اذا لم يستخلص الاسد الاستنتاجات فلن يكون بوسع روسيا ولا الصين مساعدته
الجمعة 05 آب / أغسطس 2011, 06:07
كورداونلاين

يقول بعض الناس في حماة لدى سماع عبارة " صحفيون من روسيا":" اننا سنطردكم من القاعدة البحرية في طرطوس حالما تنتصر الثورة! لماذا تؤيد روسيا النظام الدموي ، وليس الشعب السوري؟
صحيفة " نيزافيسمايا غازيتا" – 5/8/2011
كتبت ماريانا بيلينكايا في مقالة بعنوان:
اذا لم يستخلص الاسد الاستنتاجات فلن يكون بوسع روسيا ولا الصين مساعدته
كانت روسيا تتمتع دوما بالمحبة في سورية ، لكنها لم تكن بهذا القدر من المودة الخالصة منذ وقت بعيد.وكان باستطاعة المرء حتى وقت قريب ان يرى الى جانب لافتات التأييد للأسد أخرى مكتوبة بعدة لغات مختلفة يرد فيها: " شكرا لروسيا " و" شكرا للصين". انها تجسد مشاعر الامتنان الى البلدين لموقفهما المتحفظ في مجلس الامن الدولي. وفي اجتماع تأييد للأسد عقد في اللاذقية كانت عبارة " صحفيون من روسيا " كافية من اجل ان يفسح الجمهور المحتشد الطريق امامهم.
وقال عسكري كبير متقاعد " تختلف روسيا عن البلدان الغربية في كونها تتفهمنا ، ونحن عملنا طوال حياتنا مع الروس ، وقد ساعدونا دائما ، وهم يعرفوننا والمنطقة كلها جيدا، انهم يعرفون ما نحن بحاجة اليه".
ولا يشاطره هذا الرأي الجميع بسورية. ويبدو انه اعقب الانقسام الداخلي في البلاد حدوث انقسام على صعيد السياسة الخارجية. وقد يقول بعض الناس في حماة لدى سماع عبارة " صحفيون من روسيا":" اننا سنطردكم من القاعدة البحرية في طرطوس حالما تنتصر الثورة! لماذا تؤيد روسيا النظام الدموي ، وليس الشعب السوري؟".
لقد حدث هذا كله قبل ايام من اقتحام قوات الجيش لحماة ، وبدء جولة جديدة من المناقشات للاحداث في مجلس الامن الدولي.
وتحضرني في الذاكرة احداث عامي 2005 و 2006 حين انتشلت روسيا دمشق بكل معنى الكلمة من العزلة الدولية ولم تسمح بأن تمر في مجلس الامن الدولي القرارات غير المتوازنة التي اعدت البلدان الغربية صيغة مشاريعها. وتواصلت في نيويورك على مدى بضعة اسابيع المناقشات الحادة ، لكن تم مع هذا التوصل الى حل وسط. وفي النتيجة اجرت دمشق الاتصالات مع المحكمة الدولية الخاصة بقضية رفيق الحريري رئيس وزراء لبنان الاسبق. ولكن طرحت امام الاسد بضغوط او وساطة موسكو شروط متشددة جدا ، وتكفلت القيادة الروسية شخصيا بأن ينفذ الجانب السوري وعوده. علما ان النظام السوري استطاع ايضا الحفاظ على ماء الوجه آنذاك.
واليوم تحاول روسيا مجددا ايجاد حل وسط. وذلك بإعطاء السوريين المجال لمعالجة مشاكلهم بدون ضغوط اجنبية غاشمة. وحسب قول فيتالي تشوركين مندوب روسيا في مجلس الامن الدولي فإن البيان الصادر في العشية بإسم رئيس مجلس الامن الدولي يتضمن " دعوة دقيقة لا لبس فيها الى ايقاف جميع اشكال العنف" في سورية و" بدء حوار سياسي بمشاركة كافة الاطراف المعنية". وأعلن السفير الروسي انه راض عن محتوى الوثيقة التي اعدت بنتيجة مناقشات صعبة استغرقت عدة ساعات.
يقول في سورية من يؤيد النهج الذي اعلنه الرئيس بإجراء الاصلاحات " ان الاسد بحاجة الى الوقت – بغية تطبيق الاصلاحات التي اعلنها ، وقانون الانتخابات ، وقانون الاحزاب ، وقانون وسائل الاعلام. ولا يمكن تعلم الديمقراطية بالتلويح بعصا ساحر ".
وحسب اقوال عدنان محمود وزير الاعلام السوري فان بلاده واجهت في الاعوام الاخيرة وضعا صعبا جدا على صعيد السياسة الخارجية – فتارة الحرب في العراق ، حين اصبحت القوات الامريكية بالقرب من الحدود السورية مباشرة ، وتارة ممارسة الضغوط الدولية على دمشق بخصوص اغتيال الحريري . ولم تتوفر لدى الاسد الامكانية لاجراء الاصلاحات.
