بلوغه ما أراد، بلوغه
الخلود في ضمائر ووجدان هؤلاء جميعاً، وفي يده مشعل الحرية، فهو الغائب والحاضر، والماثل
أمامنا، والساكن فينا، فنقول له:
مشعل كنت وستبقى نوراً يضيء درب ومسار رواد الأجيال، الحالمين بفجر
جديد خال من الطغيان والقهر.. نقول له لقد قهرت الموت، من كان مثلك لا تنال منه
الموت، وإن تقدم منك ملاكه باستحياء، فإنما ليحملك إلى مرابع الخلود ... نقول له
لقد أخفت الطغاة، فكان الغدر بضاعتهم وأداتهم، لقد أحلت رصاصاتهم إلى مسامير في
نعوشهم، فكما أن الهسنكار( الحداد)والخباتكار(المناضل) الأول كاوا الحداد الذي
جندل الطاغية أزدهاك حاملاً مشعل الآزادي على ذرى وقمم زاغروس ما زال
خالداً في ضمير ووجدان الكورد منذ العام 612 قبل
الميلاد، ورمزاً وأيقونةً على صدورهم حتى الآن، وكذلك مروراً بقامات ومشاعل في عصرنا الحديث ساروا في مساره، واقتفوا
آثاره، مثل الشيخ سعيد بيران، وقاضي محمد رئيس أول جمهورية كوردية، والمناضل
الكبير الملا مصطفى البارزاني، وعبدالرحمن قاسملو .. نقول لغائبنا الحاضر فكما أن
أمنية ومبتغى الكائن هو الخلود والسعي إليه من عصر جلجامش، وحتى الأبد.. نقول لك
لقد نلت ما ابتغيت، فهنيئا لك بين صفوف الرواد المناضلين، وكوكبة الخالدين.. نقول
لك يا مشعل النور لقد أنرت الدرب، وأرعبت الطغاة، وزلزلت أركان البغاة... فينيق
أنت، ينتفض من تحت الرماد، وفي يده اللواء والمشعل.
· بالرغم من حمل
مشعل التمو هموم إنسانه الكوردي على كاهله، منذ بداية وعيه، إلا أنه كان مثال
الكوردي الوطني الصادق، وهل أدل على ذلك من أنه كان من أوائل المثقفين الكورد
الذين هدموا تلك السدود والجدران التي وضعها الاستبداد الأمني بين هذا المكون
الفسيفسائي وذاك، بل وبين هذا الفرد وذاك، كي يواصل لعبته القذرة في إطار الحفاظ
على كرسي الحكم، ومن هنا، فإن مشعل وهو المعارض الكوردي الذي يحظى بمحبة أوساط
واسعة جداً من شبابنا، يشهد على ذلك أن
موكب جنازته كان من أكبر مواكب الجنازات التي عرفتها منطقة الجزيرة قاطبة، فقد كان
في الوقت نفسه معارضاً سورياً يحظى بالمحبة والاحترام من
قبل رموز المعارضة السورية جمعاء، حتى وإن اختلف بعضهم معه في رؤاه.
السيد محمد تمام البرازي مسؤول التنسيق في الخليج العربي لحركة معا، ألقى كلمة باسمه
وباسم "حركة معاً من أجل سوريا حرة
وديمقراطية" قال فيها:
إخوتي الأعزاء ... عزاءنا الوحيد هو أن الشهيد مشعل تمو، وإن كان قد رحل
عنا جسداً، إنما كلماته وأحلامه في سوريا حرة
وديمقراطية باقية فينا، وللتذكير فان القائد أو الشهيد يموت فعلاً عندما يموت إيمان الناس بالسبب الذي استشهد
من اجله ذلك الشهيد أو القائد ... وهنا أقول لن تموت أبداً يا مشعل تمو لأن الآلاف لا بل الملايين ما
تزال وستبقى رافعة الشعارات التي تبنيتها في حياتك، وسنقوم على تحقيقها عاجلاً أو آجلاً، وأن قتلتك مصيرهم مزبلة التاريخ لا محال،
ولك، ولحملة رايتك من بعدك، أرقى المراتب في الدنيا، وجنات الخلد في الآخرة...
وعاشت سوريا حرة وديمقراطية.
·
إلى محطة سيرسل عبرها خطابه،
ويترجم رؤيته، بلا مهادنة مع الاستبداد حتى سقوط النظام، ولقد وجده العالم كله،
منذ أولى جمعة، كيف ينضم إلى المسيرات الاحتجاجية، سواء أكان ذلك في دمشق أو
قامشلو، يلقي على مسامع الشباب في مدينته كلمات يشحذ من خلالها الهمم، ويبث عبرها
كهرباء الثورة في نفوس من يتأثر به، وهم أوساط شبابية جد واسعة... كلمة اتحاد تنسيقيات شباب
الكورد في سوريا إلى مجلس عزاء الشهيد مشعل
تمو في الشارقة ألقاها الأستاذ إبراهيم اليوسف:
يستمر النظام بعنجهيته وساديته في التعامل مع كل الأصوات الحرة التي لا
تنفك تطالب بسقوطه، ورحيله، وإلغاء هذه الدولة الأمنية بكل أشكالها، مستلهمة قواها
من القوة الحية في الشارع السوري بكل أطيافه وإثنياته، والتي تصب كلها في سلة
واحدة اتفقت عليها كل ورود هذه الحديقة الزاهية، ألا وهي بناء دولة ديمقراطية
تعددية مدنية مبنية على احترام دول الجوار، وقائمة على علاقات دولية رائدة تنتقل
من خلالها سورية الحديثة من دائرة العنف والفساد والتآمر إلى مصاف الدول المتحضرة التي
تحترم القانون، وحقوق الإنسان، دولة المؤسسات القائمة على فصل السلطات الثلاث ؛
دولة قرارها مبني على احترام أخلاقيات المجتمع السوري، بعيدة عن الإرهاب والغدر
التي يحاول النظام تكريسها من خلال التركيز على الفتنة والحرب الطائفية، ومن خلال
الاعتقالات والاغتيالات، والتي كان الشهيد البطل مشعل تمو، والشهيد جمال حسين،
والشهيد حسن مصطفى، آخر ضحاياها من الكورد السوريين ...
