الجمعة 01 تشرين الثّاني / نوفمبر 2024, 20:13
حياة قدري جان




تكبير الحروف : 12 Punto 14 Punto 16 Punto 18 Punto
حياة قدري جان
الإثنين 24 كانون الثّاني / يناير 2011, 20:13
كورداونلاين
لايمكننا أن نتكلم عن حياة الكاتب والشاعر الخالد قدري جان بمعزل عن نتاجاته الأدبية، لأن تلك الابداعات أشبه أو ربما هي بمثابة مذكرات طفولته نشرها على شكل قصص وقصائد، لذا يتوجب على الدارس أو الباحث أن يطلع على ابداعاته الأدبية ليكوّن فكرة حول سيرة الكاتب لأنها المرجع الأكثر ثقة أو بمثابة الوثيقة الوحيدة بين أيدي الدارس، وخاصة لعدم وجود مراجع عن حياته، وقلة المصادر التي تناولت الجانب الأدبي

لايمكننا أن نتكلم عن حياة الكاتب والشاعر الخالد قدري جان بمعزل عن نتاجاته الأدبية، لأن تلك الابداعات أشبه أو ربما هي بمثابة مذكرات طفولته نشرها على شكل قصص وقصائد، لذا يتوجب على الدارس أو الباحث أن يطلع على ابداعاته الأدبية ليكوّن فكرة حول سيرة الكاتب لأنها المرجع الأكثر ثقة أو بمثابة الوثيقة الوحيدة بين أيدي الدارس، وخاصة لعدم وجود مراجع عن حياته،  وقلة المصادر التي تناولت الجانب الأدبي أو الذاتي من سيرة حياة الكاتب، لذا لابد لنا أن نتطرق إلى بعض المقالات الشحيحة والشذرات التي تناولت بعض الجوانب من حياته.

ولد الكاتب والشاعر الكردي قدري جان في بلدة ديريك التابعة لمدينة ماردين في كردستان تركيا، وتتضارب الآراء حول تاريخ ولادته. يقول الكاتب محمد اوزون وكذلك فرات جوهري في كتابه (الثقافة، الفن و الأدب  ـ  من منشورات نودم:25، الطبعة الأولى، استوكهولم 1996) ولد قدري جان في عام 1919، أما الدكتور عزالدين مصطفى رسول يقول في احد مقالاته أنه ولد في عام 1916، ويبدو أن مصدر معلومات الدكتور عزالدين مصطفى رسول مقتبس من كتاب الأميرة روشن بدرخان (صفحات من الأدب الكردي) تقول السيدة روشن:ولد في كردستان تركيا عام 1916،يذكر الصحفي حسن قيا في جريدة (الديمقراطية)*: ولد الكاتب قدري جان في عام 1911 مستنداً الى أقوال عائلته، ويذكر الكاتب أديب نادر في مقال نشره في مجلة متين:(... وشاعر الكرد قدري جان//1911 ـ  9/8/1972// ) أما الكاتب سليمان علي يقول في مقال نشره في جريدة آرمانج الكردية، (ولد قدري جان في بداية القرن العشرين) ولم يذكر التاريخ، ولم يتطرق أيضاً البروفسور قنات كردو إلى ولادته في كتابه (تاريخ الأدب الكردي). وصلتنا وثيقتان تثبتان تاريخ ميلاده، الوثيقة الأولى (وثيقة عقد قران) أنه من مواليد 1911، والوثيقة الثانية (بطاقة طالب من دار المعلمين في قونيه) وضع تاريخ 1327هجري بجانب التاريخ الولادة ويقابل هذا التاريخ 1911 ميلادية.