علما ان هناك أناسا آخرين يشاركون وزير الاعلام في رأيه هذا ، لكن يوجد ايضا من يتسائل في سورية: متى سيكون الوضع مناسبا للأسد من اجل اجراء الاصلاحات؟ ويقول ممثلو المعارضة :"انه يقدم الوعود لكن لا ينفذها ، ومن غير الممكن تصديقه".
بالمناسبة كان يوجد قبل اسبوع مضى حتى في حماة المتمردة بعض الناس المستعدين لاعطاء الرئيس الفرصة للعمل. وكانوا في حماة يقولون " اذا ما تخلص الاسد من دوائر الامن ومن الجهاز القمعي ، فأننا يمكن حتى ان نوافق على ان يقود البلاد خلال فترة انتقالية"، وذلك ادراكا منهم بأن من الواجب ان يعقب شعار " يسقط النظام" وضع خطة عمل محددة. فما هو ؟ ان الجواب عن السؤال يتضمن عدة سيناريوهات مختلفة. والمطلب الدقيق الوحيد الذي طرحه جميع رجال المعارضة هو " يجب ان يتخلص الاسد من اجهزة الامن الداخلي". ان احد العوامل الاكثر ادانة لدى الناس الذين خرجوا الى الشارع هو "اجهزة الامن والماكينة العسكرية الضخمة التي تلتهم البلاد ولا تخوض في الاعوام الاخيرة اية حرب، بل تنفق اموال الشعب فقط"، بالاضافة الى تكديس الاموال والخيرات المادية من قبل اقارب الرئيس.
والآن يعطي مجلس الامن الدولي الى سورية آخر فرصة. فهل هذا ممكن بعد اسبوع من المواجهة في حماة وسقوط ضحايا جديدة ؟ والمقصود بالامر خلافا للمنازلات الدبلوماسية منذ خمسة اعوام هو سقوط مئات الضحايا ليس من جانب المعارضة فقط اذا يقتل العسكريون ايضا. واذا لن تستخلص دمشق الاستنتاجات ، كما فعلت قبل خمسة اعوام مضت، فأنه لن يكون بوسع روسيا والصين مساعدتها.
وقد سمعت في سورية من اشخاص يمكن وصفهم بأنهم من انصار الرئيس السوري قولهم :"ان وضع الأسد صعب جدا – لكن يعوزه الحزم ، وهو يحاول مغازلة المجتمع الدولي ، وفي النتيجة يلحق الاساءة بالجيش والعلويين (الطائفة التي ينتمي اليها الرئيس – م.ب. )،وبالرغم من كل شئ ينقلب الامر الى سفك الدماء ، ولا يصدقونه في الخارج وفي البلاد. لكنه اذا ما رحل الان ، فسيكون مجرد جبان ، حيث يلقي البلاد في اتون الحرب الاهلية ". انهم يتحدثون عن الاخطاء التي ارتكبها وما زال يرتكبها النظام خلال الاشهر الاخيرة سواء على الصعيد الدولي ام في داخل البلاد، لكنهم لا يجدون بديلا للاسد. وبالاحرى ان البديل الوحيد المحتمل برأيهم هو – الفوضى. ويوجد فراغ السلطة الآن في كثير من مناطق سورية ومنها حماة.
في الوقت نفسه كان بوسع بعض رجال المعارضة اجراء الحوار مع السلطات لكنهم يفهمون " ان الناس في الشارع ، وبالاخص الشباب ، على استعداد للمضي حتى النهاية ، ولا يوجد مكان يتراجعون اليه". ان ازدياد عدد الضحايا من الجانبين يجعل الحوار مستحيلا اكثر فاكثر. والوضع الراهن يظهر انه يوجد في اوساط المعارضة وبين انصار النظام اناس مستعدون للأتفاق ، كما توجد قوى تجر سورية الى الهاوية. ويمارس دورا رئيسيا في ذلك العامل الخارجي المتمثل بالغرب وبجيران سورية. علما ان افظع شئ يمكن امن يحدث انما يحدث الان فعلا .. الا وهو تصعيد الفتنة الطائفية والعداء الطائفي. وتؤكد المعارضة على ان هذا من صنع النظام الذي ينفعه عدم استقرار الوضع في البلاد، بينما تتحدث السلطات عن " مؤامرة دولية". على اي حال ان لهيب الحقد المتبادل يزداد تصاعدا.
ملاحظة " بعد صدور العدد صرح الرئيس الروسي مدفيديف قائلا : ينتظر الاسد مصيرا محزنا اذا م يبدأ حوارا مع المعارضة ويباشر بالاصلاحات