بعد رسم معالم الدولة السورية القادمة، انتقل الأستاذ
إبراهيم بالكلام إلى شخصية مشعل تمو، تلك الشخصية التي فرضت نفسها بقوة في الشارع
الكوردي خاصة، والسوري عامة، من خلال انخراطه ورفاقه في الحراك الشعبي منذ
انطلاقه، حيث كانت له مواقف وطنية لا يسعنا إلا أن نقف أمامها باحترام ؛ لذلك
نعاهد كل الشهداء والمعتقلين الذين ترفرف أرواحهم في جنات خلدها، بأن نواصل ثورتنا
وحراكنا، ولن تهدأ قوانا وعزيمتنا حتى نرى سورية حرة مستقرة كريمة.
وختم كلامه القول: نعزيكم مرة أخرى، ونعزي أنفسنا، وكل أبناء شعبنا بفقيدنا
الغالي، ونطلب لروحه السكينة والرحمة . . . الخلود لأرواح شهداء سورية . . . دمتم
ودامت سوريا حرة كريمة.
·
الساعة الخامسة من بعد ظهر
السابع من أكتوبر عام 2011 النقطة الكلام في تقويم الثورة السورية التي اندلعت في
الخامس عشر من آذار 2011 ، واتسعت رقعتها كي تشمل كل مدينة، وكل قرية، وكل منزل،
حيث بات الملايين من شرفاء سوريا الحالمين بغد سوري جميل يهتفون بصوت واحد: واحد..
واحد.. واحد.. الشعب السوري واحد.... إذا كنا الآن، في هذا العنوان القصي القريب،
نحيي عرس مشعل التمو، فإن موعدنا جميعاً في بلدنا سوريا، في ظل
الحرية، في ظل سوريا الجديدة ..... السيد محمد حاج
بكري ألقى كلمة لجان التنسيق المحلية، بدأها بأبيات شعرية جاءت كمرثية أضفت إنارة
من روح الفقيد على المكان، حيث قال:
الآن ستغفو .. كالطفل قريرا
اهدأ .. فضريحك شمس سوف تنير العتمة في رحاب بلادي
وانهض عنقاء من ركم .. حلق في قبة سورية
يا صوتا ألفته حناجرنا .. تعلو بالصرخة آزادي
لن يطفأ ضوءك يا قمر الدرباسية
فدماؤك بعد الغرفة .. قد جمعت في الحب أيادي
من ضفة دجلة حتى الأفرع من بردى
يا مشعل أوقدت فؤادك .. نورا للحرية ..
ثم ألقى كلمة لجان التنسيق المحلية في المهجر، جاء فيها:
أيتها السيدات .. أيها السادة
نجتمع
في هذه العشيّة، التي يتضافر فيها الألم بالأمل؛ لنتبادل مشاعر الأسف
والعزة..الحزن والفخر..الصدمة والتفاؤل..بحدث كبير متقدم في دلالاته..ممض في
تفاصيله وعناوينه.
صحيح أن الشهيد الذي ترفرف روحه
بيننا اليوم..واحد من أربعة آلاف سوريّ قضوا منذ اندلاع الثورة السورية قبل سبعة
أشهر..وأنه ناشطٌ من بين ألوف الناشطين الذين استهدفتهم عصبة التشبيح والاستبداد،
وأنه كرديٌّ حرٌّ من بين أكثر من مليون كردي سوري ارتكبت العصبة ذاتها بحقهم ألوف
الجرائم والاعتقالات وحالات التضييق والشطب والعسف والتمييز العنصري السفيه
بانتظام وتواتر لا مثيل لهما..إلا أن اغتيال مشعل تمو المعارض السوري
الشامخ..المعتقل السابق..الحرّ صاحب الحضور المتميز..مثّل خطوة متقدمة في الانتقام
ممن خطوا باتجاه صناعة البديل ورسم ملامح الغد وكشف معالم الأفق الذي ينتظر
السوريين بعد تمام ثورتهم ونجاح حراكهم العظيم.
فعضوية المجلس الوطني السوري الذي
مثّل لأطياف واسعة من السوريين الأمل والمسرب وعنوان الغدّ تعد بالنسبة للعصابة
الحاكمة بغير أمر الله والشعب..التي استولت على مقدرات البلاد وكرامات أبنائها
وحرياتهم .. بالعسف والإكراه والجريمة..خطاً أحمر قاتماً..وذنباً لا يُغتفر!
نفهم
اغتيال مشعل الحرية..والاعتداء الرخيص الجبان على رياض سيف في سياق واحد أيتها
السيدات والسادة .. الانتقام ممن تشي فعالياتهم وتموضعاتهم السياسية أنهم أفق وغدٌ
وبشائر!
ونعلم أنّ آزادي التي صدحت بها
حنجرة تمو حتى أدمنتها..تشرّبها قومٌ سوريون شجعانٌ تمتدُّ مساكنهم بين قامشلو في
أقصى الشرق وحتى درعا..التي درّعت مدن البلاد وقراها في الجنوب ..قوم أحرارٌ لن
يخفتوا لكلمة آزادي رنيناً ولن يُبلبلوا لها إيقاعاً حتى تندحر العصابة المحتلة عن
حكم وطن أراد الحرية..ولن تعجزه مهما توحّشت سبلها وتعاظمت أكلافها.
·
كانت للقصيدة فضاء خاص في روح
مشعل، إصغاءً وكتابة، ومن هنا كان أكثر
الشعراء السوريين أثيرين لديه، ما داموا أصحاب مواقف، ها هم شعراء سوريا يرثون هذا
البطل المغوار بقصائدهم، حيث من حق مشعل على القصيدة أن يتمرأى فيها، وهو الحاضر
أبداً في لحظة الثورة صيرورة
ومستقبلاً في آن واحد... هناك أناس
كرسوا جل وقتهم للكلمة تدريسا" وصحافة وإبداعا"،
وقفوا ولا يزالوا حتى الآن قامات شعرية، وعناوين هامة في خريطة الشعر العربي
الحديث .. لقد أبدوا مواقفهم الشجاعة آنذاك ولا يزالوا، في وقت لم يجرؤ أحد على
ذكر كلمة كورد في كتاباته، وهم من الأصدقاء الأعزاء للشعب الكردي، أبوا إلا أن
يشاركوا في حفلنا التأبيني هذا، فحضر الأستاذ علي كنعان، ولم تسمح ظروف الأستاذ
حسان عزت وزوجته الكريمة بالحضور، فأرسلا قصيدة إلى الحفل لتنوب عنهما الكلمات،
والدكتور محمد فتحي الحريري حضر ليهدي قصيدة إلى روح الفقيد الغالي مشعل النور.
