أوجلان:منذ تأسيس الجمهورية وحتى الآن الإبادة العرقية الثقافية مستمرة
الثلاثاء 11 كانون الثّاني / يناير 2011, 08:02
كورداونلاين

أحاول تتبع مسألة حزب الله هذه، كيف يحدث ذلك؟ كيف يمكنهم أن يفعلوا هذا بدياربكر! وكيف يسمح سكان دياربكر بهذا الأمر؟ كيف يُفرجون عن هؤلاء القتلة المجرمين الذين ارتكبوا جرائم وحشية
نحن مهتمون بتنظيم المجتمع الديموقراطي وإدارته الديموقراطية
صحتي مرتبطة بواقعنا المجتمعي، وكما يرى ما أوصلوا إليه مجتمع تركيا! فحال الشبيبة الجامعية أمام الأنظار، فقد تم إبعادهم عن السياسة، واليسار ممزق شر ممزق وعاجز عن الالتمام، فقد استخدموا MHP(حزب الحركة القومية) من أجل القضاء على اليسار، وإن قلتم CHP(حزب الشعب الجمهوري) فلن ينتج شيئاً، بل هم عاجزون حتى عن فهم مصطفى كمال. ويبقى الأكراد كقوة وحيدة للمعارضة في تركيا، وهم أيضاً يعجزون عن القيام بما يلزم كما يجب، فهم يبقون بلا تأثير. وهذا الوضع هو الذي يخلق صعوبات لي ولصحتي. فأنا هنا أضع هذه التشخيصات منذ إثني عشر عاماً، وأقوم بتطوير اقتراحات للحل حسب قناعاتي، ولكن نعجز عن التقدم بأي شكل على طريق الحل بالمعنى الحقيقي. لا شك أن لديَّ مشاكلي البدنية أيضاً، فمثلاً مشاكلي على صعيد التنفس لم تنتهِ بأي شكل، ولكنني أتمكن من التغلب عليها بشكل من الأشكال، ففي الأساس هو بقاء القضايا المجتمعية بدون حل. فعدم فهم الحقائق المجتمعية هو الذي يضايقني.
أحاول تتبع مسألة حزب الله هذه، كيف يحدث ذلك؟ كيف يمكنهم أن يفعلوا هذا بدياربكر! وكيف يسمح سكان دياربكر بهذا الأمر؟ كيف يُفرجون عن هؤلاء القتلة المجرمين الذين ارتكبوا جرائم وحشية ـ كانوا يُخرجون أجساد الناس في أكياس من تحت الأرض ـ ويُستقبَلون بالدبكات والرقصات في أجواء من الاحتفال؟ كل ذلك يحدث في دياربكر. لقد خسرت دياربكر عشرات الآلاف من أبنائها، فقد قطَّعوا شبابنا هناك بمنتهى الوحشية، لا أفهم كيف يحدث هذا في دياربكر! يتم الحصول على ثمانين بالمائة من الأصوات، كيف يحصل؟ شعب دياربكر وطني، وواعي، ولكن يبدوا أنهم لا يستطيعون تنظيم أنفسهم، ولا يتمكنون من أن يكونوا طليعة لهم!.
إن الإفراج عن هؤلاء بهذا الشكل ليست صدفة، يمكن أنهم يُعدّون لأمر ما. فهؤلاء الرجال ليسوا مجرمون عاديون، ولا يمكنهم الإفراج عن هؤلاء القتلة وكأنهم مذنبون عاديون. فإذا كان من بين أتباعنا من قام بهكذا أفعال وحشية مماثلة فيجب أن لا يُفرج عنهم أيضاً، فلا زالت الذاكرة تحفظ مسألة"كونجا كوريش"، ومعروف كيف تم قتل تلك المرأة، وأعتقد أنها كان لديها أفكار فامينية مختلفة، وفي الحقيقة تم قتل كل النساء بشكل وحشي في شخص كونجا كوريش.
