الإثنين 17 حزيران / يونيو 2024, 04:45
افتتاحية جريدة الوحـدة : سفك الدماء... مزيدٌ من المخاطر والقلق




افتتاحية جريدة الوحـدة : سفك الدماء... مزيدٌ من المخاطر والقلق
الخميس 11 آب / أغسطس 2011, 04:45
كورداونلاين
ان نمطية حكم الحزب الواحد التي لا تزال قائمة منذ عقود لم تعد صالحة لا في الاقتصاد والسياسة، ولا في العلم والثقافة وإدارة شؤون ومؤسسات الدولة والمجتمع...إنها المصدر والمنبع الأساس للاستبداد والفساد وإعادة إنتاجهما


سفك الدماء... مزيدٌ من المخاطر والقلق

افتتاحية جريدة الوحـدة *

في ظل تفاقم الأزمة الشاملة التي تعيشها البلاد منذ قرابة خمسة أشهر والتي عنوانها الأبرز والخطير استمرار وتصاعد دوامة العنف والقتل في أكثر من مدينة ومنطقة، خصوصاً مدينتا حماه ودير الزور وريف دمشق، وسقوط مئات الشهداء والجرحى وآلاف الأسر المنكوبة التي هجرت منازلها بحثاً عن الأمان، وذلك بفعل استمرار السلطة في اعتماد الخيار الأمني-العسكري في معالجة الأوضاع بدلاً من الالتفات نحو مخرجٍ سياسي سريع يضع حداً للتوترات ويوقف مسلسل النزيف الدموي الذي بات ينهك الداخل السوري بمختلف مجالاته ويدفع بالأسرة الدولية نحو فرض مزيد من الإدانات والعقوبات التي من شأنها التمهيد لتدويل ملف الداخل السوري وما يترتب على ذلك من تبعاتٍ لا تحمد عقباها، حيث النموذج الليبي ماثلٌ للعيان،...

في ظل هكذا مشهد مؤلم وخطير ترافقه وتتخلله حملات تحريض وتجييش إعلامي تأخذ أكثر من طابع وتوجهٍ لا علاقة لهما بحرية وكرامة المواطن والوطن ولا بهدف التحول السلمي صوب تحقيق التغيير الوطني الديمقراطي السلمي واحترام حقوق الإنسان، تبرز الأهمية بل الضرورة التاريخية الملحّة لمطلب وشعار وهدف كل الجهود لوقف فوري لسفك الدماء ودوامة العنف قبل أي اعتبار آخر.

إن جميع أصحاب الإرادة الخيرة-الواعية في الداخل السوري وأينما كانت مواقعهم وانتماءاتهم، يدركون جيداً كم هو منبوذ وممجوج وعقيم ومكلف جداً استمرار اعتماد السلطة للخيار الأمني-العسكري في معالجة الأزمة، كما ويدركون جيداً أن التعامل بردود الأفعال والفلتان الشعاراتي وإشاعة الأوهام بأن العالم الخارجي-من قوى إقليمية ودولية- يشكل سنداً أميناً لإحداث تحول ديمقراطي لصالح الشعب السوري ويحرص على حرية وكرامة المواطن وحقوق الإنسان، أمرٌ لا يمكن الركون إليه فحسب، بل ويحمل في طياته ما هو أسوأ ومخاطر أشدّ.

ومن هنا تأتي الدعوة-في الأمس واليوم- إلى اليقظة والحذر من مساعي البعض لحرف الحركة الاحتجاجية وتظاهراتها عن مسارها السلمي وطابعها المدني، وتجنب الانزلاق والانجرار وراء شعاراتٍ تدور وتحلق بعوالم الغيب في السماوات، حيث أن ما يطمح إليه الشعب السوري بجميع أطيافه ومكوناته هو تحقيق تغيير على الأرض، تغيير ملموس وإصلاحات حقيقية تمسُّ حرية وكرامة المواطن في حياته وليس بعد مماته، وهذا يستوجب منطق ولغة الحوار والعقل والتصالح، لا منطق القوة والعسف والغرور.

