حوار ثلاثي.مع نديم يوسف جان كورد إبراهيم خليل حمو
السبت 26 كانون الأوّل / ديسمبر 2009, 02:31
كورداونلاين
لا يحق لأي حزب أو تنظيم الإنفراد بالتمثيل الكوردي أو التلاعب بمقدسات الشعب التي هي وجودنا ومستقبلنا
أجرى الحوار - عنايت ديكـو
في حوارية مفتوحة حول شؤون الساعة عبر توجيه أسئلة مختلفة ومتفرقة مع بعض الأفاضل من مثقفين وسياسيين وكتاب كُوردْ ,اخترت لكم من بينهم ,آراء ثلاثة أساتذة من مشاربٍ وأفكارٍ مختلفة هم .
الأول - الشاعر الكردي نديم يوسف , الثاني - الكاتب جان كورد , الثالث - السياسي الكردي إبراهيم خليل حمو
وحاولت أن تكون هذه المقابلة , مقابلة مختلفة ومفتوحة على مصراعيها .
السؤال الأول - ما رأيكم بالحوار الذي دار في الانترنت مؤخراً على ( البالتوك ) مع السيد محي الدين شيخ آلي سكرتير حزب الوحدة الديمقراطي الكوردي في سوريا والذي اختزل فيه قضية الشعب الكوردي في سورية الى قضية مواطنة فقط ، لا قضية شعب يعيش على أرضه التاريخية ؟
البداية مع الأستاذ نديم يوسف
ردّ الشاعر نديم يوسف على السؤال قائلاً : للعدالة غضبها سيدي المطران -الشيخ - الحاج- وغضب العدالة عنصر من عناصر التقدم ,هذا ما قاله الفرنسي فيكتور هوغو الإنسان في روايته الشهيرة – البؤساء - وذلك بعد حذف وشطب لقبي الشيخ والحاج .
باعتقادي إن الازدواجية هي من اخطر الآفات التي تهدد حياة الأمم والشعوب والأفراد وهي لا تقل خطورة عن أنفلونزا الخنازير والماعز المنتشرتين حديثاً في العالم الذي يعاني أصلا من آفات مميتة‘ وبسرعة البرق تم الإعلان عن اللقاح المضاد لهذه الآفة المنتشرة ‘ فهل نحن الكورد قادرين على إيجاد وخلق لقاحٍ مضاد للازدواجية وللنظرة الدونية أي تقزيم الذات وبنفس الوقت الرفض التام للتمجيد والتعظيم . كم سيكون الأمر جميلاً عندما نقول ونحس بأننا شعبٌ وبشر‘ولنا ارضٌ وتاريخٌ حافل بالأمجاد والانكسارات المؤلمة وأيضا التسامح والتوافق رغم إنكار الآخر لنا ‘ولكن كم يبقى الأمر حزيناً ومؤلماً عندما ننكر وجودنا وتاريخنا وتراثنا وجغرافيتنا قبل الآخر الذي لا يقبلنا شكلاً ومضموناً ويلغينا دون رادعٍ من الحس الإنساني .
وهنا أقول : لا يحق لأي حزب أو تنظيم الإنفراد بالتمثيل الكوردي أو التلاعب بمقدسات الشعب التي هي وجودنا ومستقبلنا وإذا كنا لا نستطيع السير بالحقيقة الكوردية المتجذرة في عمق الجغرافيا والتاريخ والدفاع عنها في كل الأزمنة والأمكنة يستوجب علينا الاعتذار والاعتزال من العمل الحزبي والتنظيمي كي لا نكون سببا أو طرفاً مباشراً للجرح الكوردي الذي ما زال ينزف بغزارة ‘لذلك ان قضيتنا هي قضية ارض وشعب وهي قضية سورية بامتياز ولم نطالب بالتقسيم والانفصال بل الاعتراف الدستوري وممارسة حقوقنا وواجباتنا .