لقد كتبت الكثير بشأن مسألة المرأة، ونظرتنا إلى هذه المسألة معلومة، كما أنني منحت مكاناً مهماً لهذا الموضوع في مرافعاتي، فقضية المرأة تشكل أساس كل القضايا، وحل مسألة حرية المرأة يعني إيصال نضال الحرية المجتمعية إلى الحل بشكل عام. وعندما أقول المرأة فأنا لا أقولها بمفهوم التعصب الجنسوي. فقد قرأت كتاباً لكاتبة أميريكية في الأيام الماضية، وأنا أنضم إلى التشخيصات التي وضعتها هذه الكاتبة الفامينية الأميريكية، فقد كتبت بشكل مثبت.
إنها تفصل بين الفامينية البيولوجية والفامينية الثقافية. بالطبع لهذا الأمر بعده السياسي أيضاً. فأخذ المرأة مكانها في الكفاح السياسي مهم جداً، ونشاط المرأة في هذه النقطة يكسب أهمية أكثر. المرأة المتحررة ليست لوحدها، بل يجب أن تضم الرجل إليها ليكافحا معاً ضد السلطة والذهنية الرجولية المهيمنة. حيث بات يجب القضاء على ثقافة الإغتصاب المستمرة منذ آلاف السنين. يجب تجاوز ثقافة الإغتصاب وخلق المرأة الحرة. يجب أن لا يُفهم خطأً أنا لست مناهضاً للزواج، ولكن الزيجات في ظروف هيمنة الرجل وعدم التكافؤ تؤدي إلى قضاء الطرفين على بعضهما بعضاً. وفي الحقيقة مفهوم الرجولة والأنثوية في يومنا هو مفهوم مُلَقَن. ويجري إستغلال المرأة على مدى آلاف السنين حسب هذه الهوية المنشأة، وتعجز عن الحصول على مقابل لكدحها. فمثلاً مفهوم حزب الله هذا والمفاهيم الدينية المشابهة تقوم بالإغلاق على المرأة وعزلها عن المجتمع، فلنترك الحجاب جانباً، إنهم يُغلقونها في البرقع أو الشرشف، إنها مغلقة من القدم إلى الرأس، حتى الوجه لا يمكن رؤيته، فهل هكذا يكون مفهوم الحرية؟ وهل يمكن شرح وضع المرأة في هكذا شكل بالحرية؟ فمثل هذا الأمر غير موجود في الإسلام الحقيقي أيضاً، كما ليست لذهنية هؤلاء أية علاقة بالإسلام.
لفت انتباهي خبر غريب عابر أعتقد أنه جرى في إحدى قرى ماردين، حيث يجلب الرجال أعراساً ونساءً كضرة من المغرب، بعض هذه النساء يتقنن عدة لغات ومن بينهن معلمات، ويأتين ضرات لدى رجال لديهم عدة زوجات وأحد عشر أو اثنى عشر ولداً، إنه وضع غريب!. في الخبر الذي قرأته يجري الحديث عن سبعين أو ثمانين حالة زواج على هذا المنوال. المغرب تابع للعرب ولكن هناك هيمنة يهودية أيضاً، ويمكن أن يكون كل ما يحدث ويعاش مخططاً، وبذلك يتم استخدام النساء، وتكون الصهيونية قد مدت يدها إلى ماردين أيضاً بهذا الشكل، فمن قبل حدث نفس الشيء في أورفا، مثلاً رئيس بلدية "حرّان" القديم يتزوج من امرأة من أنقرا كضرة على أربع زوجات على ما أعتقد، وهذه المرأة تصبح فيما بعد عضوة برلمان من AKP(حزب العدالة والتنمية) ، وهذا مؤشر آخر على كيفية استخدام المرأة. مثلما يقال بأن الإسرائيليين اشتروا آلاف الدونمات من الأرض في أورفا، كما تم إعطاء مشروع تطهير حقول الألغام لشركات إسرائيلية. فهم اشتروا الأرض بشكل مشابه واستوطنوا في فلسطين حتى أسسوا دولتهم فيما بعد، وسكتت الدول العربية. أوضح مرة أخرى بشكل خاص، يجب عدم الفهم بشكل خطأ، أنا لست لاسامياً، فلليهود حق مثل سائر الشعوب للعيش بسلام في الشرق الأوسط، بل يمكنهم المجيء إلى المنطقة(الكردية) وشراء الأراضي والعيش فيها، ولكن عليهم القيام بذلك بشكل مكشوف، وأن لا تكون لديهم نوايا مبيتة وعملاء سريون. كذلك ليست لدينا أية مشكلة مع الشعب العربي، ولدينا كثير من الأصدقاء وكثير من الرفاق العرب، ولا أريد أن أكون مفهوماً بشكل خاطئ. فقد أقمت في دمشق لسنوات، ولكن الدول العربية، الرأسمال السعودي مثلاً يدعم إسرائيل، ولا يرفعون صوتهم.