إن نمطية حكم الحزب الواحد التي لا تزال قائمة منذ عقود لم تعد صالحة لا في الاقتصاد والسياسة، ولا في العلم والثقافة وإدارة شؤون ومؤسسات الدولة والمجتمع...إنها المصدر والمنبع الأساس للاستبداد والفساد وإعادة إنتاجهما، وإدخال البلاد في أزمات خانقة بين حين وآخر، وهذا ما بات يجمع عليه معظم السوريين، مما يقتضي الآن وقف كافة أنواع العنف أولاً، وذلك لتهيئة مناخ صحي وأجواء ملائمة للشروع بعقد مؤتمر وطني شامل يجري فيه التباحث بصراحة وشفافية بغية تشخيص الأزمة الراهنة وظواهرها وتجلياتها وبلورة الخيار الأفضل والصيغة المثلى لمخرج سياسي عنوانه الشروع دون تردد لصياغة مشروع دستور عصري جديد يطرَح على الاستفتاء، دستور ضامن لمفهوم المواطنة والمساواة أمام القانون، ضامن لمبدأ فصل السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، ضامن لمستلزمات إعلاء شأن القضاء واستقلاليته ونزاهته، ضامن لمبدأ فصل الدين عن الدولة والسياسة، ضامن لإجراء انتخابات حرة وشفافة، ضامن لتمكين أبناء القومية الكردية من التمتع بحقوقهم القومية والإدارية المشروعة في إطار وحدة البلاد أرضاً وشعباً، ضامن لحرية المعتقد وحقوق الإنسان دون تمييز، ضامن لثقافة اللاعنف ونبذ لغة الحروب والعداوات من أجل السلم والحرية والمساواة.

ومن أجل الشروع والمباشرة بهذا العمل الوطني الديمقراطي التاريخي والمسؤول، لابدّ من وقف القتل والاعتقال والإذلال بحق المواطن، لا بدّ من وقف فوري لكافة أشكال العنف ومن أي جهة كانت وإعادة قطعات الجيش وآلياته إلى أماكنها الطبيعية.

* جريدة الوحـدة Yekîtî  العدد /216/ - الجريدة المركزية لحزب الوحـدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي)

 

الموقـف الـتركي الصـاخب ، الخـافت ...

جريدة الوحـدة العدد /216/ *

بعد تسلم حزب العدالة والتنمية وزعيمه رجب طيب أردوغان زمام الحكم في تركيا ، شهدت الدولة داخلياً نقلة تنموية واضحة في العديد من المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها، خاصةً بعد فتح ملف منظمة أرغنكون السرية وتقديم بعض أعضائها للمحاكمة وكسر شوكة المؤسسة العسكرية وتقديم بعض ضباطها وعناصرها المتورطين في محاولة انقلابية فاشلة إلى القضاء وتعديل الدستور بحيث يسمح بمحاكمة العسكريين أمام القضاء المدني، ترافقاً مع تغير أجواء السياسات الدولية بعد هجمات 11 أيلول والحرب على أفغانستان والعراق ، بحيث أصبح منوطاً بتركيا لعب دور سياسي أكثر مما هو عسكري مفترض مثلما كان في أيام الحرب الباردة باعتبارها عضو في الحلف الأطلسي ولديه ثاني أكبر جيش فيه . كما نشطت الدبلوماسية التركية ونجحت في بناء علاقات واتفاقات واسعة مع العديد من الدول في منطقة الشرق الأوسط وآسيا وأفريقيا، رغم التعثر والارتباك في بعض القضايا، أثناء الحرب على العراق وفي الملف النووي الإيراني ولدى هجوم الكوماندوس الإسرائيلي على سفينة مرمرة قبالة سواحل غزة وسقوط ضحايا أتراك ، وكذلك الإخفاق في الانضمام إلى الإتحاد الأوربي بسبب امتناعها عن حل المشكلة القبرصية وإيجاد حل عادل وديمقراطي للقضية الكردية في تركيا ولقضايا أخرى .