ذكرنا في البداية، أننا لا نستطيع أن نتحدث عن حياته بمعزل عن نتاجاته الأدبية، ومن خلال جولاتنا وقراءاتنا في نتاجاته، اكتشفنا في قصته (الخاتمة) التي كتبها في عام 1943 أنه يذكر تاريخ ولادته بشكل غير مباشر في الوقت الذي نسلم أن ابداعاته جزء من مذكرات طفولته يقول الكاتب في قصته:(حدث ذلك قبل خمس وعشرين سنة خلت) ثم يتابع: (لم يفتح أخي العزيز عينيه على الدنيا أبداً في اليوم الثالث) ثم يتابع:(... من الأطفال أمثالي ذوي الأعمار/6ـ  7/ سنوات) ولو عدنا إلى الوراء قبل 25سنة وبعملية حسابية نجد أن حادثة وفاة أخيه فتحي حدثت في عام 1918،  وبذلك تنسف مقولة فرات جوهري ومحمد اوزون اللذان يقولان أن ولادته تمت في عام 1919حكماً. وبنفس الوقت تنسف مقولة الدكتور عزالدين مصطفى رسول والأميرة روشن بدرخان، لأنهما يذكران أن ولادته كانت في عام 1916، هذا يعني أنه كان قد بلغ من العمر سنتين فقط، ولايمكن طفل بهذا العمر أن يتذكر الحادثة ويشارك فيها، يقول الكاتب نفسه في القصة نفسها، أنه لم يتجاوز سبع سنوات عندما وقعت حادثة الوفاة، واستناداً إلى قصة (الخاتمة) وكما قمنا بعملية حسابية بسيطة والعودة إلى الوراء سبع سنوات، يكون التاريخ في عام 1911، وأن ولادة الكاتب 1911م، وهذا معقول جداً كما ذكره الكاتب أديب نادر وأكده الدكتور خالد قوطرش، وخاصة عندما نعرف أنه كتب في مجلة هاوار العدد الأول من العام 1932، عندما كان عمره /21/ سنة وحسب فرات جوهري ومحمد اوزون أنه كان يبلغ من العمر ثلاث عشر سنة عندما كان يكتب في هاوار وهذا غير صحيح،  ومعلوم أننا نقرأ في كل المراجع أنَ أصغر كتاب مجلة هاوار كان الدكتور نور الدين ظاظا، وكذلك حسب الدكتور عزالدين وروشن بدرخان أنه قد بلغ ست عشر سنة عندما كان يكتب في مجلة هاوار ونعلم أن قدري جان كان في تلك الفترة طالباً مع رشيد الكرد في مدرسة دار المعلمين في قونيه. إذاً التاريخ الصحيح هو كما قال الكاتب أديب نادر ( 1911). [1]

اسمه الحقيقي هو عبدالقادر عزيز جان،جاءت في بطاقة طالب أنه يدعى قدري .م.جان عزيز والدته عائشة، اضطر أن يترك وطنه وهو في ريعان الشباب، وقد ترصدته السلطات الكمالية في كل مكان،  وحكمت عليه غيابياً بالأعدام،  فتمكن من الفرار هو وصديقه اللغوي الكردي رشيد كرد، اللذين كانا يدرسان معاً في قونيه،  إلى الجزيرة (Binya Xet.. )، يذكر جكرخوين في مذكراته( أنه استقبل شابين قادمين من كردستان تركيا إلى عامودا قد انهيا ليسه( الشهادة الثانوية)،  هما قدري جان ورشيد كرد... ). يقول الدكتور خالد قوطرش[2]: (هرب الكاتب قدري جان من تركيا وهو طالب في دار المعلمين في الصف الثاني ولم يُنهِ دراسته بعد )، نكتشف من خلال بطاقة الطالب أنه كان طالباً في دار المعلمين السنة الرابعة في قونيه، ويتابع الدكتور: جاء إلى سورية حوالي عام 1928 (أي  كان عمره (17) سنة) وتعلم اللغة العربية خلال سنة واحدة وكان يتقن الكتابة والقراءة أكثر من زملائه، وانتسب إلى دار المعلمين الزراعية في مدينة السلمية، ثم عين مدرساً في انطاكيا ) زاول قدري جان مهنة التدريس في مدارس القامشلي وعامودا، وكان مديراً في مدرسة عامودا عام  1942 (حسب ما رواه نجل المؤرخ حسن هشيار الكبير مصطفى هشيار، وكان هو من أحد تلاميذه)،  ثم انتقل فيما بعد إلى دمشق وضواحيها ومارس التدريس في مدارس حي الأكراد، ثم انتقل إلى عمل اداري في وزارة المعارف( التربية)، وبعدها انتقل إلى السجل العام للموظفين، وانضم فيما بعد إلى مجموعة دعاة الحرية وكان عضواً نشيطاً فيها، حارب في كافة الجهات الثقافية والاجتماعية والسياسية، وكان يراقب أوضاع الأكراد وهو في دمشق.