·
الشاعر الكبير علي كنعان الابن
البار لحمص البطلة الصامدة، يرثي ابن قامشلو الثائرة، صاحبة أول انتفاضة على
النظام القمعي، بقصيدة رائعة بعنوان "مشعل آزادي" :
في حضرة مشعل تمو ...
لا وقت لشجون الدمع
ولا لغيوم الأحزان
هيا .. نرفع يا أحباب
للشمس، صديقته الأولى
أنخاب النصر الآتي
وزغاريد الحرية
مشعل تمو .. ما غادرنا
ما غاب .. ولا مات
مشعل تمو .. حي، حي
ورصاص الغدر الوحشي
لا يقوى أن يبعده عنا ..
لا يقوى أن يحرمنا من أنسه
أو يحرمه من أحبابه
تمو .. القدوة والمشعل
تمو رمز المستقبل
مشعل آزادي ..
في ساحات الحرية ما زال
شمسا، ميدانا، مدرسة للأجيال
سيظل يقود الثورة والثوار
سيظل يضوي للعشاق
دروب الحرية
في دنيان كلمات من نور:
وطن، عدل، حرية
نوروز، حب، قمر،زيتون
أمل، شعر، إنسانية
واليوم نرى في صدر الكلمات
شيرين .. أميرة كردستان
بحروف من فجر وردي
ترسم "مشعل تمو.."
وتسميه "فرهاد".
في أبهى أعراس الحرية
وعلى رأس حلقات الدبكة
يسطع نجم كردي سوري
وتغني أجيال .. أجيال:
"مشعل تمو..
مشعل تمو".
هذا رائدنا وسراج مسيرتنا .. مشعل
– والرائد لا يكذب أهله –
من دمه ودماء الشهداء
يبني سوريا المستقبل.
·
الشاعرة السيدة فاتن حمودي زوجة
الشاعر الكبير حسان عزت شاركت من خلال قصيدة بعنوان "أدراج مشعل التّمو":
ها أنت تسقط وردةً
ها أنتَ من دماءِ
العشبِ..
تلبس الأزرق سماويا
و الأمطارَ جبالَ الشِمالِ
تغسلُ الدمَ على ضفةِ في البعيد...فيهفو إليك الفراتُ و بردى...
يقتربان
و ترشُ الصبايا ماءَ الورد
مهللاتِ
يا عريس المدى
يا عريس
لم أر إلا عينيك توقظانِ السهلَ
و فراشاتِ الندى
توقظان الأغنية ...
الخوفُ جبل...و الرمادُ
ها أنت تصعد عاليا بالحرير
قلتُ
لك:
أنتَ تُغامرُ بعصافيرِ روحك
ومنذ زمانِ أؤمنُ
بأنك "دون كيشوت"
تحملُ رمحا
تزحزحُ الوحلَ و الغبار
لا كلاب في حكايتك
لكنَّ النباحَ صدى...و أزيزُ
الرصاصِ..
لقد
قتلوكِ مشعل....
يارعاة البراري أشعلوا الناي
يا عرافات الشمال أطلقوا الدخان و
الرماد....
يا انهار...
أي بلاد هي تلك البلاد ؟!
هوّن عليك
لا أسلحةَ لي
لأدافعَ عنك
صديقي
بضعُ كلماتٍ
أُرددُّها و أنا في غربتي
.. آزادي تفتح صفحة ً
لبطلٍ يموت
و بطلٍ جديد
و من الشامِ ...يُغنون " زينو المرجة
و المرجة لنا..و شامنا فرجة و هي مزينة"...
و ها أنت
من زاغروس إلى قاسيون تخطّ بدمك قوس قزح
تعانقُ العشبَ
تحملُ الموجَ و الريح
و تعرفُ أنّك تقولُ الحقيقيةَ
و أنّك لم ْتُعكر ماءَ الفرات
جحيما رأوكَ صديقي
يا لهول المهزلة
لقد قتلوك!
الشُّهداءُ
يغادرونَ معلقين ألرايات
على أغصانِ العصافير
يتركون
البكاءَ لنا...
و الأحلام.ْ.
هاهو
على أريكته.....يرسمُ طريقا طويلا من قامشلو إلى الشام
يلمعُ نحوَ الشّمسِ
يكفي أن
نُفكرَ .. نصرُخ َ فما نراه دم
دمٌ....وصوتُ رجُلٍ مُتكيءٍ على الشّمس ِ
يرسمُ
أشياء َ تعنينا
الحياة ُبكلِ طينها لنا
و الموتُ لنا نحنُ فقط
السّم ُالأسودُ
دولابُ التعذيبِ
الخدُّ و الصفعة ُ....الجلادُ والضحيةُ
مشعلُ المحمول
ُعلى نور
دمٌ...دمْ...و دربٌ من أولِ الأرضِ و حتى
قامشلو
دم ٌ
تغزلُ
الرايةَ
تمضي سيلا
هنا و هناك
في رُوحك ماء
وحده
القميصُ شاهدٌ
عليك
و
ها أنت تصعد عاليا بالحرير
· فدوى كيلاني أحد أبطال الشعرية الكردية،
وتكتب باللغة العربية، قدمت إلى مشعل تمو في حضوره..! قصيدة بعنوان "صانع
الحياة" :
إلى الذي سافر دون
وداع
ها أبواب الحلم قد شرعت بر حيلك
هكذا هي النفوس
الشاهقة تحيا حياة غير عادية، تضيق بها النفوس المستكينة والضعيفة..!
كان مساء غير
عادي ... لقد وقع الخبر كالصاعقة علينا
مشعل تمو اغتيل . .
. مشعل تمو اغتيل
خرج الصوت المكلوم
عبر أسلاك الهاتف، وانتشر في أرجاء الغرفة
تردد الصوت ......!
لم أملك حينها سوى
غصة حارقة أعقبتها دموع ساخنة انهمرت غزيرة كمطر كانون
ويلاه أبا فارس
...
