في الوضع الراهن يُطلب من الأكراد التخلي عن كرديتهم 

 ليست البيروقراطية وحدها تؤثر سلباً على الحياة السياسية في تركيا ،  بل هناك بيروقراطية القضاء أيضاً . وهناك قرارات المحكمة الدستورية ، وكان رئيس المحكمة الدستورية "هاشم كيليج" قد تطرق إلى هذا الموضوع في أحدى تقييماته ، حيث كان يؤكد على أن للقضاء تأثيراً على السياسة . إن بيروقراطية القضاء تريد تعطيل السياسة ، أي أن بيروقراطية القضاء تحاول خنق المسار ، وحتى الرجل المتربع على قمة القضاء لا يتورع عن التكلم في هذا الأمر . بالطبع هذا أمر خطير ، حيث أن تدخل البيروقراطية القانونية في السياسة يجلب معه أخطاراً جادة .

لقد أعلنت هيئة الأركان عزمها على إرسال الجيش إلى أفغانستان من جديد . هم ربما التقوا وتفاهموا . تتحدث هيئة الأركان عن آغوات السياسة ،بينما في الحقيقة هم الذين أنشأوهم وغذّوهم ودعموهم منذ سبعين أو ثمانين سنة ، وهاهي "أورفا" أفضل مثال على ذلك .

زيادة دخل البلديات الذاتي لا يكفي ، هل يتطور مفهوم الخدمات البلدية الديموقراطية ؟ هل يتطور مفهوم البلدية الشعبية ؟ كنت قد أكدت على أهمية مفهوم البلدية الشعبية الديموقراطية ، والبلدية التشاركية . لا بد من تحقيق انضمام الجماهير إلى الإدارة . الممارسة البلدية لا يمكن أن تكون بانتظار الأموال من الأعلى ، والقول بعدم وجود دخل . فالأمر المهم هو الاستفادة من موارد الجماهير لتسيير الأعمال البلدية معاً ، إلى جانب ضم الشعب إلى الإدارة . فإذا تطلب الأمر يمكن للشعب أن ينظف أمام بيته . وما مهمة رئيس البلدية ومجلسها سوى القيام بدورها الطليعي . كما يمكن ابتداع كل أشكال الموارد ، فليس هناك أي حرج في الحصول على قروض ، فبهذا الشكل تظهر البلدية الجادة وما ستقوم به من أعمال إلى المقدمة . لدى DTP مائة بلدية ، فإن هم أسسوا نموذجاً جيداً فسيتطورون ويصبحون طليعة .

يجب على DTP توسيع قاعدته ، أعتقد أن نسبة أصواته بحدود 10% عموماً، ولكن هذا غير كاف ويجب زيادتها . الدولة وبيروقراطية القانون تحاول الإبقاء على DTP في حدود معينة ، وحتى يتمكنوا من تخطي ذلك يجب تأسيس الأكاديميات السياسية .إن تأسيس أكاديميات السياسة مهم جداً ، الأكاديميات السياسية مهمة جداً على صعيد تدريب شعبنا، فلدى AKP ثلاثمائة أكاديمية سياسية حيث يُنشئ كوادره منها ، يجب فتح الأكاديميات السياسية في الكثير من الأماكن .

إن DTP يمر في مرحلة مهمة ، فربما تستهدفهم الدولة وتعتقلهم ، والأمر المهم هو إبداءهم موقفاً سياسياً ، عليهم حماية الموقع الذي هم فيه وتطوير أوضاعهم هذه . وقد طالبت بالأكاديميات السياسية ارتباطاً بذلك . إن منطق حزب العدالة والتنمية AKP منطق مصلحي ويمتلك مفهوماً انتهازياً ، وينتهج مفهوم سياسة الاعتماد على الدولة واستخدام إمكانياتها لتعزيز ذاته . وهؤلاء يمكن أن يضَّحوا بـ DTP في هذه المرحلة باسم حماية أنفسهم ، ويحسبون بأنه لو زال DTP فسيبقى ميراثه السياسي لهم . وعلى منسوبي DTP أن يحسبوا هذا الأمر وينتجوا سياساتهم حسب ذلك . وكنت قد أشرت سابقاً إلى أن الاعتقالات التي تستهدف DTP قد تتصاعد .ألا يستطيعون رؤية هذا الأمر ، فهم ليسوا أكفاء على صعيد إنتاج السياسات . هاهي عملية "أرغنكون" في الميدان ، وشريحة من ضمن الدولة مناهضة لـ"أرغنكون" ، ويهدفون إلى القيام بعملية بديلة لـ"أرغنكون" تستهدف DTP .