بينما أجاب الاستاذ جان كورد على نفس السؤال بالتالي :
مع احترامي لآراء مختلف السياسيين السوريين، من سائر فصائل الحراك الديمقراطي والوطني السوري، ومنهم السيد محي الدين شيخ آلي، بخصوص القضية الديمقراطية في البلاد عموماً، والقضية القومية للشعب الكوردي خصوصاً، فإنني لا أكاد أفهم حقاً بصدد هاتين القضيتين الأساسيتين في برامج ومناهج حراكنا الوطني، ما يجري سرَاً بين مسؤولين في "المعارضة السورية" وبين النظام، حتى يضطر سياسيون مرموقون لهم تاريخ نضالي عريق إلى اتخاذ مثل هذه المواقف، فيرفضون تسمية النظام بالدكتاتوري والطائفي، أو يصرّون على ترك المطالب القومية الكوردية غير واضحة ودقيقة، ويدخلون في جوقة مدح رأس النظام الذي يحاولون تصويره وكأنه (بلبل في قفص) كبعض خلفاء الدولة العباسية، وهم الذين ظلوا لأكثر من ربع - كما سمعنا باستمرار- ملاحقين ومطلوبين من قبل الأجهزة الأمنية، في المناطق الكوردية وفي المدن السورية التي لا يمكن فيها إخفاء إبرة عن هذه الأجهزة، دفاعاً آنذاك عن هذه القضية وعن الفكرة التي تقول بأن هذا النظام فاشل في كل شيء وغير قادر على حل المشاكل ويسير في المسار المعادي لإرادة الشعب السوري، وهو دكتاتوري مستبد وفاسد وطائفي... حقيقة حاولت كثيراً أن أفهم ما المقصود بكل هذا الزبد غير المنتج وهذا الثناء الذي لا طائل تحته، ولكنني بصدق لاأفهم جيداً ما يجري في الخفاء حتى تظهر في العلن من قياديين أكراد مثل هذه التصريحات الجافة التي لا تخدم قضيتي الديمقراطية والشعب الكوردي في شيء...والسيد المحترم محي الدين شيخ آلي ليس الوحيد في بقعة الضوء المسلّطة هذه...
وكان للاستاذ ابراهيم خليل حمو رأي مشابه أيضاً ومقترناً بالتاريخ قائلاً :
لازلت أتذكر البيان المتشدد الذي أصدره السيد شيخ آلي في بداية ثمانينيات القرن المنصرم، احتجاجاً على عزم البارتي يومذاك - الذي كان شيخ آلي عضواً في إحدى هيئاته القيادية مع المرحوم عبد الرحمن عثمان- المشاركة في انتخابات مجلس الشعب، تلك التي دعا إليها الحزب الحاكم، وكلنا نعلم أنها كانت القشة التي قصمت ظهر البعير، وأدت إلى حدوث شرخ في جسم البارتي. لكن المفارقة العجيبة أن السيد شيخ آلي أصدر بياناً آخر بعد مرور عام فقط - دونما حدوث أي تغيير في سياسة النظام وتركيبته السلطوية، ولا في منهاج حزبه الحاكم، حيال الديمقراطية في البلاد، أو فيما يتعلق بحقوق الإنسان أو حقوق الشعب الكوردي- يدعو فيه قواعد حزبه الجديد(حزب العمل) وأنصاره ومؤيديه، إلى المشاركة الفعَّالة في انتخابات الإدارة المحلية. وفي إحدى المكالمات الهاتفية مع فضائية عربية وعلى الهواء مباشرة، وكنت أسمعه شخصياً، فإذا به يدافع وبقوة عن بشار الأسد، بلا طائل ودونما مناسبة تستدعي ذاك الدفاع قائلاً : يتهمون رئيسنا الدكتور بشار الأسد بالديكتاتورية ويشبهونه بفرانكو وموسوليني وهذا غير صحيح.واليوم يبرئ ساحة رئيسه مرة أخرى ليقول " السيد الرئيس بشار الأسد لا يحقد على الكورد ولا يحمل نية سيئة تجاههم" أما ما حدث ويحدث بحق الكورد يقوم بها البطانة من حوله ودون علمه – وقوله هذا يذكرني بقول زعيم كردي آخر هو الأستاذ خير الدين مراد - عندما قام بعقد عدة ندوات سياسية على الساحة الأوربية عقب الانتفاضة الآذارية المباركة لعام 2004 إثر أحداث ملعب قامشلي الدامية، حيث كان هو الآخر يبرر ساحة المجرم بشار ويعتبره بريئاً من دم شباب الكورد براءة الذئب من دم يوسف بن يعقوب، وما حدث كانت مؤامرة محلية(حسب قوله) خطط لها ونفذها متنفذون في منطقة الجزيرة – ماذا دهاكم يا قادة الكورد أتظنون أن من يسمعكم من أبناء شعبكم سذج إلى هذه الدرجة، لتنطلي عليهم أقوالكم هذه أو أنهم سيمرون عليها دون تمحيص ودون تدقيق أو تحليل مرور الكرام، ما هذه الجرأة التي تحفزكم إلى هذا الدفاع المستميت عن مجرم يداه وأيدي زبانيته ومرتزقته ملطخة بدماء العشرات من فلذات أكبادنا دون وجه حق- العشرات منهم قتلوا بدم بارد في الانتفاضة المباركة والعشرات منهم قتلوا وهم يؤدون واجبهم المقدس ذوداً عن حياض الوطن برصاص مسئوليهم دون تقديم أي تفسير لما يحدث، والعديد منهم قضوا نحبهم تحت التعذيب في معتقلات النظام وعلى رأسهم شيخ شهداء عصره الدكتور محمد معشوق الخزنوي .يا قادة الكورد إن كنتم مرغمين على إتباع سياسة كهذه دون حول منكم ولا قوة، فهي طامة كبرى، أما إن كان يحدث ذلك بملء اختياركم وبرضاكم فالطَّامة أشد وأدهى، هذا إن كان تبوؤكم لمراكزكم القيادية ناجمة عن حالة ديمقراطية تمارسونها في مؤتمراتكم الحزبية، فحافظوا على الأمانة التي أودعكم إياها من اختاركم إليها، أما إن كان الأمر غير ذلك، فاعلموا أن ذاكرة الشعوب لا تشيخ، والمحاسبة لن تكون يسيرة. ثم من خولكم فعلاً لتختزلوا حقوق شعب في المواطنة، التي غدت في أوربا حقاً مضموناً للحيوانات الأليفة ناهيك عن الإنسان، وتلتقون في ذلك مع تلك المعارضة المعترضة الهشة التي تحمل نفس ثقافة النظام، فيما يتعلق الأمر بقضايانا المصيرية، وبحقوقنا القومية المسلوبة، وكرامتنا المهدورة. السؤال الثاني - بداية مع الاستاذ جان كورد – كيف ترى مواقف المعارضة السورية تجاه مسلسل القتل الغامض والمستمر للجنود الكورد في الجيش العربي السوري؟
يرد الاستاذ جان كورد : المعارضة السورية أشكال وألوان، تختلف حسب رؤاها القومية والأممية والدينية والإنسانية، فمنهم من يقول للظالم أنت ظالم، ويوجّه إصبعه باتهام النظام المستبّد الفاسد في مسلسل قتل الجنود الكورد، إدراكاً منه بأن حياة البشر أمانة إلهية وأي اعتداء عليها يجب أن يُفضَحَ بقوّة ويُعاقَب قانونياً... والحقيقة في الأمر أنني متخوّف من وجود تنظيم سرّي سوري على غرار "الدولة الدنيا أو الواطئة" في تركيا، يستهدف الجنود الكورد أثناء تأديتهم خدمتهم الإلزامية، بهدف دق إسفين بين القوميتين الرئيسيتين في البلاد، العربية والكوردية، وتفجير فتنة كبرى، ونتذكّر انتفاضة الشعب الكوردي المجيدة في آذار عام 2004، تلك التي سببها الأول يكمن في سياسات النظام العنصرية الحاقدة على شعبنا الكوردي، والسبب الثاني كان محاولة إثارة الفتنة بين أبناء الشعب السوري، وهي محاولة قذرة وغامضة كغموض الأسباب الكامنة وراء قتل كل هؤلاء الشباب الكورد دون غيرهم في الثكنات العسكرية...فإن كان النظام - كما يدّعي عملاؤه- بريْ من هذا الإجرام الذي راح ضحيته أكثر من 30 شاباً كورديا حتى الآن، فليبيّن للشعب السوري والرأي العام العالمي ماذا يفعل لوقف هذه الجرائم الإرهابية؟ والسكوت دليل الرضى، وهذا ما يقلق الأوساط المهتمة بسوريا وبالكورد في العالم الحر الديمقراطي، ولن يظّل الناس ساكتين حول هذه الأفعال الشنيعة دائماً...أهي دعوة للشباب الكوردي أن يهرب من البلاد ولا يخدم خدمته الإلزامية حتى تصعب عودته إلى سوريا، ويضطر أهله لدفع "الأتاوات" كلما جاء رجال الأمن من المخابرات والشرطة للسؤال عن الهارب من الخدمة؟ أقول بصراحة: هذه محاولة سياسية قذرة، دموية وخطيرة، ربما تنجم عنها ردود فعل كوردية تضّر بالوحدة الوطنية للبلاد، إن وقفت المعارضة السورية موقف الساكت، والساكت عن الحق شيطان أخرس.
