روز نوري شاويس: دولة القانون هي الكتلة القريبة جداً من التحالف الكردستاني
الجمعة 20 آب / أغسطس 2010, 23:02
كورداونلاين
من هو روز نوري شاويس
بحجم المناصب الحزبية والحكومية التي تولاها على امتداد أكثر من أربعة عقود من العمل كان تواضعه، دكتوراه ليس في الهندسة الكهربائية وإنما أيضاً في الصراحة والجرأة وسعة الصدر والصبر، إنه الدكتور روز نوري شاويس نائب رئيس الوزراء العراقي ورئيس وفد الكتل الكردستانية المفاوض للقوائم الأخرى بشأن تشكيل الحكومة، أعطانا ضعف ما نريد من الوقت وهو يحاور (المدى) في صفحة ضيف الخميس، مبيناً لها أن تحالفهم تبين له بعد المفاوضات مع الكتل السياسية الأخرى، ان ائتلاف دولة القانون هي القائمة القريبة جداً من التحالف الكردستاني، وعزا ذلك للقواسم المشتركة والمتشابهة التي تربطهم، وأوضح القيادي البارز في الحزب الديمقراطي الكردستاني، ان ائتلافي دولة القانون والائتلاف الوطني، إذا ما تخليا عن مشاكلهما واتحدا تحت يافطة التحالف الوطني سيكون مرشحهما لرئاسة الوزراء أكثر حظوة من بقية مرشحي القوائم الأخرى، لشغل ذلك المنصب.
وبشأن حل قضية كركوك أكد شاويس ان حلها يأتي وفق المادة (140)، مضيفاً: أن كركوك مدينة عراقية بالانتماء والاسم حتى وان انضمت للإقليم، موضحاً أن الأكراد لن ينفصلوا عن العراق طالما يجدون حكومة تحترم جميع مكوناته، وفيما يلي نص الحوار:
حزمة من المناصب
* من هو روز نوري شاويس؟
- ولدت في محافظة السليمانية عام 1947، من عائلة عراقية امتهنت العمل السياسي، فوالدي هو نوري شاويس الشخصية السياسية المعروفة، وكذلك والدتي امتهنت العمل السياسي ، أكملت دراستي الابتدائية متنقلاً بين بغداد وكركوك والموصل، وأنهيت الإعدادية في السليمانية، في عام 1966 دخلت جامعة الموصل قسم الهندسة الكهربائية، سافرت إلى ألمانيا الديمقراطية لإكمال دراستي العليا فيها عام 1972، وحصلت على شهادة الدكتوراه في الهندسة الكهربائية، انخرطت في صفوف الحزب الديمقراطي الكردستاني منذ نعومة أظفاري، وتدرجت بالعمل الحزبي فيها، حتى أصبحت عضو مكتب سياسي للحزب، وساهمت في تفعيل الحركة الطلابية الكردستانية، حيث كنت رئيساً لجبهة الطلبة الأكراد في أوروبا عام 1975، بعدها التحقت من جديد في صفوف الثورة الكردية عام 1979، وبعد انتفاضة 1991، ساهمنا بانجاح التجربة الديمقراطية في كردستان العراق، وحينها كنت رئيس كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني في البرلمان، بعدها استلمت منصب نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية في أول حكومة كردستانية عام 1992، وفي العام 1996 أصبحت رئيس الوزراء في الإقليم وبقيت أمارس عملي فيه حتى سقوط النظام البائد. توليت رئاسة برلمان الإقليم لغاية عام 2004، وأصبحت عضواً مناوباً في مجلس الحكم كنائب للأستاذ مسعود البارزاني، وعضواً في البرلمان السابق وتخليت عن المقعد لأحد الأخوة من الطائفة الأيزيدية، ونائباً لرئيس الجمهورية الشيخ غازي الياور، نائباً لرئيس الوزراء في حكومة الجعفري، ومنذ كانون الأول هذا العام وأنا أمارس عملي كنائب لرئيس الوزراء.