وردة يانعة قطفت من
بستان قامشلو
وهو المتجذر فيها،
والرافض الابتعاد عنها، تسقيه حليب الشجاعة أم كوردية عالية
كذراري الجبال
ليسقي نفوس الشباب حماسة
أواه على غد سيأتي وأنت بعيد عنها فهل ستورق بساتين قامشلو
مشعلاً آخر ؟
ما أقسى هذا المساء !
إنه يوم لا يشبه أي
يوم ..
لقد كنت شعلة بل منارة يا أبا فارس
كانت روحك تسمو إلى
العلياء دوماً، لقد أورثتنا مشاعل لا مشعلاً واحداً
إنها مشاعل الضياء
والحرية التي أوقدتها بدمك الذكي الطاهر، لتكون نوراً وناراً تنير للأجيال درب
النضال، وتحرق بلهيبك شبح الباطل الذي يجثم على صدورنا..!
كنت رجلاً والرجال
قليل
شجاعاً .. مقداماً ..
كريماً .. غيوراًعلى الوطن . فارساً بطلاً لا يعرف الكسل
لقد كان الموت يتربص
به كل لحظة، بل كان يسكنه، فأبى إلا أن يبني له بيتاً جدرانه من العزة والرجولة
فمن كان مثله يستحق
هذا البيت الكبير؟، وهذا الشرف العظيم؟؟...!
فطالما نادى الموت أن
احتضني..!، وكان يلاحقه هو غير آبه ولا خائف
لله درك لقد حملت قلب أسد بين أضلعك
أبا فارس لقد كان خبر
استشهادك زلزالاً مدويا ً ،هز سوريا، من أقصاها لأقصاها بل هز العالم كله
استنكرت الاطيار سفك دمه
واستنكرت
سفارات
ووزارات
وحكومات عتيدة
بكتك الشوارع
والبيوت
والأزقة في سوريتنا الجميلة
آآآه لقد غدروا بك وباغتوك، لأنك كنت برقاُ وصاعقة عليهم، تهز عروشهم
فتباً للغدر
تباً لتلك الأيدي
الآثمة التي اغتالتك، فقد تآمر عليك
الكلاب، فها الأسود تبيت في القبور
والفئران ترتع
ولكن للخيانة نهاية
...
إنها البداية
يا أبا فارس
ما أسعد أرض
الوطن بدمك
ها هو يورق ربيعاُ أخضر
ارقد بسلام مشعلنا
ولكن
لاتنس
وفي كل جمعة
غافل حارس المقبرة
واتجه نحو البيت
ستكون أم فارس بانتظارك
وهي تحمل بذتك السوداء، وربطة عنقك
وتسرح شعرك
الأسود، لتلحق برفاقك المتظاهرين، واملأ
شوارع قامشلو بصوتك الشجاع المدوي
الشعب يريد الثأر
لمشعل
شهيد الكرد يا رمزاً
ستبقى ولن ننسى اغتيالك ما بقينا
أبا فارس، ها انظر صورتك الأخيرة، على صفحتي
والتزم الصمت ....
·
الدكتور الشاعر والابن البار
لحوران البطلة الصامدة، منبت حمزة وثامر ... يهدي قصيدة رائعة بعنوان "أخي مشعل
تمّـو "إلى روح ابن قامشلو العزيزة ، "إيــهٍ قامشـلو، يا بلد المجد، سلالـة أمل فلتَـرْقَ" ، صاحبة أول انتفاضة على
النظام القمعي، وأولى الدماء الزكية التي أريقت على مذبح الحرية:
ويخرجُ ثــامرُ مع حـمـــــــــــــــــزة
يحمل حُـلـُمــا ورديـا، أقنــى من غــــــــــــــزة
يحمل في يــدِهِ خـبــزه
ليغيث الجــــوعــــى
في درعــــــــــــــــــــــــــــا
يتلـو قبل الغـدر بسـورةِ يوسف مع
غـافـر
يخرج ثامــر
أوَظـنَّ بـأنَّ الطـيـر سيأكل من رأســه ؟!
ما معـهُ إلا أطفال ٌ، وطيورُ الغـدْر بـكـأسـه
واستشهد " حمزةُ " مع " ثامــر"
لا ندري مَـنْ سـبَقَ الآخــر
يا ثـامرُ حدث عن حمــــزة
يا ثامر فلتكســـرْ طيفَ الرعبِ بحـمــــزه
قل لجميع ِ فلولِ اللـؤمِ
بـعِــــــزّه :
يومَ شــويتم جـسـدي
يوم لـويـتــم عُـنقي
وخرقتـم بسـجائركم بَـتَـلاتِ الوردِ
ساعتهـا وُلِـدَ النصـــر ببلدي
يا ثــــامِــرُ ماذا تحمل أكفانك
يا ولدي ؟
أخبــارَ البغي من التلمـــود
أخبــار الشـويِ على الســفود
في زمـن الردّة والتعتيـم
أم خـبــراً يكشــف " عبدِ كريـم " ؟
الطفل الثالث من جيزةِ حورانَ وحمـزه ...
يـــــا ثـــــامـرُ حدث عن حــمــــــزة
واكشف أستارَ بني العـنـزة
هولاكــــو والتـتـــر
الأوغــــــــــــــــــــــــاد
الـهــدهــد والديوث ونـجــــل
الـجــــلاد
أحفــاد الخـَــــزَر
بقايـــــــــا الرجس
سليل الاحقــــــــــــــــــــــــــــــاد
حَـدّثْ يا ثــــــــــــــامرُ لا
تخـشَ الأحـزاب
فأنت الصادق لا الإرهــاب
ونِـعـالُـكِ – ولدي – أطـهـر من أقدســهم
ونعالك يا ثامر يصفع أقدســـــهـم
ودمــاؤك شـــــــــــــــــــــــــــــلال الطـهـــــرِ يقضُّ مضاجعهـم
يحرمهم دفءَ مجالســـــهـم
يلعنهـم
يلعن أنْـفَسـَـهـم
ويضيءُ شـــمـوعــا كي تســـمو
وتنير ضريحكَ يا " تـمّـــــــــــــو "
يا مشـــــعل
يا مشعلَ ضــوءٍ ، يا أنقــى
ذبحــوك أخي
هل هذا قَدَر أن نُذبـح
نُســحل
أو تراق دمــانــا كي نبقــى ؟
إيــهٍ " قامشـلو "
يا بلد المجد، سلالـة أمل فلتَـرْقَ
واهنــأ يا ثامرُ مع مشعل
واهنــــأ يا حمزةُ مع تـمو ...
