تعتري الموقف التركي ضبابية عارمة، فمنذ اندلاع الثورة السورية الماجدة والموقف التركي يتراوح بين النقيضين: النظام والثورة ولتركيا أيضاً مصالحها الإقليمية
أعربت ناشطة سياسية سورية مديرة مركز دراسات إنسانية في الولايات المتحدة
عن قناعتها بوجود اتفاق روسي أمريكي مبطّن على التوازنات بينهما في الشرق الأوسط، ورأت
أن الإدارة الأمريكية تتريث في أي خطوة تتخذها في التدخل في الشأن الداخلي السوري لأسباب
جيوسياسية، وقالت إن النظام السوري يشتري الوقت وهناك من يبيعه إياه وخاصة تركيا التي
وصفت موقفها بـ "الضبابي"، ونوّهت بأن المعارضة السورية محكومة بعوائق الضمور
السياسي بسبب لغياب العمل الديمقراطي لعقود، وشددت على أن الشارع السوري هو الذي سيقود
التصعيد في المرحلة المقبلة
وحول جدّية الولايات المتحدة في تمرير قرار يدين السلطات السورية في مجلس
الأمن، قالت الناشطة السياسية السورية مرح البقاعي لوكالة (آكي) الإيطالية للأنباء
"من الصعب القول أن الولايات المتحدة غير جادة في تمرير قرار يخصّ حقوق شعب بأكمله
يطالب بالحرية والكرامة الإنسانية، تلك المطالب المشروعة التي هي المبادئ الأساس التي
قامت عليها دولة أمريكا أصلاً إلا أن الأزمة السورية تأتي مدموغة بخاصيّة جيو ـ سياسية
بالنسبة للولايات المتحدة، ما يجعلها تتريث في أي خطوة تتخذها في التدخل، المباشر أو
غير المباشر، في الشأن الداخلي السوري؛ هذا ناهيك عن تجربتها في العراق التي كلّفتها
الكثير من الخسائر البشرية واللوجستية والمالية، هذا على المستوى المادي، أما على المستوى
الدولي فقد كلفتها سمعتها ومصداقيتها في العالم، ولقد سمعت من غير مسؤول أمريكي رفيع
أن أمريكا غير جاهزة لتكرار تجربة العراق في أي بلد شرق أوسطي آخر، حتى أن اشتراك الولايات
المتحدة في عمليات النيتو في ليبيا كان متواضعاً وخجولاً"، وتابعت "أستطيع
القول أن الرئيس أوباما قد فض يديه من الشرق الأوسط، سواء كان هذا مردّه إلى ضعف خبرته
في السياسات الخارجية أو لرغبته في تلافي الدخول في مغامرات عسكرية جديدة، وفي أحسن
الأحوال هدفه القادم في الفوز بالانتخابات الرئاسية القادمة تحت مسمّى رجل السلام،
وذلك إثر انسحابات جيوشه المتوالية من العراق وأفغانستان" حسب رأيها
وعن مستوى الضغوط التي يمكن أن تمارسها الولايات المتحدة على روسيا والصين
قالت البقاعي، رئيسة معهد الوارف للدراسات الإنسانية بواشنطن "أعتقد أن الولايات
المتحدة لم تعد في موقع القوة السياسية في العالم ما يسمح لها بالضغط على دولتين عظمتين
مثل الصين وروسيا، فالاقتصاد الأمريكي المتردي والمرتبط ارتباطاُ وثيقاً بالدورة الاقتصادية
في الصين يحدّ من قدرة الولايات المتحدة على المناورة في هذا المضمار؛ والعلاقات العسكرية
والاستراتيجية التي ترتبط بها روسيا مع سورية تجعلها ترى في بقاء النظام السوري ضماناً
لتواجدها الضليع في الشرق الأوسط، وتوازناً للقوى الكبرى التي تتقاطر على كسب النفوذ
في المنطقة، وأعتقد أن هناك اتفاق مبطّن روسي ـ أمريكي على التوازنات بينهما في منطقة
الشرق الأوسط" وفق قولها
وحول السيناريو الذي يعتمد عليه الأمريكيون ليجزموا بحتمية سقوط النظام
السوري قالت الناشطة السياسية السورية التي تقيم في العاصمة الأمريكية "لم يعد
سراً أن أنقل في هذا الشأن ما يكرره معظم المسؤولين الرفيعين في الحكومة الأمريكية،
الذين التقيتهم للتعرف على موقفهم من الثورة السورية من جهة، والنظام من جهة أخرى،