العامل الخارجي لعب دوراً سلبياً
* المشهد السياسي كما يراه المتابع الآن، هو وجود سلم ضيق يؤدي إلى غرفة فيها كرسي مهم، وهناك أكثر من شخصية على باب ذلك السلم المؤصد إلى الآن، يحاول بشتى الطرق الوصول أولاً إلى كرسي الغرفة، ومع تأخر تشكيل الحكومة، هناك آراء تقول ان القادة الموجودين غير مؤهلين سياسياً لقيادة البلد، وهذا الكلام جاء على لسان عدنان الباججي في حوار مع قناة الجزيرة.. ماذا تقول أنت؟
- الحقيقة سؤالك في محله، ففي ظل الأزمة التي نعيشها، والمشهد الضبابي والمقلق الذي يعوق عملية تشكيل الحكومة، من الطبيعي أن تتولد الشكوك لدى البعض بعدم أهلية بعض الساسة في قيادة العراق، لكن السؤال الذي يجب أن يطرح بواقعية، هل بالفعل أن جميع القادة في العراق غير مؤهلين سياسياً؟ بالتأكيد... لا.. نعم مثل تلك التقولات مطروحة من بعض الذين يحاولون تسليط الأضواء إعلامياً عليهم، لكن الحقيقة لدينا المئات من الساسة أصحاب الخبرة والتجربة والحنكة السياسية، والعراق كما معروف عنه منجم ومنتج دائم للسياسيين الكبار، ولكن المشكلة انك لا تجدهم مجتمعين في أمكنة وأزمنة مناسبة، وهذا له دور في عدم وضوح بصمات تلك الكفاءات، وما يحدث الآن هو وجود كتل فائزة في الانتخابات بأرقام متقاربة، وهذه القوائم تتنافس على أهم منصب في الدولة الذي له من الصلاحيات المغرية ما يجعل هذا التنافس على أشده بين تلك القوائم، وبرأيي هذا الأمر هو من أهم أسباب تأخير تشكيل الحكومة.
* ألم تساهم التدخلات الخارجية في عملية التأخير؟
- العامل الخارجي لعب دوراً سلبياً واضحاً في هذا الشأن، وما لمسناه أن بعض الدول لم يكن تدخلها باتجاه دعم تشكيل الحكومة من خلال وقوفها على مسافة واحدة من الجميع، بل على العكس، وجدنا البعض يساند كتلة على حساب أخرى، ويدعم توجهاً معيناً ضد توجه آخر، والتدخلات كثيرة وكبيرة وتمتد إلى أكثر من التدخلات العربية والإقليمية، وهذا ما ساهم في تمسك كل طرف بموقفه، لكونه يجد نفسه مدعوماً ومسنوداً من قبل ذلك الطرف، ولضمان مكاسبه في الداخل.
فقدان الثقة بالسياسيين
* هذا يعني أنهم يعملون وفق توجيهات من مرجعيات خارجية؟
- لا يعملون بتلك التوجيهات فقط، وإنما ينفذون لها أموراً قد تكون غير مناسبة، وباعتقادي لو أن تلك القوى الخارجية كانت تريد مساعدة العراق، لوقفت موقف الحياد من الجميع، وابدت المشورة والنصح في تقريب وجهات النظر بين الكتل، وطالبت بعض القوائم التي تميل إليها بتقديم بعض التنازلات، ودفعهم للعمل بمرونة وعدم التشبث بالرأي والإصرار عليه وتغليب المصلحة الوطنية وجعلها فوق أي اعتبار، لكننا لم نلحظ مثل هذا الاتجاه وبالتالي أصبح دورهم سلبياً، وبالتالي انعكس على العملية السياسية الحاصلة في البلد، وهذا ما وضعنا في دائرة هدر الوقت وعدم الوصول إلى ضالتنا في تشكيل الحكومة، واستمرارية هذا المشهد هي التي دفعت البعض إلى فقدان الثقة بالسياسيين الموجودين، لذا نحن هنا نقول لقادة الكتل والمعروفين بوطنيتهم ومقارعتهم للنظام الديكتاتوري وإسقاطه، ولهم تأريخ وطني معروف، أن عليهم وفي هذا الوقت، أن ينظروا إلى المصلحة الوطنية العليا. وتجاوز المعوقات والدفع باتجاه التقارب لتشكيل حكومة شراكة وطنية، وهو مطلب متفق عليه من قبل الجميع، لأننا نخشى أن تتجاوز الأمور حالات الإحباط وفقدان الثقة إلى ما هو أخطر من ذلك.
