التصحر و الجفاف يهدد المناطق الشمالية و الشرقية السورية
الإربعاء 05 آب / أغسطس 2009, 19:57
كورداونلاين
يتحدثون عن أهم مشروع في المنطقة الشرقية ألا و هو جر مياه دجلة إلى الخابور و الحسكة لإرواء أكثر من 150الف هكتار، هذا المشروع الذي و لحد الآن لا يزال يبحث عن ممولين يلزمه من ست إلى ثماني سنوات لكي ينجز،
التصحر و الجفاف يهدد المناطق الشمالية و الشرقية و الحكومة السورية تقف متفرجة
-- تعاني منطقة الجزيرة العليا و الدنيا أو ما يطلق عليهما المنطقة الشمالية و الشمالية الشرقية في سورية و بحسب تقارير و دراسات حكومية و دولية من جفاف و تصحر و تدهور في الغطاء النباتي و الثروة الحيوانية، و الذي بات يهدد و بشكل جدي و كبير الاستقرار الاجتماعي في المنطقة بسبب ضيق دائرة الموارد و العمل المرتكز أساسا على الزراعة. فالتقارير الحكومية تشير إلى أن ظاهر التصحر بات يهدد مساحات كبيرة من الأراضي السورية تقدر بحوالي 109 آلاف كم2 أي ما يعادل حوالي 59 % من مساحة البلاد. و المناطق الأكثر و الأوسع تضررا من ظاهرة التصحر و الجفاف هي المناطق الشمالية الشرقية.
و للتصحر و التغيرات المناخية عوامل عدة منها:
- أولا: ما يتعلق بسياسات الدول الكبرى و مشاريعها الصناعية الضخمة التي أدت إلى مشاكل بيئية كثيرة أبرزها الاحتباس الحراري وسببه الرئيسي انبعاثات الكربون، حيث تشكل الدول الصناعية ما نسبته 60 % منها و التي يقطن 20 % فقط من سكان العالم فيها. كما ينبعث من الولايات المتحدة وحدها سبعة أضعاف ما ينبعث من القارة الأفريقية بأسرها وتساوي نسبة انبعاثات الكربون للفرد فيها 20 ضعفاً عما هي في الصين و12 ضعفا عن البرازيل، و تستهلك الولايات المتحدة التي تمثل 4 % من سكان العالم 25 % من الطاقة العالمية.
و تعتبر ظاهرة التصحر مشكلة عالمية تعاني منها 110 دول يقع معظمها في مناطق جافة أو شبه جافة ووفقاً لتقديرات معهد الرصد العالمي فإن القارات تفقد 24 مليار طن من التربة السطحية والحالة تتجه نحو الأسوأ.
و بحسب الدكتورة كوكب داية وزيرة الدولة لشؤون البيئة " فان التصحر وتدهور الأراضي باتا يهددان مساحات كبيرة من الأراضي السورية بحوالي 109 آلاف كيلومتر مربع أي ما يعادل 59 % من مساحة سورية وذلك بسبب سوء استعمال الأراضي والموارد المائية وتدهور الغطاء النباتي والتوسع العمراني على حساب الأراضي الزراعية وتلوث التربة والتملح وهذا طبعاً أدى إلى خروج مساحات واسعة من الأراضي الزراعية البعلية من الاستثمار بشكل متزايد ما أدى عملياً إلى تراجع الإنتاج الزراعي، حيث تشير الإحصاءات إلى أن قيمة الإنتاج الضائع من خروج حوالي 7ر2 مليون هكتار من الاستثمار على أساس زراعتها بمحاصيل بعلية كالشعير تقدر بحوالي 7ر5 مليارات ليرة سورية سنوياً".
- ثانيا: السياسات المحلية و دورها في تدهور و انخفاض الإنتاجية الزراعية، بسبب سوء استعمال الأراضي الزراعية بالإضافة إلى جملة من الإجراءات الضارة بالبيئة بما في ذلك العمليات الناجمة عن الأنشطة البشرية.
لذا فهناك عوامل مناخية يصعب السيطرة عليها كالجفاف و التغيرات المناخية المختلفة. بالاضافة الى الممارسات البشرية غير السليمة المستعملة في الاستثمار الخاطئ للموارد الطبيعية و سوء إدارة الأنظمة البيئية و الإهمال الحكومي للقطاع الزراعي و تهميشه.
-- و في دراسة أعدتها وزارة الإدارة المحلية و البيئة لتبيان أسباب التصحر و مظاهره في القطاعات الإنتاجية و الموارد الطبيعية بينتها على الشكل التالي في احد عشرة نقطة بالإضافة إلى الأسباب الإدارية والاجتماعية للتصحر و بعض المنعكسات الاجتماعية و الاقتصادية للتصحر.