نسجت تركيا علاقات سياسية واقتصادية هامة مع الدول العربية، خاصةً مع ليبيا وسوريا، وأظهرت حماسا مبالغاً فيه بالوقوف إلى جانب قضايا المسلمين والعرب ، وفي تلك المعادلة كانت الطرف الأول والأكثر استفادةً ، وصلت إلى حد الدعوة لتصفير المشاكل. ولكن بعد اندلاع الانتفاضات وانطلاق ما سمي بالربيع العربي ، والتي فاجأت الجميع وأثرت بشكل كبير في مناخ السياسات الدولية باتجاه الدعوة للانتقال نحو الديمقراطية واحترام إرادة الشعوب التي فرضت واقعاً جديداً تنشط فيه حركات احتجاجية عارمة ،... اتخذت تركيا أيضاً موقفاً تضامنياً لمطالب شعوب تونس ومصر واليمن وفي ليبيا ولو بعد تردد لم يدم طويلاً ، بينما كان موقفها من الوضع السوري أكثر سخونةً وتسارعاً لم تخل من لغة التهديد أحياناً ، حيث بادر السيد أردوغان ووزير خارجيته ومنذ الأيام الأولى للحركة الاحتجاجية إلى الاتصال بالقيادة السورية عبر قنوات عديدة لحثها على الإسراع في البدء بعملية إصلاح حقيقية ، إلى جانب إطلاق مواقف صاخبة لم تكن حساباته الانتخابية بعيدة عنها، واحتضان مؤتمرات لبعض قوى المعارضة السورية من الداخل والخارج من خلال تمرير بعض أجنداتها الخاصة ، وإيوائها لآلاف النازحين السوريين في مخيمات مغلقة أمام وسائل الإعلام . عموماً كان الموقف التركي موضع استحسان واحترام الكثير من السوريين . أما بعد انتهاء الانتخابات النيابية في 12 حزيران 2011 وفوز حزب العدالة والتنمية بأغلبية المقاعد ، خف وهج الموقف التركي وتضاءلت إطلالات مسؤوليها في الإعلام للتحدث عن الشأن السوري انسجاماً مع الموقف الدولي الرسمي الضعيف أصلاً والمتراوح بين النصح والشجب وبعض العقوبات الضعيفة التأثير في إطار تجاذبات المصالح والبحث عن تقاسم مناطق النفوذ مستقبلاً وبالتأكيد الجانب القيمي وقضايا حقوق الإنسان ومصالح الشعوب تندرج في آخر سلم اهتمامات وأولويات الحكومات الأجنبية ، رغم تطور الأحداث في سوريا بشكل دراماتيكي وتوسع دائرة التظاهرات وسقوط الضحايا واستمرار دوامة العنف والاعتقالات من خلال الحل الأمني – العسكري الذي اعتمده النظام السوري ويستمر فيه بتكتيكٍ مفضوح وإصرارٍ وقسوةٍ لا مثيل لها في هذا العصر .

يبدو أن تركيا أصبحت نقطة ارتكاز وواجهة تعتمد عليها الدول الأوربية وأمريكا في التعامل مع الملف السوري ، خاصةً بعد أن وافقت أنقره على مشروع نصب الدرع الصاروخي للحلف الأطلسي في سواحلها وعلى أراضيها ، في ظل تأرجح خياراتها بين مطالب الحركة الاحتجاجية والبحث عن حلول مع النظام القائم ، وكانت لزيارة وزير الخارجية أحمد داوود أوغلو أواسط تموز الجاري إلى طهران دلالة واضحة على وجود توجه وتصوّر بالضغط على النظام السوري لإجراء إصلاحات وتلبية بعض مطالب تيارات معينة من المعارضة قد تكون في إطار "صفقات" لا تمس جوهر الأزمة ولا تؤدي إلى تفكيك بنية النظام الأمنية ، ويبدو أن النظام الإيراني رفض هذا التوجه ويدعم النظام السوري بالمال وغيره من متطلبات خيار قمع وتنكيل وإنهاء الحركة الاحتجاجية، مثلما فعله هو من قبل مع الحركة الخضراء للمعارضة الإيرانية ، وذلك بحجة الحفاظ على محور " الممانعة " المتعنت الرافض لأي تغيير داخلي ديمقراطي .