جوهر النمط الوطني
* على الحكومة المقبلة إذا ما تشكلت ورئيس وزرائها مهمات جسيمة، قد لا نرى ثمار تحقيقها حتى في الأربع سنوات المقبلة. فلماذا هذا الاستقتال على المنصب في ظل ظروف معقدة. المواطن يقول من أجل المكاسب وليس من أجل خدمة الوطن والمواطن؟
- بتصوري الشخصي، أن السياسي الوطني العراقي يجب أن يواجه التحديات لا أن يهرب منها، ويجب أن يتصدى لهذا المنصب أو غيره في مثل هذه الظروف، وأن يكون موضع تقدير ودعم من قبل الجميع لأنه واجه بشجاعة كل تلك المهام الجسام، وحقق لشعبه وبلده الإنجازات المطلوبة، لكن لا يمكن الجزم والقول أن جميع من يطالبون بمنصب رئاسة الوزراء يفعلون ذلك من أجل تحقيق أهدافهم وأغراضهم الشخصية، لأن هناك الكثير من الساسة الوطنيين يسعون إليه من أجل خدمة الشعب والنهوض بواقع وطنهم نحو الأفضل، ولديهم شعور ومبادئ ثابتة أن ذلك الأمر يقع في صلب واجباتهم الوطنية الأساسية، وهذ هو جوهر النمط الوطني الذي نتمناه أن يسود المشهد السياسي العراقي.
ليس من طبيعتي التهجم على أحد
* كيف تقنع المواطن بأنهم جاؤوا من أجل خدمته، والبعض منهم لم يحضروا جلسة واحدة في البرلمان السابق؟
- لا اريد أن أعلق على هذا السؤال، وليس من طبيعتي التهجم على أحد، وأنظر إلى جميع الأخوة المتنافسين نظرة احترام وتقدير، لأنهم شخصيات مناضلة ولعبوا دوراً كبيراً في تغيير النظام البائد، ولهم قدرات وإمكانيات قيادية كبيرة، لو سمحت لهم الظروف في توظيفها لقدموا أعمالاً رائعة وجليلة لبلدهم.
* في الوقت الذي تؤكد قائمتكم دائماً على وجوب احترام الدستور، لكن ما جاء في ورقة المقترحات الـ(19) ولا نسميها شروطاً ما يخالف الدستور كالمادة التي تقول في حالة انسحاب الأكراد من الحكومة يجب استبدالها، والبرلمان كما مثبت في الدستور هو صاحب الحق في ذلك؟
- إذا كان ما طرحته صحيحاً.
* يعني هذه النقطة غير موجودة؟
- لا استطيع التعليق على ذلك، ولكني سأجيبك، أن أهم المسائل المطروحة وبشدة من قبل جميع الكتل، الالتزام بالدستور، توزيع الصلاحيات، مبدأ التوافق، وإيجاد آليات واتفاقيات معينة لضمان استمرارية عمل حكومة شراكة وطنية، لكن الأهم من كل ذلك هو الالتزام بتلك الاتفاقيات، ما هي الضمانات التي تؤدي إلى تحقيق وتنفيذ ما اتفقنا عليه؟ لقد مررنا بتجارب مريرة، فمنذ تأسيس الدولة العراقية وإلى يومنا هذا، هناك حزمة من الوعود والاتفاقيات والوثائق والتواقيع والخ..، ولكن حين يأتي موعد التنفيذ لا نحصد من زرع الوعود شيئاً، لذا من حقنا الطبيعي وحق الكتل الأخرى، أن نطالب بضمانات معينة، وإذا ما تحقق واتفقت بعض الكتل عليها وشكلت الحكومة، ثم حصل واخترقت الحكومة تلك الضمانات، فمن حقي أن أنسحب وبالتالي تفقد السلطة التنفيذية الأغلبية التي تشكلت على ضوئها، وكتحصيل حاصل تعتبر الحكومة مستقيلة.
الضمانة مقترنة بشروط
* لكننا نتذكر جيداً ان جبهة التوافق وأطراف أخرى كالعراقية والتيار الصدري أعلنت انسحابها من حكومة المالكي، ولكن مع ذلك لم تستبدل الحكومة؟
- هذا صحيح، لكن في ذلك الوقت كان الفارق كبيراً، لأن انسحاب التوافق لم يؤد إلى فقدان الحكومة الأكثرية المساندة لها، ولو انسحبت قائمتنا مثلاً مع التوافق لسقطت الحكومة، وبرأيي هذه النقطة تعتبر إحدى الضمانات ومن حق الكتلة أن تطالب بها.
* قد تطالبون بمسائل تعجيزية ليس باستطاعة الحكومة تحقيقها؟
- أبداً، لأن الضمانة مشروطة بنقاط. ولا تطبق إلا في حال وجود خرق للدستور، أو عدم تطبيق البرنامج المتفق عليه، وقبل الانسحاب يجب أيضاً مناقشة أسباب ذلك الخرق الدستوري إذا ما حصل، أو عدم تطبيق البرنامج المتفق عليه هل جاء لأسباب خارجة عن الإرادة أم وفق مبررات أخرى، وهل الانسحاب مشروع؟ وهذه الأمور يجب الاتفاق عليها مسبقاً.