أعتقد أن ما قلته بشأن الدفاع الذاتي فيما مضى قد جرى فهمه بشكل خاطئ، وأنا لا أفهم سياسيينا، هم أيضاً يتناولونه بشكل خاطئ، غير فالحون ولا يستطيعون القيام باللازم في مكانه وزمانه. لا يعرفون ممارسة السياسة. وأنا ألاقي الصعوبات هنا إلى هذه الدرجة لأنهم لم يستطيعوا خوض السياسة كما يجب، إنهم لا يجيدون ممارسة السياسة، فهاهم أفرجوا عن هؤلاء القتلة والمجرمين، وليس معروفاً ما سيفعله هؤلاء، ومن الجانب الآخر يتم تأسيس جيش خاص مأجور من خمسين ألف شخص، فمن أجل مَن ولماذا يؤسسون هذا الجيش؟ يقولون نحن نؤسسه من أجل "الإرهاب" ومن أجل العمليات العسكرية، ويقال بأنهم سيحصلون على المال مقابل كل عملية عسكرية، ضد من سيقومون بالعمليات؟ إن ما يسمونه بـ"الإرهاب" هم أكراد، إنه الشعب الكردي، وهؤلاء سيحاربون الشعب الكردي. فسيتم إرسال كل هؤلاء إلى المنطقة(الكردية)!. والآن لماذا يتم إنشاء هكذا جيش؟ فمن جانب يقولون نحن نريد حل القضية بالحوار ، ومن الجانب الآخر تتم هذه الاستعدادات، ويتم الإفراج عن المنتمين إلى حزب الله. أنا لا أفهم، ألا يرى سياسيونا هذه الأمور؟ لماذا لا يسألون؟ ولا يقولون من الذي سيحاربه هذا الجيش ومتى. إن هؤلاء سيحاربون شعبنا، وفي هذا الوضع من الطبيعي أن يقوم الشعب بدفاعه الذاتي، وسيمارس دفاعه المشروع. وبعدها عندما يقال الدفاع الذاتي يُفهم بشكل خاطئ. إنه موجود في القانون الدولي وفي الدستور، فالدفاع المشروع هو حق دستوري. لماذا أنا مصر على تأسيس المجالس؟ فالدفاع المشروع هو فهم هذا الأمر وحماية نفسه. فليجتمع هذا المؤتمر ومجلس آمد، وليناقشوا الدفاع المشروع، فهاهو يتم الإفراج عن المنتمين إلى حزب الله، ويتم إنشاء جيش خاص، وهناك المجازر الجماعية المرتكبة منذ تأسيس الجمهورية وحتى الآن، كما أن الإبادة العرقية الثقافية مستمرة، كما أن التنظيمات الدينية في المنطقة الكردية تستمر بتسارع، حيث يجري الكلام عن كادر من عشرة آلاف إمام، وهناك الجماعات. يجب التفكير في كل هذه الأمور مع بعضها، حيث يجب أن ينعقد المؤتمر ومجلس الشعب في آمد ويناقشوا كل هذه الأمور، فذلك هو الدفاع المشروع، الاجتماع هكذا والنقاش، وإدراك الخطر، ويتطلب الالتزام باليقظة. وعندما يستدعي الأمر هاهي جماهيرنا تنزل إلى الشارع، ولكن لماذا يتم السكوت عندما يُطلق سراح هؤلاء القتلة ولا تقوم المسيرات والاعتصامات؟ يجب عدم انتظار كل شيء مني، هل يجب عليَّ قول كل شيء؟ يجب التفكير في هذه الأمور من ذاتهم؟ الدولة من جانب والتنظيم من الجانب الآخر، ينتظرون كل شيء مني، بينما أنا عاجز حتى عن التنفس هنا! وهذا هو ما يخلق الصعوبات لصحتي هنا أصلاً. كنت قد قلت من قبل أيضاً، يمكن لجميع الشرائح من دياربكر أن تأخذ مكانها في مجلس مدينة آمد، كما يمكنهم نقاش كل شيء بحرية. كما يجب التحدث مع هؤلاء المنتمين إلى حزب الله، ليقام الحوار. فإذا مالم يستمروا في نمطهم القديم ، وإذا قدموا نقدهم الذاتي، واستنبطوا الدرس من أخطائهم، وإذا