و الأسباب هي
1- الانجراف المائي 2 -الانجراف الريحي 3- الكثبان الرملية الزاحفة 4- التملح 5- تلوث التربة
6- التلف الناجم عن الإنتاج الزراعي 7- تأثير الزراعة ذات المدخلات المرتفعة في التربة والبيئة 8- سوء استعمال الأرضي: 9- سوء استعمال الموارد المائية 10- تدهور الحياة البرية
11- تدهور الغطاء النباتي :
أهم أسباب وأثار تدهور الغطاء النباتي:
11-1- حرائق الغابات :
11-2- القطع غير المنظّم للغابات :
11-3 - سوء إدارة المراعي وآثار الرعي الجائر:
و أكثر هذه العوامل تأثيرا في منطقة الجزيرة هي
- الانجراف الريحي حيث يعد من أهم مسببات تدهور التربة و أكثرها ضررا في سورية. و تظهر الانحرافات الريحية على السطوح المستوية و المنحدرة و يمكن أن تنقل حبيبات التربة و خاصة الناعمة منها لمسافة مئات و آلاف الكيلومترات، و أن الظروف المساعدة على حدوث الانجراف الريحي ترتبط بخصائص التربة أيضا، إضافة إلى طبيعة الغطاء النباتي وخصائص الرياح. ولقد وجد أن 50 % من تربة سورية تعتبر شديدة التعرض للانجراف الريحي وان معظم تربة البادية أصبحت ذات قابلية عالية للانجراف بعد التوسع في إدخال الزراعة البعلية إلى البادية.
فمناطق سهول الجزيرة الجنوبية التي تمتد من مجرى نهر البليخ غرباً إلى مجرى نهر الخابور شرقاً هي المناطق التي تسجل أعلى معدلات هطول ضمن البادية السورية والتي تتراوح بين 170 مم جنوباً حتى 250 مم شمالاً ،على الرغم من ذلك فإن مظاهر الانجرافات الريحية قد بدأت في هذه المنطقة بفعل تحول استثمار الأراضي من الرعي إلى الزراعة البعلية . كذلك فان سرعة الرياح قد ساهمت في حركة الحبيبات الرملية على مدار السنة نتيجة لجفاف التربة وتفككها التي نتجت عن الحراثة وانحباس المطر.
- الكثبان الرملية الزاحفة للانجراف الريحي أثر فعال في حركة التربة ونقلها من مكان إلى أخر وفي النهاية تشكل الرمال المتحركة كثبان رملية وهي المرحلة الأخيرة لتدهور التربة وتصحرها لما تسببه من زحف على الأراضي الزراعية والمنشآت المدنية والصناعية والطرق والسكك الحديدية .
وتعتبر سهول الجزيرة السفلى كمناطق مالحة الذرو – جروان – ابو خشب – رويشد – الجويف ، إضافة إلى منطقة الكسرة والكبر في شمال شرق مدينة دير الزور من أكثر المناطق التي تعرضت لخطر الكثبان الرملية الزاحفة، أما في منطقة الكسرة فقد أدى زحف الكثبان الرملية إلى خروج مئات الهكتارات من الأراضي الزراعية عن نطاق الاستثمار الزراعي ، كذلك فقد كانت الرمال الزاحفة في المنطقة نفسها تعيق حركة القطارات بين دير الزور وحلب وذلك على مسافة تمتد لأكثر من ( 5 ) كم .
وهذه الظاهرة تعتبر جديدة على البادية السورية ومن منطقة البشري تزحف الرمال باتجاه الشرق حتى تسبب أحيانا عرقلة السير على طريق دير الزور – تدمر – دمشق في المسافة الكيلومترية (50-100 ) كم عن دير الزور .
- التملح عملية تنتشر في المناطق المروية في المنطقة الجافة أي في المنطقة الشرقية حيث ترتفع قيم السطوع الشمسي ومعدلات التبخر. ويمثل وادي الفرات الذي يعتبر من اكبر مناطق الزراعة المروية في سورية أوضح مثال على تفشي عملية التملح حيث بدأت الملوحة في هذه المنطقة مع تطور أساليب الري في الخمسينات واستعمال المضخات الكبيرة لري مساحات واسعة من الأراضي، كما تسارعت هذه العملية مع إدخال زراعة القطن كمحصول صيفي في المنطقة والإسراف في ري ذلك المحصول .
ونظراً لغياب أنظمة الصرف الفعالة فإن ارتفاع المياه إلى الحد الحرج وزيادة الملوحة في الطبقات السطحية للتربة أدى إلى خروج مساحات واسعة من الاستثمار الزراعي .