* مقترحاتكم قد تفتح الباب لكتل أخرى لتقديم مقترحات واشتراطات أخرى، مما تجعل الحكومة رهينة ومقيدة بتلك الشروط والمقترحات؟
- ولماذا.. لا... إذا كانت هناك كتل لها عدد كافٍ من المقاعد في البرلمان يؤهلها لسحب الثقة من الحكومة، وأنا أرى العكس، أن تلك الضمانات لا تقيد عمل الحكومة، بل تساعدها بدعم استكمال المشاريع، وعدم السماح بولادة مشاكل جديدة، وكذلك تفعيل البرنامج الذي اتفقنا عليه، والضمانات هي لدعم الحكومة وليس لتقييدها.
مقترحاتنا ليست بالبدعة وطرحناها أيام الجعفري
* في حال رفض تلك المقترحات من قبل بعض الأطراف، كيف يكون موقفكم؟
- هناك عدة أطراف تم الاتفاق معها بشأن هذا الموضوع، ولنا مباحثات معهم منذ عدة شهور، والأمر ليس وليد اليوم، لقد تم طرحه أيام حكومة الجعفري، وما نطرحه الآن ليس بالجديد ولا بالبدعة، وفي الكثير من البلدان المتقدمة تجد مثل هذه الصورة.
* أنتم تملكون العدد الكافي في البرلمان، ولكم الحق بسحب الثقة من الحكومة وفق الصيغ الدستورية، لماذا الآن هذه المقترحات أو الضمانات؟
- هذا تعهد أخلاقي. واتفاق مثبت مسبقاً.
* لكنه خروج عن الدستور؟
- أبداً، الدستور لا يمنع الأطراف المتآلفة في تشكيل الحكومة من الاتفاق على نقاط معينة.. هذا الأمر غير مدون لا بالدستور الألماني ولا الفرنسي، لكنه عرف سائد وشائع في تلك الدول. ولا اتصور أنه مخالف للدستور، وهناك حكومات يستقيل منها وزيران أو ثلاثة تعتبر نفسها مستقيلة، ولا أرى في مقترحاتنا أية غرابة.
لا نصطاد بالماء العكر
* هناك من يقول أن القائمة الكردستانية قدمت تلك المقترحات مستغلة عدم توافق الكتل فيما بينها في مسألة تشكيل الحكومة؟
- أبداً، ولسنا من الذين يصطادون بالماء العكر، نحن قلنا وعملنا دائماً بأننا جزء من الحل، والمقترحات التي قدمناها تبرهن على ذلك، لأننا وبعد أن وجدنا مثلاً القائمة العراقية تركز في برنامجها على أمرين أولهما رئاسة الوزراء، وثانيهما مسألة الإصلاحات في الصلاحيات وهم ثابتون على موقفهم ذلك، ورأينا دولة القانون تركز على مسألتي التمسك بالدستور وبمرشحهم المالكي، فيما الائتلاف الوطني يصر على ضرورة استبدال المالكي وعدم تجديد الولاية له، على الرغم من اتفاقهما أن لا يكون منصب رئاسة الوزراء من حصة القائمة العراقية، هذا المشهد الضبابي ولد نوعاً من الجمود في العملية السياسية، ودفعنا إلى ضرورة التحرك لكسر ذلك الجمود، لذا قدمنا مقترحاتنا وفق المباحثات التي أجريناها مع الأطراف السياسية المتنافسة ومعرفة آرائهم ورغباتهم التي هي في الغالب مطالب عراقية، واعتماداً على تجربتنا الكردستانية المتراكمة عبر عقود من الزمن قدمنا تلك المقترحات، وذلك لتقريب وجهات النظر بين القوائم المختلفة فيما بينها. وكسر الجمود الحاصل في العملية السياسية للإسراع في تشكيل الحكومة.
الأقرب إلينا الأقرب للدستور
* من الأقرب للتحالف معكم من القوائم الكبيرة؟
- الأقرب إلينا هو الأقرب للدستور، والأقرب لمفاهيمنا الديمقراطية والفيدرالية في حل مشاكل البلد، عن طريق الحوار، وإيجاد الحلول الواقعية لمكونات الشعب. الأقرب إلينا، من كان معنا في مسيرة النضال منذ عقود، وشاركنا في بناء الدولة العراقية الجديدة، والذي يحمل ويشاركنا نفس الأفكار فيما يخص مستقبل الشعب العراقي.
