النِتوقراطية وسيلة لقلع جذور النظم الديكتاتورية الشمولية
الثلاثاء 31 أيّار / مايو 2011, 05:26
كورداونلاين

الیوم أصبح المجتمع الدولي أکثر شفافية من ذي قبل في بناء علاقاته السیاسیة والاقتصادیة والاجتماعیة والثقافیة، وهو يتحول الى العالم الجديد الذي تتحكم فيه معطيات العولمة بكل معانيها،
مانشاهده الیوم في عصر المعلوماتية هو التغيير السریع للعالم علی نحو یبدو فیه دعاة الثورة والتغییر من النخب المثقفة في منتهی الرجعیة والمحافظة ومانراه أیضاً بعد هذه الطفرة الحضاریة، هو مغادرة النظم الديكتاتورية الشمولية في العالم العربي ساحات السلطة، تارة بالسلم وتارة أخری عن طریق إستخدام الفرض من الخارج لإجبارها بالقوة للمغادرة أو لتغييرها تحت شعار الديمقراطية وإستنادا الى معطيات دولية معينة، منها الدفاع عن حقوق الانسان. والدعوة الى الديمقراطية والحریة بدأت تأخذ وجها آخر لم يكن لها من قبل مثيل. لکن الديمقراطية ليست بالألبسة جاهزة تشتريها الشعوب من أسواق الديمقراطيات، إنما هي علم وذوق وأخلاق ونظام وإنسانية وإن ممارستها بالشكل الخاطىء وزجها في بيئة غير صالحة لها قد تعود بالكوارث والآلام بدلاً من تحقيق الأماني والأحلام. إذ لا يمكن بناء أي تجربة ديمقراطية من دون تأهيل المجتمع وخلق الوعي بالحريات والديمقراطيات وأساليب الحياة الجديدة وقبول الآخر والاستفادة من الآخر ومحو الإنغلاق. وإن العمل الحقيقي والممارسة الفعلية والعملية على بث ثقافة الديمقراطية في المجتمعات تساعد على التضامن السياسي والاجتماعي وأيضاً الزيادة في التماسك الاجتماعي وتقوية مشاعر الوحدة الوطنية. والحرية والحكم الذاتي هما العنصران اللذان تتشكل منهما الديمقراطية.
والیوم نری أیضا الدور الهام للثورة المعلوماتیة ووسائل الاتصال الحديثة في نشر الديمقراطية، فالإنترنت والهاتف النقال كل ذلك أصبح يصل الناس ببعضهم البعض بكل سهولة واللذان بدورهما يساعدان على انتشار الأفكار من أقصى الأرض إلى أقصاها ويساعدان بالتالي على انتشار العقلية الديمقراطية في أرجاء واسعة من هذا العالم. فالأدمغة الآلیة والتقنیات الرقمیة اتاحت للأنسان التواصلي التفکیر والعمل علی نحو كوکبي وبصورة عابرة للقارات والمجتمعات والثقافات. فالمکان یتعولم وتزول الفروق بین الداخل والخارج، وهکذا تتشکل طوائف جدیدة هویتها السوق ووطنها حیث تصل منتجاتها الأثیریة، وبها تتغیر خارطة العلاقات بالأشياء.
الیوم أصبح المجتمع الدولي أکثر شفافية من ذي قبل في بناء علاقاته السیاسیة والاقتصادیة والاجتماعیة والثقافیة، وهو يتحول الى العالم الجديد الذي تتحكم فيه معطيات العولمة بكل معانيها، أصبح يضع شروطاً لقبول الدول في النادي الخاص به الذي يجب ان يشمل كل من يسكن على هذه الارض، ولذا فيجب على الدول ان تتكيف مع مواثيق ومعاهدات واتفاقيات الامم المتحدة والا فانها ستطرد من المجتمع الدولي وتعدّ غير شرعية وستحارب بمختلف الطرق الاقتصادية والسياسية وحتى العسكرية.
فعولمة الانسان عبر الشبكات وطرقات الإعلام تفتح المنافذ للتحرر من معسکرات العقائد وسجون الهویات المغلقة، لذا نری المناضلون الذين قضوا أعمارهم الطویلة من أجل تغییر واقع المجتمعات والعقلیات یقفون بفکرهم الأحادي وعقولهم المغلقة ضد المتغیرات و الانجازات والتحولات تصدمهم الی حد سخیف. فالعولمة مهدت الطریق للجیل الشبابي الواعي کي یقف أمام کل فکري فوقي، نخبوي، شمولي وباتت وسيلة لقلع جذور النظم الديكتاتورية الشمولية.
أن الشعب الكوردستاني، رغم القمع و الاستبداد والاضطهاد التي تعرضت لها جميع شرائحه من قبل الانظمة الشمولیة المتعاقبة، وبعد تحریره من النظم الشوفینیة قد أثبت، أنه شعب محب للتقاليد الديمقراطية، یرید قرأة العولمة قرأة فعالة ومثمرة، ويمكننا، رغم السلبيات التي رافقت تجربتنا في الحکم أواسط التسعینیات المریرة من القرن الماضي، أن نستبشر الخير والمستقبل الأفضل للعملية الديمقراطية بشكل عام. وأكبر دليل على ذلك هو أن الرأي العام العالمي قد أبدى عن دهشته علی کل هذه التطورات الإیجابیة السریعة التي تشاهده الإقلیم علی المستویات السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية و الثقافية والعمرانیة.
وختاماً قال فنان النهضة الایطالية ليوناردو دافنشي (1452 - 1519 م): " من لا يتفوق على معلمه يكن تلميذاً تافهاً."
* النتوقراطية (Netocracy) هي نحت من قبل الكاتبين السويديين ألكساندر بيرد، المحاضر الجامعي والخبير في مجال الاتصالات الصوتية بواسطة الإنترنت والمؤسس لأكبر شركة تسجيلات صوتية في السويد، وجان سوديرقفست، الكاتب والمنتج والمذيع التلفزيوني. الجزء الأول من الكلمة هو Net أو الشبكة (الإنترنت)، والثاني هو غزلٌ على منوال كلمات مثل الديمقراطية (Democracy) أو البيروقراطية (Bureaucracy)، ليخرج مصطلح جديد يعبر عن حقبة اجتماعية جديدة في تاريخ الإنسانية.