برنامج ألماني يدعم الكفاءات الأجنبية الراغبة في العودة إلى بلدانها
الإربعاء 30 أيلول / سبتمبر 2009, 18:48
كورداونلاين
يتهم الغرب عادة باستقطابه كفاءات الدول الفقيرة، إلا أن برنامجا ترعاه الوزارة الاتحادية للتعاون الاقتصادي والتنمية يساعد الكوادر الأجنبية التي درست في الجامعات الألمانية في العودة إلى بلدانهم للمساهمة في العملية التنموية.
ترعى الوزارة الاتحادية للتعاون الاقتصادي والتنمية (BMZ) منذ ثمانيات القرن الماضي برنامجا يحمل اسم "برنامج إعادة الاندماج" الذي يتولى مساعدة الكوادر الأجنبية التي تلقت تعليمها في الجامعات والمعاهد الألمانية على العودة إلى بلدانها الأصلية، وتسهيل اندماجهم في سوق العمل هناك. وبدورها أسندت الوزارة مهام التنسيق إلى مركز الهجرة الدولية والتنمية (CIM) التي ترعاها مجموعة من المؤسسات الألمانية.
ويشمل برنامج إعادة الاندماج ثلاثة وعشرين دولة من بينها المغرب وتونس وسورية والأردن ومصر، حسب ما أوضحته كيرستينه شاوب، المشرفة على منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا داخل مركز الهجرة الدولية والتنمية. إلا أن شاوب ترى أن الأكاديميين المغاربة يحضون بنصيب الأسد مقارنة بمستفيدين عرب آخرين نظرا لتواجدهم القوي نسبيا في ألمانيا ولارتفاع أعداد الراغبين فيهم في العودة إلى البلد الأم.
نقل الخبرات والتطور العلمي إلى البلدان النامية
وفيما يتعلق بأهداف البرنامج، ترى السيدة شاوب أن له بعد سياسي تنموي، إذ أنه يسعى إلى نقل الخبرات والعلوم إلى البلدان النامية، وذلك عبر الكوادر التي تلقت تعليمها في المؤسسات الجامعية الألمانية التي بإمكانها أن تساهم في دعم المسار التنموي في بلدانها الأصلية. وتكشف المشرفة عن برنامج "إعادة الاندماج" بالقول، "إن البرنامج رغم انطلاقه منذ حوالي ثلاثة عقود، إلا أنه خضع في هيكلته وآليات تطبيقه إلى تطوير مستمر حتى يواكب التطورات التي يشهدها قطاع العمل داخل ما بات يعرف بالبلدان النامية".
بالإضافة إلى ذلك أشارت شاوب إلى أن البرنامج يعتمد في عمله على شركاء محللين وتقول في هذا الإطار "كان لا بد من إيجاد شركاء في الميدان، لهم دراية كافية ليس بشِعاب البلد فحسب، وإنما بمنظومته الاقتصادية أيضا". وتقوم شبكة من المشرفين المحليين على البرنامج بمواكبة جميع المراحل التي يمر بها المستفيدين منذ أن تطأ قدمهم أرض بلاده الأصلية إلى أن يجدوا فرصة العمل المنشودة.
المواكبة المستمرة
ويُعتبر موحى الزبدي، المشرف الميداني عن برنامج "إعادة الاندماج" في المغرب، مَقصد كلِ من أراد الاستفادة من هذا البرنامج. وعن الخدمات التي يقدمها البرنامج للمهتمين، يشير الزبدي إلى أنها تتجلى في تقديم المساعدة لهذه الكفاءات حتى يجدوا وظيفة تتماشى ومجال اختصاصهم. الأمر الذي يعني أن الهيئة تقوم باتصالات مباشرة مع أرباب العمل بحثا عن وظائف شاغرة تتلاءم مع اختصاصات المستفيدين. وفي إطار هذا الدعم تحظى الكوادر المستفيدة على مساعدة مالية شهرية بمتوسط خمسمائة يورو لمدة عامين، كدخل يُضاف إلى ذلك الذي تتقاضاه هذه الكوادر من الشركات المغربية والذي عادة ما يكون هزيلا مقارنة بما اعتادوا عليه في ألمانيا.
إلى جانب ذلك يقدم البرنامج أيضا مساعدات تنظيمية كالبحث عن السكن أو تقديم دورات لتعلم اللغة الانجليزية أو الفرنسية لمن هو بحاجة إلى ذلك. أما عن شروط قبول طلبات الاستفادة من البرنامج، فيقول موحى الزبدي "يجب على مقدم الطلب أن يكون حاصلا على شهادة عليا من أحد الجامعات الألمانية، أو يتوفر على تجربة مهنية عالية لا تقل عن سنتين. كما أن عليه أن يكون مختصا في قطاعات تخدم المسار التنموي، كالمجال البيئي والقطاع الاقتصادي والاستثماري ومجال الخدمات".
العودة المنشودة
وهي الشروط ذاتها التي يتوفر عليها حميد جفور، الشاب المغربي، الذي درس خمس سنوات في معهد دورتموند التقني وحاز منه على شهادة عليا في شعبة الاقتصاد الدولي، ما دفعه إلى تقديم طلب الاستفادة من برنامج "إعادة الاندماج" خصوصا وأن قرار العودة بالنسبة إليه كان منذ سنوات الدراسة الأولى أمرا محسوما. وأشار حميد "أنه لم يشعر في أي لحظة بتلك الحيرة التي كانت تنتاب معظم زملاء الدراسة من المغاربة، حول ما إذا كانوا يفضلون العودة إلى الوطن أو البقاء والاستقرار في ألمانيا ". مؤكدا "أن عملية العودة، لم تكن لتتحقق بتلك السهولة لو أنه لم يستفد من مشروع الوزارة الاتحادية للتعاون الاقتصادي والتنمية" ويقول "إن هذا البرنامج فتح له آفاقا جديدة، بل وساعده في تكوين شبكة علاقات كان كمتخصص في مجال الاستشارة الاقتصادية بأمس الحاجة إليها، لقطع أشواط مهمة في مسيرته المهنية".
برنامج مربح لكل الأطراف
بيد أن السؤال الذي يطرح نفسه، ما مصلحة ألمانيا في دعم مشروع كهذا خصوصا وأن سوق العمل داخليا في حاجة إلى كوادر متخصصة وعالية المهارة؟ ترد شاوب المشرفة على منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا داخل مركز الهجرة الدولية والتنمية (CIM) بالقول "إن البرنامج يخدم التعاون المشترك ومسار التنمية في بلدان غير صناعية. كما أنه يعود بالنفع على الدول النامية وألمانيا على حد سواء. وإذا رغبت هذه الأطر التي تلقت دراستها في المعاهد والجامعات الألمانية العودة إلى المغرب أو سوريا أو غيرها من الدول لتتقلد مناصب إستراتيجية في بلدانها، فإنها ستساعد بشكل مباشر في تعزيز التعاون الاقتصادي بين بلدانهم وألمانيا".
D:W