وتشير تقارير مديرية حوض الفرات إن نسبة خروج الأراضي من الاستثمار الزراعي بسبب الملوحة الزائدة تبلغ حوالي 17.6 % وان نسبة الأراضي شديدة الملوحة تشكل 50.4 % من الأراضي المتملحة وهذه الأخيرة في طريقها إلى الخروج . وأن المساحة الخارجة من الاستثمار حتى عام 1995 حوالي (75 ) ألف هكتاراً .
- سوء استعمال الموارد المائية ويتمثل في :
أ -استعمال أساليب الري التقليدية القديمة ، مما يؤدي إلى فواقد كبيرة تراوح بين 30-60 %من حجم المياه المنقولة والمستعملة .
ب -إهمال شبكات الصرف الفعالة في مشاريع الري والإفراط في استعمال المياه في عمليات الريّ فمثلاً يحتاج ري هكتار القطن إلى 7.5 ألف م 3 في حين يستخدم له في الري كمية تصل إلى 12 ألف م3 مما يزيد من هدر المياه وتملح التربة وتغدقها .
ج -استخدام المياه الجوفية المالحة ( 2-6 مليموز / سم ) والمياه ذات الملوحة العالية أكثر من 8 مليموز / سم في الزراعة تؤدي إلى تملح الأراضي وتصحرها مع الزمن.
د- الإفراط في التنقيب عن المياه الجوفية والضخ الزائد لها يؤدي إلى استنزاف المخزون الجوفي ( غير المتجدد ) من المياه رصيد مئات آلاف السنين بسرعة كبيرة بسبب عدم قدرة مياه الأمطار ( التغذية المائية ) على تعويض النقص الحاصل تحت ظروف الجفاف القاسية السائدة .
هـ -استعمال المياه الملوثة أو المياه العادمة ( الصرف الصحي ) ودون تنقية في الزراعة يعتبر من إحدى المشاكل التي تزداد خطورة نتيجة تركيز المواد السمية ( كعناصر الصوديوم و الكلور و البورون وغيرها ) في التربة.
-- و قد أكد أعضاء بعثة منظمة الأغذية والزراعة والمنظمات التابعة للأمم المتحدة و التي زارت مؤخرا محافظة الحسكة بان الوضع في المنطقة الشرقية، هو أسوأ من الوضع في الهند التي يوجد فيها 30% من السكان تحت خط الفقر، ومن أجل ذلك فإن المساعدات الطارئة ضرورية جدا لأهالي المنطقة. واعتبر رئيس اللجنة وهو من الهند " أن الوضع في هذه المناطق أسوأ مما هو في الهند حيث يوجد 30% تحت خط الفقر، ومع إقرار اللجنة بأن المساعدات الطارئة ضرورية فهذا لا ينفي البحث عن رؤية وإستراتيجية لتفادي مثل هذه الحالات مستقبلاً من خلال التوجه لإعادة نوع من التوازن بين الموارد المتاحة وعدد القطيع وتنوع مصادر العيش أي بمعنى آخر تغيير تدريجي في نمط الإنتاج ".
و بدوره قال وزير الزراعة الدكتور عادل سفر " إنه سبق وتم تشكيل لجنة حكومية لتقييم الوضع بمحافظة الحسكة وتوصلت إلى الرؤية نفسها تقريباً من خلال تقديم المساعدات الفورية وبعض الإعانات لتثبيت الناس في أراضيهم ويتم الآن تقديم سلة غذائية متكاملة لمدة شهر للعائلات المتضررة في الحسكة والتي قدر عددها بـ 30 ألف عائلة وهناك لجنة وزارية تدرس أوضاع الأسر التي هاجرت إلى المحافظات الأخرى وعددها 30 ألف أسرة أيضا وإمكانية إعادتهم . كما أن الحكومة شكلت مجموعة لدراسة إمكانيات المنطقة ووضع حلول غير زراعية لتنويع مصادر العيش من خلال إنشاء صناعات زراعية سياحة – إعطاء ميزات للاستثمار لخلق صناعات كبيرة تستوعب اكبر عدد من اليد العاملة .ويبقى المشروع الأهم هو جر مياه دجلة لإرواء 150 ألف هكتار وفي حال تم تنفيذ المشروع سيتم استقرار ثلث سكان المنطقة لكن المشروع مكلف ويحتاج إلى 3 مليارات دولار والدراسات جاهزة ونبحث عن مؤسسات للتمويل مثل الصندوق الكويتي للتنمية وبنك الاستثمار الأوروبي وغيرها من المؤسسات".