في هذا الوضع ينظر AKP إلى DTP كخروف أضحية ، علماً بأن بيروقراطية القضاء حاولت إغلاق AKP أيضاً ، وهذه الشريحة الآن تحاول توجيه بيروقراطية القضاء نحو DTP مقابل "أرغنكون" ، بينما AKP ساكت حيال هذا الأمر ، وإذا استمر هذا السياق بهذا الشكل السلبي فهم سيزيدون تحاملهم على DTP . حيث أن AKP لا يريد وجود DTP ولا حزب الشعب الجمهوري CHP ، بل يريد أن يبقى الميدان له وحده ، هذا هو مفهوم AKP . فهو يعتبر مصالحه فوق مصالح الدولة ، ولكن معلوم أن بيروقراطية القضاء ، قاضي "سينجان" ، أراد فتح المجال أمام مقاضاة رئيس الجمهورية عبدالله غول أيضاً ، ولكن قوته لم تسعفه . هذه الشريحة لا زالت مستمرة في وجودها بقوة ، لماذا لم يتم جلب المندوبين الآخرين عنوة ويحاولون جلب مندوبي DTP عنوة ؟ يجب فهم هذا الأمر .

إذا حدث مسار المفاوضات الديموقراطية فسيكون من أطراف DTP ، بالطبع ستنضم قنديل وأنا إلى هذا المسار بشكل غير مباشر ، وأنا لا أسمي هذا بمفاوضات غير مباشرة ، بل أسميها بالمفاوضات الديموقراطية ، ومن جانب ابتداء مسارها تقع مهام كبيرة على عاتق DTP ، وعليه أن يكون جاهزاً لهذا الأمر ، حيث يجب تكوين لجنة من أشخاص ضمن DTP يفهمون من الديبلوماسية ومسارات التفاوض وقادرون على العمل ، وعلى هذه اللجنة إعداد مقترحات قوية ، وعليها أن تظهر أمام أجندة البرلمان باقتراحات قوية ، فلديهم مثل هذا الحق ، وعليهم أن يتمكنوا من تكوين لجنة بشأن مسار التفاوض الديموقراطي في البرلمان . ففي تمرد "كوجكيري" جاؤوا به إلى المجلس وناقشوه وتم التوصل إلى حل يشبه العفو . وكما تعلمون تأسست لجان ضمن المجلس من قبل مثل "لجنة سوسورلوك"(لجنة برلمانية تأسست للتحقيق في حادثة سوسورلوك التي جمعت بين المافيا والبوليس وحماة القرى عام 1996) . هذه اللجنة الثانية التي ستتأسس ضمن المجلس يجب أن تضم إلى جانب أعضاء البرلمان ، بعض المثقفين والكتاب والأكاديميين ، ومنظمات المجتمع المدني . وهذه اللجنة يجب أن تلتقي بجميع الشرائح ابتداء من قنديل وإيمرالي ووصولاً إلى هيئة الأركان وDTP وحزب الحركة القومية MHP. فإن هم نجحوا في هذا يكونون نجحوا في أمر عظيم ، وبذلك يمكن فتح المجال أمام المسار الديموقراطي .

البدء بمسار التفاوض والحل الديموقراطي سيصل إلى النقاء خلال أسبوعين . ما سيتقدم به AKP عند افتتاح البرلمان مهم ، فسيكون سبباً إما في قرار الاستمرار في الحرب ، أو الابتداء بمسار التفاوض الديموقراطي ، وهذا الأمر سيتضح خلال أسبوعين . يمكن فتح المجال أمام الوضع القائم باستلام AKP لزمام المبادرة والتصرف بجرأة . أما إذا لم يتطور مسار التفاوض الديموقراطي فإن الأرضية ستتهيأ للعنف والاشتباك والقمع والموت ، وهدفي هو الحيلولة دون مثل هذا المسار . فالدولة تنتظر مني الحل ، وDTP يلقي بالمسؤولية على عاتقي ، ولا أحد يفهم ظروفي ، فأنا هنا منذ أحد عشر عاماً ، ولو بقي غيري هنا لأحد عشر يوماً لَنَطَحَ الجدران برأسه، في الوضع القائم يُطلب للأكراد أن يتخلوا عن كرديتهم ، بينما الأكراد أصحاب كرامة وسيدافعون عن كرديتهم ، وسيكافحون ، فإن تقدم المسار سلباً فالشعب سيتخذ قراره .