يا مشـعل خير من نـــــور
أنت الأبقى
أنت الأطهـــر
أنتَ الأرقــى
وحُثـــالة هولاكــــو سـتفنـى
لن تبقى أبدا لن تبقــــى
حدّثْ يا مشعل عن حمـــزة
حدث يا ثامر عن حمزة
حدث يا ثامر عن مشعل
حدث فدماؤك تبعثنــا
حدث فدماؤك توقظنــــــــــا ..
ألهبنــــــــــــــــــــــــــــا واحـيِ ضـمـــائـــرنـــا
حَـدّثْ ............ فدمــــــــــــــــــــــاؤكَ تلهمـنــــــــــــــــــــــــــا
·
رابطة الكتاب والصحفيين الكورد
التي منحت مشعل التمو إحدى جوائزها تقديراً لدوره كمناضل باسل، فقد كان
هو أحد أعضائها في الداخل، ويعمل بحماس كبير من أجل تطويرها وتقدمها، وكان البيان
التضامني من قبل الرابطة مع مشعل بعد تعرضه لمحاولة الاغتيال الأولى مدعاة ارتياح
كبير لديه، في الوقت الذي راح بعضهم يشكك في أمر تهديده... الأستاذ خورشيد
شوزي أمين سر رابطة الكتاب والصحفيين الكورد في سوريا ألقى كلمة الرابطة، وجاء
فيها:
بألم كبير تلقت رابطة الكتاب والصحفيين الكورد في سوريا نبأ اغتيال عضوها الزميل الكاتب
والسياسي البطل مشعل التمو، والذي اغتالته إحدى عصابات الشبيحة المجرمة في سوريا، بعد اقتحام منزله من
قبل ملثمين، وتم جرح نجله مارسيل وضيفته زاهدة رشو.
والمناضل التمو له تاريخ نضالي حافل، وقد عرف
بأنه من أشجع الكتاب والمثقفين الكرد في سوريا من خلال خطابه الوطني الذي لم يعرف المساومة، ومن أوائل دعاة المجتمع المدني
وحقوق الإنسان في سوريا، وشارك في مؤتمرات كثيرة، وله أعمال أدبية وسياسية وفكرية
مطبوعة ومخطوطة، وتم تعيينه عضواً في
"الأمانة العامة" للمجلس الوطني السوري.
كان مشعل من الأوائل المطالبين
بإسقاط النظام السوري، وتعرض للتهديد
من قبل شبيحة الأمن، وقد تم اعتقاله، وحكم عليه بالسجن لمدة ثلاث سنوات ونصف بتهم
"النيل من هيبة الدولة" و"إضعاف الشعور القومي" و"وهن
نفسية الأمة"، وأعلن من سجنه انضمامه للثورة السورية، وأطلق سراحه بتاريخ
5/6/2011،
وبعد خروجه من السجن تمت محاولة اغتياله، ونجا منها، ولكن الثانية أصابتنا في
الصميم.
أيها السيدات والسادة
تعرفون جميعاً أن الثورة السورية في شهرها التاسع، وأن لغة القتل والعنف التي لجأ
إليها النظام، قد أثبتت فشلها، وأن النظام فقد شرعيته، منذ أولى رصاصة وجهت إلى
صدر مواطننا، وأن بلدنا سوريا يمر بمرحلة حرجة جداً، تفرض علينا جميعاً أن نكون على
قدر عال من المسؤولية، ونرى بأم أعيننا كيف أن النظام الأمني الذي حكم سوريا على
امتداد أربعة عقود ونيف، ولا يزال، لم يوفر أي مظهر للاستبداد والعنف، دون أن يلجأ
إليه في وجه أبناء شعبنا السوري، وإيماناً منا بأن الكلمة والإبداع هما شكل من أشكال العمل النضالي
للإنسان، وإيماناً منا أيضاً بأن ممارسة الثقافة عمل سلمي ومشروع في النضال ضد
الظلم والاضطهاد والقهر والاستبداد، بكل أشكاله، وصوره، فإننا في رابطة
الكتاب والصحفيين الكورد في سوريا، نستنكر اغتيال البطل التمو، ونؤكد أن قتلته لابد سيقدمون
للمحاكمة في سوريا الجديدة.
الخلود لروح البطل الشهيد أبي فارس . . . الخزي
والعار لقتلته المجرمين.
·
إذا
كنا الآن، في هذا العنوان القصي القريب، نحيي عرس مشعل التمو، فإن موعدنا جميعاً في بلدنا سوريا، في ظل
الحرية، في ظل سوريا الجديدة، سوريا الديمقراطية والرأي الحر، سوريا الخالية من
المعتقلين في سبيل الرأي والعقيدة البناءة ... ناجي نجاتي طيارة نجل الباحث والناشط
الحقوقي السوري نجاتي طيارة المعتقل لدى سلطات الأمن السورية منذ تاريخ 12/5/2011،
ويرفضون إخلاء سبيله، ألقى كلمة التالية بالنيابة عن والده:
السلام
عليكم ... ألقي هذه الكلمة بالنيابة عن والدي وهو خلف قضبان السلطات السورية،
وبالنيابة عن شباب حمص الوفية للثورة، والوفية لسورية الحرية والكرامة... حين بلغ
مسامع والدي في سجنه نبأ استشهاد البطل القائد والمناضل الديمقراطي البارز مشعل
التمو اغرورقت عيناه بالدمع، واختلطت مشاعر الحزن والفخر بالشهيد البطل، هذا
القائد المناضل السوري بامتياز، الوفي للقضية الكردية المحقة والعادلة، والوفي
أبداً لسورية الديمقراطية المتنوعة، وقد
أخبرتني والدتي وكل من كان موجوداً معه لحظة وصول النبأ الأليم، بما شعر به والدي، وأوصاني بهذه
الكلمات:
لقد امتدت أيدي
الغدر الغاشمة لتطال واحداً من رموز سورية، ورموز القضية
الكردية، وتسلبه حياته، لكن ليمنحه استشهاده وسام الشرف والكرامة .. هذا
البطل الشهيد الذي علّم كل إخوته السوريين معنى كلمة أزادي، وجعلها مفردة من رحم
لغتنا السورية كما أراد دوماً لقضية شعبه المحقة أن تكون من وفي
رحم الوطن السوري الواحد. مشعل التمو لقد أضفت إلى نجمتي علم سورية (نجمة الحرية
ونجمة الكرامة) نجمة أخرى، نجمة التضحية والوفاء شهيدنا الغالي ولد حراً وعاش حراً واستشهد حراً كريماً ... السكينة والرحمة لك أيها الشهيد
البطل، والوعد القائم والدائم أن نتابع العمل على خطاك التي علمتنا وضحيت بنفسك من
أجلها، على خطى الحرية والدولة السورية الجديدة، دولة سورية الحرّة الكريمة بكل
أبنائها ولكل أبنائها.. المجد لك يا شهيدنا الغالي، والفخر لأهلنا في الجزيرة
وقامشلو وكل المدن الكردية، الفخر لنا بك في حمص ودمشق وحماة وإدلب ودرعا وكل
المدن السورية ... هكذا يصنع الأبطال بدمائهم وحدة الأوطان ... هكذا يوحد الألم
روح الثورة.
