إلغاء تأشيرة الدخول بين سورية وتركية وإتفاق إستراتيجي بين الطرفين
الخميس 17 أيلول / سبتمبر 2009, 16:15
كورداونلاين

اعتقد أن القرار الذي اتخذناه بالنسبة لإلغاء تأشيرات الدخول بين المواطنين السوريين والأتراك هو أهم انجاز تم اتخاذه وهو جوهر هذا الاتفاق
وقال الرئيس الأسد: ما أحوجنا اليوم لفهم عميق لمعاني هذا الشهر الفضيل وما أحوج العالم الإسلامي لنموذج كالعلاقة السورية التركية استبدلت الخصومة بالمحبة والافتراق بالالتقاء وعملت على أن يعم الخير والسلام أرجاء المنطقة وحرصت في كل خطوة خطتها على أن تجمع الدول والشعوب حول مصالح ومبادئ توحدها.
وأضاف الرئيس الأسد: إن سعادتي بهذه الزيارة ولقائي معكم ومع أخي الرئيس أردوغان لا يفوقها سوى سعادتي بما حققناه خلال الأعوام القليلة الماضية من إنجازات على مستوى العلاقات العربية التركية بشكل عام والسورية التركية بشكل خاص وهذه الإنجازات بمقدار ما تشعرنا بالرضا بمقدار ما تجعلنا نسأل أنفسنا.. لماذا لم ننجح في العقود الماضية أو لماذا لم نحاول لكي ننجح في تحقيق هذه الإنجازات.. فهل قمنا بشيء جديد مؤخراً لكي نغير مسار الأمور أم أننا ابتكرنا شيئا بعيداً عن طبيعة الأمور في منطقتنا فغير مسارها.
وقال الرئيس الأسد: في الحقيقة لا هذا ولا ذاك ما قمنا به هو أننا أعدنا الأمور إلى طبيعتها وأبعدناها عن شذوذها من خلال خطوات متبادلة قام بها كل منا لا لنلتقي في منتصف الطريق بل لنقطع معا الطريق الذي رسمناه عبر تاريخنا الطويل باتجاه مستقبل مليء بالإنجازات تسوده المحبة ويسوده السلام.
وتابع الرئيس الأسد: وإذا كان هذا الجواب بسيطاً جداً من حيث الشكل على الأقل فهذا لا يعني أن مضمونه كذلك فالأخطاء التي تتراكم على مدى العقود ومع تعاقب الأجيال يصبح من الصعب رؤيتها وبالتالي تصحيحها لهذا لم يكن من السهل على أي منا أن يرى المشكلة بشكلها وبحجمها الحقيقي.. وفي مثل هذه الحالة يصبح أسهل الأشياء لوم الآخرين على ما نحن فيه وخاصة الاستعمار الأجنبي الذي يعتمد مبدأ "فرق تسد" للوصول إلى أهدافه والذي تمكن من نسف العلاقة التاريخية بين الأتراك والعرب والتي استمرت لقرون طويلة من التفاعل والتأثير المتبادل.. عشنا خلالها مع بعضنا البعض تجمعنا الجغرافيا والمصالح والثقافة التقاليد وكل ما من شأنه ان يربط بين أخوة في العائلة الواحدة.
وأضاف الرئيس الأسد: ولكن إذا كان لنا الحق في أن نلوم القوى الكبرى التي أسهمت في كل ذلك فهذا لا ينفي حقيقة أننا نتحمل سوية المسؤولية الأكبر في هدر الوقت والموارد وما يعنيه ذلك من ضياع في المصالح.
وقال الرئيس الأسد: أمضينا الوقت نلوم المستعمر والحقيقة أن المستعمر يقوم بدوره الطبيعي لو لم يكن هدفه أو عمله احتلال الأراضي واستلاب الحقوق والتفرقة بين الدول وبين الشعوب لما سمي استعماراً.. ولكن كان حالنا في ذلك الوقت كحال الحارة فيها مجموعة بيوت وفيها سارق وهذا السارق جوال يبحث عن باب مفتوح لكي يدخل منه إلى البيوت ويسرق ما في داخلها.
