الأحد 08 أيلول / سبتمبر 2024, 02:24
صحيفة أوان الكويتية تختار الكاتبة مرح البقاعي شخصية الأسبوع




تكبير الحروف : 12 Punto 14 Punto 16 Punto 18 Punto
صحيفة أوان الكويتية تختار الكاتبة مرح البقاعي شخصية الأسبوع
الجمعة 12 آذار / مارس 2010, 02:24
كورداونلاين
مع لفظة "المهجر" التي مصدرها الهجر، وهو فعل مضاد للوصل، بمعنى أنه لا يمكنني إلا أن أتواصل مع الأرض الأولى حيث مسقط الرأس

كلما أردتُ أنْ أنجوَ
خَذَلَتْني يداي اللتانِ ذهبَتا ـ
في نهرِ يديكْ!
كيف أكتبُ حكايتي الآنَ والكلامُ صار زبدْ؟

مرح في مجموعة "تَمْر "

ديوانية الجمعة: تكتبها مرح البقاعي

باحثة ومستشارة إعلامية أميركية من أصل سوري

قلب .. ومدينتان

صفصافٌ هديل

لا أأتلف ـ لغويا ـ مع لفظة "المهجر" التي مصدرها الهجر، وهو فعل مضاد للوصل، بمعنى أنه لا يمكنني إلا أن أتواصل مع الأرض الأولى حيث مسقط الرأس، أو منبته، لافرق؛ هناك حيث مساحة الولادات المتكررة التي شكّلت مساري الحياتي بوجهيه، الطوباوي الشعري الغادق ، واليومي العملاني المبرمج؛ ومن هذا المنطلق الاجتهادي، أقول أنا "مغادرة" لا "مهاجرة"، مغادرة برسم العودة المؤجَّلة.

الأرض الأولى ـ من مكاني الذي أنتسب إليه الآن وهو العاصمة الأميركية واشنطن ـ أضحت شريطا دراميا من صور الطفولة الراجفة، بدءا بمزارع التفاح والدرّاق في جبال مصيف بلودان العريق حيث اختبرت رعشة القصيدة الأولى، مرورا بمشهد الطابور الصباحي الطويل واليومي على أبواب الفرن الذي يقابل شرفة بيتنا في حي المهاجرين، هناك حيث نبتت أشواك وعيي السياسي المبكّر بحقيقة اعتلال الحياة المدنية في دمشق ورجاحة كفة "العسكر"، حين كنت أشهد الوقفة المذلة لأهل الحي، سيدات وشيوخا وأطفالا، على أبواب المخبز، بانتظار الحصول على ربطة من الخبز، في حين يتمكن سائق سيارة جيب عسكرية، تتوقف بعصبية استفزازية على الرصيف، من اختراق صفوفهم في برهة، ليأخذ المذكور خبزه فورا، متجاوزا كل المنتظرين، بحجة ضرورة إسراعه للالتحاق بمهامه العسكرية، والتي كانت، في حقيقة الأمر، مهام أمنية بامتياز! وصولا إلى مشهد جهاز "الهاتف الأسود" الضخم والمرموق الذي كان يتربع في صدر غرفة جلوس العائلة في منزلنا الدمشقي، ذلك الهاتف الذي كان أبي يحظّر علينا استعماله، لأي ظرف، لأنه ببساطة ملك للدولة التي ائتمنته عليه لتصريف مهام الأمن العام الذي كان يديره ـ طبعا هذا في زمن كان الأمن فيه مسخّرا لحماية المواطن وتأمين سلامته على أرضه، لا للتجسس عليه وترهيبه واختلاس خصوصيته. هذه صور تتشبث بجدران الذاكرة الرطبة عن بلدي، أدوّرها كل يوم في رأسي حتى لا أبتعد، أو تبتعد.