قولهم إن فرنسا يمكن أن تكون أكثر كفاءة في فهم تعقيدات السياسة السورية، ورؤيتهم لها
في كونها الدولة القادرة على مساعدة سورية للخروج الآمن من هذه الأزمة الطاحنة حتى
في اللقاء المطوّل مع وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون لم أجدها تخفي رغبتها الجلية بعدم
(أمركة) الحراك السياسي السوري حسب تعبيرها أنا أعتقد أن النظام السوري يشتري الوقت
وحسب، وللأسف هناك من يبيعه هذه البضاعة الاستراتيجية في هذا المقام وفي مقدمة بائعي
الوقت تقف تركيا، ويليها الغرب بعامة أعتقد أن العالم الحر يعتمد على عامل الوقت في
انهيار النظام السوري، وهو غير جاهز على الإطلاق للتدخل المباشر والعسكري لمساعدة الثوار
في إسقاط النظام، وما قاله وزير الدفاع الأمريكي مؤخراً خير تعبير، ولو جاء مبطناً،
إن قضية سقوط النظام السوري هي قضية وقت وحسب" وفق تقديرها
وحول فعالية الدبلوماسية الخارجية للمعارضة السورية قالت "المعارضة
السورية محكومة للأسف الشديد بعوائق الضمور السياسي وذلك لغياب العمل الديمقراطي في
الساحة السياسية لعقود خلت في ظل نظام استبدادي أحادي يحكم بقوة الأمن وسطوة الحزب
والقائد الأوحدين، وكذا لطغيان الشخصانية والانفراد في العمل بعيداُ عن نهج العمل كفريق،
وهي الصورة التي يفضّل الغرب التعامل معها والتي تغيب في فوضاها أية رؤية سياسية واضحة
لتحديد خارطة طريق تكون الحامل السياسي للبلاد في ما بعد سقوط النظام" حسب قولها
وحول الخطوات الأمريكية للمرحلة المقبلة بعد رفض قرار مجلس الأمن قالت
البقاعي "لقد بلغت الولايات المتحدة سقف التهديدات لرأس النظام في سورية عندما
طالبته، بلسان الرئيس أوباما تارة، ووزيرة الخارجية كلينتون تارة أخرى، بالتنحي عن
الحكم، واتهمته جهاراً بسقوط شرعيته وكانت الوزيرة كلينتون قد طلبت من السعودية وتركيا
أن تنتهجان النهج نفسه وتطالبانه بالتنحي هكذا تكون الولايات المتحدة قد رمت بالكرة
إلى العاهل السعودي الملك عبد الله، الذي لم يتلقفها لسبب أو لآخر، وللرئيس أردوغان
الذي مازال يناور في الملعب السوري بين مدّ وجزر، تارة في مرمى النظام وطوراً في مرمى
المعارضة أعتقد أن التصعيد حالياَ سيكون في الشارع السوري إذ لا أمل لهذه الثورة إلا
في أيدي من أشعلها أصلاً وهم الثوار على الأرض النظام السوري ودول الجوار والغرب وبعض
من المعارضة أيضاً لهم مصالح في سورية أما الثوار فمصلحتهم سورية وحسب" وفق قولها
وحول الموقف التركي والعربي قالت "تعتري الموقف التركي ضبابية عارمة،
فمنذ اندلاع الثورة السورية الماجدة والموقف التركي يتراوح بين النقيضين: النظام والثورة
ولتركيا أيضاً مصالحها الإقليمية، ففي لقاء جمعني مؤخراً بالملحق السياسي التركي في
سفارة تركيا بواشنطن لم يخف الأخير امتعاضه من النقد الذي وجهته للطريقة التي تعاملت
بها تركيا مع الأزمة السورية، رغم أن هذا النقد جاء مبنياً على استفتاء كنت قد أجريته
عبر الانترنيت، عن رأي السوريين بالأداء التركي في هذا الشأن، والذي جاء سلبياً بامتياز
ولم يغفل الدبلوماسي التركي أيضاً اتصالات تركيا المستمرة بإيران فيما يتعلق بالوضع
السوري وانعكاساته الإقليمية لن ننسى أن تركيا قد ابتعلت لواء اسكندرون بشكل نهائي
حينما اجتزأته سورية في عهد بشار الأسد من الخارطة السورية بصورة قطعية أما عن الجامعة
العربية فلا هي جامعة موحِّدة، ولا هي تعني الهم العربي العميق في شيء بعد اليوم سقطت
الأقنعة ورُفِعت الأقلام" على حد تعبيرها.
آكي