كما أن تشتت المعارضة السورية وعدم تبلور خطاب سياسي موحد نوعاً ما ومتفق عليه مع نشطاء الحركة الاحتجاجية يرسم ملامح مستقبل سوريا ، لاتساعد الدول الأجنبية لحسم خيارها إلى جانب الشعب السوري ، حيث لم يصدر بيان رئاسي عن مجلس الأمن بإدانة استخدام السلطات السورية للعنف بحق المدنيين ، إلا بعد إراقة المزيد من الدماء في حماه وغيرها ، وكذلك امتلاك النظام السوري لبعض عناصر القوة داخلياً ولأوارق هامة في ملفاتٍ إقليمية يؤخر ويفرمل إعلان موقف وتحرك تركي ودولي واضح وصريح مؤيد للحركة الاحتجاجية ، وقد تكون هناك تحضيرات من خلف الكواليس لتدخل خارجي لا تنسجم مع مطالب الشعب السوري بكل أطيافه التي أعلنت رفضها لأي تدخل عسكري خارجي سوى قبول أشكال الدعم السياسي والإنساني تحت سقف احترام إرادتها وخياراتها الوطنية والالتزام بالمواثيق الدولية وشرعة حقوق الإنسان .

في هذه الأجواء الدولية والإقليمية الحامية وبدء الشعوب باستعادة دورها التاريخي في رفض الظلم والطغيان لتُحدث انعطافةً في مجال السياسة والفكر ، لاتزال حكومات تركيا وإيران وسوريا تتعامل مع الشعب الكردي الذي يتجاوز تعداده خمسة وثلاثين مليون نسمة يعيش على أرضه التاريخية في الدول الثلاث، بمنطق الإنكار والإقصاء والاضطهاد والتنكيل والقتل أحياناً ، حيث الحل العسكري هو المعتمد مع حزب العمال الكردستاني وتقوم القوات الإيرانية بقصف مواقع حزب بژاك Pijak لتشمل قرى على جانبي الحدود مع العراق وبتدخل سافر في أراضي إقليم كردستان العراق .

إن الشأن الكردي في سوريا حاضر بقوة في أذهان القادة الأتراك خاصةً لما له حضور على جانبي حدودٍ بطول 850 كم ، ولانعتقد أن الحكومة التركية ستشجع أطراف المعارضة السورية على الاعتراف بالوجود القومي الكردي في سوريا وما يترتب عليه من استحقاقات إذا لم تعرقل وتجهد لمنع ذلك بشكل مباشر أو غير مباشر ، لأن أي حل للقضية الكردية في سوريا مستقبلاً سيؤثر بفعالية على القضية الكردية في تركيا التي ترفض الاعتراف بها وإيجاد حل سلمي ديمقراطي لها، مما يعزز الشك والقلق والحساسية في نفوس الأكراد السوريين تجاه تحرك وموقف تركيا من الوضع السوري ومن علاقتها ببعض أطراف المعارضة ، الأمر يحتاج إلى الوضوح والشفافية والتوازن من الجار التركي على قاعدة احترام المصالح المتبادلة ومطالب كل أطياف الشعب السوري بعربه وأكراده ومسلميه ومسيحييه وأقلياته القومية والدينية .

* الجريدة المركزية لحزب الوحـدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي)

 

 

561.

مواضيع جديدة في موقعنا الجديد اضغط هنا


ارشيف
ارشيف

صحافة وإعلام و آراء

كتاب الموقع
عبدالغني ع يحيى
العصر الطيني في العراق.
بنكي حاجو
الكذبة الكبرى
ب. ر. المزوري
النقطة
زاكروس عثمان
أحزاب خارج التغطية
إبراهيم اليوسف
النص الفيسبوكي 2.
عبد عبد المجيد
الفسيفساء السورية
أفين إبراهيم
رضاب الفراش
وزنة حامد
قلق الذات