أنا لا أنكر المحصلة العلمية والفكرية التي اكتسبتها في دمشق، فقد نشأت وتخرجت من المدرسة الفرنسية، وأتيحت لي من فرص السفر والاتصال مع الثقاقات الغربية، وأخصّ منها الفرنسية والروسية والألمانية، ما ساهم في تشكيلي البنيوي الشعري بشكل لا يمكن إلا الاعتراف بمرجعيته. المشكلة في دمشق كانت في ممارسة ذلك الزخم الفكري الجامع، والذي امتدّ من تسعير ماياكوفسكي ورصانة تشيكوف، إلى شرور بودلير وجدلية كامو، ولم ينته بعبث ريلكة وطاغوت نيتشة، وهي بعض من محصلتي المعرفية؛ فحجم الحرية في مدن تضيّق عليك الأنفاس، وتحصيها عليك عيون أمنية تنتشر حتى تحت جلدك، ينسدّ عليك أفق التغيير والممارسات التجديدية، وتقصر يدك عن الامتداد إلى المبضع لمعالجة ذلك الورم المستشري، ولا تجد منفذا لتلك الحرية التي ترتد إلى نحرك إلا أنت تغادر جهة "الغرب".

محيط الزئبق

حين تقرر الذهاب "غربا"، مخلّفا وراءك تلك النفحة من الحنان التي لن تستعاد، تبدأ حيوات نبتت لقهوتها الصباحية مخالب! إنها القسوة المنظَّمة في مجتمع مبرمج و"سيستمايك" إلى حد تفريغ نقي الروح. مجتمع من "الأفراد" ذوي الاستقلالية المتعالية، تلتقي عيونهم سريعا في محطات المترو، ولا وميض. أفراد يملكون إرادة الخيار، وسلطة المعرفة، وغطاء الاقتصاد، وحرية لا يصدمها إلا مجاوزة القانون، لكن لا رعشة. أفراد في مجتمع مصلوب إلى ساعة من إسمنت، عقاربها تلدغ من يَقصِِر عن الدوران في سرعةِ عسفِ رحىً يومي لا يلين حيث الكل مشغول، بدراية وتركيز عاليين، في تصريف الأعمال والمهمات بـ "مهنية" موصولة، قد لا تشوبها إلا انقطاعات غير متوقعة في سيالات العصب، الذي يزوع أحيانا عن إلحاح الآلة، ليلاحق فراشة تحلق في محيط من الزئبق. فجر رمادي ولا ألوان إلا ما تفرضها عليك مراكز التسوّق المبهرجة كبائعة هوى من الطراز الذي يقدّم على موائد أولي الأمر! أضواء تهاجمك، وبضائع تتحداك بجودتها، وبائعون مسعورون لرفع معدلات الاستهلاك، ولحفظ ماء وجه وجيب أمراء "الحروب" في وول ستريت! فجر راجف يجعلك تنكمش إلى جسدك وتطوي قلبك تحت معطفك لتعترف أن لا يد دافئة ستمتد في الصباح لتوقظ ما تبقى لك من عافية بشرية.

بعد الذهاب، وحين تتحول فاطنا عن مورّثات البداوة، وتخلع عامدا غريزة الاقتراب، تتضاعف المسافات بينك وبين نفسك، ويرتفع سياج من الكترونات خفية، تنخر في عظم روحك، مساء مساء، لتحيلها إلى عصف من التناقضات، والخشونة، والشك. بعد الذهاب، تصير اللغة الأولى نسغا في الدماغ، والحب الأول أيقونة، والأم المشققة جفافا من فراق الولد، تصير نبيا!

في مدينة الجمادات هذه، يختفي حفيف الأصحاب، وواصلو الرحم، ليرتفع أزيز العجلات المسرعة على الإسفلت الواشنطني السميك. هنا يتداولك الكل، ويكرّمك الكل، ويحترم خصوصيتك الكل، وأيضا، ينفيك عنه الكل!

أن تكون ـ بمحض اختيارك ـ وحيداً و أعزلاً في مدينة كواشنطن، يعني أن تواصل الانجرار من عتمة نفق.. إلى نفق.. إلى نفق.. حتى تتكسّر أظافرك، وتضمر روحك، وينسدّ صمّام قلبك من نقص في دفقِ عسلِ الوصل. وبعيدا عن المشهد "الهوليودي" للمدن الأميركية، وقريبا جدا من أرضية الحياة اليومية هنا، تبدو واشنطن أشبه بـ " معسكرات عمل" أدخل كل يوم دورتها اللاهثة، منتصبة كأفعى تغادر وكرها الأنيق كل صباح، تشدّ بنطانها الضيّق حتى يكاد أن يقبض على أنفاسها، لتبدأ مناوراتها في مضيق من الحديد البارد والمياه المالحة والدخان الأبيض.