بينما السياسي ابراهيم خليل حمو كان عنده شيئ أخر ورأيه كان أكثر حدة عندما قال: إطلاق لفظة المعارضة على عواهنها ليست سليمة، فالمعارضة الديمقراطية الحقيقية تلك التي تسعى إلى التغيير، وتعمل على استلام الحكم وفق آليات مشروعة محددة، أما المعارضة التي تحوم في فلك النظام أو تنتهج الاستجداء وتسترحم السلطة الاستبدادية لا يمكن اعتبارها معارضة، من يعارض سلطة استبدادية ديكتاتورية أمامها أحد الخيارات التالية: إما أن تكون في السجن، أو أن تكون في المهجر منفية خارج البلاد، وإما أن تكون متمردة ثائرة على الظلم، أما أنها تغدو وتجيء على مشهد ومرأىً من أعين النظام، فهو أمر لن يقبله المنطق السليم، وبناء عليه فالمعارضة التي تغض الطرف عما يرتكبها مرتزقة النظام بحق جنود الكورد الأبرياء أثناء أدائهم لخدمة الوطن، أو تلك التي تتنكر لحقوق شعب يربو تعداده عن ثلاثة ملايين نسمة، لا يمكن اعتبارها معارضة حقيقية حيث لا تطابق بين الاسم والمسمى، أما أولئك الأحرار الذين يرفعون أصواتهم عالية في التنديد باقترافات النظام، وإن كانوا قلة فهم يشكلون النواة الحقيقية لعملية التغيير الديمقراطي المنشود، وهؤلاء نلتقي ونتضامن ونتحاور معهم على أمل الخروج من عنق الزجاجة التي تمر بها المعارضة في أزمتها الخانقة.
وفي جعبة الشاعر نديم يوسف حصلنا على رأي نقدي لاذع : يحزنني القول ان المعارضة السورية غائبة تماماً عن الساحتين الداخلية والخارجية وهي بحالة السبات في غرفة الإنعاش وذلك بعدما ان عجزت في تحقيق ادني درجات توحيد الموقف والخطاب وهذا إن دل على شيء إنما يدل على الفائض الحاصل في البرامج والمستحقات والانقسامات والولادات الجديدة وحالات التخوين والاتهامات اليومية التي تقرأها ونسمع بها ‘ وكل هذا خدمة مجانية قدمتها المعارضة للنظام الحاكم على طبق من الفضة والذهب‘ فما الذي تريد ان ننتظره من هذه المعارضة ومن هذا النظام الأمني الاستثنائي الذي أجاد ويجيد القتل والتعذيب وكل فنون الرعب والفساد والتخريب في وضح النهار وليس تحت جنح الظلام فقط .وهنا يستوجب الأمر على كل القوى الديمقراطية والتي تدافع عن السلم الأهلي التحرك السريع لوضع الحد لمأساة الكورد من خلال الاعتصامات والمظاهرات للمطالبة بتشكيل لجنة تقصي الحقائق لوضع الحد لهذه الجرائم التي ترتكب بحق أبناء سوريا .
السؤال الثالث - وفي سؤالي الثالث حول الغاية من وجود اسمين مختلفين لحزب واحد - ( يكيتي ) مثلاً بين الكوردي والكوردستاني في سورية ,على السادة الثلاث .
