أكد الناشط الكوردي خورشيد شوزي رئيس منظمة روانكه للدفاع عن معتقلي الرأي
في سوريا في حوار خاص مع *جريدة آزادي / الحرية
ان رفض التدخل الدولي لحماية الشعب السوري من نظام بشار الأسد بشكل قاطع لا ينم عن
رؤية صحيحة لحقيقة الأوضاع في سوريا
خورشيد ملا احمد شوزي من مواليد قامشلو...حصل على الثانوية العامة في
قامشلو... درس في كلية الصيدلة بدمشق لمدة سنتين، ثم التحق بجامعة حلب وحصل على الإجازة
في الرياضيات... عمل مدرسا لمادة الرياضيات في كل من المحافظات : الحسكة وحلب ودمشق
، وفي الجزائر ... يمارس مهنة التدريس في الإمارات منذ العام 1993- 1994.انتسبت إلى
الحزب الديمقراطي ( البارتي ) منذ أن كان في
الصف السابع، ونتيجة للخلافات ترك العمل الحزبي، دون الابتعاد عن الأحزاب الكوردية التي اكتسب منها الكثير من المفاهيم السياسية والقومية
.
في الإمارات عمل في قيادة الجالية الكردية، وترأسها لفترة، ثم انتخب عضواً
في هيئة أمناء منظمة روانكه للدفاع عن معتقلي الرأي في سوريا، وهو الآن يترأس هيئة أمناء المنظمة
1- يطالب الشعب السوري بتأمين
حماية دولية من القمع الممارس بحقهم من قبل نظام بشار الأسد ,هل ترى إن هذه المطالبة
محقة من الناحية القانونية ؟
رغم الفظائع التي ترتكب بشكل يومي، منذ ستة أشهر بحق أبناء الشعب السوري
من قبل جلاديه، إلا أنه لم يكن يوجد لدى غالبية الشعب الصامد حتى قبل فترة قصيرة مؤشرات
على تقبل فكرة الاستعانة بالخارج، وبالأخص التدخل العسكري، وهو موقف يحمل حرصاً شديداً
على النأي بسوريا، عن الحروب الأهلية، الحروب التي يسعى إليها النظام، إلا أن رفض هذا
التدخل بشكل قاطع لا ينم عن رؤية صحيحة لحقيقة الأوضاع في سوريا، فالحالة السورية حالة
سلطوية فريدة تم حبكها بعناية على مدى أربعة عقود من التحالفات والسمسرات التي أتاحت
للنظام تملك أدوات قمعية فتاكة ،ستستمر، مهما تراكمت العقوبات الشكلية ضعيفة التأثير،
والتي تقابل من جهة الدول الراعية للنظام بالتمويل والدعم، مالياً وعسكرياً وسياسياً.
وعلينا أن نفرق بين التدخل الخارجي والضغط الخارجي، ولكن رأي الشعب تغير
باتجاه طلب تفعيل الضغط الخارجي بعيد المجازر الرهيبة التي ارتكبت ضده، حتى أنه تمت تسمية الجمعة قبل الماضية بـ "جمعة الحماية
الدولية"، أي الحماية بكل الوسائل والطرق غير العسكرية التي من شأنها أن تساهم
في إضعاف النظام، وفرض عزلة دولية عليه، وإسقاطه، وهوما سيتم لا محالة، بالصمود السلمي
في وجه أدواته القمعية، وهذا الصمود سيكون مثل "السوسة" التي ستتفشى بين
أطراف النظام المتداعي، وفي النهاية الانتصار للشعب.
هناك عوامل كثيرة تجعل التدخل الخارجي لصالح الشعب السوري بطيئاً جداً
(مع العلم أن التدخل الدولي قائم في سوريا منذ بداية الثورة السورية، من خلال الدعم
المتنوع الذي تقدمه إيران وأداتها حزب الله في لبنان، والدعم الدبلوماسي أو العسكري
الذي تقدمه روسيا والصين وبعض الدول الأخرى، والدعم المالي الذي قدمته العراق، كل ذلك،
بالتأكيد مظاهر تدخل دولي لصالح النظام)، وهو ما يتلخص في:
• الدول الكبرى والدول الدائرة
بفلكها لا تنظر إلى القضايا من الناحية الإنسانية، وإنما تنظر إليها من الناحية المصلحية
(الناحية الإنسانية تقع على عاتق منظمات المجتمع المدني الحقوقية والإنسانية)، فإذا
تطلبت مصالح الأكثرية من هذه الدول، إجراء التغيير في أية بقعة من العالم، فإنها ستسارع
بالإجراءات التي تجعل من تدخلها أمراً مشروعاً، ومثال ذلك الحالة الليبية، بالرغم من
تخوف هذه الدول من بعض القيادات الليبية ذات التوجه الديني، وقبلها الحالة العراقية
بالرغم من أن صدام كان مدعوماً من قبل هذه الدول، وقبلها الحالة الإيرانية بالرغم من
أن الشاه كان ينفذ الأجندات المطلوبة منه بحذافيرها، وما عدا ذلك فإنها لا تتدخل أو
تفرض عقوبات لا تغني ولا تسمن حتى ولو ذبح أو أبيد شعب بأكمله، كما في الحالة السورية.
