بدل رفو .. حمال أوجه الثقافة
الثلاثاء 14 أيلول / سبتمبر 2010, 14:25
كورداونلاين
، أنه لا يكتفي بتلاوة آيات الشعر فحسب ، بل يتعدى الهوس الشعري عنده الى القرآءة أولا والتأمل في الجمال والسبك والمضمون ثانيا ، وأعادة القصيدة بأيقاعات وتراتيل مختلفة
بدل رفو .. حمال أوجه الثقافة
ملاحظة: سيقام المهرجان التكريمي للاديب بدل رفو يو 7102010 في دهوككوردستان العراق
بدل رفو ..الاديب و الشاعر والمترجم والكاتب والصحفي ، فلا أحتار في الاختيار ، لي أن ألبسه أية بردة من تلك البردات. أأديبٌ بدلْ حقا !؟
وكيف لا ، فأنه دخل صومعة الأدب منذ القصيدة الاولى والقصة الأولى والرواية الاولى التي تلقتها يداه الى أن أمسى والادب صديقان لا يفترقان أينما حلا وأينما أقيما. أما الشعر ، فأخذ حيزا واسعا من وجدانه ومخيلته الحالمة ، فأنه لا يكتفي بتلاوة آيات الشعر فحسب ، بل يتعدى الهوس الشعري عنده الى القرآءة أولا والتأمل في الجمال والسبك والمضمون ثانيا ، وأعادة القصيدة بأيقاعات وتراتيل مختلفة وربما تأخذه القصيدة ابعد من ذلك فيمررها عبر الحنجرة ليصدح منها مقاما موسيقيا وأخيرا يستسلم تماما للقصيدة ليعالجها بمشرحه الترجمي من لغة الى لغة وتبدأ الصفة الثالثة لبدل وهي صفة المترجم الأمين والبليغ فيعربها أو يكردها أو يمنحها للمتلقي الألماني بلغة سليمة وقواعد بديعة و برشاقته المعهودة ، وقد برزت موهبته في الشعر وهو في مقتبل العمر وقد لصق بمجلة (الثقافة) الرصينة وأخذ ينشر فيها نتاجاته المترجمة إبان السبعينات من القرن المنصرم ، ولي أن أقول هنا ودفاعا عن مظلومية المترجم أنه يقدم جهدا ذهنيا أكبر بكثير من صاحب النص الذي يسير في جادة النص دون أن يعيقه عائق، فخياله هو مادة صناعتة الخامة ، غير أن المترجم يعمل في الظل محاطا بحراس الأمانة والسبك والطوفان من عالم الى عالم آخر مختلف ويحتاج الى عجينة كاملة مجهزة من المفردات وأسلوب الكتابة وصولا الى أعطاء النص وصاحبه القناعة وأرضاء المتلقي بتقديمه وجبة أدبية قابلة للهضم وهذه المعاناة تمر بالمترجم بدل رفو في كل مشروع ترجمي جديد تقريبا وصاحب النص الاصلي غير آبه بما يعمل ولا دار بما يجري من مخاض لرفو في كل ولادة جديدة، يمكن تشبيه المترجم هنا بالملحن الموسيقي الذي يعيش في الظل هو الآخر فيستخدم كل طاقته وتجربته في تلحين أغنية تلقي ترحيب الناس ويسلمه الى مغني كل ما لديه حنجرة صوتية منحته إياه الطبيعة فطرة أو كسبها أرثا وما أن يغنيها حتى ينهال عليه التكريم والتمجيد والتقبيل وتحتفظ الصبايا بصوره في محفظاتهمن بينما يمضي الملحن والموسيقي الى حيث المجهول قانع بقسمته لا حول له ولا قوة. في مجال الكتابة الصحفية بذل ويبذل بدل جهدا مضنيا ولم يعمل يوما من أجل المال ، لا بل ضحى بما لديه من أجل الاستمرار في العطاء ، فالكتابة عنده مبدأ والمبدأ لا يقبل المساومة والرجوع والمماطلة والاحتيال والخيانة وبدل يسير وفق الاهتداء بتلك الخصال الحميدة ، فما دامت الاخلاق ، أخلاق الكتابة ، ديدنه فهو لا يحب البهرجة والشهرة والعدو وراء كسب المال ، فالكتابة عنده وسيلة لأيصال المعنى والوصول الى الحقيقة المفقودة لدى الناس ومن أجل الوصول الى الحقيقة لا يتوان بدل من بذل المجهود الفكري وحتى العضلي ، فها نشاهده وهو يشد الرحال الى أصقاع بعيدة لينقل زاوية نظره الى قرآءه ومتابعيه ليفيد ويستفيد.
لم ألتق ببدل رفو ولا مرة وهذا شئ مؤسف أتمنى أن تجمعنا مناسبة ما في يوم ما ، ولكن هذا لا يعني أني لا أعرف الرجل ، فالتكنلوجيا سهلت الأمر ، نتواصل عبرها وعبرها أيضا يقرأ بعضنا الآخر، فمجمل نتاجات الأصدقاء متوفر بين أيدينا دون عناء البحث في المكتبات كما كنا قبل الغزو التكنلوجي اللطيف ، بمجرد الضغظ على زر صغير ندخل عالم بدل رفو ونطلع على أبداعاته ومساهماته الجادة في ميدان الكتابة. أعجبني مناسبة تكريم بدل في دهوك الجميلة ، فالتكريم وحده ربما لا يثير الانتباه وخاصة نقرأ بين يوم وآخر أخبار التكريم من المؤسسات الحكومية والحزبية وطبعا يدخل طابع الانتقاء الكيفي في مثل تلك المناسبات، ولكن ما أثار أنتباهي وأعجابي في تكريم هذا الصديق هو المبادرة الشعبوية الثقافية من قبل أناس من صلب الثقافة غير منتمين الى المشارب والاتجاهات أرادوا أن تكون لهم كلمة في أختيار من لم يُختارْ من قبل المؤوسسات الحكومية ، أنهم يريدون أن يوصلوا رسالة الى الأديب الذي يعيش في الظل ويرفد النور من أشعاعاته. أسمحوا لي كي أنضم الى قائمة المبادرين وأرفع يد الاعجاب لبدل رفو وهو أضعف الأيمان.قيس قره داغي