أجاب الاستاذ ابراهيم خليل حمو بأن : الكوردستاني هو الاسم الذي أطلق على أول تنظيم سياسي ديمقراطي كوردي في البلاد، ويتماشى مع الواقع على الأرض، حيث أن الأحزاب الكوردية السورية اليوم بمجملها تؤمن بأن اتفاقية سايكس بيكو الدولية لعام 1916 جزأت كوردستان إلى أربعة أجزاء وألحقت جزءاً منها بسوريا، لكنها لا تدرج في دساتيرها الحزبية وبرامجها السياسية هذه التسمية درءاً لغضب النظام، ويكيتي هو تنظيم من هذه التنظيمات، لما كانت قواعدها الحزبية تريد أن تبوح بما تؤمن به، تخلصاً من العراك الداخلي الذي يعيشه كل فيه مع نفسه، فترى القيادة أن الحمل ثقيل لا تقوى على النهوض به، لكن الأمر الذي يجب أن نحترمه وأن لا نتجاهله هو أن المؤتمرات الحزبية تعتبر محطات للتوليف والتشحين وتصحيح لمسار الأحزاب، ولابد أن نحترم قراراتها إن كنا فعلاً نؤمن بالعملية الديمقراطية في التدوال الحزبي الديمقراطي السلمي، وإن كنا فعلاً نرفض عقلية النظام في شموليتها وإقصائها للمغاير المختلف، ومن جانب آخر لنعي أن القيادة مسئولية والتزام لا تشريف ولا تكريم، وبالتالي من تحمل الأمانة طواعية فعليه أن يتحمل تبعاتها أيضاً، وأن الحقوق لا يقدمها أحد على طبق من فضة أو ذهب، وإنما تنتزع انتزاعاً، وهذا يعني أن دونها لسع ولدغ وألم، ومن لم يكن في مقدوره تحمل ذلك فالأجدر به أن يتنحى جانباً، ويفتح المجال لمن يبدي الاستعداد لذلك، أما ضرب قرارات المؤتمر عرض الحائط تحت أية حجة أو أية ذريعة أمر مرفوض، ناهيك أنه استهتار بعقلية الشعب، وممارسة للوصاية عليه.
بينما الاستاذ جان كورد قد عالج الموضوع من زاوية أخرى قائلاً : الموضوع شائك ومعقّد فعلاً... وليست هناك غاية من ذلك، وانما هذا نتاج سياسات متضاربة في الحزب الواحد...أنا أتابع منذ سنوات طويلة ما يجري في حزب يكيتي الكوردي / الكوردستاني (السوري)، وهو حزب مناضل بالتأكيد، وأهدافه واضحة في منهجه السياسي، وأحترم قياداته وكوادره، وبخاصة أولئك الذين حاولوا إخراج الحراك السياسي الكوردي في سوريا من حالة الجمود والرعب وعدم الجدّية والاكتفاء بالأقوال دون الأفعال...ولحزب يكيتي سبق في هذا المجال لا يستطيع أحد إنكاره...كما أنه لم يتربّى على تقديس الرئيس أو الأمين العام أو الزعيم مثلما هو دأب بعض التنظيمات الكوردية الأخرى، وهذا جيد وديمقراطي فعلاً...رغم أن بعضهم يسعى لتشكيل مرجعية حزبية لنفسه ولبعض أعوانه على غرار "هيئة تشخيص مصلحة النظام" في إيران...المشكلة أكبر من وجود قيادة في الداخل السوري لا تذعن لها الغالبية الساحقة من التنظيم في الخارج، وبخاصة في العالم الحر الديمقراطي...ولقد كتبت رأيي في العديد من الموضوعات المتعلقة بحزب يكيتي من قبل...
من خلال اتصالاتي المستمرّة مع الشرائح والشخوص المختلفة للأحزاب التي أعقد عليها الأمل، ومنها الرفاق في حزب يكيتي، توصلّت إلى قناعة تامة بأنّ هناك خلافات سياسية أساسية بصدد هوية الحزب القومية والوطنية، وبصدد الديمقراطية في التنظيم، والموقف من النظام القائم بقوة الحراب في بلادنا، وكذلك العلاقة مع العالم الحر الديمقراطي على الصعيد الدولي...المشكلة ليست "تنظيمية!" بحتة، أو أن هناك بعض "الأولاد العاقين" في تنظيمات أوروبا، كما يحاول بعضهم ترويجها...وأعتقد أنّ المؤتمر الأخير للحزب قد ساهم في تأزيم الوضع التنظيمي والسياسي في الحزب بشكل أعنف من سائر المؤتمرات الأخرى للحزب، وهي مؤتمرات عليها ملاحظات هامة...هنا يتحدّث المرء عن "عدم التزام بمقررات المؤتمر"، و"تشكيل قيادة بعد انتهاء المؤتمر بأسلوب غير شرعي"، و"العدول عن ممارسة الديموقراطية في المؤتمر إلى مساومات وتوافقات فوقية وراء الكواليس"، وتم إطلاق اسم "الثلاثاء الأسود"على اجتماع كوادر الحزب بعد فشلهم قبل ذلك في انجاز أعمال المؤتمر بأسلوب ديمقراطي...ومن المؤسف حقاً أن يتعرّض هكذا حزب مناضل إلى أزمة، ربما تؤدي مباشرة إلى انشقاق مضّر به وبقضية الشعب الكوردي...