وأضاف الرئيس الأسد: إنه من الواجب الطبيعي لأصحاب هذه البيوت أن يقوموا أولاً بإغلاق الأبواب وثانياً بإحكام إقفالها من خلال استخدام الأقفال.. في حالتنا المشتركة في ذلك الوقت في نهاية القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين بدلاً من أن نقوم بذلك لم نكتف بعدم إقفال الأبواب بل قمنا بتركها مفتوحة لهذا السارق لكي يدخل أمام أعيننا ونحن غير قادرين على فعل شيء وعندما حصل خلاف في العائلة الواحدة بدلاً من أن نقوم نحن كأفراد عائلة بإصلاح المشكلة بين بعضنا البعض طلبنا من طرف ثالث غريب ليس له علاقة بالعائلة بالعكس هو لا يحب هذه العائلة فماذا كانت النتيجة.. أن العائلة تفككت نهائياً.
القرار الوطني المستقل لا يعني أبداً أن نكون على تناقض مع الجوار
وقال الرئيس الأسد: لقد أخطأنا بحق أنفسنا عندما قبلنا أن نكون وقوداً للصراعات الدولية الكبرى فأحرقتنا مراجلها وعندما أقول إننا أعدنا الأمور إلى طبيعتها فإنني أعني أننا حولنا استخدام هذا الوقود من أجل بناء منطقتنا وهذا البناء ليس بالضرورة أن يكون عمرانياً أي البناء بمعنى الهندسة بل هو بناء القرار الوطني المستقل الذي يعني بديهيا التوافق في المصالح مع أبناء المنطقة الواحدة.
وأوضح الرئيس الأسد: القرار الوطني المستقل لا يعني أبداً أن نكون على تناقض مع الجوار أو مع الدول ما بعد الجوار وهذا يعني أنه لا علاقة في العالم يمكن أن تعوض عن العلاقة الطيبة مع الجوار دولاً وشعوباً سواء كان هذا الجوار دولةً أو شعباً فلا شيء يعوض عن علاقتنا مع بعض كجيران بغض النظر عن العرق والدين وأي معيار آخر فكيف إذا كانت هذه العلاقة ذات جذور تاريخية متينة وقوية كالتي تربط بين شعبينا العربي والتركي.. والقرار لكي يكون وطنياً لا بد من أن يعبر عن طبيعة الشعب وعندما قمنا سوية كدولتين سورية وتركيا بذلك لم يكن هناك سوى احتمال واحد هو النجاح لسبب بسيط.. لأن تغير السياسات عبر الماضي لا يعني على الإطلاق تغير الشعوب لذلك لم يؤد تنافر السياسات الذي حصل في العقود الماضية إلى تنافر بين الشعبين فكانت النتيجة أن السوريين والأتراك كانوا الحاضن الأساسي لتطور العلاقة على المستوى الرسمي والدافع الحقيقي لاستمرارها وتطورها وهم سيكونون المانع القوي في وجه تراجعها أو ضعفها. .
العلاقات بين بلدينا تجاوزت المفهوم التقليدي وأصبحت أخوية متميزة ملؤها الدفء والثقة
وقال الرئيس الأسد: إن العلاقات بين بلدينا تجاوزت المفهوم التقليدي للعلاقات الطبيعية بين بلدين جارين لتصبح علاقات أخوية متميزة بين البلدين والشعبين ملؤها الدفء والمحبة والثقة ومتجاوزة العلاقات الرسمية إلى الأوساط المهنية والاجتماعية المختلفة بحيث يغدو الطبيعي متميزاً..يعني إن لم تكن العلاقة بيننا من الآن فصاعداً متميزة فهي غير طبيعية أي فيها مشكلة فعلينا أن ننبه المسؤولين إلى هذا المفهوم.. فإذا كانت السياسة عنواناً لتضامننا فإنها لن تكون مجرد تنسيق للجهود وإنما هي لقاء في الرؤية والمواقف.. والثقافة كذلك لن تكون مجرد لقاء مثقفين فحسب بل نسيج جامع يضم أبناء شعبينا في بوتقة واحدة..وأما الاقتصاد فهو ليس مجرد مشروعات نقوم بها بل هو اتجاه لازدهارنا المشترك.
الغاء تأشيرات الدخول جوهر الاتفاق الاستراتيجي
وأضاف الرئيس الأسد: كل ذلك عبرنا عنه اليوم في الاتفاق الإستراتيجي بين سورية وتركيا والذي نعتبره ثمرة لما أنجزناه وبابا ندخل منه إلى المستقبل وطريقاً لتحقيق الازدهار وهو بمقدار ما يعبر عن الإرادة والرؤيا المشتركة لمستقبل العلاقة بين البلدين بمقدار ما يصلح نموذجا للعلاقة بين دول المنطقة ويفتح الطريق أمامها للمزيد من الاستقرار والازدهار.