كانوا سيعبرون عن أنفسهم بشكل قانوني بعد الآن، فيمكن دعوتهم، وليتمثلوا في المؤتمر والمجلس أيضاً. أما إذا كانوا سيستمرون في نمطهم القديم، عندها يدخل الدفاع المشروع والدفاع الذاتي على المسار، ولن يعطى لهم مكان في دياربكر، كما يجب أن يأخذ من في الغرفة الصناعية والأوساط الأخرى أماكنهم في المؤتمر والمجلس، وأن ينضموا إلى النقاشات والقرارات هنا. حيث يجب عدم الاكتفاء بأخذ المشاريع والمال من الدولة والجلوس فقط.
كما أريد توضيح أمر أو أمرين بشأن الإدارة الذاتية الديموقراطية، فهي أيضاً غير مفهومة تماماً. إنني أوضح بكل تصميم إن نموذجنا هذا للحل ليس نموذجاً دولتياً للحل. فهو لا يهدف إلى الدولة، وبعض الكتاب إما لا يفهمون وإما أنهم يحرِّفونها عن وعي،. فلدي وجهة نظر مختلفة، فأنا أتناول تاريخ المجتمع والدولة منفصلاً. والنظام الذي ندافع عنه هو نموذج المجتمع الديموقراطي وليس نموذج الدولة، ويعتمد على كون المجتمع منظماً. فمنذ أن ظهرت الهرمية والدولة ضمن المجتمع فقد تواجد تنظيم المجتمع المدني بالتوازي وبشكل مناهض لها في كل وقت. هذان الأمران أي السلطة ـ الدولة، والمجتمع المدني كانا في صراع دائم وصولاً إلى يومنا. وأنا من حين لآخر أسمي الشرائح المناهضة للسلطة ـ الدولة بـ"المجتمع الأخلاقي والسياسي"أيضاً، كما أسميه أيضاً بـ"المجتمع الديموقراطي"أيضاً. النظام الذي نقترحه نسميه أحياناً بالإدارة الذاتية الديموقراطية، وأحياناً أخرى بالكونفيدرالية الديموقراطية. كما أنه لا يهدف إلى بنية فيدرالية كما يُظن، فنحن نهتم بتنظيم المجتمع الديموقراطي وإدارته الديمقراطية. وكنت قد شرحت هذه الأمور بشكل واسع في مرافعاتي. مع الوصول إلى القرن العشرين والحادي والعشرين أخذت بنية الدولة شكل الدولة القومية. فبعد ان ظهرت السلطة والدولة لدى المجتمع في الماضي، مرت بأطوار مختلفة إلى أن وصلت إلى الدولة القومية في يومنا، ولكن كل هذه الأطوار مترابطة فيما بينها. فلو حفرنا بنية الدولة القومية لظهر من تحتها الدولة الثيوقراطية في العصور الوسطى. ولو حفرناها بنفس الشكل ستظهر من تحتها الدولة العبودية للعصور الأولى. وفي الحقيقة ليس من فرق في الأساس بين نظام الدولة القومية في يومنا وبنى الدولة القديمة في الماضي، كذلك هناك الطبقة المهيمنة مثلما كان دائماً، وهناك السلطة والدولة. ومن الجانب الآخر هناك الشرائح والكتل الشعبية المسحوقة. في الماضي كان هناك العبد، وفي يومنا هناك عبد مأجور، ففي يومنا هناك الكثيرون من الناس يعملون كعبيد مأجورين، حتى أن بعضهم أسوأ من العبيد حيث لا يجد عملاً، إنه عاطل عن العمل، فالبطالة هي الوضع الأسوأ. لهذا لا يمكن أن تكون المقاربة الدولتية المتمحورة حول السلطة هي إقتراحنا للحل. فهذه الأمور ماهي سوى بنى تولِد المشاكل وليس الحل. ولهذا السبب فإن البنى الديناميكية المقاومة للمجتمع منذ بداية التاريخ هي الأساس في نظامنا، ونحاول تعزيز المجتمع الديموقراطي، فهذا هو الهدف.