إن تغيير أي نظام يتطلب اتفاق هذه الدول على "الكعكة" التي
تسيل لعابهم، وكما يقول مسؤول بريطاني رفيع المستوى، إن خيارات التغيير في سوريا ضعيفة،
لأن الصين وروسيا والبرازيل والهند وآخرين يعارضون بشدة أي إجراء، ولا حتى عقوبات أممية
محدودة، بسبب تضارب التغيير مع مصالحهم.
• الاختلافات التركية السورية
كانت سابقاً تتركز حول ثلاثة نقاط هي :
وضع ولاية هاتاي التركية ( لواء اسكندرونة) ، وحقوق تدفق مياه نهر الفرات،
واستضافة سوريا لأعضاء من حزب PKK، وبما أن السلطات
السورية قد تنازلت للسلطات التركية، وحلت نقاط الخلاف بعد تسلم الأسد الابن للسلطة،
فإن الضغوط التركية ستساهم في تعقيد الأوضاع بينها وبين السلطة السورية، وأن الإطاحة
بهذا النظام، إذا ما تم في النهاية، فلا بد وأن المعادلات التي كانت قائمة في المنطقة،
ستتغير، ويمكن أن تصيبهم بما هو غير وارد في حساباتهم، لأن سوريا، فيها تعدد للطوائف
والمذاهب والقوميات، فمثلاً الكرد السوريون سيستفيدون من الفراغ السياسي الذي تحدثه
حالة التأزم، من وجهة نظرهم( وهذا محرم في العقلية الأتاتوركية الأحادية)، كما أن الطائفة
العلوية التي تعيش في المناطق المتاخمة للحدود السورية – التركية، فإنها تتعاطف مع
الحكومة السورية، ويمكن أن تتسبب بقلاقل في الداخل التركي، وبناء على هذه المعطيات،
فإن ما حدث أو يحدث من قبل السلطات التركية، تجاه النظام السوري، هو نوع من الضغوط
التي تمارسها من أجل مساعدة الحكومة السورية، لحل مشاكلها مع الشعب السوري، وتحديداً،
ما يتعلق بالحريات والديمقراطية والمشاركة السياسية.
• إن تركيا لاعب مهم بالنسبة
للسياسة والمصالح الأمريكية في المنطقة، ولذلك فإنه بالإضافة إلى حساباتها الخاصة،
فإنها تعمل وفق الحسابات الأمريكية والإسرائيلية، وهي تعمل للتوفيق بين هذين الاتجاهين،
والتوجه الأمريكي يأتي ضمن رؤية الرئيس الأميركي باراك أوباما لتهجين أو ترويض الحركة
الإسلامية السنية التي تقودها حركة "الإخوان المسلمين"، سواء في سورية أو
في غيرها من الدول العربية، لانتهاج الخطاب والنموذج التركي المعتدل، وأن احتضانها
لمؤتمر انطاليا يأتي في هذا السياق من جهة، ومن جهة أخرى، فإن الجهود التركية إضافة
إلى جهود بعض الدول الإقليمية في المنطقة يهدف إلى تهيئة الأجواء إلی القبول بفتح باب
الحوار مع إسرائيل، وصولاً إلى اتفاق يهيئ لحالة السلام التي تريدها إسرائيل علی مقاساتها
الخاصة.