* لكن المتابع يلاحظ أن هناك غزلاً واضحاً قد يؤدي إلى ارتباط سياسي وشيك بينكم وبين ائتلاف دولة القانون، وتجلت صورة ذلك الغزل في لقاء المالكي والبارزاني؟
- لا ننكر أن هناك تقارباً بيننا وبين ائتلاف دولة القانون، بل هناك تقارب كبير سببه تشابه وجهات النظر فيما يخص البرنامج الحكومي، والإصلاحات اللازمة، وتوزيع الصلاحيات، والاستفادة من التجارب السابقة وتفعيلها نحو الأفضل، ومن خلال حواراتنا ومباحثاتنا مع بقية القوائم الأخرى، تبين لنا أن ائتلاف دولة القانون هي القائمة القريبة جداً للتحالف الكردستاني.
* أنتم والقائمة العراقية ودولة القانون تشكلون العدد المريح لتشكيل الرئاسات الثلاث، هل هذا المشهد مطروح على طاولة مباحثاتكم؟
- نعم أنه عدد مريح وكافٍ نظرياً، لكن سياسياً واجتماعياً لا نعده عدداً كاملاً، إذا لم نحاول إشراك بقية الاطراف، فهناك قوى سياسية شاركتنا في السراء والضراء، ولعبت دوراً كبيراً في المسيرة الوطنية وليس من العدل ولا من مصلحة الشعب العراقي، أن يتم إقصاؤها وتهميشها، ومن ثوابتنا أن يشارك الجميع في عملية تشكيل الحكومة.
لكل حادث حديث
* كما هو معروف الائتلاف الوطني يرفض ترشيح المالكي وقائمته مصرة على عدم استبداله، كيف يكون موقفكم كتحالف ثلاثي مفترض، هل ستتخلون عن الائتلاف الوطني في حالة تمسكه بموقفه؟
- إذا ما أصر الائتلاف الوطني على موقفه سيكون حينها لكل حادث حديث، ولكن المهم، وما يجب الانتباه له خاصة في عالم السياسية، هو تغير المواقف، فمن الذي يضمن بقاء الائتلاف الوطني ثابتاً على موقفه؟ وكذلك بالنسبة لموقف المالكي، والأمر أيضاً ينطبق على القائمة العراقية، نحن ننتظر التغيير في المواقف، لأن عدم تغييرها يعني عدم تشكيل الحكومة.
* تصر قائمتكم على ضرورة مشاركة الجميع في الحكومة وهذا يعني لا وجود للمعارضة في المرحلة المقبلة؟
- نحن برأينا أن الوضع الحالي الذي يعيشه البلد لا يتحمل وجود معارضة قوية، لأن الواقع الذي يعيشه البلد يحتاج إلى أن يكون الجميع على الطريق الداعم لاجتياز أزمات البلد وتحسينها نحو الأفضل، فإذا فقدنا جهود اي طرف في الدعم والمساندة من خلال ابتعاده عنا، وأصبح يمارس دور المعارضة السلبية لا البناءة سيعرقل الكثير من الأمور.
* مؤسساتنا وكما تعرف ينخر فيها الفساد المالي والإداري، وفي حال عدم وجود معارضة رقابية ستستمر وتستفحل هذه الظاهرة؟
- ظاهرة الفساد يجب الانتباه لها والتأكيد على معالجتها، وفي هذا الجانب لدينا مؤسسات رقابية رصينة وفعالة لعبت دوراً أساسياً في معالجة حالات الفساد، وكذلك وجود ديوان الرقابة المالية الذي لعب دوراً بارزاً وبناءً في معالجة العديد من حالات الفساد وهذا باعتراف جهات دولية، وهيئة النزاهة أيضاً ينظر إليها المجتمع الدولي باحترام وتقدير كبيرين من خلال كشفها للكثير من حالات الفساد، وما علينا إلا أن نقوم باسناد ودعم وتفعيل دور تلك المؤسسات في أداء مهامها لتمكينها من محاسبة المفسدين والضمان في ذلك هو حكومة شراكة وطنية لا يمكن فيها التستر على أحد لكون برنامج عملها واضح للجميع.
