مرح البقاعي: على أوباما أن يعيد حساباته الداخلية
الإربعاء 17 تشرين الثّاني / نوفمبر 2010, 19:41
كورداونلاين

الخارطة السياسية الجديدة في مجلس النواب الأميركي ستشكل مواقف أكثر تشددا بشأن القضايا المتعلقة بالشرق الأوسط،
مرح البقاعي" الجمهورية " والمستشارة فى الخارجية الأامريكية سابقا تتحدث للشبيبة:
مرح البقاعي: على أوباما أن يعيد حساباته الداخلية
■نظر الأمريكيون حولهم فلم يجدوا إلا "شعارات" أوباما فاختاروا الحزب الجمهوري لتغيير شعار الرئيس وسياساته
■ حزب الشاي ليس مجرد فقاعة عابرة لأن زعيمته سارة بيلين وبعض أعضائه فازوا بمقاعد في مجلس النواب
■ الخارطة السياسية الجديدة في مجلس النواب ستشكل مواقف أكثر تشددا بشأن القضايا المتعلقة بالشرق الأوسط
خاص - الشبيبة
أكدت " مرح البقاعي"، العضو السياسي الناشط في الحزب الجمهوري الأمريكي، ومؤسسة "التجمع العربي" داخله، أن على الرئيس باراك أوباما التخلي في المرحلة القادمة عن سياسة الانفراد في القرار والأحادية الحزبية بعد أن قال الشعب الأمريكي كلمته في الثالث من نوفمبر الجاري، مشيرةً بذلك إلى نتائج الانتخابات النصفية التي حصد فيها مرشحو الحزب الجمهوري أغلبية الأصوات.
وترى البقاعي – المستشارة الإعلامية السابقة في الخارجية الأمريكية – في حوار خاص مع صحيفة "الشبيبة" أن أوباما وهو "رجل أمريكي وطني ومخلص" – كما تؤكد – "يحيط نفسه بأشخاص ومستشارين لم يقدموا له النصائح المناسبة بل أرادوا تجميل وتلميع الواقع ليبقوا هم أنفسهم في مناصبهم".
وتتابع أستاذة الإسلام المعاصر في قسم الدراسات المستمرّة بجامعة جورج تاون في العاصمة الأمريكية واشنطن أنه حريّ بأوباما أن يقوم بمراجعة أوراقه وحساباته ويستعد لطريقة مغايرة في إدارة الأمور غير ما انتهجه في السنتين الفائتتين. لقد ذهب الانبهار بكارزمية أوباما وحلّ الواقع المتردي بشراسته والمواطن الأمريكي لا يريد شعارات وحسب بل يريد أفعالا و تغييرا حقيقيا على الأرض.
وحول العلاقات الأمريكية الصينية ترى البقاعي أن هنالك حاجة متعاظمة لدى واشنطن لكسب صداقة وتعاون الصين لا لعدائها ومنافستها، وتضيف أن وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، في زيارتها الأخيرة إلى الصين تجنبت الاقتراب من قضايا حقوق الإنسان في بكين مقايضة هذا الشأن الذي ما فتئت الولايات المتحدة تدافع عنه بالتقارب الصيني الأمريكي سياسا واقتصاديا.
وفيما يلي نص الحوار:
جوانب إخفاق عديدة
■ الشبيبة: الحملة الانتخابية الشهيرة للرئيس أوباما كان عنوانها "التغيير"، في محاولةٍ منه لتصحيح مسار السياسة الأمريكية بعد ثمان سنوات من حـكم جورج بوش الابن، ورغمَ ذلك لم يتحقق التغيير المنشود، بل وتؤكد التقارير الإعلامية أن أصوات الناخبين الأمريكيين "الغاضبة" ذهبت للجمهوريين بسبب سياسات أوباما؛ فكيف تنظرين إلى المعادلة؟ وهل أخفق أوباما في برنامجهِ نحو التغيير؟
□ البقاعي: قد يكون الشعار الذي طرحه أوباما أكبر بكثير مما نفّذه على الأرض خلال الفترة الزمنية منذ تبوأ سدّة الرئاسة، والتي اقتربت من العامين الآن. لقد ساهمت موجة السخط على الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش في فوز أوباما بشكل كبير، وأنا لطالما قلت مازحة إن "أي شخص لو كان ترشّح للرئاسة الأمريكية مقابل بوش الابن لكان فاز بالانتخابات، بما فيهم أنا".
