عماد علي في حوار مع الأديبة الأردنية د.سناء الشعلان
الإربعاء 17 شباط / فبراير 2010, 13:57
كورداونلاين
الكتابة هي روح الحقيقة، وصدى العدل والمساواة والإخاء والمعرفة والسّلام والإنسانية
الأديبة الأردنية د.سناء الشعلان "الكتابة هي روح الحقيقة، وصدى العدل والمساواة والإخاء والمعرفة والسّلام والإنسانية
أجرى اللقاء: الإعلامي : عماد علي / كردستان
<1- كيف كانت كردستان؟وبأيّ انطباع عدت إلى الأردن..؟
وجدتُ كردستان غنية بأهلها الطيبين المضيفين الذين يتوافرون على رصيد عملاق من الثقافة والجمال وحبّ الحياة والإصرار على حياة كريمة عادلة بعيدة عن الظلم والاستلاب والظّلم والاستبداد.
2- ماذا تعنى لك القصة؟وما أقربها إليك الرواية أم القصة القصيرة..؟
القصة تعني لي الحياة بكلّ تفاصيلها مختزلة في سطور، أمّا أين أجد نفسي فأنا أجدها تماماً وتحديداً في ذلك الشكل الأدبي أو الإبداعي الذي أفرغ ومضة الإبداع فيه في لحظة الإنجاز الأدبي أكان ذلك على شكل رواية أم قصة أم مسرحية أم قصة أطفال أم حتى مسرحية.
3- ما أهم الركائز و المبادئ الأساسية للقصة القصيرة..؟
أنا حريصة كلّ الحرص على الإخلاص لمناخ القصة،ولا أقلق كثيراً حيال موضوع اللغة أو استدعاء الفكرة بشكلها المسطّح أو استكمال العناصر بشكلها التقليدي والتراتبي،وهذا القلق لا ينطلق من إنكاري لأهمية هذه الاستدعاءات والعناصر،بل لإيماني بأنّها بدهيات تحضر من تلقاء نفسها متى شرع المبدع يحوّل إبداعه من حالة ذهنية إلى حالة مكتوبة وموثّقة.
ولذلك أخلص بالاهتمام لمناخ القصة الخاص الذي يجعلها تنضج على حرارة بعينها،وبشكل خاص،وخصائص ذاتية تنفرد بها،وتلمح بقوة إلى البيئة التي خرجت منها،ولذلك تكون هذه البيئة النفسية والروحانية والإبداعية والظرفية والجمالية والانتقائية هي المسؤولة بحق عن خروج القصة بهذا الشّكل واللغة والأداة والفكرة.
4- كيف تختارين عناوين أعمالك؟ وما تأثيرات مضامين القصة لتحديد العناوين التي تختارينها..؟
لاشك أنّ العنوان هو عتبة العمل الإبداعي،أو لعلّه حامل مهم للمعنى والمغزى،وناقل جيد للإيهام،ولذلك يعدّ العنوان هو أوّل العمل الإبداعي وفاتحته الحقيقة،ولذلك فالعنوان عندي يتشكّل من مضمون القصة،ويقيم علاقته مع العمل الإبداعي من خلال منظومة من الإيحالات المباشرة والواضحة إلى العنوان التي قد تتأسّس على السخرية أو الإشارة أو المفارقة أو المطابقة مع مضمون عملي الإبداعي.
5- ما مساحة تأثيرات الكتاب الأدبية على استلهام القاصة في الفكر والكتابة القصصية ..؟
أعتقد أنّ هذه التأثير يأخذ شكل الاحتذاء والتأثّر الطبيعي بالمدارس الإبداعية،والأقلام العملاقة والمبدعة،وهو تأثير له أبعاده على المبدع أذكراً كان أم رجلاً بعيداً عن الجندر.
6- ما المميزات الأساسية بين أبطال قصصك؟و هل تشبهك أحياناً في الواقع..؟
أعتقد أنني معنية جداً بدواخل الإنسان، ومتعاطفة مع ضعفه ومآسيه،وقادرة على التعبير بلغة شعرية عن خلجات انكساراته وعن مآل صراعاته دون تحرّج أو مجاملة أو هروب، أنا أعرّي الواقع ،وأفضح عيوبه بكلّ مصداقية وجرأة. لذا التوقف عند ما أكتب هو تحّدى الاكتشاف والمكاشفة والبوح . وكلّ ذلك بنص إبداعي يحتفي بالتجريب والشكل ،ويخرق الرتابة والكلاسيكية.