أختم هذياني المديد هذا بترتيلة داوودية :"انفلتت أنفسنا مثل العصفور من فخ الصيادين، الفخ انكسر ونحن انفلتنا".

لسان العالم

 أي دور للغة العربية أو للغات العالمية الحية في ظل هيمنة اللغة الإنكليزية على لغات العالم ولاسيما في مجال التقنيات والاقتصاد والسياسة و احتكار وتصدير المصطلحات المستحدثة في ظل وسائل اتصال غاية في السرعة والدقة؟

تفيد دورة التاريخ أن هذا التسلط الثقافي هو دوري وعابر في نظام "الاستقطاب" لحضارات سائدة. فقد طغت في الماضي لغات بعينها تبعا للقوة والهيمنة المادية والحضارية لثقافاتها، منها اليونانية واللاتينية، التي هُيئ للعالم في حينها أنه سيشتق منها اللغة الوسيطة Lingua Franca التي ستوحّد لسان العالم. وأتت إثرها اللغة العربية لتكون لغة الثقافة والعلم والترجمة أيضا، ثم الإنكليزية في القرن العشرين. لكن كل هذه اللغات لم تلغِ الهويات واللغات القِومية الأخرى بل أضافت إليها، ودائما بواسطة الترجمة، بعدا رابعا في عمقها اللغوي والاصطلاحي.

يحمل الإعلان العالمي للتنوع الثقافي الذي أطلقته منظمة اليونيسكو والذي أفاد أن التنوع الثقافي يعادل في أهميته بالنسبة للإنسانية أهمية التنوع البيولوجي بالنسبة للطبيعة، يحمل جوابا عن سؤال الهوية والهيمنة الثقافية في ظل القرية العولمية المفتوحة على جهات الأرض الأربع.

نساء ضد المرأة!

·       أنا لا أؤمن بحركات التحرر النسائية "المغلقة والحصرية". ورغم أني ناشطة في غير مجموعة دولية لتمكين المرأة، لكنني لا أؤمن بالعزل وحياكة التاريخ البشري والإنساني بأيدي جنس واحد، امرأة كانت أم رجلا. الأمور لا تصحّ بهذا الاتجاه! الحركات النسائية مطالبة بالانفتاح على مشاركة الرجل لتحصل على الدعم والفهم في آن. أنا ضد أشكال العزل والإقصاء ورفض الآخر لأي سبب كان، عنصريا أو جنسيا أو طائفيا أو عقائديا. ومن هذا المبدأ أنطلق من هدمي لجدار العزل بين المرأة والرجل. فكلاهما يشكلان قطبي المعادلة الحياتية في السياسة والمجتمع، وكلاهما بحاجة إلى دعم المجتمع والدولة من أجل أن يشتركا، يداً بيد، في بناء عالم أكثر انسجاماً وجمال.

·       يفيد التاريخ أن المرأة الأميركية لم تحصل على حقها في التصويت حتى عام 1920، ولم تتقلد مناصب سياسية عُليا إلا في بداية الثلاثينات، وهي ما زالت حتى الساعة تعاني تمييزا إذا ما أبدت منافسة للرجل فيما يَعتبره ميدانا حكرا عليه وفي مقدمته الإبداع الفني ، ومعدل رواتب المديرات التنفيذيات في الولايات المتحدة هو أقل 40% للمرأة منه للرجل التي تشغل المنصب نفسه، وتتمتع بالخبرة المهنية ذاتها.

·       المشكلة الحقيقية لدى المرأة الشرق أوسطية حين تخوض غمار العمل العام هي "المرأة"!  ودعوني أوضّح ذلك: في الانتخابات البرلمانية الكويتية ما قبل الأخيرة كانت غالبية النساء هن اللاتي يصوتن ضد النساء المرشحات للبرلمان ما أدى إلى إخفاق المرشحات في تلك الدورة في الوصول إلى المجلس النيابي؛ الأمر الذي تمّ تصويبه في الدورة التالية حيث فازت أربع سيدات بمقاعد في مجلس الأمة ليصبحن بذلك أولى سيدات ينتخبن في البرلمان الكويتي وهن: معصومة المبارك وأسيل العوضي ورولا دشتي وسلوى الجسار. وبذلك تكون النساء في الكويت حققن انتصارا تاريخيا غير مسبوق منذ الاستقلال.
أقف أحيانا عاجزة عن تحليل ظاهرة عداء المرأة للمرأة، والذي ينطوي على مركب نفساني معقّد مادته الغيرة الاجتماعية، والشعور بالمنافسة الأنثوية، والوقوع فريسة فوبيا الحتميّة الذكورية التي تفرضها ثقافة بيئة هي أبوية بطرياركية بامتياز!

