محمدعلى بيراند:حان الوقت لنسمع صوت الكرد
الإثنين 06 نيسان / أبريل 2009, 19:35
كورداونلاين

رئيس الوزراء استخدم جملة قاسية جدا وقال "اختاروا بين الاثنين اما احب هذا الوطن او اتركه، ولا مكانة في هذا الوطن للذين لا يحبونه".
الجانب الأهم في هذه الانتخابات هو النتائج التي ظهرت في منطقة جنوب شرقي البلاد، فهذه النتيجة اعطت مسارا آخر للمسألة الكردية.
في البداية علينا ان نقارن بين نتائج الانتخابات البرلمانية لعام 2007 مع الانتخابات المحلية الحالية لعام 2009، كما تعلمون أن حزب العدالة والتنمية (AKP) حقق في عام 2007 نتائج اذهلت الجميع، اما حزب المجتمع الديمقراطي (DTP) ففقد الكثير من أصواته في تلك الانتخابات البرلمانية وحصل على نسبة (4.9%)، وبين عشية وضحاها أصبح (AKP) المسيطر الاوحد والاساسي الجديد وبدون منافس في المنطقة، وهذه النتيجة خلق لدى (AKP) قناعة وثقة بأنه سيتمكن من تصفية (DTP) وازالته تماما من المنطقة.
وأعتقد العدالة والتنمية أن الناخبين في منطقة جنوب شرقي البلاد لا يصوتون للميول القومية الكردية، بل انهم يصوتون للخدمات المقدمة للمنطقة.
ان هذه الثقة والقناعة منحت (AKP) اثارة وحماسا اكثر في الانتخابات المحلية لعام 2009 واعتقد تماما لو استمر الحال بهذا الشكل سيستطيعون وبدرجة كبيرة كسر اعتبار (PKK) في المنطقة. وانطلاقا من هذا المفهوم تحرك رئيس الوزراء بكل عزيمته وطاقاته وبحماس لا مثيل له للعمل على هذا المسار، وبدأ يستخدم اساليب وتوجهات عنيفة وقاسية ضد المواطنين من الاصول الكردية.
حزب العدالة والتنمية جدد سياسته في جنوب شرقي البلاد
فقد اراد حزب العدالة والتنمية (AKP) ان يوجه رسالة الى المواطنين في المنطقة فحواه اذا تريدون الخدمات عليكم التصويت لصالحنا اما اذا تريدون الهوية فعليكم التصويت لصالح الآخرين بل انه لم يكتف بذلك فان رئيس الوزراء استخدم جملة قاسية جدا وقال "اختاروا بين الاثنين اما احب هذا الوطن او اتركه، ولا مكانة في هذا الوطن للذين لا يحبونه".
كما حاول الى جانب هذه التحركات ان يقنع الناخبين الكرد بان (DTP) لا يقدم الخدمات وان ادارته سيئة، اما اذا تصوتون لصالحنا فسنقدم لكم خدمات كبيرة جدا يؤدي الى تحسين الاوضاع المعيشية والخدمية في المنطقة، وهكذا حاول (AKP) استخدام سياسة العصا والجزرة ضد المواطنين الكرد.
ولم يكتف بذلك ايضا، بل قام بتوزيع الهدايا المغرية مثل الادوات الكهربائية الى المواطنين في المنطقة، كخطوة لاقناعهم بان سيطرة (AKP) على المنطقة سيؤدي الى تحسين معيشتكم واغنائكم.
وحاول الاكثر ايضا، حيث قام بفتح قناة تلفزيونية (TRT6) باللغة الكردية كما استخدم اردوغان بعض الجمل الكردية في المناسبات وفي نوروز، كمحاولة منه لاقناع المواطنين بانهم سيقومون بخطوات في مجال استخدام اللغة الكردية ايضا.
هذه السياسات التابعة لحزب العدالة والتنمية جعل الكثير منا يعتقد بان حزب العدالة والتنمية هو الاقرب من الجميع في ايجاد الحل للمسألة الكردية وسيكون اردوغان هو القائد الوحيد الذي عمل على ايجاد الحل للمسألة الكردية، ولكن رغم كل هذه المحاولات لم يستطع ان يقنع المواطنين من الاصول الكردية بانه سيحل المسألة الكردية والسبب لانه لم يخط أية خطوة ملموسة في هذا المجال ولم يلب اي طلب من مطاليب المواطنين الكرد لانه تعامل مع القضايا بشكل سطحي ولم يدخل في لب الموضوع حتى يفهم وبشكل اكثر الخصوصية الكردية.