2- هل لديك تقديرات حول عدد
ضحايا قمع النظام لثورة الشعب السوري- من حيث عدد الشهداء والمعتقلين واللاجئين ؟
النظام الأمني الحاكم في سوريا قتل إلى الآن أكثر من ثلاثة آلاف مواطن
سوري أعزل، وألقى القبض على عشرات الآلاف الذين أكثر من نصفهم في عداد المفقودين، ويبدو
أن بوصلة مروحياته ودباباته أخطأت الاتجاه، لتفتك قذائفها بصدور أبناء الوطن الذين
دفعوا أثمان هذه القذائف مرتين:
الأولى : أنها اقتطعت من أفواهه برضاه، على حساب قوته، تحت شعار الصمود
والتصدي وتحرير الجولان وفلسطين، وكل هذه المقولات التي اتخذها النظام كواجهة لإرساء
ركائز حكمه دون أن يحرك ساكناً في ثوابت شعاراته إلا بما يتطلب مصلحته الخاصة، وثوابته
التي لا يحيد عنها لإرضاء الكماشات الخارجية التي تلف حول عنقه.
الثانية : أنها استخدمت في دك المدن والبلدات في مختلف المحافظات السورية،
لتحصد أرواح الكثيرين منهم، بدلاً من استخدامها في حماية الوطن من الأعداء، وهناك تقارير
حقوقية مؤكدة عن تعذيب وقتل الأطفال والنساء والشيوخ والشباب، ومنذ بدء الثورة السورية
وإلى الآن، يرتكب جلاوزة النظام، من الأمن وفرق الموت (الشبيحة)، وفرق من الجيش، جرائم
غير إنسانية، ومذابح ممنهجة، من خلال دك المدن بقذائف الدبابات والقناصة والشبيحة الذين
يهاجمون التظاهرات السلمية، ويقومون بأعمال التعذيب والقتل في الساحات العامة، والمنازل
والمعتقلات، مستخدمين الكهرباء وقلع الأظافر، وبتر الأعضاء التناسلية والتبول على المعتقلين،
منتهكين الحرمات وتخريب الممتلكات، وسرقة البيوت والمحلات، والقيام بالاعتقالات التعسفية
بشكل مهين للكرامة الإنسانية، والقانون، وحقوق الإنسان ، والأخلاق ، والضمير. وحتى
المصابين يمنع نقلهم إلى المشافي، والذين يصلون منهم، يتم الإجهاز عليهم، بوحشية، وقبل
القيام بأي جريمة يبدؤون بقطع الأنترنت عن غالبية المدن، والتنصت على وسائل الاتصالات
كافة، والقرصنة على المواقع الإلكترونية، واستدعاء الناشطين والسياسيين والحقوقيين
والمثقفين لمراكز الأمن، والتحفظ على الكثير من سجناء الرأي والسياسيين في السجون بعد
إصدار قانون العفو، ومما لا يدع مجالا" للشك في أن قانون العفو الذي صدر لتلميع
نوايا النظام كان بحاجة إلى العفو من قبل الجهات الأمنية لكي ينفذ كاملا" ؟.وبفضل
العقلية الإجرامية للنظام فقد أصبح أكثر من ثلاثة عشر ألفاً من المواطنين السوريين
لاجئين في الدول المجاورة وهي لبنان والأردن وتركيا التي لوحدها فيها ما يقرب من اثنتا
عشرة ألف مواطن وضعوا في مخيمات هي أقرب للسجون، حيث يمنع الاتصال بهم حتى من المنظمات
الحقوقية والإنسانية.
3- كثفت أجهزة النظام من
اعتقال واستدعاء الناشطين والكتاب الكورد وتقديمهم للمحاكمة ,كيف ترى ذلك؟ وهل يمكن
أن يؤثر ذلك في حجم التظاهرات التي تنظم في
المدن الكوردية ؟
النظام البعثي الأمني الذي فرض
حكمه على سوريا منذ عقود، دأب منذ استلامه السلطة، وحتى قبل ذلك، على طمس حقوق الأقليات في سوريا، وعمل على إصهارها في
بوتقة نظرته، وخاصة الكرد، حيث اتخذ بحقهم قوانين استثنائية جائرة، وتعرضوا إلى ويلات
على أيديهم منذ عقود وإلى الآن، حتى أن لفظة "كردي" غير مسموح بنطقها أو
ورودها في إعلام هذا النظام، الذين لم تستسغ السيدة شعبان في إطلالتها الأولى على التلفزيون
السوري لفظ كلمة الكرد التي نطقتها خطأ- وهي التي تقول نحن العرب دوماً - وحاولت أن
تقفز إلى عبارة الساكنين في محافظة الحسكة. السلطة مارست القتل بحق الشعب الكردي، في
أكثر من مرة، والكرد ليسوا استثناءً، إلا وفق معايير العقل الأمني الذي يريد الاستفراد
في كل مرة بطرف، وضربه ضربة قاضية، على طريقة بعض المدن والبلدات السورية، بعد أن يلعب
على ورقة التفريق ... فهل نسينا دم شيخ الشهداء معشوق الخزنوي، وشهداء مجزرة قامشلو
في 2004، ودماء شهداء 2/11/2007 في دوار الهلالية أو دماء شهداء نوروز في 2008 و2010،
وحوادث القتل المشبوهة للمجندين الكرد في الجيش السوري بطرق ممنهجة على أيدي زملائهم
بالجيش، وقادتهم العسكريين (القتل على الهوية)، غير الذين قتلوا في الثورة السورية
حالياً بسبب رفضهم إطلاق النار على إخوتهم السوريين، وكذلك شهداء الجوع والفقر والذل
والحرمان، نتيجة القوانين العنصرية الظالمة.