كتب قدري جان في العدد الأول من مجلة هاوار الكردية في عام /1932/ يقول الكاتب أديب نادر:(لمع نجم قدري جان في 15/5/1932 ككاتب مبدع يقاتل في الخطوة الأمامية للجبهة المهمة الأخرى، الجبهة الثقافية بقيادة الأمير العالم جلادت عالي بدرخان). كتب قدري جان قصيدته (ريا تازه) الطريق الجديد عام 1936، ويعتبر الكاتب أديب نادر( أول قصيدة كردية حرة في تاريخ الشعر الكردي) حتى بات هذا التاريخ منعطفاً أدبياً فاصلاً في تاريخ الأدب الكردي الحديث بين مرحلتين من ناحية الشكل والمضمون (وهي المرحلة التقليدية القديمة التي يطلق عليها البعض تسمية الكلاسيكية، ومرحلة الحداثة التي جمعت في وقت واحد بين الأصالة والمعاصرة بصورة رائعة).

جرى انعطاف في تاريخ فكر قدري جان في عام 1944عندما تعرف على الماركسية اللينينية واصبح صديقاً للشيوعيين وليس عضواً. يقول سليمان علي: (عمل قدري جان ضمن صفوف الحزب الشيوعي السوري). لكن البروفسور قنات كردو  ينفي هذا حيث يقول في كتابه (تاريخ الأدب الكردي):(كان قدري جان عضواً من أعضاء الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا). [3] ينفي الدكتور خالد قوطرش انتسابه إلى الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا لكنه يؤكد أنه كان من اعضاء جمعية خويبون لأن الدكتور كان من أعضاء نفس الجمعية .

سافر قدري جان إلى الاتحاد السوفيتي (سابقاً) في تموز عام 1957، ضمن وفد الشبيبة الكردية لحضور مهرجان الشبيبة العالمي السادس في موسكو، وزار للمرة الأولى الزعيم الكردي الخالد البرزاني الذي كان في الاتحاد السوفيتي واهداه أثناء الزيارة قصيدته المشهورة (قائد الأكراد، البارزاني) بخط يده وبأحرف عربية، وزار قدري جان للمرة الثانية البارزاني في بغداد بعد عودته من الاتحاد السوفياتي في عام 1958 إلى بغداد، وجّه قدري جان رسالة تهنئة إلى البارزاني الخالد بعد عودته من الاتحاد السوفيتي باللغة الكردية وفيما يلي ندوّن مضمون الرسالة:

قبل كل شيء أقبل يدكم. أهلاً وسهلاً بكم، عدتم على العين والرأس. . .  في الشام كنا في انتظاركم. . .  لا أدري لماذا لم تمروا من الشام لقد ود الكثيرون من الأشقاء الكرد رؤية قائدهم ليقضوا على هموم سنوات الحرمان.

أثرت عودتكم في معنويات شعبنا إيجاباً في كل مكان. كافة أبناء الشعب الكردي وعلى اختلاف مشاربهم وافكارهم يعتزون ويفتخرون بقيادتكم.

لاشك أن الجمهورية العراقية الحبيبة ستتعزز مكانتها بوجودكم،  وتترسخ قاعدة الأخوة العربية الكردية اكثر.

أنني واثق من أن الكرد ليس وحدهم بل العرب والفرس والترك الاحرار مبتهجون مثلنا بعودتكم. .  انكم على دراية تامة بأن نضال شعبنا يسير بالتعاون مع أحرار هذه الشعوب.

هنا ابتهج بكم خالد بكداش كثيراً وثقته كبيرة بكم ويقول ان على الكرد كافة الالتفاف حول الزعيم الأوحد البارزاني والنضال وفق سياسته السليمة، ويخصكم باحترامه وتحياته كثيراً. . . وكذلك جميع رفاقنا يخصونكم باحترامهم. سأزوركم في أول فرصة سانحة. أقبل يدكم ثانية، وأقبل نواظر الأخ أسعد وجزيل احترامي للأخ ميرحاج، اقبل نواظر الأخوة صادق وعبيدالله.

المخلص لكم

قدري جان

الشام 14/10/1958

يذكر الكاتب أديب نادر في هامش بحثه المنشور في مجلة (مه تين) التاريخ الموجود في آخر قصيدة (قائد الأكراد،  البرزاني) موجود في نسخة دمشق التي طبعت باللاتينية وغير موجود في النسخة التي كتبها بخط يده، :أخذت هذه القصيدة من مخطوطة استاذنا الدكتور عزالدين مصطفى رسول، ويضيف أن القصيدة منشورة بالأحرف الكردية الاتينية في دمشق. أما قصيدة (عودة الأسد) التي كتبها الشاعر في عام 1958 تخليداً لعودة البرزاني نشرت آنذاك في مجلة هيوا وآزادي.

