لقد تمّ تعديل القانون السوري المتعلّق بجرائم الشرف (استبدلت المادة 548 بالمرسوم التشريعي 37). فمرتكب جريمة الشرف لم يعد يستفيد من العذر المحلّ، كما في السابق،
من اليسار إلى اليمين، ثلاث نساء من ضحايا جرائم الشرف في كردستان العراق. صور منشورة على صفحة موقع فايسبوك Conference to Remember Du’a Khalil.
نهار الثلاثاء الماضي، قتل مغربي مقيم في شمال إيطاليا ابنته البالغة 18 ربيعًا بعدة طعنات بالسكين لأنه كان يعارض علاقتها بإيطالي كاثوليكي يكبرها بثلاثة عشر عامًا. ولعلّ جرائم مماثلة نادرة في إيطاليا، لكنها لا تزال شائعة نسبيًا في بعض بلدان المغرب العربي كما في جنوب آسيا وفي الشرق الأوسط.
وبحسب تحديد منظمة هيومن رايتس واتش غير الحكومية، تعدّ جريمة من "جرائم الشرف" حين يرتكبها "رجال عائلة بحق نسائها لأنهنّ يعتبرن مصدرًا يجلب العار على العائلة بأسرها".
وفي تقرير صدر العام 2002، ذكر المقرّر الخاص للجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة أنه سُجّلت جرائم شرف في مصر وإيران والأردن وسوريا ولبنان والمغرب وباكستان وتركيا واليمن كما في بعض البلدان المتوسطية والخليجية. وبحسب هذا التقرير، سجلت أيضًا جرائم شرف في صفوف المهاجرين في فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة. جدير بالذكر أن هذه القائمة ليست حصرية إذ يمكن أن يُضاف إليها كردستان العراق والأراضي الفلسطينية وبنغلادش حيث ازدادت جرائم الشرف في السنوات الأخيرة.
ما من إحصائيات دقيقة حول هذه الظاهرة لأن جرائم الشرف تجري في إطار عائلي وغالبًا ما يتمّ تمويهها لتظهر بمظهر حوادث. ومع ذلك، بين 25 و50 امرأة وفتاة يذهبن ضحايا جرائم الشرف في الأردن كل سنة، وحوالي 200 يلقين المصير ذاته في سوريا، وقرابة 500 في اليمن وأكثر من ألف في باكستان. أمّا في الأراضي الفلسطينية، فـ70 بالمائة من الجرائم المرتكبة بحق النساء مرتبطة بقضايا "شرف" ولو أنها تنسب في أغلب الأحيان إلى دوافع أخرى.
ومع أن جرائم الشرف تنفّذ مع سبق الإصرار والتصميم إلا أن العقوبات المنزلة بمنفذيها خفيفة جدًا إذ تتراوح في بعض البلدان بين بضعة أشهر وسنتين كحد أقصى. ويستفيد الجاني من العذر المخفّف في حالات جرائم الشرف لا بل في بعض الأحيان من العذر المحِلّ الذي يعفيه من أي عقوبة.
وفي الأردن، عبّرت الملكة رانيا علنًا عن مساندتها لتشديد العقوبات المفروضة على مرتكبي جرائم الشرف. لكن البرلمان الأردني سبق له أن رفض مرّتين إلغاء المادة 340 من قانون العقوبات الأردني واكتفى بتعديله بحيث بات يحصل الجاني على عقوبة مخفّفة جدّا بدل الإعفاء الكامل من العقاب.
وتشهد بلدان أخرى تعديلات في قوانينها المرتبطة بجرائم الشرف. ففي العام 2006، صوّتت باكستان على قانون ينزل بمرتكبي جرائم الشرف عقوبة الإعدام. أما تركيا، التي كانت تخفّف، بموجب المادة 462 من قانون العقوبات، عقوبة الجاني إلى ثُمن المدة - لا بل أكثر في حال كان قاصرًا - باتت تنزل به عقوبة السجن المؤبد.
المساهمون
دعاء خليل قضت رجمًا بالحجارة في أبريل 2007
في السابع من أبريل/نيسان 2007، رجمت دعاء خليل أسود حتّى الموت في بلدة بعشيقة، بكردستان العراق، على يد خالها وعمها وحشد من أقاربها وأهل البلدة. دعاء كانت من أبناء الطائفة اليزيدية وهي أقلية دينية معتقداتها مأخوذة من عدّة ديانات ويتكلم أبناؤها الكردية. هذا التسجيل نشره على موقع يوتيوب HarmanKurdi في 17 أكتوبر/ تشرين الأول 2008.
" تطال جرائم الشرف في سوريا العائلات المسلمة كما المسيحية"
بسام القاضي رئيس مرصد "نساء سوريا" الذي أطلق في العام 2005 حملة ضد جرائم الشرف في سوريا.
جرائم الشرف التي تستهدف النساء مرتبطة عادة بنمط سلوك اجتماعي كأن تقع المرأة في غرام شخص من طائفة أخرى– ولو بدون معاشرته – أو أن تتزوج به. كما يمكن أن تتخلص العائلة من المرأة لأنها غير راضية عن زوجها أو لأنها أسهل طريقة لحرمانها من الإرث.
وخلافًا للأفكار السائدة، تطال جرائم الشرف في سوريا العائلات المسلمة كما المسيحية بحسب نتائج دراسة أجراها المرصد. كما أن هذه الظاهرة غير مرتبطة بمنطقة أو طبقة اجتماعية أو مستوى تعليمي.
لقد تمّ تعديل القانون السوري المتعلّق بجرائم الشرف (استبدلت المادة 548 بالمرسوم التشريعي 37). فمرتكب جريمة الشرف لم يعد يستفيد من العذر المحلّ، كما في السابق، بل من العذر المخفّف. لكن هذا التعديل ليس له قيمة فعلية لأنه في قضايا جرائم الشرف، لا يستند القضاة في أحكامهم إلى هذه المادة بل إلى المادة 192، التي يحكم بموجبها على الجاني بعقوبة بالسجن تتراوح بين ستة أشهر وسنة كحد أقصى إذا كان دافعه شريفًا.
كما لا بدّ من التذكير أن الرجال وحدهم يستفيدون من هذه الأحكام المخفّفة. فامرأة سورية قتلت زوجها قبل سنتين لأنها ضبطته يغتصب بناتها من زواج سابق. وقد حُكم عليها بالسجن 12 سنة".