إذا قُرئت مرافعاتي فالتفاصيل الأوفى موجودة هناك، فنظراً لأن مقاربتنا مختلفة تماماً هم يعجزون عن فهمها، ولا يستطيعون الخروج عن التفكير التقليدي، ولهذا لا يستطيعون التفكير في إمكانية وجود نموذج مختلف، إنهم يتتبعون من الخلف بعيداً جداً، ولا يقرأون براديغمانا ولا يدققون فيها، فمنذ سنوات ونحن نقول بأن براديغمانا قد تغيرت وأن دولة قومية جديدة لن تكون حلاً للقضية.
في تركيا تم استخدام قوموية MHP لسحق اليسار وتهميشه ليصل إلى هذه الحال، واليوم يريدون القيام بنفس الشيء ضد الحركة الكردية باستخدام الإسلام السياسي، فيجب رؤية هذا الأمر والإلتزام باليقظة، هذا الأمر واضح، فالإفراج عن المنتمين إلى حزب الله، وكادر الآلاف من الأئمة، والجماعات في المنطقة(الكردية)، وتأسيس الجيش الخاص المأجور وما شابه ذلك من جهود كلها سياسات مقصودة ومترابطة من أجل القضاء على الحركة الكردية الديمقراطية بالإسلام السياسي، مثلما تم القضاء على اليسار بالقوموية حينذاك. يجب السؤال؛ من أين تأتي هذه الأموال التي تدعم المنتمين إلى حزب الله؟.
لم يعد هناك استخدام لأساليب الاستعمار القديمة كما كان سابقاً، ورأسمال العولمة يتحكم في كل العالم ويخطط له. أعتقد أنه كان قولاً انكليزياً قيل بعد الحرب العالمية الأولى:"لم يعد هناك داعٍ لإحتلال البلدان بالوسائل التقليدية كالجيش والدبابات والمدافع لاستعمارها، فيجب التوصل إلى سبل أخرى".