أمّا بالنسبة إلى "الكوردي" الذي هي صفة عائدة لقوم، و"الكوردستاني" الذي هي صفة عائدة لوطن، فثمة فارق كبير... فالذين يرون أنّ هناك قوم كوردي دون أرض "وطن"، يستخدمون الصفة الأولى، ويتذرّعون بذرائع تتعلّق بالظروف التي تمرّ بها الحركة الكوردية السورية والمسائل الوطنية السورية وما إلى هنالك من معوقات ومخاطر، أي أنهم يتكتكون علناً ويوافقون ضمناً على وجود وطن للكورد، يدعى من قبل غير الكورد أيضاً "كوردستان"، على وزن أرمنستان وهندستان، والمثير أن السلاطين والملوك والمؤرخين الترك كانوا سباقين إلى استخدام هذه التسمية للبلاد الكوردية قبل عصور من الآن...وأحفادهم ينكرونها اليوم، أمّا بالنسبة للذين يقرّون بحقيقة وجود وطن كوردي تم تجزئته من قبل المستعمرين، فلا يجدون غضاضة في اتخاذ المصطلح الكوردستاني، ومن الضروري الإفصاح عن ذلك سياسياً، طالما هم أيضاً يطالبون بحل لقضيتهم القومية في إطار وحدة البلاد السورية، كما هو الحال في العراق الحر الفيدرالي أو دون ذلك (حكم ذاتي مثلاً)، حيث لم يصبح مصطلح "كوردستاني" في العراق سبباً في شق وحدة ترابه الوطني، وانما في إنهاء عهود الحرب بين كوردستان وعربستان، والتعاون معاً في سبيل بناء عراق ديموقراطي فيدرالي موّحد...تحّل فيه كل المشاكل العالقة بين العرب والكورد وسواهم عن طريق الحوار وصناديق الانتخاب...لا بالحراب والمشانق والحملات الكيميائية وحروب الأنفال...
طبعاً ستكون هناك مقاومة شرسة لإطلاق تسمية "الكوردستاني" من قبل فئات قومية متشنجة في المعارضة السورية، وفي النظام أيضا، رغم أن النظام ذاته هو الذي دعم بقوة أحزاباً "كوردستانية" كبيرة في كل من العراق وتركيا عقوداً من الزمن... وهناك في المعارضة السورية من يرفض أصلاً قيام حركة سياسية خاصة بالقوم الكوردي في سوريا، إذ لدى هؤلاء لا يوجد سوى مواطنين عرب سوريين أو سوريين من أبناء الأقليات الذين لايشكّلون إلآ هامشاً ضيّقاً في التركيبة الديموغرافية السورية، والقول بأن الكورد يشكّلون ثاني قومية في البلاد السورية من حيث التوزّع الجغرافي والحجم السكاني فهذا يثر حنقهم، ويضطرون للتمسّك بأهداب "الدين المشترك والتاريخ المشترك"، تماماً مثلما كان أتاتورك الطوراني في حين الضيق والشدة يتمسك ب"وحدة الأرض والأمة"...ولكن في الحقيقة يهرب هؤلاء بذلك إلى الأمام بدلاً عن الاعتراف بالغبن التاريخي الذي أصاب الأمة الكوردية على أيدي الاستعمار الغربي وعملائه منذ معاهدة سايكس – بيكو في عام 1916 خاصة، والسعي لحل المشكلة من جذورها...والسوريون العقلاء يرون كيف أن تركيا بكل جبروتها العسكري وامكانتها المالية وإعلامها القوي وشبكة علاقاتها الدولية وإنكارها الرهيب للوجود القومي الكوردي لأكثر من ثمانين عاماً لم تتمكّن من قهر الكورد تماماً، وها هي تخطو في "حياء أو عدم حياء سياسييها" صوب حل ما من الحلول لهذه القضية الكوردية...وليعلم المتعنتون العنصريون في سوريا بأن قيادة كوردية جريئة ومتماسكة لكورد سوريا يمكن أن تفرض عليهم بقوة طموحات شعبها في الحرية، وعندها سيندم هؤلاء على عدم إخلاصهم في حل هكذا قضية وطنية سورية هامة حلاً صحيحاً وعادلاً بالتعاون مع ممثلي الكورد.