من المؤسف أن يخفق أوباما، رغم الدعم الشعبي والسياسي غير المحدود له كأول رئيس ملوّن للولايات المتحدة، ورغم قبضة حزبه الممسكة بزمام أمور مجلسي النواب والشيوخ، ورغم توسيع حجم وسلطة حكومته، في معالجة الأزمات الرئيسة التي تعاني منها الولايات المتحدة وعلى رأسها أزمة حث عن عمل بلغت نسبتها 9.6 %، ولم تتراجع أبدا عن هذا المستوى رغم السياسة المالية التي انتهجها أوباما ودعمه للبنوك والشركات الكبرى ببلايين الدولارات، إلا أن كل هذا ذهب هباء منثورا.
ومن أهم ما يتميّز به الشعب الأمريكي هو قدرته على تصحيح مسار سياسييه وكفّ يدهم عن الانفراد بالقرار إذا ما ثبت أنهم لا يخدمون مصالح الشعب والأمة الأمريكية. لقد نظر الأمريكيون من حولهم عشيّة الانتخابات النصفية فلم يجدوا إلا "شعارات" أوباما التي لم ترَ النور على الارض ولم تغيّر حياتهم نحو الأفضل، والتي لا تسمن من جوع ولا تؤمن من خوف، فما كان منهم إلا أن اختاروا الذهاب إلى الجناح المقابل الجمهوري بحثا عن تغيير "التغيير" الأوبامي.
رسالة الشعب وصلت أوباما
■ الشبيبة: انتخابات التجديد النصفي للكونجرس الأمريكي أسفرت عن كونجرس منقسمة بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري، وعليه؛ كيف يمكن لأوباما جَسْر هذه الهوة بين الحزبين للانطلاق بأرضية عمل مشتركة تكون قادرة على إنجاز ما تبقى من برامجهِ الرئاسية؟
□ البقاعي: لابد للرئيس أوباما في المرحلة القادمة التخلّي عن سياسة الانفراد في القرار والأحادية الحزبية. لقد قال الشعب كلمته في الثالث من نوفمبر الجاري وأرسل رسالة قوية إلى أوباما، وأعتقد أن الرسالة قد وصلت إليه بدليل أنه اعترف في المؤتمر الصحافي الذي أقامه إثر هزيمة حزبه في مجلس النواب كما لم يحدث في المجلس منذ االحرب العالمية الثانية، اعترف بضرورة التشاور والتنسيق بين الحزبين من أجل العمل على إيجاد حلول مجدية للمشكلات العصيبة التي يعاني منها المواطن الأمريكي وعلى رأسها البحث عن عمل وغياب الفرص، وانهيار سوق العقارات وإفلاسات البنوك والتأمين الصحي.
أعتقد أن أوباما رجل أمريكي وطني ومخلص لكنه يحيط نفسه بأشخاص ومستشارين لم يقدموا له النصائح المناسبة بل أرادوا تجميل وتلميع الواقع ليبقوا هم أنفسهم في مناصبهم. أرى أنه حريّ بأوباما أن يقوم بمراجعة أوراقه وحساباته ويستعد لطريقة مغايرة في إدارة الأمور غير ما انتهجه في السنتين الفائتتين. لقد ذهب الانبهار بكارزمية أوباما وحلّ الواقع المتردي بشراسته والمواطن الأمريكي لا يريد شعارات وحسب بل يريد أفعالا و تغييرا حقيقيا على الأرض.