-- من خلال ما سبق من سرد لظاهرة التصحر و الجفاف و الدراسات و التقارير و التصريحات و اللجان الخاصة بتقييم و تحديد الأسباب و الظروف التي تعاني منها منطقة الجزيرة يبقى السبب الرئيسي فضلا عن الأسباب السالفة الذكر ألا و هو الدافع السياسي و العقلية الاقصائية التي تكمن خلف جملة من الممارسات و السياسات التي استهدفت أبناء هذه المنطقة و قامت بالتضييق عليهم و محاربتهم في لقمة العيش، إن الأسباب التي وردت في دراسة الوزارة لم تكن وليدة اليوم بل هي كانت موجودة و ماثلة أمام أعين النظام لكن حقده الشوفيني و فساده أعمى بصيرته لما يتهدد سلة الغذاء السورية من جفاف و تصحر و تدهور لأهم قطاع في سورية ألا و هو القطاع الزراعي.
فاليوم باتت الهجرة الجماعية ظاهرة في شمال و شرق البلاد بسبب الجفاف و انعدام بدائل العمل فالتقرير الذي أعده المعهد الدولي للتنمية المستدامة الممول من قبل الدنمارك يشير إلى تهجير السكان في 160قرية حيث رحلت اسر بأكملها إلى الداخل السوري بسبب الظروف المعيشية الصعبة و السيئة.
هجرة سكان أكثر من 160 قرية لقراهم هو إحدى سمات الحكم الرشيد!! (كما يوصف). هذه الهجرات الجماعية التي هي بسبب المجاعة و لكن بدون حروب، فالمجاعات تحدث عادة في أوقات الحروب إلا في سورية بلد الموارد المتنوعة!!.
و اليوم يتحدثون عن أهم مشروع في المنطقة الشرقية ألا و هو جر مياه دجلة إلى الخابور و الحسكة لإرواء أكثر من 150الف هكتار، هذا المشروع الذي و لحد الآن لا يزال يبحث عن ممولين يلزمه من ست إلى ثماني سنوات لكي ينجز، و خلال هذه السنوات ماذا يفعل المواطنين ؟ الشيء الأخر و الأهم هو لماذا انتظر النظام لمدة تسعة و عشرين عاما للبدء عن الحديث عن هذا المشروع ؟ في حين انه في العام 1980 أعدت دراسة للجدوى الاقتصادي لمشروع جر مياه دجلة إلى الخابور من قبل بعثة بلغارية للحفاظ على الموارد المائية التي استهلكت و استنفذت اليوم بشكل كبير في حين كان بالإمكان إبقاء هذا المخزون الحيوي لعقود و عقود. هذه التساؤلات توجب علينا العودة إلى السبب و الدافع الرئيسي وراء إهمال هذه المنطقة التي يقطنها الكرد ألا و هو تغيير الواقع الديمغرافي للمنطقة من خلال سياسة التضييق و تجويع المواطنين و سد سبل العيش إمامهم لهجر مناطقهم الكردية إلى الداخل و خارج البلاد.
إن العقلية الشوفينية و الحاقدة للنظام البعثي أدت إلى وضع كارثي بالنسبة إلى المنطقة، و ما يقوم به النظام اليوم من إعداد لخطط و برامج أو الادعاء بإعدادها لتحسين الواقع المعيشي و الزراعي في المنطقة كل ذلك لان ناقوس الخطر بات يدق أجراسه مهددا بزوال سلة الغذاء السورية بسبب الجفاف و التصحر و التضييق و التهميش الكبير للقطاع الزراعي الذي يشكل الركيزة الأساسية في الاقتصاد السوري.
ربما بات على هذا النظام الذي وصلت سموم حقده و ساديته و فساده حتى الطبيعة، أن يقوم بمراجعة ذاته لان القوة و وهمها ليس دوما بامتلاك الأدوات، إنما القوة الحقيقية هي بتمثيل الإرادة الحرة للمجتمع الذي وفقا لقوانين الطبيعة ستتسع دائرة وعيه و مساحة مطاليبه بالحرية و العيش الكريم كمواطنين لا كعبيد، و على من يقومون بإدارة البلاد بان بعي إن القواعد الشاذة عن الطبيعة و المجتمع مهما طال أمدها فهي إلى زوال، لان للطبيعة و المجتمعات الإنسانية قوانين، و لغة الحكم بالحديد و النار و الاعتقال و عقلية الغنيمة و التملك التي لا نزال نعاني منها كسوريين، إن لم تغير ذاتها، ستتغير، لان للمجتمع في النهاية كلمة و ستكون الكلمة الفاصلة هذا ما يخبرنا به تاريخ الشعوب. نحن اليوم في عالم باتت أمامه تحديات كبير و لا زلنا نحن نقبع في قعر مستنقع الأحقاد و التصنيفات العنصرية بينما العالم يتقدم و يعمل لوضع لمساته في إنقاذ العالم من المخاطر الناجمة عن أفكار و أحقاد الإنسان ذاته، فحتى الطبيعة باتت تطالب بالتغيير بسبب ما نالها من خراب.
المؤسسة الإعلامية في منظومة مجتمع غربي كردستان
Saziya Ragihandina KCK-Rojava
19/7/2009