الإقبال على لغة غوته في الأردن- شغف بالثقافة ومفتاح للنجاح
الإربعاء 16 آذار / مارس 2011, 14:25
كورداونلاين
بعد إنشاء الجامعة الألمانية والخطط الرامية لاعتماد اللغة الألمانية في مدارس الأردن، أخذ الطلاب الأردنيون يقبلون على تعلم لغة غوته. البعض يتعلمها شغفاً بالثقافة الألمانية وآخرون يرون فيها مفتاحاً للنجاح.
يشهد الأردن في الآونة الأخيرة إقبالاً على تعلم اللغة الألمانية نظراً للعلاقات الآخذة بالازدهار بين ألمانيا والأردن، وازدادت هذه العلاقات مع إنشاء الجامعة الألمانية الأردنية، التي تقدم تدريبات تطبيقية وأبحاثاً علمية وفق حاجات سوق العمل الأردني في مجالات مطلوبة بشدة. وخلال السنوات الأخيرة شهدت اللغة الألمانية انتشاراً واسعاً في الأردن وازداد عدد الراغبين في تعلمها، ويأتي ذلك ربما انعكاساً لزيادة التعاون بين البلدين في مجالات مختلفة، كالمجال الاقتصادي والتنموي والعلمي.
لماذا الألمانية؟البحث العلمي أو التجارة أو العمل أو الدراسة كلها أسباب تجمع الراغبين في تعلم اللغة الألمانية تحت سقف واحد، سواء كانوا مجبرين على تعلمها أو شغوفين بها. هيفاء، طالبة جامعية، اختارت تخصص اللغة الألمانية وآدابها بسبب "التوسع الحاصل في انتشار اللغة الألمانية في الأردن من خلال افتتاح الجامعة الألمانية وللخطط الرامية إلى إدخال الألمانية كلغة اختيارية في المدارس الأردنية". وتشير هيفاء إلى أن هناك تعاون ألماني أردني في مجالات عدة ولذلك ترى أنه بات من الضروري تعلم هذه اللغة.
أما احمد فهو تاجر ألبسة، يتنقل بين الأردن وألمانيا لجلب البضائع ويؤكد على أهمية اللغة لتسهيل تواصله مع الناس في سفرات العمل إلى ألمانيا. من جهتها تُؤثر لينا، وهي طالبة في كلية الهندسة، اللغة الألمانية على الانجليزية والسبب يعود إلى أنها تعلمتها "بطريقة ممتعة وحديثة من خلال مراكز تعليم اللغة، إضافة إلى أنها لغة غوته وشيللر". وتنوي لينا مواصلة دراسة في مجال تخصصها بإحدى الجامعات الألمانية، "التي تجتذب الطلاب من خلال جوها العلمي وإمكانياتها الكبيرة في مجالي البحث والدراسة".
بينما يفضل زميلها ياسر، وهو طبيب يرغب في متابعة الدراسة في مجال تخصصه في مدينة دريسدن الألمانية، الدراسة بالانجليزية على الألمانية لأنها لغة مألوفة له، كما يقول. لكنه يرى أن ألمانيا هي خياره الوحيد للحصول على شهادة مرموقة ومستقبل مشرق، لذلك يتردد على معهد غوته في عمان لتعلم أساسيات الألمانية، وبالتالي لحصوله على تأشيرة الدخول إلى ألمانيا.
"الألمانية لا تفقد أهميتها"دويتشه فيله توجهت لمحاضر هيئة التبادل الأكاديمي الألمانية في الأردن سيروس سليمي بالسؤال عن الخطر الذي يشكله إتاحة تخصصات باللغة الانجليزية في الجامعات الألمانية على مستقبل تعلم الألمانية كلغة للبحث والدراسة. يرى سليمي أن عدد الجامعات الألمانية، التي تتيح فرصة الدراسة باللغة الألمانية لا بأس به. ويضيف سليمي بالقول: "إن اقتصار الجامعات على الدراسة باللغة الألمانية له تأثير سلبي على عدد الطلاب الراغبين في الدراسة فيها"، مشيراً إلى أن الرغبة في تعلم الألمانية لمتابعة الدراسة تمثل حافزاً قوياً للطلاب.