وهذه الممارسات من حزب العدالة والتنمية ادت الى ما يأتي :
1- دفعت بالمواطنين الكرد الى الابتعاد اكثر عن اردوغان بدلا من الاقتراب منه لانهم شاهدوا رئيسا للوزراء يتحدث كثيرا دون ان ينفذ ايا من وعوده.
2- أخرج ملف الانضمام الى الاتحاد الاوروبي من جدول اعماله واهمله بشكل تام.
3- إصرار (AKP) على السيطرة على بلديات دياربك وتونجلي (ديرسيم) ادخل الرعب والخوف في نفس الانسان الكردي و(PKK) ايضا ورفضوا المشاركة في هذه المجازفات، بل تلاحموا بشكل اكثر للتصدي لنوايا (AKP).
4- كما ان موقف الحكومة الرافض والعنيف والقاسي خلال السنة الماضية ضد الادارة المحلية لكردستان العراق خلق رد فعل قويا لدى المواطنين الكرد في المنطقة.
5- واخيرا وهو الجانب الاهم في المسألة، العمليات العسكرية والقصف الجوي المستمر ضد مراكز (PKK) في منطقة شمالي العراق والاساليب القاسية جدا المستخدمة من قبل رجال الامن ضد المواطنين في المنطقة، كل هذه الاسباب اثرت على نتائج الانتخابات وادت الى انخفاض شعبية (AKP) في المنطقة.
رسالة الكرد واضحة جدا
إلى جانب كل هذه الاسباب الحملة الانتخابية والنفسية الناجحة لـ(DTP) وعلى مدار السنة اثرت على مجرى التطورات. فقد استخدم (DTP) في حملته جملة واضحة وهي (كل من يحس بانه كردي عليه ان يصوت لصالحنا وكل من يريد ان يفقد هويته الكردية والى الابد عليه ان يصوت لصالح "AKP")، فقد كان لهذا العامل النفسي تأثير كبير على نفسية الناخب الكردي، والى جانب ذلك كثف كوادر ومؤيدو (PKK) نشاطاتهم في المنطقة وادت الى خلق وعي تام لدى المواطنين الكرد وادركوا أبعاد المسألة وخطورتها بشكل تام، كل ذلك دفعهم الى التمسك بهويتهم القومية بشكل اكثر خلال توجههم الى صناديق الاقتراع، وتمكن (DTP) من رفع نسبة اصواته من (4.9%) الى (5.6%) على مستوى تركيا، وتمكن ان يضيف ثلاث محافظات اخرى الى محافظاته الخمس ورفع عدد بلدياته من (56) الى (98) بلدية، والاهم تمكن عثمان بايدمير رئيس بلدية دياربكر الكبيرة أن يكسر الرقم القياسي في نسبة اصواته وتوصل الى (65%)، كما تمكنوا من اخذ العديد من المحافظات والاقضية من حزب العدالة والتنمية ومن اصل (18) قضاء لمحافظة دياربكر لم يتمكن (AKP) سوى من السيطرة على بلدية قضاء واحد فقط.
أهم نقاط رسالة الكرد هي الآتي:
1- الاعتراف بهويتهم اهم من كل شيء بالنسبة لهم، ومهما يكن مستوى الخدمات فليست له فائدة بدون الاعتراف بهويتهم.
2- قالوا للجميع ان (DTP) هو ممثلهم الشرعي ويجب الجلوس معه.
3- العمل على ايجاد حل عاجل للمسألة الكردية بطرق سياسية وليس عسكرية فاذا لم تأخذ انقرة هذه النقاط الثلاث محمل الجد ستصيب بندم وخيبة امل في المستقبل المنظور.
وعلى الدولة ان تقيم نتائج الانتخابات بأعصاب باردة وان تقوم بالخطوات العاجلة الآتية:
عدم تهميش (DTP) والتعامل معه كأنه خارج اطار النظام كما كان في الماضي، بل ضمه الى داخل النظام والتعامل معه بدون تمييز وتطبيق ما هو ضروري وترك اساليب تجريد ومقاطعة البرلمانيين من حزب (DTP) والتعامل معهم باسلوب طبيعي والمسك بأيديهم عندما يريدون المصافحة وتوفير جميع الاعراف البروتوكولية لهم دون التمييز بينهم وبين برلماني آخر، واحتضاهم والاعتراف بهم والاعتراف بـ(DTP) بانه الممثل الشرعي الحقيقي لحل المسألة الكردية وهذه الحالة فرضت نفسها واصبحت واقعا، لايمكن لنا ان نتعامل مع الواقع كأنه لم يحصل شيء ونهمل المسألة، لانه كلما تحركنا سريعا سنخدم البلد اكثر.
* ترجمة: سردار محمد عن صحيفة "ميلليت" التركية