هل ستخون وزارة الخارجية الأمريكية أكراد سوريا؟
الإربعاء 31 آب / أغسطس 2011, 19:10
كورداونلاين

نجد الاتحاد الأوروبي وحتى الولايات المتحدة ينتقدان لفترة طويلة تركيا لحظرها تعليم اللغة الكردية، فان كليهما يلتزمان الصمت حيال حظر دمشق تعليم اللغة الكردية حتى في المدارس الخاصة
لقد كان النظام السوري من أشد الأنظمة القمعية في الشرق الأوسط. ويبقى آي آمل بقيام بشار الأسد بإصلاحات هو ضرب من السذاجة والأوهام الدبلوماسية. لقد جلبت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون العار على الولايات المتحدة بوصفها الأسد أنه إصلاحي وذلك في أعقاب مواجهته ثورات الربيع العربي بنيران البنادق الآلية، وقالت كلينتون في 27 آذار2011: "وقد صرح العديد من أعضاء الكونغرس من كلا الحزبين لدى زيارتهم لسوريا في الشهور الماضية بأنهم يعتقدون بأنه إصلاحي". وبذلك علقت كلينتون آمالا على الأسد في اجتياز الأزمة. لكنها في الأسبوع الماضي تماما تخلت كلينتون عن فكرة الطلب من هذا الدكتاتور السوري بالرحيل قائلة: "إن طلب الولايات المتحدة رحيل الأسد لن يضيف شيئا جديدا على الموضوع". وقد تحدثت أمام جمهور في جامعة الدفاع القومي قائلة: "حسنا وماذا بعد ذلك؟". في الواقع إن مسألة ما هو البديل بعد الأسد هي مسألة صعبة على الدبلوماسية الأمريكية التي قضت مزيدا من الوقت تسعى لإعادة تأهيل الأسد وموظفيه أكثر من تواصلها مع المعارضة السورية. على أية حال، فقد قام آوباما في 18 آب2011 بنبذ مواقف كلينتون الرافضة لتأييد المعارضة السورية وصرح بأن: "الوقت قد حان لأن يتنحى الرئيس الأسد". آما بالنسبة للأكراد في سورية فهم لا يتوقعون أخبارا سارة من واشنطن بينما يسعى الدبلوماسيين الأمريكان للإجابة على تساؤلات كلينتون حول مسألة ما بعد الأسد وكيفية التأثير في ذلك. إن فشل وزارة الخارجية الأمريكية في الاعتراف بأزمة الأقلية الكردية في سوريا قد طال أمده. وبينما يتم ذكر القتل والاعتقالات في القامشلي من حين لآخر في التقرير السنوي لوزارة الخارجية، فإن الوزارة لا تولي هذه الأزمة العميقة الاهتمام الكافي. إن أزمة أكراد سوريا هي الأسوأ ضمن الدول الشرق أوسطية الأربع التي يتوزعون فيها. لقد بدأت مشكلة الأكراد السوريين بعد وقت قصير من استقلال سوريا ووصلت أوجها في عام 1960 عندما قامت جماعات من القوميين العرب بهجوم تخريبي متعمد أحرقوا فيه دار للسينما، مما أدى إلى مقتل 250 طفل كردي. يبقى هذا الهجوم هو الأكثر دموية على مدار ربع قرن في سوريا. وفي أعقاب ذلك انتقلت الحكومة من مراقبة الأكراد عن طريق لجان أهلية إلى ممارسة التمييز ضدهم. ففي عام 1958 أصدرت الحكومة السورية تصريحا بحظر المطبوعات باللغة الكردية. بعدها بخمسة أعوام عندما سيطر حزب البعث على الحكم قامت الدولة بممارسة خطة شوفينية تهدف إلى إنزال مرتبة الأكراد إلى الدرجة الثانية في سلم المواطنة. وقد أدت سياسة البعث لما يقارب من خمسين عاما إلى جعل الأكراد منبوذين أكثر في سوريا. ولا يزال حوالي ربع مليون كردي سوري محرومون من الجنسية وذلك بعد قرار الحكومة تعريب السكان في مناطق سوريا الشرقية الغنية