·
كان لحديث مشعل عن شباب عامودا وقع خاص في نفسه، سرعان
ما يوصله إلى من يلتقيهم.. شباب عامودا هؤلاء الذين شهدوا ربما آخر ندوة له، يحثهم
على النضال، ويشحذ روحه كذلك بكهرباء إرادتهم العالية.. هؤلاء الذين منعوا دخول
مظاهرات الولاء لشبيحة النظام في مدينتهم.. هؤلاء الذين رفعوا شعار إسقاط النظام
في وقت مبكر.. هؤلاء لم يهدأ لهم بال منذ سماع نبأ استشهاد مشعل .. وكان مما فعلوه
تحطيم أحد أصنام الأسد الأب، كما أنه حين استقبالهم جنازة أبي فارس وهي في طريقها
إلى مسقط رأسه، أن وضعوا تابوت مشعل للحظات مكان الصنم في إشارة رمزية لمكانته..
هؤلاء الشباب أرسلوا إلى حفلنا التأبيني برقيتهم .. فشكراً لهم .. وفي كلمات مؤثرة عن المناضل الراحل ألقاها بعض
الإخوة الحضور ارتجاليا" تثمن دور الفقيد ونضاله ضمن الحركة
الوطنية الكردية السورية، ذاكرين مناقبه الشخصية والقيادية والإنسانية، مبينين
فيها دماثة أخلاقه، ونظافة يده وقلبه، وصدقه ووفائه، وغير ذلك من الخصال التي
اتسم بها الراحل، كما عرفه أصحاب هذه الكلمات، منهم من عاشروه
شخصيا"، ومنهم من سمعوا به ...... ابن عامودا الكاتب سيامند
ميرزو ألقى كلمة شفاهية جاء فيها:
في آخر ندوة سياسية جماهيرية بمدينة عامودا حول الأحداث الجارية في إطار الثورة
السورية، أشار الشهيد بوضوح الدعوة إلى إنهاء احتكار النظام للسلطة والثروة وقيادة
المجتمع، وأوضح أكثر بأن عليه الرحيل، والتفكير بإيجاد بدائل له، وستثبت الأيام
أننا سنكون شركاء بكامل الشراكة في سورية مدنية ديمقراطية.
وعن سؤال لماذا لا يمارس النظام سياسة القتل في المناطق الكوردية؟ أجاب
الشهيد: لا يصح أن يقول البعض أن الفضل يعود إليه، لأن سياسة القتل متعلق بمعادلات
النظام فقط، وعندما يريد النظام أن يقتل لا يستأذن من أحد لأنه نفسه مارس القتل في
2004 و 2008 ولديه اعتبارات معينة، ومعادلات محددة.
ثم تطرق بعدها إلى مناقب الشهيد حيث قال: مشعل كان صاحب مشروع مثل شيخ
الشهداء معشوق الخزنوي الذي اختطف ثم اغتيل على يد نظام البعث - حثالة هولاكو –
الجاثمين على صدور الشعب السوري، ولكن آن الأوان لإسقاطه .
مؤسسة
سما للثقافة شاركت عبر رئيسها الأستاذ عارف رمضان ابن عامودا بكلمة شفاهية باللغة
الكوردية، وهذه نصها باللغة العربية:
نرحب بحضوركم جميعا ً ونثمنها عاليا ً لأننا في تأبين شخصية ذو قوة وطنية وقومية، وبتصفية
مشعل سوف لن تقف مسبرة النضال والحرية، بل سوف تؤجج الشارع الكردي ويثور حتى
التحرير، وخير دليل على ذلك تحطيم تمثال رمز البعث والاستبداد في عامودا قبل مرور
جنازة الشهيد متجها ً إلى مثواه الأخير،
ويوضع جثمانه الطاهر مكان التمثال لدقائق، وكأنه هو الرئيس.
سوف يذكر التاريخ
الشهيد مشعل تمو ومسيرته وتضحياته تجاه قومه ووطنه، والشهداء الثلاث من
بعده، كما يذكر من قبله شهداء نوروز المحمدين الثلاث، وشهداء انتفاضة قامشلو
المجيدة، وشيخ الشهداء معشوق الخزنوي، ورمز شهداء سورية يوسف العظمة الكوردي،
وسيدخلون التاريخ النضالي كممن سبقوهم من الشهداء، مثل البارزاني الخالد، ومرورا ً بالشيخ سعيد بيران، والشيخ محمود الحفيد، وصولا ً إلى قاضي محمد.
إخوتي الحضور لقد حطم الكرد تماثيل
النظام في 2004 كبداية للثورة من طرف واحد، ولم يتحرك الشارع العربي مع الكردي،
ولهذا نرى هذا الكم الهائل من الشهداء، لأن النظام استفاد من الفرقة بين أبناء
الوطن ليصبح أكثر قوة خلال الست سنوات الماضية.
ختاما أبشركم
بنهاية النظام الاستبدادي، وكما كان الشهيد معشوق الخزنوي قائد شهداء الانتفاضة
الأولى سيكون الشهيد القائد مشعل خاتم الشهداء إنشاء الله.