·       لم يحرم الإسلام إمامة المرأة! والأدبيات الإسلامية تأتلق بأسماء ملكات ورياديات تركن بصماتهن عى نواصي التاريخ من أمثال الملكة أروى بنت أحمد الصويلحي وفاطمة الزهراء وخديجة بنت خويلد وولاّدة ابنة المستكفي بالله ومريم ابنة عمران وشجرة الدرّ وغيرهن من العلامات الناضرات في العلم والتجارة والسياسة والفكرالإنساني.

·       من أبرز عوامل تحرر المرأة هو خروجها للعمل وتحقيقها دخلا يسمح بتحررها الاقتصادي من الطوق الذي تفرضه عليها حاجتها المادية للاعتماد على المعيل الرجل، زوجا كان أو أبا أو ابنا. هذا شرط ألا تقع ضحية ظروف عمل غير عادلة، كأن تقدمّ يدا عاملة أقل كلفة وأكثر تحملا لظروف مهنية قد لا يراعى فيها حماية العاملين وتأمينهم صحيا، أو تكون عرضة للتحرش الجنسي، من رئيس أو زميل، دون أن تجد من يدفع عنها هذا الاعتداء العصابي، هذا من جهة، وعلى جانب موازٍ، تخضع المرأة العاملة إلى واجبات مضاعفة؛ فالزوج في البيت لا يعفيها من واجباتها المنزلية ولا يشارك فيها ويتنازل قليلا عن مكتسباته كذكر اجتماعي بامتياز جنسه. المطلوب من المرأة أن تهتم بعملها وتطور نفسها مهنيا، وحين تعود إلى البيت ينتظرها عملها الانفرادي، كأم وزوجة ومدبرة منزل، ناهيك عن أنها مطالبة بالمشاركة اقتصاديا في ميزانية العائلة.

·       في عالم يرسم قواعدَه الرجل بامتياز تصنيفه الفيزيولوجي، ويخطّ قوانينه المدنية ويجتهد في تشريعاته رجال أيضا، لا ريب أن غياب المرأة عن خطوط المد التفاعلي ومكامن الإنجاز السياسي إنما هو محصّلة لما هو وضعي بشريّ مؤدلج، أوعقائدي ديني مُُنزل. وهذا الأمر لا يقتصر على جغرافيا محددة أو ثقافة بعينها، بل يبدو جليا أنه شكل من نزوع عالمي وجنحة كونية لتقويض حراكهن. وفي ظل أسطورة التفوق الرجالي التي يشبّ عليها الصبية في البيت والمدرسة والشارع، تغدو حجة المرأة في الالتحاق بعالم صمّمه الرجال على مقاسهم ضربا من الترف في مجتمع يتعمّد حشرها في زوايا ضيقة من شؤون حياتية أدنى إنجازا وأضعف اتصالا مع مراكز الحراك المدني والسياسي.

·       أرى أن المرأة في الغرب ليست أفضل حظا بكثير عن نظيراتها في الشرق. وأفضل مثال على التمييز الذي يترصّد بالمرأة على مستوى تصنيفها الجنسي هو ما تعرضت له كل من سيغولين روايال المرشحة السابقة لرئاسة الجمهورية الفرنسية، وسارة بيلين المرشحة السابقة لنيابة رئاسة البيت الأبيض الأميركي، وأخيرا هيلاري كلينتون التي سُحب من تحت قدميها البساط في اللحظات الأخيرة حين فضلت أميركا ترشيح "رجلٍ ملوّنٍ" هو أقل خبرة سياسية لسدّة الرئاسة على أن تصير لـ "امرأة" ولو كانت أعمق معرفة وأبعد خبرة في إدارة الدولة.

