بدأت في دريسدن محاكمة قاتل الشابة المصرية مروة الشربيني وسط اهتمام إعلامي استثنائي على مسار القضية، وترقب للحكم الصادر فيها. مصريون يطالبون بإعدام المتهم والقانون الألماني خال من عقوبة الإعدام.
دعت مفوضة الحكومة الألمانية لشئون الهجرة والاندماج ماريا بومر المتابعين لمحاكمة المتهم بقتل المصرية مروة الشربيني والتي بدأت وقائع أولى جلساتها اليوم الاثنين 26 أكتوبر/تشرين الأول بمدينة دريسدن شرقي ألمانيا إلى التحلي بالتعقل وضبط النفس خلال متابعة القضية. بومر وصفت ما يجري بالقول: "هذه الفعلة المفزعة خلفت مشاعر الحزن والخوف في كل من مصر وألمانيا ومناطق واسعة من العالم العربي، الأمر الذي جعل الملايين من الناس يتابعون سير المحاكمة باهتمام بالغ". واعتبرت بومر أن الثقة في نزاهة القضاء الألماني واحترامه تكتسب أهمية أكبر في الظرف الحالي، ووعدت بأن تستمر في الوقوف إلى جانب زوج الشربيني وأقاربها قائلة: "لستم وحدكم".
وقائع من المحاكمة
: المتهم رفض الإجابة على القاضي وصمم على ارتداء نظارة شمسية وفي اليوم الأول من المحاكمة، قال ممثل الإدعاء في القضية إن المدعى عليه أقدم على تلك الجريمة بسبب "الكراهية المحضة". وأدلى زوج الضحية علوي على عكاز بأقواله أمام هيئة المحكمة كاشفا أن الاعتداء عليه وعلى زوجته لم يستغرق أكثر من دقيقة واحدة.
وأكد علوي علي عكاز بيانات الإدعاء العام الألماني في نقطة محددة حتى الآن وهي أن زوجته لم تتقدم ببلاغ ضد أليكس دبليو. بعد أن نعتها عام 2008 في ساحة لعب الأطفال بأنها "إسلامية متطرفة" و"إرهابية" ثم أشار إلى أن الجهات الأمنية هي التي أجرت تحرياتها عقب قيام السيدة بالاتصال هاتفياً بالشرطة.
في المقابل، استمع المتهم إلى شهادة الزوج وهو جالس وراء زجاج مصفح في حين انتشر نحو 200 شرطي حول قاعة المحكمة تخوفاً من أي حوادث. ورفض المتهم الرد على إجابات القاضي ووضع يديه على وجهه وأصر على وضع نظارات شمسية، ما دفع القاضي إلى فرض غرامة مالية عليه.
ردود الفعل المصرية
: زوج الضحية يؤكد أن الجريمة تمت في لحظات علي الشربيني والد الضحية تحدث لمراسلة إذاعة دويتشه فيله في القاهرة متسائلاً ماذا كانت ستفعل السيدة أنغيلا ميركل لو كانت القتيلة ابنتها، وعاد ليتساءل ما الذي يمكن أن تفعله أي أم ألمانية تتعرض لهذا الموقف. ثم أشار علي الشربيني إلى قضية الحجاب معتبراً إياها سبب ما حدث متسائلاً عن سبب العداء للحجاب ومعتبرا أن السيدة مريم العذراء كانت محجبة.
وأيدت السيدة نهال سليم وهي مصرية غير محجبة تقيم في مدينة دوسلدورف الألمانية في حديث لدويتشه فيله إشارات والد الضحية بخصوص الحجاب، رابطة ذلك بتداعيات هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول، حيث أصبح الغربيون عموما ينظرون إلى المسلمين باعتبارهم إرهابيين، وعززت ما تقوله بما اعتبرته دليلا تجسد في أقوال المتهم في صدامه الأول مع الضحية حين قال لها: ابتعدي عن هذا الملعب أيتها الإرهابية المسلمة.
واعتبرت نهال أن هذه الرؤية للحجاب غير سليمة وأن الغربيين يقعون في خطأ كبير حين يتعاملون مع الرداء باعتباره مظهراً إرهابياً.
ماذا ينتظر المصريون من القضاء الألماني؟
: اهتمام إعلامي كبير من جانب الإعلام المصري "بشر القاتل بالقتل": مبدأ يؤمن به كثير من العرب والمسلمون باعتبار القتل هو العقوبة الأمثل للقاتل. لكن القوانين الحديثة في أغلب بلدان العالم لم تعد تنص على عقوبة الإعدام، والقانون الألماني ليس استثناء من هذه القوانين، من هنا فقد حكم على الإرهابيين الألمان من جماعة بادر ماينهوف في سبعينات القرن الماضي بعقوبات السجن على جرائم قتل وتخريب طالت حلقات مهمة في المجتمع والدولة، ولن ينال المتهم بقتل مروة أكثر من عقوبة السجن وهو أمر قد لا يحقق آمال الشارع المصري والرأي العام الإسلامي والعربي.
وفي لقاء مع دويتشه فيله توقعت حنان بدر وهي مصرية متخصصة في الإعلام تواصل دراستها في جامعة إيرفورت الألمانية أن يتعامل القضاء الألماني بمهنية ودقة وحزم مع المتهم في هذه القضية لأن هذه القضية تضع العدالة الألمانية على المحك. وأشارت حنان إلى أن عقوبة الإعدام التي يطالب بها الشارع المصري غير واردة إطلاقا لأنها غير منصوص عليها في النظام القانوني، من هنا فإن المتهم يواجه عقوبة السجن مدى الحياة دون أن يشمله أي تخفيف في الحكم.
السيدة بدر أشارت إلى أنها كمصرية وكأم تتعاطف مع الضحية وترى أن القضاء الألماني قد تأخر في التعامل مع هذه القضية، ولكنها عادت واستدركت أن التعامل المنطقي مع هذه المسألة وبقليل من الواقعية يكشف للمرء أن بيروقراطية الدولة في ألمانيا هي من أسباب التأخير، مشددة أن على المصريين أن يتفهموا هذا الواقع لأن المراسلات على سبيل المثال قد تستغرق أشهرا طويلة لسبب التأني والدقة في التهيئة، علاوة على أن العطل الصيفية عقب الشهرين الذين تبعا الواقعة قد تكون سببا آخر.
حشد إعلامي واهتمام استثنائي
: مظاهرات في الأسكندرية اليوم الاثنين 26 أكتوبر/تشرين أول إعلامياً، شهدت قاعة المحكمة حشدا صحفيا قل نظيره، فقد دخل القاعة 44 صحفيا فيما بقي آخرون خارج القاعة بانتظار أخبار المحاكمة ولا يوجد في تاريخ القضاء في ولاية سكسونيا بالكامل قضية أثارت لغطا مشابها. ونقلت وكالة الأنباء الألمانية أن المتحدث باسم المحكمة بيتر كيس قد أوضح لأحد الصحفيين باللغة الإنجليزية أن النظام القضائي الألماني لا يوجد فيه نظام المواجهة (مواجهة المتهم بالشهود والأدلة) المعمول به في دول أخرى.