ويستطرد سليمي قائلاً: "لكن عند ظهور الانجليزية في بعض التخصصات، بدأت هذه تشهد إقبالاً من معظم الطلاب القادمين من الأردن لأنها اللغة الثانية لدى الطلاب الأردنيين"، موضحاً أن الألمانية لا تفقد أهميتها لأنها اللغة التي يجب أن يتقنها الطالب لتسهيل تعاملاته اليومية في المجتمع الألماني، ما يجعل إتقانها شرطاً أساسياً للحصول على تأشيرة الدخول إلى ألمانيا.
لكن الدكتورة كريستينا كريمر، مديرة معهد غوته في عمان، تحذر من أن الإقبال على الألمانية سيشهد تقهقراً إذا استبدلت بالانجليزية في الجامعات الألمانية.
تعددت الأسباب واللغة واحدة
أما عن أسباب الإقبال المتزايد في الأردن على تعلم الألمانية فيشاطر سليمي كريمر الرأي في أن ذلك يعود إلى عوامل عدة، أهمها "جمال هذه اللغة ووضوحها والانجذاب إلى الثقافة الألمانية وما يتعلق بها كالدوري الألماني وأسطورة مرسيدس بينز وغوته وغير ذلك، إضافة إلى الرغبة في مواصلة الدراسة وخصوصا بتخصص الطب والهندسة". وفي هذا الإطار تضيف كريمر بالقول: "إن أغلب طلاب المعهد هم من الأطباء الراغبين في مواصلة الدراسة والعمل في ألمانيا، وأن هناك بعض الطلاب الذين يتعلمون الألمانية لأجل التعليم ذاته".من جهتها ترى الباحثة في مجال الثقافة الألمانية في جامعة لايبزيغ دينا ملحم أن المستوى العلمي في الأردن يتسم بالمحدودية ولا توجد فرص كثيرة للبحث والوصول إلى شهادات أعلى من الدكتوراه، خصوصاً في تخصصات الهندسة والإدارة، "لذلك يلجأ الشباب إلى ألمانيا بحثاً عن مستقبل أفضل وكذلك الحال بالنسبة للأطباء، الذين لديهم فرص جيدة لتحقيق المزيد من النجاح في ألمانيا أكثر من أي بلد آخر".
ومن الناحية الاقتصادية تعتبر ملحم أن ألمانيا هي "الملاذ الأنسب للشباب في ظل الظروف الاقتصادية العصيبة التي يعاني منها المجتمع الأردني، لانخفاض رسوم التعليم فيها بالإضافة إلى إمكانية الحصول على منح دراسية".
الثقافة واللغة عنصران متكاملان
وعلى خلفيات هذا تشدد ملحم على أهمية الإطلاع على الثقافة الألمانية بشكل مواز لتعلم اللغة، وتضيف قائلة: "لا يستطيع المرء فصل اللغة عن الثقافة وأن حصل ذلك ينتج عنه سوء فهم بين الشعوب نظراً لاختلاف الثقافات"، معتبرة أن "الثقافة واللغة يكمل بعضهما البعض".
وفي إطار تشجيع التبادل الثقافي تشير الدكتورة كريمر إلى أن المركز الثقافي الألماني يعمل على ثلاثة محاور وهي: الثقافة واللغة وتوفير المعلومات عن ألمانيا. كما أنه "يهتم بالجوانب الثقافية كالمسرح والرقص والأدب ويعقد ورشات عمل مختصة في هذه المواضيع، ويحرص على العمل المشترك مع مراكز الثقافة المحلية".
كما تذكر أن المعهد يهدف إلى العناية باللغة الألمانية للوظيفة والتعليم والتبادل الثقافي ويوفر أيضاً استشارات طلابية للطلاب الراغبين في متابعة دراستهم في ألمانيا. كما يتيح المعهد لكثير من الناس العيش والانخراط في الثقافة الألمانية من خلال تنظيم الحوارات مع مواطنين ألمان لتحسين الحوار بين الشرق وأوروبا.
حنين أبو الروس- عمّان
مراجعة: عماد مبارك غانم