لا وجود لضغوطات أميركية
* هل من ضغوطات أميركية في ظل زيارة مسؤوليها المتكررة، وهل جاؤوا بسيناريوهات مفروضة بشأن تشكيل الحكومة الجديدة، وهناك من يقول بأنها تسعى لتشكيل الحكومة من القائمتين العراقية ودولة القانون؟
- الدور الأميركي في العراق يعتمد على الاتفاقية الستراتيجية وعلينا ان لا نتجاهل دورهم الرئيس بإسقاط النظام البائد، وقاموا بمحاربة الإرهاب وساهموا في بناء العراق، وبعد توقيع الاتفاقية الستراتيجية أصبحوا مساندين لقواتنا الأمنية، هذه حقائق لا يمكن نكرانها، ونجاح التجربة الديمقراطية في العراق مثلما يهم العراقيين هو محط اهتمام أميركا أيضاً، ومن غير المستبعد ان يقدم الأميركان النصح والرشد والمشورة للجهات السياسية في البلد، من أجل تقريب وجهات النظر فيما بينهم وتشكيل حكومة قادرة وقوية وبالسرعة الممكنة.
* خاصة وأنها ماضية كما تقول تصريحات قادتها بالانسحاب حسب الجدول الزمني، هل ستنسحب حتى لو لم تتشكل الحكومة؟
- نعم ستنسحب، حين تجد ان هناك حكومة قوية ومستقرة في البلد، واحد منطلقاتها وتصوراتها هو ضمان مشاركة الجميع في الحكومة المقبلة، وليس الاقتصار على قائمتين فقط، وهذا بتصوري هو المنطق.
* هل تقصد المنطق العراقي أم الأميركي؟
- دعني أوضح لك، المنطق الأميركي أو أي منطق سليم، بلد مثل أميركا جاء الى العراق وقدم الكثير من التضحيات وصرف أموالاً هائلة ووضع كل سمعته السياسية في العراق من أجل الوصول الى نتيجة معينة والآن يريد أن ينسحب فبتصورك هل يتركه عرضة للمشاكل البديهي جداً هو حل مشاكل البلد قبل مغادرته، وحلها يأتي بمساعدة أميركا لنا بوجود حكومة قوية قادرة على الإيفاء بالتزاماتها، وهذا هو الواقع الذي لمسناه من حواراتنا معهم، ولا وجود كما يشاع لأية ضغوطات من قبلهم باستلام هذا المنصب او ذاك، هذه هي الحقيقة.
التغيير في المواقف وارد
* مع تصريحات رئيس أركان الجيش بعدم جاهزية قواتنا العسكرية، فضلاً عن تأخير تشكيل الحكومة، وتصاعد العمليات الإرهابية، قد يكون هناك سيناريو مرسوم من قبل أميركا لدفع الحكومة العراقية لمطالبة القوات الأميركية بالبقاء وفق الاتفاقية الستراتيجية؟
- أميركا في جميع تصريحات مسؤوليها في الهرم السياسي أو العسكري مصرة على الانسحاب، وبحسب الجدول الزمني المقرر وفق الاتفاقية الستراتيجية.
* أنت قلت ليس هناك شيء ثابت وكامل، والتغيير في المواقف وارد، وقد تريد أميركا عكس ما تصرح به، والسياسة فن الممكن؟
- نعم.. في السياسة كل شيء ممكن، ولكن السياسي الكفؤ يعلم ويدرك توجهات تلك الدولة ومنافعها أين تصب، والواضح ليس لدي فقط بل للجميع، أن القرار الأميركي يصب باتجاه الانسحاب ومغادرة العراق وتركه بظل حكومة شراكة وطنية مستقرة وقادرة على حماية البلد.
* لا أخفيك أن هناك تصريحات وتوجيهات تشير الى أن هناك بعض الجهات ومن ضمنهم أنتم، تدفع باتجاه بقاء القوات الأميركية وليس جلاءها؟
- أنا لم أسمع بمثل تلك التصريحات، لكن أذكر لي مثالاً على ذلك.
الجيش العراقي لا يستطيع حماية الحدود
* مثلاً تصريحات رئيس أركان الجيش ومطالبة القائمة العراقية بجلسة نيابية لمناقشة جاهزية القوات؟
- رئيس أركان الجيش قال ان الجيش العراقي لن تكتمل جاهزيته إلا في عام 2020، ولنقولها بصراحة.. هل يستطيع الجيش العراقي الآن الدفاع عن حدودنا؟.. بالتأكيد لا.. ولكن هل يستطيع محاربة الارهاب في الداخل، أقول.. نعم.. مع قوى الأمن الداخلي بمقدوره ذلك، ولنكن واضحين أكثر، بعد عام 2003 وبعد حل الجيش العراقي، قام الأميركان بمحاربة الإرهاب، أما بعد توقيع الاتفاقية فالأمر أصبح بيد العراقيين بمسألة الحفاظ على الأمن الداخلي للبلد من دون مشاركة الأميركان، ولكنهم بنفس الوقت يحتاجون الآن الى الخبرة والمساعدة والتسلح، والواقع يقول أن استكمال بناء قدرات جيش عراقي قادر ان يفي بالتزاماته ويحمي بلده يحتاج الى وقت أطول وهو أكبر من مسألة محاربة الإرهاب.