هذا هو ما يقوم به التمويل العالمي في يومنا، فبهذا المعنى تركيا هي أحد الدول الأكثر تعرضاً للاستعمار في العالم، فهل هذا الرأسمال الدولي يستثمر في تركيا بدون سبب؟ وحسب الإدعاء يقال بأن الإنتاج قد زاد في تركيا، وهذا ليس بحقيقة، فأغلب المنتجات الوسيطة لإنتاج السلع تأتي من خارج البلاد، ويجري تركيبها في تركيا وإرسالها إلى الخارج مرة أخرى. وبهذا الشكل يسحب الرأسمال العالمي الربح الكبير الأساسي من تركيا، والعاملون في تركيا يُستخدمون مقابل إشباع بطونهم. كما هناك جهود الملايين الذين لا يجدون عملاً، وكذلك هناك "HES" (المشاريع الكهرومائية) المقامة في المنطقة(الكردية) وتحظى بدعم الرأسمال العالمي، فبذلك يستولون على الأرض من المواطن مقابل قيمة جزئية، مثلما يربطونه بأنفسهم إقتصادياً، ويحصلون على منافع إقتصادية كبيرة. والأراضي الخصبة تغرق تحت السدود ولا يتم استخدامها، وهذا يتسبب في القضاء على الزراعة في المنطقة وتزايد البطالة. كما أن السدود المنشأة بكل هذه الأموال الكبيرة تمتلئ بالطمي خلال خمس عشرة أو عشرين سنة، ولا يمكن استخدامها. بينما تخريبها الأصلي الكبير هو إبادة البيئة. فهناك سد "اليسو"، والسدود الكثيرة التي يراد إنشاؤها في ديرسيم والعديد من الأماكن في المنطقة(الكردية) وبذلك يتم القضاء على الطبيعة والتاريخ، يتم القضاء على الأودية. مدينتنا "خلفتي" وجوارها من الأراضي الخصبة غمرتها المياه، وكذلك السواحل الجميلة للبحر الأسود، يتم القضاء على طبيعتها وغمرها بالمياه بنفس الشكل. أما سواحل البحر الأبيض فيتم تقديمها لأوساط رأسمالية معينة تحت أسم السياحة، ولم يبق هناك بلاجات وما إلى ذلك، فـ"آنتاليا" مثلاً يأتي إليها الميسورون مالياً من كافة أنحاء العالم ليأكلوا ويشربوا ويحتفلوا، ولكن شعب المنطقة الأصليون يُستخدمون مقابل إشباع بطونهم فقط كالعبيد، فالناس الذين يعيشون في تركيا لا يستطيعون الإستفادة من هذه النعم. فمثلاً وضع ملاك الماعز الأصفر هناك في الميدان، فقد باتوا عاجزين عن إيجاد السهول والمشاتى التي يلجأون إليها، بل هم عاجزون عن الحصول على المراعي والكلأ لحيواناتهم. ويسمون ما يقيمونه في آنتاليا استثمارات باسم السياحة، بينما لا يمكن اعتبار السياحة وسيلة للاستثمار والتنمية. كل ما يُعاش هذا بعض من الأمثلة على التخريبات التي تخلقها الحداثة الرأسمالية، حيث تقوم الحداثة الرأسمالية بالتغطية عليها بأربعة وسائل، وهي القوموية والتعصب الجنسي والدينوية والعلموية لأسر الشعوب، فالقوموية هي وسيلة تستخدمها التمويل العالمي، ونحن لن نسقط في هذه المصيدة، ولهذا نحن نناهض القوموية، ولا مكان للقوموية في براديغمانا.
الوسيلة الأخرى التي تُستخدم هي التعصب الجنسوي، حيث يتم حبس المرأة في البيت واستغلالها بهذه الوسيلة منذ آلاف السنين، ونحن نرفضها أيضاً، كذلك الدينوية هي الوسيلة الأخرى المستخدمة، وهذا مايتم استخدامه ضدنا في المنطقة(الكردية)، حيث يستخدم AKP هذه الوسيلة بإتقان، وكما قلت ليس لهؤلاء أية علاقة بالإسلام الحقيقي، بل هي سياسات تُطبق حسب منافع رأسمالية العولمة تماماً.
أما العلموية فيتم استخدامها للتستر على كل هذه الأمور، فعلمانية هؤلاء تبقى كلاماً فقط، فهاهي رئاسة الشؤون الدينية في تركيا تبدو وكأنها متلاصقة مع الدولة، فالدولة تستخدم الدين وسيلة لأغراضها السياسية من خلال رئاسة الشؤون الدينية.