السياسة الأمريكية لاتتغير بسرعة
■ الشبيبة: كيف يمكن للإدارة الحالية في البيت الأبيض استكمال برنامج المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية في ظل خلط الأوراق الذي أفرزته انتخابات التجديد النصفي، حيث يتخوف بعض المراقبين من تغيُّر السياسة الخارجية الأمريكية في ضوء هذه المؤشرات؟
□ البقاعي: السياسات الخارجية الأمريكية سياسات استراتيجية على المدى الطويل ولا تتغير بين ليلة وضحاها أو بمجيء رئيس وذهاب آخر، كل ما في الأمر أن الرئيس أوباما كان على خلاف في وجهات النظر مع رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو في ما يتعلق بموضوع المستوطنات، ولكنه بالفعل لم يمارس أي ضغط ملموس في هذا الشأن.
بناء المستوطنات لم يتوقف وكل ما نراه من الحكومة الأمريكية هو مدّ وجزر في التصريحات والمواقف من أجل تقريب وجهات النظر بين الإسرائيليين من جهة والفلسطينيين من أخرى. من المؤكد أنه في ظل الخارطة السياسية الجديدة في مجلس النواب سيكون هناك مواقف أكثر تشددا بشأن القضايا المتعلقة بالشرق الأوسط والحرب والسلام هناك. فالحزبين الجمهوري والديمقراطي من مدرستين متناقضتين حين يتعلق الوضع بالشرق الأوسط وبأزماته المزمنة، ولكل من المعسكرين طريقته في حل هذه الأزمات وفي تحديد موقف ودور أمريكا منها.
■ الشبيبة: حقق "حزب الشاي" حضوراً مكثَّفاً في وسائل الإعلام، وترجم الكثير عنه، بيدَ أن هنالك من يرى أن هذا "الحزب" جناح متطرف يُديرهُ الجمهوريون، مقابل من نظر إليه باعتبارهِ فقاعة سياسية عابرة ستنتهي.. فكيف تنظرين إليه؟
□ البقاعي: في واقع الأمر هناك العديد من الجمهوريين المعتدلين لا ينتمون إلى حزب الشاي والذي يقع في أقصى اليمين من الحزب. إلا أن الراديكالية اليسارية للرئيس أوباما قد ولّدت راديكالية يمينية لمقارعتها تمثلت في حزب الشاي وحركته.
ولن ننسى أن الزعيمة الروحية للحزب هي سارة بيلين الشخصية الأكثر شهرة وتأثيرا وكاريزماتية في صفوف الحزب، وتواجدها المستمر في حلقاته وندواته ومسيراته هو ما زاد من شعبيته وجلب إليه الأنظار والدعم.
أنا لا أعتقد أن الحزب فقاعة صابون عابرة بعد الآن؛ لأن العديد من أعضائه قد كسبوا مقاعد لهم في المجلس النيابي الجديد، وهم سيكونون فاعلون في تمرير القرارات والتشريعات أو في عدم تمريرها ككتلة سياسية في المجلس. فلا يمكن بعد اليوم تجاهل حزب الشاي ولا زعيمته الروحية سارة بيلين.
بين هيلاري كلينتون وسارة بيلين
■ الشبيبة: ما وراء الانتقادات الواسعة التي تتعرض لها سارة بيلين مقابل الإطراء الذي تحظى به هيلاري كلينتون التي يلازمها الإعلام – بحكم موقعها – أينما حلت في العالم ليضيء لمساتها هنا وهناك؟ هل ثمة مواجهة بين نساء الحزبين؟.
□ البقاعي: سارة بيلين ليست بأقل حظا من الوزيرة هيلاري كلينتون في التغطية الإعلامية لهما، علما بأن كلينتون هي داخل مؤسسة الحكم، بينما بيلين استقالت من منصبها لحاكمة ولاية آلاسكا لتكثف من نشاطها السياسي في دعم الحزب وما اشتق منه وهو حزب الشاي.
إلا أن القاسم المشترك بينهما أنهما من الجنس الناعم، وأن كلاهما تمكنا من الوصول إلى المنصب الأول أوالثاني في البيت الأول، وهذا قد يرجع بالأساس لجنسهما النسوي. لقد سمعت من صديق في موقع مهم في الحكومة أنه "يأسف لأن هيلاري كلينتون لم تحظ بترشيح حزبها العام 2008 لخوض الانتخابات الرئاسية للبيت الأبيض"، وأضاف "لو حدث وأن تولت كلينتون الحكم عوضا عن أوباما لكان حال أمريكا أفضل الآن بكل تأكيد" على حد قولها.