·
مشعل المناضل الصلب رقيق القلب
كرقة نسائم ربيع جزيرته، بما تحتويه من عشائر عربية وكوردية.. نيابة وباسم العشائر العربية
في محافظة الحسكة، ألقى الشيخ سالم عبدالعزيز المسلط كلمة شفاهية قصيرة معبرة، جاء
فيها:
نم يا مشعل التمو في قرية الجنازية قرب مرقد والدك، وأعدك، وأعد الجموع
التي غضبت لك، وهزت العالم في كل قارات الأرض، بأن موعدنا قريب، موعد التحرر من
الظلم والطغيان، موعد بزوغ فجر الحرية لوطنك السوري بكل مكوناته وأطيافه.
يرحمك الله، ويرحم كل الشهداء الذين سقطوا دفاعاً عن الوطن الغالي.
وباسم العشائر العربية في منطقة الفرات ألقى الشيخ محمود
الجبن كلمة شفاهية قصيرة، جاء فيها:
نعزي أنفسنا ونعزيكم إخواني، ونعزي أحرار العالم في استشهاد مشعل الحرية، وأن
كل قطرة دم سفكت هي غالية علينا، ولكن عزاءنا، أن هذه الدماء الزكية هي التي حررت
سوريا من الاستعمار، وستحررها من العبودية... أحب أن أنوه أنه قبل فترة قصيرة كنا
في استانبول في مؤتمر المجلس الوطني، وشهيدنا تكلم مطولا على السكيب مع المؤتمرين،
وكانت مشاركته مثرية، وأذكر منها أنه قال بأننا شعب واحد، وفي أرض واحدة، وسوريا
للجميع.
·
اثنان قالا "لا"
للنظام الأمني في وقت كان يحكم قبضته حول رقاب السوريين، ويقدم حركاته البهلوانية
على أنه جبار، بينما كان يواري هشاشته وضعفه، وهما: الشهيدان الشيخ معشوق الخزنوي و
مشعل التمو .. المعتز بالله الخزنوي ألقى شفاها كلمة اللجنة التأسيسية لرابطة علماء الكورد
في سوريا، وهذه مقتطفات منها:
بسم الله الرحمن الرحيم... الحمد لله رب العالمين و الصلاة والسلام على
سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أحبتي أريد اليوم، أن أخرج من التقليد، لأن
دائما ً نتكلم في مجلس العزاء عن الموت، وحال الناس بعد الموت، وما تركوه
لأخرتهم، لماذا ؟ لأن مجالس عزاء الشهداء فرح، فرح للشهيد عند لقاء الله، وفرح للشعب لأنه بفضلهم
يتخلصون من ظلم الظالمين، ولذا أتكلم اليوم في عرس هذا الشهيد عدة نقاط .. أتكلم
عن الشخصية الكردية التي أشيع عنها أنها انفصالية انزوائية، لا تحب الآخرين من
خلال شخصية الشهيد مشعل التمو، ولو كانت الشخصية الكردية كذلك لما كان من أحد
المؤسسين للمجلس الوطني، وأحد أمناءها، ليعيش مع جميع أطياف النسيج السوري تحت
الخيمة السورية لتحريرها من الظالمين والطغاة.
ولا أقول كما قال أحد مشايخ القصر
الجمهوري، عندما أعطى صك غفران لصاحب مجزرة حماة الذي قتل (30) ألف من الأطفال
والنساء والشيوخ وأدخله الجنة، وكأن الجنة ملك لأبيه، ولكن أقول، كما قال رسول
الله حينما مرت جنازة وشهد الصحابة لها بالخير فقال النبي: وجبت، فقالوا: وما وجبت
يا رسول الله، قال: وجبت له الجنة وأيضا ً أقول: حينما شهد لمشعل التمو أهل (درعا و
دمشق و حمص و حماة و إدلب و دير الزور و قامشلو و عامودا و ديركا حمكو و كوباني)
بالخير لأنه وقف أمام السلطان الجائر، وقال كلمة حق في رفع الظلم عن المظلومين
أقول: أن شاء الله وجبت له الجنة.
الأمر الأخير، إذا كان الموت سنة الحياة،
وكل نفس ذائقة الموت، فما أحلى أن تكون حياتك من أجل إحياء الملايين السوريين ... الرحمة
لشهداء الحرية والخلاص، وحياة كريمة للمظلومين، والحمد لله رب العالمين.
·
حكايات بطولية ممتلئة بعبق التاريخ تخبرنا بها ملاحم
حركة الشعوب نحو الحرية وإسقاط كابوس الظلم والاستعباد، هذه الملاحم صنعها الآباء
والأجداد من قبل، ويصنعها الأحفاد الآن من خلال نموذج إنساني لثورة الحرية
والكرامة، والتي سيتحدث عنها التاريخ طويلاً، فهو اليوم يكتب قواعد الثورة بالدم
والتضحيات بصدور عارية أمام جبروت آلات القتل للطغاة، ليسطر بدايةً حقيقية أخرى
لتاريخه العظيم ...... كلمة أبطال الثورة السورية الكبرى.. كلمة أحفاد سلطان
باشا الأطرش.. كلمة أبناء محافظة السويداء ألقاها السيد ماهر:
اعتذر
في البداية من الحضور لأنه لم يتسنى له التحضير مسبقا ما يناسب بقامة شهيد بحجم مشعل التمو.. أتقدم إليكم جميعا
بالتعازي لشهيد الوطن الذي أبى إلا أن يتوج مسيرته النضالية بشرف الشهادة... أيها
الحضور الكريم، كما الزهر يشتاق للماء لكي تتفتح، وينبع نضارة، كذلك الوطن يشتاق لدماء الشهداء منها
يحيا، وبها يزهر، وبها يشرق .. فلا شيء في الوجود ترخص له الأرواح مهما غلا ثمنه،
وعظم شأنه، مثلما الوطن، فالوطن هو البيت، وهو الشرف، وهو المستقبل، ولنا الفخر
كسوريين أننا ننعم بوطن موحد متماسك من أقصاه إلى أقصاه.. نتشارك الهموم،نتشارك
المسؤولية، نتشارك المصير... رحم الله فقيد الوطن، ورحم كل شهدائه الأبرار، وإنا
لله وإنا إليه راجعون.