* تقول أن أميركا مصرة على الانسحاب والجيش العراقي لا يستطيع حماية حدوده.. إذن من يحميها؟
- هناك اتفاقيات دولية تحمي العراق والمجتمع الدولي ملزم بالمحافظة على حدودنا مثلما كان ملزماً بالمحافظة على حدود الكويت.
* المجتمع الدولي لماذا غير ملزم بإسكات القصف المستمر من قبل تركيا وإيران على أراضي الإقليم؟
- يتكلمون بهذا الأمر ولهم دور إيجابي في تهدئة الأوضاع.
* ما يثير الاستغراب أنه مع تصاعد القصف الإيراني- التركي للإقليم، هناك تزايد في الاتفاقيات والعقود مع تينك الدولتين في التبادل التجاري والاستثمارات، لماذا لا تلوحون بمقاطعة جميع قنوات التعاون مع إيران وتركيا على الأقل كورقة ضغط لإيقاف القصف؟
- لماذا نقاطع؟
* يقصفون أراضينا ولا نقاطعهم، نحن لا نستطيع مواجهتهم عسكرياً، على الأقل نقاطعهم تجارياً.
- في حالة مقاطعتها. من المستفيد اقتصادياً؟
* أنا المستفيد، وابحث عن البديل؟
- من هو البديل مثلاً؟
* هناك عدة دول عربية متعاونة ومن الممكن استيراد البضائع منها؟
- أنا لا أتحدث بشأن الاستيراد، وما أقصده هو الاستثمار، وجلب الشركات، فالاقتصاد ليس بضاعة فقط، أين البديل؟
أنت الآن في بغداد كم موظف عربي ترى فيها؟ ولكن في كردستان ترى نشاطاً تركياً وإيرانياً واسعاً في مجال الاستثمار.
* ولكن برأيي هذا الأمر يجب أن يدرس؟
- هذا يعود لتقديرات حكومة الإقليم والحكومة العراقية، وفق السياسات الخارجية والعلاقات الدولية، والحكومة العراقية تراه تعدياً على سيادة العراق، ويجب أن تتوقف تلك الاعتداءات بشكل فوري، والجهود مستمرة بهذا الاتجاه وفق القنوات الدبلوماسية، وهناك ضغوط دولية على إيران، ولكن إيران هل تمتثل لتلك الضغوطات؟
نعم سنسمح للجيش العراقي بدخول أراضي الإقليم
* في حال اجتياح الجيش التركي لأراضي الإقليم لا سامح الله، هلى تسمحون للجيش العراقي بدخول إقليم كردستان للدفاع عنه؟
- بالطبع، ونحن لدينا لجان تنسيقية بين الإقليم والحكومة العراقية، وهناك هيئة عسكرية بين بغداد وأربيل للاستكشاف وجمع الحقائق، ولدينا عمل مشترك بهذا الاتجاه، ولكن هل هذا يكفي؟ أبداً لابد من البحث عن حلول منطقية وجدية قابلة للتطبيق على أرض الواقع ولا نفعل مثلما فعل صدام بحروبه الطائشة والحمقاء التي نعاني من آثارها إلى يومنا هذا.
* بعد ظهور نتائج انتخابات آذار الماضي، توجهت أغلب القوائم إلى الخارج، ولكن اليوم نراها تتوجه إلى أربيل، هل هذا يعني أن صيرورتها عراقياً ستنطلق من اربيل وليس من الخارج؟
- لنا الفخر إذا تشكلت الحكومة في أربيل، والمهم أن تتشكل، فإذا تشكلت في أربيل (نور على نور)، وإذا انطلقت من بغداد أيضاً (نور على نور) ، وهذا التوجه يبين مسألة مهمة، أن الأكراد مهتمون ببلدهم شأنهم شأن المكونات الأخرى، وهم ليسوا من النوع الذي يصطاد في الماء العكر، كما يحاول البعض أن يتقول بذلك، والمسألة الاهم هي إزالة الخوف والقلق بيننا كعراقيين، أنا اليوم كمكون عراقي أطالب بمنصب رئاسة الجمهورية لأمور اعتبارية لاشعر بوجودي كمكون عراقي مهم له وجود في البلد.