أما بالنسبة لسارة بيلين فأنا أكتفي أن أشير في هذا المقام إلى ما ذكرته مجلة التايم بقلم الصحافية بيليندا لوسكومب "إن الأمريكيات يكرهن سارة بيلين لأنها تتمتع بقدر بليغ من الجمال"، وأشارت لوسكومب في مقالها الذي يحمل عنوان “لماذا تكره بعض النساء الأمريكيات سارة بيلين؟ وذلك في إشارة إلى سيكولوجية المرأة تجاه بنات جنسها قائلة: "كنا في المدرسة نكره الفتيات الجميلات، وكنا نغتابهن دائما".
ونصحت الكاتبة الأحزاب الأمريكية في حال ترشيح امرأة إلى منصب ما بالابتعاد عن اختيار امرأة جميلة لأنها ستثير غيرة النساء الناخبات، على أن يراعى في الوقت نفسه أن لا تكن المرشحات قبيحات لأن الرجال في حالها لن يمنحونهن أصواتهم!. وختمت التايم أن المشكلة الأعظم لدى بيلين هي أنها تعاني من الشعور بالفوقية!، فالنساء حسب لوسكومب إما أن يكونن خجولات جدا أو مغرورات جدا، وأن سارة بيلين تنتمي إلى النوع الثاني الأكثر إثارة للغيرة والحنق من قبل النساء حصرا!.
العلاقات مع الصين
■ الشبيبة: تدفع أمريكا بكل ثقلها في مواجهة طموحات الصين، تارةً عبر التحالف مع أطراف شرق آسيوية – فيتنام "الشيوعية" وكورية الجنوبية واليابان، وتارةً أخرى في المطالبةِ بضبط السياسات النقدية لـ "اليوان"، فإلى أين تسير العلاقات الأمريكية الصينية؟، وهل ثمة مخاوف في واشنطن من توسُّع نفوذ وتأثير بكين اقتصاديًّا وسياسيا؟
□ البقاعي: من أكثر التصريحات اللافتة للرئيس الأمريكي أوباما خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده في البيت الأبيض مؤخرا فور إعلان نتائج الانتخابات النصفية هو إشارته إلى أنه "يشعر بالضيق لأن أسرع كمبيوتر في العالم موجود في الصين الآن وليس في الولايات المتحدة". أوباما وإدارته لا يمكن أن تتجاهل تعاظم المارد الصيني في الوقت الذي تتخبط فيه الولايات المتحدة في أزماتها الاقتصادية وتجاذباتها السياسية وحروبها في الخارج وما خلّفته من تشويه لسمعتها وسلطتها في العالم والتي ليس آخرها تسريبات وثائق ويكيليكس عن حرب العراق وأفغانستان والدور الأمريكي في لبنان. الكل يتساءل في الولايات المتحدة، وأنا واحدة من المتسائلين: هل فعلا انتهى الحلم الأمريكي أم أنه في كبوة ولكل حصان كبوته؟.
في زيارة وزيرة الخارجية الأخيرة للصين، والتي وصفت بأنها أكثر من ناجحة، تجنبت السيدة كلينتون الاقتراب من قضايا حقوق الإنسان في الصين مقايضة هذا الشأن ـ الذي ما فتئت الولايات المتحدة تدافع عنه، منذ تأسيس الدولة على مبادئ العدل والمساواة في الحقوق والفرص التي جاء بها الآباء المؤسسون، مقايضة إياها بالتقارب الصيني الأمريكي سياسا واقتصاديا. وهذا مؤشر قوي إلى الحاجة الأمريكية المتعاظمة لصداقة والتعاون مع الصين لا لعدائها ومنافستها.
ولن ننسى الحوار الذي أعلنه الرئيس باراك أوباما في الأول من أبريل العام 2009، والرئيس هو جين تاو وهو الحوار الاقتصادي الاستراتيجي بين الولايات المتحدة والصين لمناقشة واسعة النطاق للشؤون الثنائية، الإقليمية والعالمية والقضايا الاقتصادية بين البلدين.