·       المطلوب هو التغيير في ذهنية الرجل أولا، التغيير في نظرته الفوقيّة إلى المرأة، والاعتراف بها على أنها عقل وطاقة كامنة وليس جسدا أو أداة للمتعة وحسب. لم يعد ممكنا في القرن الحادي والعشرين اختصار المرأة من خلال انتمائها لرجلٍ وحسب، والحد من تحررها أو منعها من السفر بمفردها بوصفها "الضلع الناقص" الذي قد يتعرض للغواية والمتاعب. المرأة قادرة اليوم أن تدافع عن نفسها وتحميها بغض النظر عن وجود الرجل أو غيابه عن حياتها. المسألة هي في تغيير الثقافة الاجتماعية التي تحصر المرأة في دائرة الشكوك والهوس الجنسي عند الرجل من جهة، والمجتمع ككل من جهة أخرى! المطلوب رفع الحجاب عن ذهن الرجل أولا ورفع الوصاية عن المرأة ثانيا والتعامل معها كرافد إنساني مكمّل للرجل وليس "خيال مآتة" واهيا ويابسا! هذا الأمر يتناسب طردا مع تفعيل المجتمع المدني الذي عادة ما يكون حافزا للمرأة والأقليات المغلوبة على أمرها، وقد يكون الأمر مضحكا ومثيرا للسخرية هنا عندما نقرن المرأة التي تشكل ما يعادل 60% من المجتمعات الشرق أوسطية ـ أي الأغلبية ـ مع الأقليات! لكن في حقيقة الأمر هي منقوصة الحقوق كأغلب الأقليات في شرقنا العنيد.

الأنجلو سكسون  وتاء التأنيث

في إحدى قاعات جامعة ميريلاند في العاصمة الأميركية واشنطن، حيث قمت بتدريس مادة اللغة العربية، كنت أشرح للطلاب الأميركيين الدور اللغوي لتاء التأنيث المربوطة، وكيف تغيّر من معنى المفردة حين إضافتها إليها، ضربت لهم مثالا لمفردتين هما: جامع وجامعة! ولأني " لحرمة المكان الأكاديمية" ولـ "مهنية" في تركيبتي الشخصية، أتحاشى أن أخوض في غرفة الصف أي حوار يخرج بنا عن سياق البحث العلمي، ولأني أقرّ أن الوقت الذي يصرفونه في الجامعة هو وقت للمعرفة والعلم وليس للتوجيه السياسي أو التبشير العقائدي، لهذه الأسباب مجتمعة لم أذهب بهم إلى الفارق الفقهي بين المفردتين كيف اتسعت هوّته في يومنا هذا، وكيف كان الجامع في العهد الإسلامي الأول تماما كالجامعة، بالحكم الوضعي، حيث عرف الجامع في حينها مكانا للعبادة والحوار وتبادل الرأي والمعرفة أيضا، بينما تحوّل اليوم إلى منبر للتهييج الطائفي، والاصطفاف الديني، والتخدير الغيبوي الذي يتجلى في رشق الفتاوى العجاف باستهتار بليغ بتعاليم بالدين الإسلامي أولا، وبالعقل العربي المغلوب على أمره تاليا.

رجل واحد

في دمشق رجل لم تكن لتستوي إقامتي إذا لم أزره، خلال محطاتي المتقطعة والقصيرة فيها، هو المرحوم الفنان التشكيلي العالمي فاتح المدرس. قرأت مرة معاً عبارة كتبها على حائط مرسمه ـ المرسم الذي كان على وزارة ثقافة رشيدة أن تحيله إلى متحف للفن الوطني وأن تحتفي بتاريخ حقبة فنية غنية ورائدة في الفن السوري قبل أن يُغيّب معالمه طلاء الجدران الأبيض السقيم ـ قرأنا معا العبارة التالية: "بإمكان رجل واحد أن يخرج أمة من التاريخ".

562.

مواضيع جديدة في موقعنا الجديد اضغط هنا


ارشيف
ارشيف

صحافة وإعلام و آراء

كتاب الموقع
عبدالغني ع يحيى
العصر الطيني في العراق.
بنكي حاجو
الكذبة الكبرى
ب. ر. المزوري
النقطة
زاكروس عثمان
أحزاب خارج التغطية
إبراهيم اليوسف
النص الفيسبوكي 2.
عبد عبد المجيد
الفسيفساء السورية
أفين إبراهيم
رضاب الفراش
وزنة حامد
قلق الذات