بالنفط، فقد تم تجريدهم من مواطنتهم السورية. وبناء على هذا الوضع فإن الأكراد صاروا عاجزون عن امتلاك الأراضي والزواج بشكل قانوني ودخول المدارس الحكومية أو تلقي العلاج الطبي من الدولة. على الرغم من قيام نظام الأسد بإعطاء الأكراد استثناء وحيد وهو السماح لهم بالخدمة الإلزامية في الجيش وسوقهم إلى ذلك بالقوة. وبينما نجد الاتحاد الأوروبي وحتى الولايات المتحدة ينتقدان لفترة طويلة تركيا لحظرها تعليم اللغة الكردية، فان كليهما يلتزمان الصمت حيال حظر دمشق تعليم اللغة الكردية حتى في المدارس الخاصة. وعندما قامت الحكومة العراقية في بغداد بالاعتراف رسميا بحقوق الأكراد العراقيين وذلك بتوقيعها قانون إداري انتقالي في عام 2004 ومن ثم إصدار الدستور العراقي الجديد، فان وزارة الخارجية الأمريكية لم تفعل الكثير في الضغط على الحكومة السورية لوقف القمع تجاه أكراد سوريا المطالبين بنفس الحقوق. يمكن لإدارة أوباما الافتخار بخطابها البليغ عن حقوق الإنسان، ولكن عندما تواجه الخيار ما بين معاملة النظام السوري برفق أو إدانته على هجومه ضد مواطنيه، نجد أوباما وإدارته قد تعلما القليل منذ إدارة ريغان وسياستها الواقعية في العراق.
ان جماعات النفوذ الكردية في الولايات المتحدة مهتمة بتحصيل الثروة والاستثمار أكثر من دفاعها عن حقوق الأكراد، والواضح أنه لا يمكن عمل المزيد في وزارة الخارجية في وقت محنة أكراد سوريا وحاجتهم إلى العون. ووفقا لهربرت لندن من معهد هدسون، فعندما قامت وزارة الخارجية بإصدار دعوات لعدد من المعارضين السوريين للحضور إلى واشنطن، فإنهم فضلوا الجماعات المنتسبة إلى الإخوان المسلمين وقاموا بحذف ممثلي الجماعات العلمانية بما فيها الجماعات الكردية السورية بالإضافة إلى آخرين من مجموعات عرقية سورية وأقليات دينية. وكذلك الحال مع الحكومة التركية التي استثنت أي أحزاب سورية تساهم في حصول أكراد سوريا المقموعين لزمن طويل على أية حقوق فدرالية، وبالتأكيد ضمان عدم حصولهم على مساواة أمام القانون.
إن حكومة كردستان الإقليمية تدفع ملايين الدولارات لجماعات النفوذ في واشنطن، وتشير صحف أنبائهم إلى أن ممثليهم في واشنطن يتباهون بتوسع تمثيلهم في مؤتمرات الكونغرس الحزبية. يبدو انه الوقت المناسب لإظهار أن ذلك التقدم هو أساسي وليس فقط مجرد نتاج للتركيز الزائد على العلاقات العامة على حساب التأثير الحقيقي. انه وقت تحويل التأثير إلى مطالب تعطي أكراد سوريا فرصة للتأثير في الأحداث بعد انهيار النظام البعثي كما فعلوا في العراق قبل تسعة أعوام مضت بالتمام. وكما فكرت المعارضة العراقية مليا بنفس هذه القضايا، هكذا يفعل الآن إخوتهم السوريون.
مايكل روبين هو باحث مقيم في: ايه اي آي
ماغي آوسامة\فليكر سي سي
مايكل روبن: خبير في الشؤون الايرانية والعراقية والكردية؛ احد مؤسسي «مجموعة دراسة لبنان» وعضو سابق في «الجمعية الاميركية للبنان حر»؛ باحث مقيم في معهد «اميركان انتربرايز»؛ باحث سابق في العديد من المعاهد ومراكز الدراسات بينها «مجلس العلاقات الخارجية» ومعهد «كارنيغي»؛ مستشار سابق حول المسألتين الايرانية والعراقية في وزارة الدفاع الاميركية.