معلوم أن "أوزال"(رئيس تركيا اغتيل عام 1993) كان يتقرب من هذا الموضوع بشكل مختلف ، وكان يريد القيام ببعض الأمور ، فرتبوا اغتياله ، و "أرباكان"(نجم الدين أرباكان رئيس وزراء سابق) أراد القيام ببعض الأمور فانقلبوا عليه ، وأراد "أجويد"(بولنت أجويد رئيس وزراء راحل) القيام ببعض الأمور فقضوا على نفوذه ثم أصابوه بالشلل . بينما AKP يتقرب بشكل مختلف ويمسك بمصالحه فوق مصالح الدولة ، وهذا موقف خطير .

لازالت هناك شريحة ضمن الدولة مصرة على فرض الحرب ، هذه الشرائح قامت بسحق رأسي وطنيين بالحجارة وقتلتهما في شرناخ ، ثم قاموا بإلقاء سيارتهما في الوادي . ما هذا في حقيقته سوى رسالة ، هو تهديد ، يريدون أن يقولوا ؛"أنا سأسحقكم هكذا" ، فقيام هؤلاء بقتل أناس غير مؤثرين في السياسة إشارة تدل على ما يمكن أن يُقْدِموا عليه ، فيمكنهم قتل أناس عاديين أيضاً . لقد قرأت في الجريدة بأنهم في مركز للإصلاح في "أضنه" قاموا بتمزيق وقتل طفل كردي أعتقد ينتمي إلى ماردين ، لأنه لم يقرأ النشيد القومي، ثم تقدموا بذريعة إن الأطفال فعلوا هذا أو ما مثله . إن هؤلاء منظمون ، ويفعلونها عن وعي ، وقد حدثت وقائع مماثلة لقتل الأطفال في السابق أيضاً ، فهاهم قتلوا "أوغور كايماز" أيضاً ، ليس الطفلة المقتولة في "ليجة" فقط ، بل تم قتل عشرات الأطفال الأكراد على ضفاف دجلة . إن الذهنية التي لا تتورع حتى عن قتل الأطفال هي ذهنية خطيرة جداً . أنا لا أفهم كيف يفعلون هذا !!. وأنا هنا أحاول الحيلولة دون هذه الأمور ، فمهما يكون الفاعل يجب البحث فيها والكشف عنها . يجب على المحامين حماية حقوق الشعب ، وعليهم تتبع هذا النوع من الأحداث ، وخاصة على نقابة المحامين المحلية أن تقوم بمتابعة مثل هذه الأحداث والكشف عنها . فلو حدث مثل هذا في أوروبا فإن المحامين سيقيمون القيامة ، وسيجمعون عشرة أضابير من الوثائق كدليل إلى أن يكشفوا عن الحدث . ولكن هذا لا يجري هنا بما يكفي يجب على المحامين مطلقاً أن يبحثوا في هذا . وماذا ، ومن الذي يقف وراءها حتى يكشفوا عنها . إن حوادث القتل هذه تكشف عن ذهنية فاعليها .

يجب أن يكون المنتخبون إلى مجلس حزب DTP ذوي نوعية ومن شخصيات  راغبين ، طموحين ، مفعمين بعشق الخدمة ، قادرين على العمل . كما يمكن أن يتأسس ضمن بنية DTP طيف واسع على نمط حزب السقف . يجب أن يكونوا أناساً راغبين طموحين .

وصلتني الكثير من الرسائل من السجون ، ووجدوا الكثير منها مريبة فلم يسلموني إياها . ، كما وصلت رسالة من سجن دياربكر ، وهناك رسائل آتية من سجن تكيرداغ ، وجدوا قسماً منها مريباً فلم يسلموني إياها ، ورسالة من سجن كانديرا ، وجاءت رسائل من سجن سيرت وآديامان ، من ترابزون. أبعث بتحياتي إلى كل الرفاق في السجون ، وخاصة الرفاق المرضى أبعث إليهم بتحياتي الخاصة ، فليهتموا بأنفسهم .

أيام سعيدة ، طابت أيامكم .

تحياتي للجميع .

                                              30 أيــــــــــــلول 2009