لكن مع ذلك، فالكرد قوة سورية كبيرة، وهناك 3 ملايين ونصف كردي في سوريا
ممن يتكلمون الكردية، كما أن زهاء 3 ملايين ينحدرون من أصول كردية في الساحل السوري
وجسر الشغور وحماه وطرطوس ودمشق ودرعا، ولدينا قوائم بأسماء هذه العائلات الكردية التي
يمكن أن تأخذ موقفا إذا تم أي اعتداء على الكرد، وهو موقف يحسب له الحساب إلى الآن
على الأقل.
.والكرد يشكلون ثاني أكبر قومية
في سوريا، والشباب الكردي شارك بقوة في الاحتجاجات السلمية منذ اللحظة الأولى، سواء
أكان ذلك في مناطقهم، أو في مناطق تواجدهم على الأرض السورية، وفيما يخص منح الجنسية
لآلاف الأسر الكردية والتي سحبت منهم إثر الإحصاء الاستثنائي في محافظة الحسكة فقط،
غير كاف، ليس لأن هناك آلاف الأسر على مدى عقود عانت ومازالت تعاني إلى الآن أوضاعا
مأساوية، بل لأن القضية الكردية في سوريا ليست قضية إحصاء فقط، فالإحصاء والحزام العربي
والمرسوم 49 جزء من الحق الذي سلب منهم، والاعتراف الدستوري بالكرد هو على رأس مطالبهم،
ولابد من الإقرار به ... كما أن إطلاق سراح السجناء ليس شاملاً على الأقل بالنسبة للكرد،
إذ أن الاعتقالات بحقهم لم يتوقف منذ بدئها أيام عبدالناصر وإلى هذه اللحظة، كما أن
مرسوم العفو الرئاسي الذي صدر قبل فترة لم يشمل الكثير من الشبان والنشطاء والكتاب
والسياسيين الكرد، وما زالوا قابعين في السجون السورية.
إن المحاكمات والمداهمات والاعتقالات، هي جزء من الحملة القمعية التي
تتبعها الأجهزة الأمنية ضد المواطنين السوريين دعاة الحرية والديمقراطية، وناشطي حقوق
الإنسان الذين يعملون على فضح الانتهاكات الخطيرة التي ترتكبها هذه الأجهزة، وتهدف
إلى إسكات أصوات الحق المناهضة لسياسة القمع والتمييز العنصري، ولذلك قامت سلطات النظام
بإحالة نخبة من الناشطين والكتاب والمثقفين الكرد والعرب والآثوريين إلى المحاكم في
مدينة قامشلو، وسري كانيي ( رأس العين)، وكوباني (عين العرب)، وحلب، وحي الكرد( ركن
الدين) بدمشق، وفي باقي المحافظات السورية إلى المحاكم التي تنفذ أوامر السلطات الأمنية
الحاكم الفعلي في سوريا، والذي يستخدم المؤسسات المدنية مثل النقابات والقضاء، كغطاء
لشرعنة سياساته الاستبدادية والقمعية، وهذا يؤكد بأن المؤسسات المدنية في ظل تفشي سياسة
القمع تحولت إلى مجرد أدوات ملحقة بالسلطة التنفيذية، وبالأجهزة الأمنية، ولا علاقة
لها بحماية حقوق المنتسبين إليها.
أنوه هنا، بأن منظمة الدفاع عن معتقلي الرأي في سوريا – روانكه – قد أصدرت
منذ بدء الثورة السورية وإلى الآن حوالي المئة وخمسين بياناً، بأسماء القتلى والمعتقلين
السوريين، ومن ضمنهم أسماء النشطاء والمثقفين والكتاب والسياسيين الكرد بمختلف توجهاتهم.
* الجريدة الرسمية لإتحاد
تنسيقيات شباب الكورد في سوريا