سأقوم بتقييم آخر مهم، وسيكون هذا التقييم تاريخياً، وفي الحقيقة هو تقييم نقد ذاتي بعض الشيء. حتى اليوم كان يقال بأنه تمت تصفية بنى الغلاديو المماثلة لـJİTEM(وحدة مكافحة الإرهاب ضمن استخبارات الجندارما) داخل الدولة بمحاكمات أرغنكون، ونحن أيضاً كنا نفكر هكذا بعض الشيء، ولكن ما يجري في الحقيقة ليس كذلك تماماً، وأنا أفكر في هذا الموضوع باستمرار، كما ناقشته مع الرفاق هنا في الأيام الماضية، كيف لم نتمكن من إدراكها حتى اليوم؟ ولهذا أسميه بالنقد الذاتي. أظن أنه يمر في كتاب "حنيفي آفجي"(مسؤول أمني كبير ألف كتاباً واعتقل بسببه)، فهو أيضاً من المؤيدين للتفاوض معي بشأن الحل، حيث يقترح هذا الأمر، وهو الآن في السجن ويحاكم بتهمة الانتماء إلى أرغنكون، كما هناك أسماء التقوا بي هنا في الماضي بهدف الحل، ويحاكمون الآن بتهمة أرغنكون. في الحقيقة أن بعض الذين تمت تصفيتهم بذريعة الانتماء إلى أرغنكون هي أسماء مؤيدة للحل، ولكن شرائح الغلاديو الأساسية التي لا تريد الحل بقيت في الخارج ولا زالت طليقة، وقد توافق AKP مع هؤلاء. إنهم يقومون بتصفية المؤيدين للحل من خلال عقد العلاقة بين هؤلاء وحتى من بينهم أسماء بعض الذين التقوا بي هنا بهدف الحل، وبين الإنقلابيين الظلاميين الذين ارتكبوا الجرائم أمثال "ولي كوجوك" الذي انكشف أمره.
معلوم أنه في الماضي تمت تصفية أمثال "جيم أرسيفير" ـ وهو مؤسس JİTEM بالذات، وتسببوا في مئات بل آلاف الجرائم مجهولة الفاعل ـ الذين فهموا فيما بعد أنهم ارتكبوا خطأً، وأن القضية لن تُحل بهذه الوسائل، وعندما عبروا عن ذلك تمت تصفيتهم. أي يمكن للإنسان أن يتراجع مع الوقت عن الخطأ الذي ارتكبه. و AKP في الوضع الذي نحن فيه الآن قد تفاهم مع المنتمين إلى الغلاديو ـ أرغنكون الذي يناهض الحل أصلاً وبقي في الخارج. مثلما عقد العلاقة بين بعض الأشخاص المؤيدين للحل وأرغنكون والقى بهم في السجون، وبذلك قام بتصفية الذين يريدون الحل، ولا يمكن التفكير في هذا الأمر بمعزل عن جهود AKP من أجل إنشاء جيش خاص، والإفراج عن المنتمين إلى حزب الله.
الدفاع المشروع هو حق طبيعي وقانوني ودستوري، بل هو موجود في الدستور الحالي أيضاً، فعلى المؤتمر والمجالس أن تجتمع لتقوم بنقاش هذا الموضوع بكل جوانبه، وليقال إننا نريد إستخدام حقوقنا الدستورية. بالإضافة إلى أن الفصل بين الحق الفردي والحق الجماعي ليس صحيحاً. ألا يجب أن يدافع الأكراد عن أنفسهم في مواجهة الإعتداءات عليهم؟ وهل يمكن أن يكون هناك تفكير هكذا؟ بالطبع سيدافعون عن أنفسهم، فذلك هو الأمر الطبيعي والقانوني.
هناك الرسائل الآتية من السجون، أبعث بتحياتي إلى جميع الرفاق في السجون.
كما أبعث بتحياتي إلى شعبنا في "جينار" و أورفا، يجب تسريع الأنشطة في أورفا أيضاً، حيث يجب إنشاء مجلس المدينة ومجالس الأحياء، وعليهم أن لايتأخروا ويأخذوا الأمر بجدية، ويقوموا بأنشطة جادة.
كتبت طفلة صغيرة من يوكسكوفا اسمها بيريتان بابان بطاقة بالكردية بمناسبة العام الجديد وأشكرها على ذلك، وأبعث بتحياتي الخاصة ومحبتي إلى جميع الأطفال في هكاري ويوكسكوفا من خلال شخص بيريتان وأهنئهم بمناسبة العام الجديد.
تحياتي إلى الجميع. طابت أيامكم.