·
شاعر كوردي اسمه لاوين .. يكتب
الشعر باللغة الكوردية .. ألقى قصيدة قصيرة بعنوان "عهد قبلة
الحرية" ومن خلال كلماتها التي انسابت كموسيقى جنائزية رائعة أشعرت بدلالات
أوزانها وقوافيها الحاضرين من الأخوة الذين لا يجيدون التكلم باللغة الكوردية،
بالمغزىوالمراد لصورها ومعانيها:
«Soza Ramûsana Azadiyê»
Te ez dame destê agirê dildariyê…û Çirawîskê volqana… azadiyê di destê te de man…
De bese êdî biteqe…Were di nav sînga minre derbasbe û wê bike parçe parçe…
Hinavê min bihelîne û lehiya idaba birînê min bike ardû ji teqînê re…
Rayê xwîna min bihûne û bike werîsê sêdariya xwînmijê xaka welatê min…
Hestiyê min ji hev hilweşîne….wan bike xencer û vê tariyê bi wan biçirîne…
Heger tu carekê hatîi ser gora min nebêje ez mirî me…… jiber
ez di ritma dilê
te de bicîme….
Tucari guh nede striyên di rêka ramûsana azadiyê de….jiber ezê bi xwîna xwe xecxecokê deşta gorê gazekê bi ser wan xim….eygelêmin.
Diyarî giyanê şehîdê azadiyê “ Miş’el Temmo”
· مسك ختام عرس شهيدنا كان للابن البار لحمص، وابن العاصي، الشاعر أبــو
الــفـــضــل شــمســي بــاشـــا، حيث ختمها بقصيدة رائعة عنوانها "منــابــر
الأمـــل" وهذه كلماتها:
منــابــر الشـعر
قــد هــامــت ســواقيهــــا وأمطـرت
لــؤلؤاً فــاضـت معــانيهـــــا
ورفرفــت بحــروف
الــوجد أشـرعتـــــي فلا أرى الأنــــس إلا في قوافيــــــــــها
منــابـع الشــعر مـا
جفت ولا خـرفـــــــت حتــى
رضيــت لحـادي البيـــن يجديها
يــا لائــم
الشــــعر عذراً إن قافيتــــــــي
تأبى خضوعاً لصمت ٍ من أهـاليهــــــا
(صمــت الحـزيــن
بكـاء ٌ لا تحس بــــــه إلا
القلـوب التــي جارت مــآســيـــهـا)
نســعى نــروم نــرى نصغــي لفرحـــــتنا ومــا قطفنــا ســوى الآهــات نجنيهــــا
(خمسـون عـامـاً)من
الأحـلام نسردهــــــا مــا عاد يســمعــنا صــاغ ٍ لنــرويهـــــا
كـل الــدروب إلى
الأحــزان مشــــرعــــة ٌ يا للعيـــــــون إذا جفــــت مــآقيهــــــا
مــابين حيـن ٍ وحيـن ٍ ينطفي علـــــــــمٌ كم تسخر الأرض من إصرار داعيــها
يــا (قــادة الفــكــر) ما للشام ســــــــاكتـة
دمشــق تســكر مــن أقــوال (بوطيـها)
أيــن الدروس وأيــن العلــم تســــــــطـره كــم
مـن دروس لنــا في الديــن ترويهـا
إنفض ( ســعيداَ ) غبــار الخــوف منطلقـاً لتلــق َ شــعبــاً بعيــن جــلَ
باريهــــــــا
أيــن المــفـر (لبـوطـــــي) البــلاد غــوى أمــا علمــت بــدار ٍ عــز مــا
فيهـــــــــا
العمــر يمضــي وأعــداء البــلاد
هنـــــــا فــامــدد
جنــاحيــك للثــوار وافـــديهــا
هبــوا جميعــاً
أيـــــــــــا ثــوار أمتنـــــا لتهــزمــوا عصبــــة بــانت مخــازيهـا
تســــعى لضـم رجال
الديــن جــاهــــــدة ً لنصــرة الشــر والإعــلام تمــويهـــــا
إنـي أنـــادي ودمـع
العيــن تســـبقنـــي والإثـــم ُ مــن قــادة للديــــن نجنيهـــــا
هــذي العمــائــم
قــد بانت مفاســدهـــا وأســرفت في ظلام التيـه تشويهــــــــــا
وهــذه نخبــة
الأشــرار وا أســـــــفــي خلــف
الجدار وخلــف السور نــاديهــــا
(حسـون ) يــا بذرة
للشــر مـا عـرفـت أصــابع الهــدم إلا مــن خــوافيــــــــها
(الحبـــش ) يـا منبع
الأشرار يا قــزمــاً أغــرقــت ثــورتنــا كــذبــا ًوتسفـــيــها
يــا ثــورة الشـــام يــا أبطــال أمتنــــا فكـوا
القيـود لحصـن مــن صـياصـيها
نحــن القــوافي
وقــول الحــق مشــربنا وهــذه ثــورة بالـــــــروح
نفــديـــها
· أصوات قالت لا في سوريا، لا للفساد والاستبداد، لا
للقتل، نعم للحرية والديمقراطية.. من هذه الأصوات الذين ألقوا
كلمات معبرة، كل من السادة:
موسى الخطيب عم الشهيد حمزة الخطيب،والدكتور
فرهاد عبد القادر، وإسلام أبو شكير، والإعلامي حكم البابا.
·
القاضي
السيد زهير كاظم عبود رئيس التجمع العربي لنصرة القضية الكوردية، وهو العراقي
الصديق، أبى إلا أن يشارك في عرس الشهيد، فأرسل برقية تقول: أشارككم الحزن والأسى
باستشهاد المناضل والرفيق والإنسان مشعل التمو.
·
المثنى
الشيخ عطية أرسل برقية إلى الحفل التأبيني لتشارك بدلا منه بواجب العزاء في عرس
الشهيد مشعل
· ختاماً حين نقول مشعل، فإن ثنائية
شهيدين آخرين تنهضان، وهما: حسن عبدالله مصطفى و جمال حسين على مقربة من شهيدين
حيين، هما: زاهدة رشكلو و مارسيل مشعل التمو.. بل أن كل من خرج في تظاهرة تشييعه
الغضبى في كل مكان، وكل من خرج في سبت الوفاء لدمه، وكل من يخرج في أية تظاهرة، وكل
من يشارك بجنازة شهيد، فإنما هو مشروع شهيد، يجهز نفسه ليشيع نفسه في اليوم
التالي.....