7- من أين تستمدين شخوص أعمالك القصصيّة والروائيّة ..؟
أستمدّها من المشهد الاجتماعي الموجود والمزعوم والمفترض والمأمول والمنسي والمهمّش، أنا أحترف مراقبة النّاس بحرفيّة لا تعرف ملل ، أقلّدهم ، أحفظهم، أنزلهم على الورق، أحركهم كما أشاء،أقيم لهم عوالم تشابه عوالمهم أو تخالفها،أعرّيهم وأفضحهم، أنطقهم بكلّ عيوبهم، وأجعلهم يبوحون بسقوطهم، أنا ضدّ السّقوط والضّعف والتّخاذل، ولا أخجل أبداً من أن أرسم كلّ رمزه وأنصاره ودعاته، ولا أجد في نفسي ما يمنعني من أن أصرخ في وجه المفسدين وأن أنضمّ لصفوف الثائرين.
8- ما هو المعنى الذي يحمله الحبّ في أعمالك؟ وهل تخضعينه لأيّ منطق؟
الحبّ هو ثيمة الحياة ، وخطه العريض والأبرز والأهمّ، ولا أقصر الحبّ هنا على ثنائية الجنسيّة الضيقة، أعني الرّجل والمرأة،بل أجعله صيغة لوصف الحياة ، ورسم المجتمع، ورصد حركاته الدّاخليّة والخارجيّة ،وتوصيف ظروفه وحقائقه وعيوبه بل وآملة وأحلامه, فالحبّ ونقيضه الكره هما الثنائية التي تستطيع أن تنتظم كلّ تاريخ البشريّة، فإمّا أن يعرف الإنسان الحبّ ويسعد، وإمّا أن يدخل زمن الرّدة، ويكفر بالحبّ، ويتنكر له، وعليه عندها أن يقاسي ما يقاسيه الآن من عذابات وآلام وحروب وضغائن.الحبّ عندي هو منطق السّعادة الأوحد.
9- تكتبين في مجال قصص الأطفال . أين سناء من عالم الطفولة ..؟
أعتقد أنّ سناء طفلة كبيرة بكثير من المقاييس،وقد لا أبالغ إنْ قلتُ إنّ انقسامي بين عالميّ الطّفولة بجماله وعفويته وبراءته وفضوله ومتطلباته وجموحه وطهارته وعالم الكبار بقيوده واضطرابه وزيفه هو ماشكّل الحالة الإبداعيّة عندي، فنحن في حاجة إلى القلق والتساؤل والمواربة حتى نطلّ على عوالم مختلفة، وعندما نحنّ إلى الجمال والأمل والمستقبل لابدّ أن نكتب بلغة الأطفال ومنطقهم ، ونكتب لهم دون غيرهم كي نراهن على المستقبل، وأنا أراهن على الغدّ، ولذلك أنا طفلة حتى إشعار آخر.
10 - ما هي أهم عوامل نجاح القصة والتي تساعد على انتشا رها واستفادة القراء منها؟
أنا شغوفة بفكرة تحطيم الشكل الكلاسيكي الرتيب للقصة القصيرة،وأسعى بكلّ ما أوتيت من موهبة إلى ابتداع شكل قصصي جديد، يؤمن بالتشظّي حالة إبداعية خاصة إذا أُحكم قيادتها وتمثلها مع الحرص على أن لا تتعرّض الفكرة أو الرؤية في القصة للتشظي بل على العكس يسعى هذا التشظي إلى أن يكون في سبيل بروز الفكرة وتعريها ومجاهرتها بتردّي المجتمع وتساقط بعض رموزه واختلال ثوابته وقيمه.
