المهاجرون في ألمانيا وطموح المشاركة السياسية
الإربعاء 17 شباط / فبراير 2010, 18:13
كورداونلاين
أظهرت إنتخابات مجالس الإندماج التي جرت أخيرا في ولاية رينانيا الشمالية فستفاليا الألمانية أن قضايا تعليم أبناء المهاجرين والمساواة في الفرص تشكل أبرز إهتمامات المهاجرين. وفي بون فاز نائبان عربيان في مجلس المدينة.
شهدت مدن ولاية رينانيا الشمالية فستفاليا الألمانية مؤخرا انتخاب مجالس الإندماج التي تمثل المهاجرين المقيمين في البلد، وهي هيئات استشارية لدى مجالس بلديات المدن وتهتم بشؤون المهاجرين والإندماج. وتميزت إنتخابات مجلس الإندماج في مدينة بون هذه المرة بفوز نائبين عربيين (مغربي وسوري)، ويشكل المهاجرون العرب حوالي 10 في المائة من مجموع المهاجرين في بون الذين يتجاوز عددهم 70 ألف.
قبل تسعة وعشرين عاما قدم موسى أشرقي وهو طفل صغير مع أسرته من مدينة الناظور شمال المغرب إلى مدينة بون، وهو الآن رجل أعمال ويشعر بإرتياح كبير لأنه أنتخب في مجلس الإندماج بمدينة بون ويسعى من خلاله لمساعدة المهاجرين الذين يعيشون في المدينة. وحول تجربته في إنتخابات مجلس الإندماج قال أشرقي أنه خاضها على رأس لائحة تحمل شعار"الإتحاد من أجل بون" وقد فاز مع زميله السوري أزرق عبد الحق والتركي أكمان أيوب وتسعى اللائحة العربية التركية للحصول على رئاسة المجلس، وأوضح أشرقي أنه "يمثل كل المهاجرين في مجلس الإندماج بصرف النظر عن إنتماءاتهم وأصولهم وجنسياتهم". تحافظ مدينة بون على طابعها العالمي رغم إنتقال مقر العاصمة الى برلين منذ عقدين، ويتشكل سكانها من مزيج من الأعراق والأديان واللغات وتحتضن مقرات مؤسسات دولية ضمنها عدد من المنظمات التابعة للأمم المتحدة. ويشكل المهاجرون حوالي 19 في المائة من سكان المدينة، وهو من أعلى معدلات الهجرة في ولاية رينانيا الشمالية فستفاليا المعروفة بتقاليدها العريقة في إستقبال المهاجرين. شهدت تجربة مجالس الإندماج في ولاية رينانيا الشمالية فستفاليا منذ تأسيسها في منتصف السبعينات تطورا وتسميات مختلفة الى أن وصلت الى شكلها الحالي، وزاد الإهتمام بها في السنوات القليلة الأخيرة على المستوى المحلي بموازاة إستراتيجية الحكومة الفيدرالية للإندماج ويعتبر تكليف وزيرة في حكومة المستشارة انغيلا ميركل بحقيبة الإندماج "تجسيدا للإهتمام المتنامي في ألمانيا بمسألة إندماج المهاجرين" كما يوضح كايزا ألونغا معربا عن أمله بأن يتطور الحال ليصبح الأجانب الذين يعيشون في ألمانيا منذ أكثر من خمس سنوات لهم الحق في المشاركة في الإنتخابات المحلية والبرلمانية والحق في تأسيس أحزاب سياسية، ملاحظا ان البنودستاغ(مجلس النواب الإتحادي) "حاليا لا يوجد به أي وجه إفريقي". ويحق لأي أجنبي بلغ 16 عاما ويقيم في ألمانيا منذ سنة على الأقل المشاركة في إنتخابات مجالس الإندماج، أما المشاركة في الانتخابات المحلية والبرلمانية فتتطلب أن يكون الشخص حاملا للجنسية الألمانية.
ويرصد المتتبعون لتجربة مجالس الإندماج ان مشاركة الناخبين(الأجانب) شهدت تراجعا في الانتخابات الحالية قياسا للإنتخابات التي جرت قبل خمس سنوات مثلا في بون كانت نسبة التراجع من 16 الى 8 في المائة، وهو ما يفسره الدكتور هيدير سيليك الباحث السوسيولوجي في مركز الدراسات حول الإندماج ببون ب"ضعف النفوذ السياسي لمجلس الإندماج" لكن ذلك لا يقلل من أهمية مسألة الإندماج، كما يقول الباحث. من جهته يرى موسى أشرقي ان هنالك مشكلة في التواصل بين مجلس الإندماج والناخبين وهو ما يتطلب "معالجة من قبل المجلس المنتخب حديثا وتوعية المهاجرين بدورهم في إتخاذ القرار في المؤسسات".
وبرأي الباحث سيليك فإن وظيفة مجلس الإندماج في المقام الأول تشجيع المهاجرين على الإندماج في صلب المجتمع، ولاحظ ان "عملية الإندماج لا يمكنها ان تتم فقط عبر مجالس أو لجان، وإنما عبر حوار متواصل في المجتمع" وأضاف ان "الطرفين مطالبون بتطوير سياسة من شأنها أن تساهم في بناء مستقبل مشترك لأبناء المجتمع". ومن خلال تجربته كمهاجر مغربي، يرى أشرقي أن حل المشاكل المتعلقة بالإندماج يتطلب "تدرجا وتعاونا بين المهاجرين ومواطني المدينة، مشيرا بأنه عاش "تجربة ناجحة عبر مجلس المسلمين في بون من خلال تشجيع الحوار بين المسلمين والمسيحيين".