رئيس الوزراء المقبل من التحالف الوطني
* من أية جهة تتوقع خروج رئيس الوزراء المقبل؟
- ما أعرفه أن الائتلاف الوطني ودولة القانون، وعلى الرغم من وجود خلافات آنية بينهما لكنهما متفقان تماماً على أن يكون رئيس الوزراء من داخل هذين الائتلافين حصرياً، ونحن نأمل من الائتلافين الوطني ودولة القانون، أن يتركا مشاكلهما ويقوما باختيار مرشحهما لأن في ذلك مصلحة العراق.
* وفي حال عدم اتفاقهما؟
- إذا الأمر لم يتحقق... لابد من حلول أخرى.
* مثلاً؟
- إذا وجدنا أن هناك طرفاً يتفهم الوضع العراقي بشكل جيد، وملتزم بالدستور، وبمبدأ التوافق، وتوزيع الصلاحيات، فمن السهل الاتفاق والتعاون معه في سبيل خدمة البلد.
ملاحظة: قبل أن اشرع بالسؤال، قال لي بابتسامة، الوقت المقرر للحوار ساعة والآن مضى أكثر من ساعة ونصف، وبالفعل ما ذكره كان كبد الحقيقة، لكني مع ذلك طلبت منه وقتاً إضافياً للمباراة الحوارية، وبتواضع وادب كبيرين وافق الرجل.
* أين تجدون الحل في قضية كركوك؟
- الأمور واضحة في هذه المسألة وكذلك بالنسبة للمناطق المتنازع عليها وهي المادة (140) التي تقول، تطبيع ثم احصاء وبعدها استفتاء، وهذا ما يبتغيه حتى المواطن في كركوك، وهذه هي العدالة.
كركوك عراقية بالانتماء والاسم وإن انضمت للإقليم
* لنفترض طبقت المادة (140) وأتت النتائج بضمها للإقليم؟
- هي للعراق وإن كانت ضمن الإقليم.
* لكن هناك تخوفاً باعلان انفصالكم عن العراق في حالة ضمها للإقليم؟
- أقولها للجميع. وليأخذوها من لساني كاكا مسعود ومام جلال ومني الأكراد لن ينفصلوا عن العراق، طالما يجدون حكومة تحترم كل مكونات شعبها، وتعامل الجميع كمواطنين من الدرجة الأولى، والالتزام بالدستور هو الضامن الرئيس للحفاظ على وحدة العراق، وهذه أقولها لـ(المدى)، الالتزام بديباجة الدستور وتنفيذها، وما جاء بالدستور يحفظ وحدة العراق، والأكراد ملتزمون بوحدته طالما الجميع التزموا بالدستور وديباجته، علماً أن صياغة الديباجة هي صياغة كردية، وكركوك ستبقى عراقية الانتماء والاسم حتى لو انضمت للإقليم.
* مم يخشى العرب برأيكم في ما يحدث بالعراق وما تأثيرهم في تشكيل الحكومة؟
- من الناحية العملية لم نلحظ أشياء إيجابية. ولكن لا ننكر أن هناك فرقاً بين دولة وأخرى، وللاسف أن موضوع الطائفية هو الذي يثير قلقهم، وتصورهم ذلك غير صحيح، لأن الصورة التي لديهم هي أن العراق محكوم من قبل الشيعة، وهذا أمر غير واقعي، لأن العراق الجديد محكوم من قبل جميع مكوناته، وعلى العرب أن يفهموا حقيقة ثابتة، لا السني أكثر عراقية من الشيعي، ولا الشيعي أكثر عراقية منه، كلنا عراقيون ولا فرق بين مكوناته.
التأريخ لا يكرر نفسه
* برأيك هل سيتكرر السيناريو الذي جاء بالمالكي، ونرى شخصية رئيس وزراء تسوية يحظى بموافقة الجميع؟
- بتصوري التأريخ لا يكرر نفسه.
* لايعيد نفسه. لكنه برأيكم من أي قائمة؟
- في حال اتفاق دولة القانون مع الائتلاف الوطني ضمن التحالف الوطني فمرشحهم لرئاسة الوزراء له أمل اكبر من بقية مرشحي القوائم الأخرى لهذا المنصب.
* هل نرى تشكيل الحكومة خلال شهر رمضان الكريم؟
- رمضان كريم. ونتمنى أن تشكل الحكومة في هذا الشهر إن شاء الله. وأنا بطبيعتي كسياسي متفائل ولا أود اعطاء موعد محدد على طريقة الضرب بالرمل، ولكن نتمنى أن يساعد هذا الشهر الفضيل ونعيش كعراقيين فرحة عيدين هما عيد الفطر المبارك وعيد تشكيل الحكومة.
PUKmedia / كوردأونلاين