11- ما أهم ما أعجبك في كردستان عند زيارتك لها من النواحي الاجتماعية الثقافية العامة، و برأيك ما الذي يميز كوردستان عن غيرها ..؟
أعجبني الإنسان الكردي الذي يتوافر على رصيد جميل من الحضارة والإخاء والحبّ والاعتزاز بنفسه وبحضارته وبموروثه،ولذلك حقّ له أن يحظى بالحياة. 12- ما هي وظيفة الكتابة وفق رأيك الخاص ..؟
الكتابة هي روح الحقيقة، وصدى العدل والمساواة والإخاء والمعرفة والسّلام والإنسانية، وأساس الإصلاح والتعليم والتنمية، والبنية الأساسية في عملية بناء الحضارة، ولا بدّ للكتابة من أن تضلع بهذا الدّور، ومادامت تقوم به على خير وجه، فهي ستبقى المنتصرة حتى ولو كانت في إزاء تفجّر عظيم للاتصالات، أمّا إن قصّرت في القيام بدورها ،فمن الطبيعي أن تسقط في الظّل ، وتنزوي في النّسيان شأنها شأن الكّتاب المرتزقة الخاملي الموهبة والثقافة والانتماء والنّضوج.
13- ما هو طقسك الخاص في الكتابة..؟
الكتابة عندي حالة ، وليست قرار أو مهمة أؤدّيها، كما هي متعة وتواصل مع الذات بالدّرجة الأولى ،وصولاً للتواصل مع العالم الخارجي، ولذلك فأنا أعنى بسناء الإنسانة في لحظات الكتابة، وإرهاصات الكتابة عندي تستوجب أن أسمع موسيقى هادئة من التي أفضل، وأن أضع القليل من عطري المفضّل، وأن أكون في مكان إنارته قوية ،ولكن غير مشمس، وأن أكتب على ورق أزرق بقلم أزرق، وأن أكون وحيدة في المكان الذي أكتب فيه.
14- بماذا تعرّفين الوطن..؟
الوطن عندي هو جنّة الله في الأرض، ولذلك هو صورة السّعادة والأمن والسّلام والحبّ والاحتواء والاكتفاء والحياة الكريمة العادلة، وبخلاف ذلك تنتفي فكرة الوطن، وتتساوى الأماكن في هذا العالم.
15- بأيّ نوع من التواصل الإنساني تؤمنين ..؟
أؤمن بحوار الإنسانية وتقاربها وتسامحها وتعايشها في سلام.
16- هل أنتم مع حوار الحضارات أم حوار الثقافات .. ؟
أنا مع حوار الإنسانية وتقاربها وتسامحها وتعايشها في سلام.
17- كلّ إبداع أو فن يهدف إلى إيصال رسالة ،هل فن القصة القصيرة قادرة على إيصال رسالة سناء الشعلان .. ؟
أعتقد أنّني نجحت في تمرير الكثير من روح وتجربة وأفكار ورؤى سناء في القصة القصيرة، لكن من المبكر بحق الحكم على ذلك، أو تقيمه فأنا أعد نفسي في بداية المشوار، والكلمة الأخيرة لم تقل، والكثير من الأجناس الإبداعية تتجاذبني بقوة، وأنا مستسلمة لها جميعاً حتى يكون لإحداها الغلبة.
18- لماذا تتجه الكاتبات في كثير من الأحيان إلى فن القصة القصيرة بالتحديد ؟
أعتقد أنّ الظاهرة ليست مقصودة، وليست طريقة للتهرب من فني الرواية أو الشعر، فالقصة القصيرة ليست فناً عبثياً أو سهلاً أو مطية لكلّ مجرب، لكن يبدو أنّ واقع الحياة السريع، وتفلته أحياناً من جماليات التفاصيل والمساحات الزمنية الكبيرة ،وانحيازه إلى عرض أزماته قد أملى القصة القصيرة بديلاً عند بعض الأديبات عن الشعر والرواية.
19- ما هي حصيلة سناء الإنسانة من كلّ موهبتها وعلمها وتجاربها وخبراتها وتواصلها مع الآخرين ..؟
استطعت أن أصبح إنسانة بحق،تحترم آدمية الآخرين،وتقدّر معطياتهم ومدخلاتهم،وترجم ضعفهم،وتتسامى على جميع أنواع التفرقة والتمييز والعنصرية. باختصار أصبحت إنسانة بامتياز،وهذا ما ينقص الكثير من البشر ليكونوه.