عجيب أمر بعض النماذج من هؤلاء "المعارضين الديمقراطيين!" الذين يرون بأنه لا يوجد شبر واحد من البلاد السورية فيه عنصر قومي صافٍ، ويتذرعون بذلك لرفض المطالب القومية الكوردية (كالحكم الذاتي مثلاً) تماماً، وفي الوقت ذاته يصرّون على عروبة سوريا كليةً...أليس هذا بتناقض صارخ؟
وحول اطلاق اسم الكوردي والكوردستاني لم يتحدث الشاعر نديم يوسف كثيراً وكان رأيه أكثر اختصاراً وحدّة قائلاً: هذا أمر حزبي تنظيمي يخص قيادة يكيتي والأفضل أن تسأل الأخوة في حزب يكيتي الكوردي ويكيتي الكوردستاني رغم إنني اعرف جيداً خصائص الحزب الكوردي والكوردستاني .
السؤال الرابع - أيها السادة ( الأستاذ إبراهيم خليل حمو – الأستاذ نديم يوسف – الأستاذ جان كورد ) برأيكم ما هو الرابط بين العملية التفجيرية التي وقعت مؤخراً في مقاطعة توكات في تركيا وحظر حزب المجتمع الديمقراطي؟
لقد أشار الأستاذ إبراهيم خليل حمو برأيه قائلاً : لا أظن أن عسكرتاريا التركية بحاجة إلى ما يبرر نفث سمومها، فهي مفطمة عليه، ونكران الآخر يسير دماً في عروقها، ولا تفهم إلا منطقاً واحداً هو منطق القوة.
بينما الشاعر نديم يوسف كان له وجهة نظر أخرى: منذ أيام جدهم عثمان أرطغرل وحتى بعد تأسيس ما يسمى بـ تركيا اليوم على يد بطلهم القومي مصطفى كمال أتاتورك ‘ يمتهنون سياسة الغدر والازدواجية مع الكورد والقوميات الأخرى في الداخل والخارج ولكن المؤسف والمؤلم هو ان تجد بين الكورد من يدافع عن الكمالية ويمجد شخصية هذا الطاغي الفاشي الذي كان سبباً في كل الويلات والماسي للشعب الكوردي منذ تسعة عقود من الزمن ناهيك عن الأخطاء الاسترتيجية المميته والتي ارتكبتاها نحن الكورد بأيدينا وهذا دليل قاطع على الخلل الفادح في برامج وطروحات وتقربات القوى والتنظيمات الكوردية في كوردستان تركيا وهنا يستوجب مراجعة الذات قبل اتهام الآخر ‘بمعنى يجب خلق الأرضية المناسبة للتلاحم والتوافق بين القوى الكوردية التي تناضل في وجه الطورانية التركية وطي صفحات التشرذم والانفراد بمصير الشعب .
وأجاب الأستاذ جان كورد على نفس السؤال بالتالي: لقد بينّت وأثبتت محاكمات تنظيم "أرغنكون" للدولة السرّية ومن قبل ملفات "حزب الله" في تركيا أن عشرات الآلاف من الكورد سقطوا برصاص ومتفجرات هذين التنظيمين التابعين للأجهزة الإرهابية التركية...إن اليمين الفاشي في تركيا، لا ينكر فقط حقوق الشعب الكوردي، انما يسعى إلى تتريك الكورد رغم فشله الذريع تاريخياً في ذلك، ومن أسلحته الهامة في ممارسة دجله ونفاقه وكذبه هو اتهام الكورد ب"الإرهاب"، ومن الخطأ الشنيع أن نقع نحن الكورد في ثورة غضب أو رد فعل على سياسات الحكومة والمحكمة الشوفينية المجرمة في وضع نفسي تستفيد منه وتستغله الأوساط اليمينية الفاشية...على الكورد التمسّك بالسلام والاستمرار في النضال السلمي وإدانة الإرهاب والمشاركة في الكشف عن مرتكبيه ووضع الصورة الحقيقية لتركيا أمام الرأي العام العالمي، وأمام الشعبين التركي والكوردي...وكل شعوب المنطقة...
وفي السؤال الأخير حاولت أن أغوص في بحر الآمال وأن استحوذ رأيهم , بما قاله رئيس أقليم كوردستان السيد مسعود البارزاني . وكان السؤال كالتالي .