وقال الرئيس الأسد: العنوانان الرئيسيان في هذا الاتفاق اليوم هما التعاون والتضامن.. وتحدثت مع أخي الرئيس أردوغان حول الكثير من مواضيع التعاون في الكهرباء والغاز وفي المياه والنقل وكل شيء آخر ولكن اعتقد أن القرار الذي اتخذناه بالنسبة لإلغاء تأشيرات الدخول بين المواطنين السوريين والأتراك هو أهم انجاز تم اتخاذه وهو جوهر هذا الاتفاق.. والجانب الآخر هو التضامن وأنا لا أريد القول بأننا اتفقنا على التضامن أو أن هذا الاتفاق اليوم أو الإعلان يعلن حالة من التضامن.. نحن متضامنون دائماً وميزة هذا الاتفاق أنه لم يأت لكي يحقق التعاون.. هو أتى نتيجة للتعاون بين بلدينا..واستمعت اليوم من الرئيس أردوغان بالتفصيل عن الخطة الديموقراطية..المسار الديموقراطي الذي تحدث عنه وفعلاً هذا المسار إن تم تحقيقه في تركيا فسوف ينعكس على دول المنطقة ومنها سورية.. فنحن نؤيد الخطوات التي يقوم بها الرئيس أردوغان في هذا المجال ونعتقد أن التضامن الذي بدأ منذ ست أو سبع سنوات فعليا بين سورية وتركيا وحقق انجازات كبيرة يجب أن يستمر في مكافحة الإرهاب وفي التنمية وفى كل ما من شأنه أن يضر أحد البلدين أو يفيد كلا البلدين.
وأضاف الرئيس الأسد: وإذا كنا أنجزنا الكثير في زمن قصير فعلينا ألا نستسلم للشعور بالرضى لأن الطريق أمامنا ما يزال طويلاً ومبدأ فرق تسد الذي استخدمه الاستعمار عبر تاريخه يعيد استخدامه اليوم بأساليب وأدوات وعناوين طائفية ونتائج ذلك واضحة أمام أعيننا ومن حولنا وجهوده من أجل إعادة عقارب الساعة إلى الوراء لن تتوقف في المدى المنظور.. ولقد أثبت التنسيق السوري التركي أهميته لاستقرار المنطقة.. ونجاحنا في المستقبل مرهون بقدرتنا على إقصاء التدخلات الخارجية عن منطقتنا كما قال أخي الرئيس..الأخ غير الصديق..الدول الأخرى هي صديقة ولكنها ليست شقيقة وليست جزءاً من المنطقة والقرار لا يمكن أن يأتي في البيت إلا من داخل العائلة.. لا يمكن أن يأتي من خارج العائلة وهذا ما بدأنا العمل عليه.
واختتم الرئيس الأسد كلمته بالقول: إن هذا الكلام لا يعني الانعزال عن العالم فالتواصل والتأثير المتبادل هو أمر طبيعي وهو صحي بشرط أن ينطلق القرار من هنا وأن يصنع بأيدينا وأن يلبي احتياجاتنا ومصالحنا وليس احتياجات ومصالح الآخرين على حساب مصالحنا..هذا هو المسار الذي اتبعناه في بناء علاقتنا المشتركة وبها نجحنا فلم يضعف سورية عدم خضوعها للضغوطات بل جعلها أقوى وأصلب ولم يضعف تركيا رفضها للعدوان على العراق وعلى غزة ومقاومتها لمحاولات إبعادها عن أشقائها العرب بل جعلها أكثر أهمية وأعظم تأثيراً في محيطها الإقليمي فكلانا أدرك أن العلاقة الجيدة مع القوى الكبرى مفيدة عندما تستند إلى الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة أما الرضوخ فهو أمر مرفوض وإذا كان رفضه فيه ضرر محتمل فإن قبوله فيه مقتل أكيد..هكذا فقط نؤسس لمستقبل مشترك قواعده راسخة.. وهكذا فقط ستذكرنا الأجيال القادمة بكل التقدير والعرفان كآباء وأجداد عرفوا كيف يستثمرون الماضي المشترك بنجاحاته وعثراته من أجل حاضر أبنائهم ومستقبل أحفادهم. مرة أخرى أشكركم وأشكر الأخ الرئيس أردوغان وأتمنى لكم وللشعب التركي الشقيق كل الخير والتوفيق والسلام عليكم.