 

أثناء زيارة قدري جان لحضور مهرجان موسكو للشباب العالمي تعرّف على البروفسور قنات كردو، يقول البروفسور قنات كردو: (أرسل (قدري جان) برقية باللغة الكرمانجية من مدينة اوديسا يقول فيها:أنا قدري جان ،  قادم مع الشباب إلى المهرجان، أريد أن أراك).  ثم تحدثا كثيراً حول وضع الأكراد والأتراك والأحزاب.  إذاً كان قدري جان شاعراً كردياً تقدمياً، وليس عضواً في الحزب الشيوعي السوري. ويتابع البروفسور:قدم لي قدري جان بعض قصائده غير المنشورة التي مازالت بخط يده ، لكن نُشرت قصيدة:(أنا ذاهب إلى موسكو) في جريدة (ازفستيا)  أثناء  المهرجان والقصائد هي: (أنا ذاهب إلى موسكو) و (سيد آخر الزمان) و (الطريق الجديد) و (الوردة الحمراء).

اعتقل قدري جان بين عامي (1959 ـ  1961) وفي سجن المزة يقول جكرخوين:(دخل قدري جان مرتين أو ثلاث مرات  سجن المزة)، وأمضى عدة سنوات في لبنان والعراق في سبيل نضاله السياسي والأدبي.

نشر الكاتب قدري جان غالبية نتاجاته الأدبية في الصحف والمجلات الكردية التي كانت تصدر آنذاك في سوريا ولبنان (هاوار، روناهي، روزا نو) كان كاتباً لامعاً متنوعاً ومتمكناً . بدأ حياته الأدبية بالأسلوب الكلاسيكي وسرعان ما التجأ إلى أساليب حديثة وخاصة بعد عام 1936في قصيدة ( ريا تازه ) الطريق الجديد.

أمضى قدري جان سنواته الأخيرة في دمشق، وقد درس في  ضواحيها أيضاً هذا واضح من خلال قصصه مثل جديدة عرطوز .... الخ.  جدير بالذكر انه تزوج من (نيلوفر)عام 1939 ابنة علي عثمان بك  وهو تركي الأصل يحن إلى الخلافة العثمانية ضد الحكومة الكمالية تعرف قدري جان عليه في انطاكيا عندما كان مدرساً فيها وتعرف كذلك على المفكر والسياسي المشهور ممدوح سليم الذي كان يدرس اللغة الفرنسية هناك.  وأنجب منها ابنه البكر مزكين1943، ثم  ابنته  شيرين 1945(تمارس مهنة الطب حالياً في دمشق) ثم ولد له طفل يدعى سرور 1948.  توفي الشاعر قدري جان في 9/آب/1972أثر جلطة دماغية، وقد دفن في مقبرة مولانا الشيخ خالد النقشبندي في حي الأكراد في دمشق.

* جريدة يومية تصدر في تركيا ـ استنبول ـ العدد/66/18-شباط1997 ص9.

[1] تقول زوجة الشاعر قدري جان بانه توفي وهو في سن 58عام أي من مواليد 1916.

[2] خلال جولاتنا الميدانية التقينا مع الدكتور خالد قوطرش  (دكتوراه في علم التربية والنفس) حدثنا عن الشاعر قدري جان - مشكوراً.

[3] لمزيد من المعلومات حول هذه النقطة راجع ( تاريخ الأدب الكردي ج1)  ـ  قنات كردو.

2589.

مواضيع جديدة في موقعنا الجديد اضغط هنا


ارشيف
ارشيف

صحافة وإعلام و آراء

كتاب الموقع
عبدالغني ع يحيى
العصر الطيني في العراق.
بنكي حاجو
الكذبة الكبرى
ب. ر. المزوري
النقطة
زاكروس عثمان
أحزاب خارج التغطية
إبراهيم اليوسف
النص الفيسبوكي 2.
عبد عبد المجيد
الفسيفساء السورية
أفين إبراهيم
رضاب الفراش
وزنة حامد
قلق الذات