مارأيكم بما قاله رئيس أقليم كوردستان السيد مسعود البارزاني , بأن هذه هي المرة الأولى التي توضح فيها أمريكا موقفها بشكلٍ واضح وصريح من حقوق الشعب الكوردي؟
حول هذا الموضوع قال الاستاذ ابراهيم خليل حمو : البرزاني أطال الله في عمره وجعله مجلب مسرةٍ وسعادةٍ لشعبه، ونسرا يحوم في سماء كوردستان يغيظ به الأعداء، هو رجل لا يرمي كلامه جذافاً، لاشك أن الرئيس أوباما ونائبه في حديثهما الهاتفي مع الرئيس البرزاني أكدا له على التزام أمريكا الأخلاقية تجاه كوردستان وشعبها، وخاصة ما يتعلق بالمادة 140 ولمس منهما نبرة صادقة في وعديهما، الأمر الذي حدى بالبرزاني أن يَطمَئِنَّ بنفسه ويُطَمئِنَ شعبه بما شعر به من صدق النوايا والمشاعر من الجانب الأمريكي، وكيف لا والأمريكان يعلمون يقيناً أن الشعب الكوردستاني بقيادة البرزاني والمام جلال، كان له الدور البارز في إنجاح عملية تحرير العراق بقيادة أمريكا، ومن الشهامة والكرامة بمكان أن يحفظ هؤلاء للكورد حسن صنيعهم في دك عرش طاغية العصر صدام المعدوم، والإتيان بالبديل الديمقراطي .
بينما كان رأي الشاعر نديم يوسف ذو شقين قائلاً : أولا علينا أن نعترف بأهمية الدور الأمريكي في الشرق والغرب والعالم برمته وذلك تحديداً بعد انهيار المعسكر الاشتراكي المزعوم في بداية التسعينات من القرن المنصرم ‘ فهي لا تزال تمثل القوة العظمى وتؤثر على القرارات الدولية والمصيرية بحكم اقتصادها القوي وتطورها التكنولوجي ناهيك عن تحالفاتها الشرقية والغربية .
ثانيا : ان الرئيس المحترم مسعود البرزاني هو قائد بارز وله ثقل كبير في المحافل الدولية نظراً لمواقفه الثابتة والمبدئية تجاه المنطقة والعالم والقضية الكوردية انه يسيرعلى نهج والده الراحل القائد الرمز الملا مصطفى البرزاني الذي حيّر العالم بإرادته الحرة وإيمانه المطلق بالتعايش السلمي بين الأمم على اساس احترام حقوق الشعوب والاعتراف به ‘ وان التصريح الأخير للرئيس مسعود البرزاني بخصوص الموقف الأمريكي يدل على شرعية القضية الكوردية وعدالتها وهذا واقعاً ملموساً يستوجب على جميع الأنظمة والقوى التي تحترم ذاتها ووجودها ان تقرّ وتعترف بالحقيقة الكوردية التاريخية كأمة وشعب وارض .
بينما الأستاذ جان كورد أسدل الستار قائلاَ : الأخ المناضل مسعود البارزاني، الرئيس المنتخب لإقليم جنوب كوردستان، لم ينخدع يوماً بالوعود المعسولة والكلام الكثير لمختلف الدبلوماسيين والعسكريين والسياسيين، من أي جهة كانوا، فتجربته عريقة في ظل قيادة والده، البارزاني الخالد، رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه، وهو لا يصرّح جزافاً، وأنا أثق في ما يقوله، ولذلك فإنّ بالإمكان القول على ضوء تصريحه بصدد الموقف الأمريكي من حقوق الشعب الكوردي، بأنّ الولايات المتحدة الأمريكية تدرك تماماً أهمية صون المنجزات الديمقراطية التي تمّ تحقيقها في الاقليم الكوردي كشرط من الشروط الأساسية لدعم مسيرة العراق الحر الديمقراطي الفيدرالي، صوب مزيد من الأمن والاستقرار، والازدهار والانتقال إلى حياة أفضل... وهذا يفرح القلوب لأن شعبنا أيضاً يريد مزيداً من الفرص الدولية للتعبير عن نفسه وبناء مستقبله في حرية وسلام بين جيرانه، حيث لا يتّم هذا دون عون دولي واعتراف من القوى العظمى، ومن بينها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والعالم العربي وايران وتركيا، بالحق القومي العادل له.