اردوغان: تركيا وسورية تجلسان على مائدة واحدة منذ ألف عام وتتقاسمان مصيرا وأفكارا مشتركة
من جهته قال السيد رجب طيب أردوغان رئيس الوزراء التركي: أرحب بكم أجمل ترحيب وأكرر ترحيبي بالسيد الرئيس بشار الأسد والوفد السوري في اسطنبول مرة ثانية.. إنني أشعر ببالغ السعادة لأنني أتقاسم هذه المأدبة التي يقيمها فرع حزب العدالة والتنمية باسطنبول مع صديقي وأخي العزيز السيد الرئيس بشار الأسد.
وأضاف أرودغان: إن رمضان هو شهر التشارك والتعاون والتضامن وهو شهر الرحمة وهو الشهر الذي يجب ان تتشارك فيه كل شرائح المجتمع من فقراء وأغنياء كما أن رمضان دليل نعمة من نعم وعطاءات الله عز وجل فهو الشهر الذي يجب أن يتقاسم فيه الناس جميعاً نعمة الله عز وجل.. وكما نشاهد من خلال هذه المأدبة فإن هذا الشهر هو شهر البركات والخيرات ..وكما يسعدني أيضاً أن أتقاسم بركة وخير هذا الشهر الكريم مع أشقائنا السوريين على مائدة واحدة.. وأساساً نحن نتقاسم تاريخاً وماضياً جغرافياً طويلاً.. إن تركيا وسورية تجلسان على مائدة واحدة منذ ألف عام وتتشاركان نفس الماء والطعام وتتقاسمان أيضاً مصيراً وأفكاراً مشتركة وقد حاربنا معاً عبر التاريخ كتفا إلى كتف ضد أعداء مشتركين وكما أننا دافعنا عن دمشق وحلب والقدس وقدمنا العديد من الشهداء في شنقلعة.
الغاء سمات الدخول بشرى بمناسبة العيد
وقال أردوغان: أنا على يقين أن أخي السوري الذي يأتي إلى اسطنبول لن يشعر بأنه غريب عن هذه المدينة وأنا أثق بأن أي شخص سيزور اسطنبول لن يشعر نفسه غريباً عنها.. وفي نفس الوقت أي تركي يزور أي مدينة سورية لن يشعر بغربة بل إنه سيظن نفسه أنه في مدينة تركية أيضاً فمثلاً الجامع الأموي في سورية يذكرنا بجامع السلطان أحمد في اسطنبول وسوق الحميدية بالسوق المغطى لدينا في اسطنبول كما أن الموسيقا والطعام كلها أمور مشتركة بيننا.. إنكم تستمعون إلى المطربين الأتراك في سورية وهناك صلات قربى وصداقة بيننا فكلنا إخوة.. إن سورية هي دولة أخ لنا وليست دولة صديقة فقط فنحن خطونا اليوم خطوة جديدة وهذه بشرى بمناسبة العيد .. لقد ألغينا سمات الدخول بين بلدينا فهذا كان المنتظر وهذا كان الأمل حتى أن هناك بعض الإخوان قال لي بشكل مازح ..إن هناك اتفاقية "شينغن" وهناك اتفاقية "شام غن" وهذا يعني فيما يخص الاتفاقية التجارية بين البلدين وهذا الأمر يعتبر هاماً جداً.. بمناسبة العيد أيضاً هناك زيارات متبادلة في العيد على طول الحدودين وسيتمكن مواطنو البلدين من العبور إلى البلد الآخر بكل راحة.
نخطو مع سورية معاً إلى غد أجمل في المجالات التجارية والاقتصادية والسياسية والثقافية
وتابع أردوغان: إن السيد الرئيس أعطى تعليمات للوزراء ونحن أعطينا تعليماتنا من أجل تنفيذ هذا القرار فهذه هي المحبة والتضامن والمحبة..ونحن نخطو مع سورية معاً إلى غد أجمل في المجالات التجارية والاقتصادية والسياسية والثقافية وسنعزز هذه العلاقات وقد عززناها ومازلنا نعززها