نائب رئيس إقليم كردستان ينفي سعي الأكراد الى ضم الموصل... كوسرت رسول لـ «الحياة»: لا بديل من الاتفاق الأمني ولا انشقاقات في حزب طالباني
اعتبر كوسرت رسول علي نائب رئيس اقليم كردستان (شمال العراق) إن العراق ليس لديه بديل واقعي في حال رفض الاتفاق الأمني مع واشنطن مشيراً الى أن الحزبين الكرديين يؤيدان الاتفاق من باب الحفاظ على مستقبل العراق.
وانتقد رسول في حوار مع «الحياة» حديث السياسيين في العراق عن مفهوم «السيادة الوطنية» وقال ان العراق ليس لديه عمليا اليوم «سيادة» وحتى كبار السياسيين لا يستطيعون حماية أنفسهم وأشار الى ان تغييراً جوهرياً في السياسة الأميركية تجاه العراق لن يطرأ في ضوء نتائج الانتخابات الرئاسية الأخيرة.
ونفى القيادي الكردي وجود انشقاقات في حزب «الاتحاد الوطني الكردستاني» الذي يتزعمه الرئيس العراقي جلال طالباني بعد طرد مجموعة من أعضائه أخيراً وقال انه كان يتمنى ان لا تستخدم عقوبة الطرد بحقهم، ونفى أي دور كردي في تهجير المسيحيين العراقيين من سهل نينوى مؤكداً ان الأكراد لا يدَّعون ان الموصل جزء من إقليم كردستان ولا يسعون الى ذلك.
وهنا نص الحوار:
> معلوم ان موقف إقليم كردستان مؤيد للاتفاق الأمني المتعثر مع واشنطن لكن انتقادات أطلقت في بغداد أخيراً حول تصريحات لرئيس الإقليم اعتبرت تهديداً ضــمنياً بإقامة قواعد عــسكرية منفصلة في كردســتان في حــال لم يبــرم الاتــفاق؟
- نحن نعتقد ان العراق ليس لديه بديل واقعي في حال لم يتم التوقيع على الاتفاق الأمني على المستويات الأمنية والسياسية والاقتصادية، ونرى ان العلاقات مع الولايات المتحدة ستمنح العراق مميزات واسعة كما أننا في كردستان نشعر بالامتنان للدور الأميركي في تحرير العراق.
وأستطيع أن أقول ان الحزبين الكرديين يدعمان التصريحات التي أطلقها مسعود بارزاني في واشنطن في شأن القواعد العسكرية ولكننا نؤكد في المقابل أننا جزء من العراق ولسنا خارج مفهوم الإجماع والدســتور العراقيين، ولن ندعم إنــشاء قواعد عسكرية في حال تنافى ذلك مع الدستور العراقي.
> لكن الموقف الرسمي العراقي ما زال يعتبر ان الاتفاق الأمني ينتهك السيادة العراقية ؟
- العراق ليس لديه اليوم أي مظهر من مظاهر السيادة، فالسياسيون العراقيون أنفسهم ممن يسوقون قضية السيادة في معرض الحديث عن الاتفاق ما زالوا حتى اللحظة غير قادرين على حماية أنفسهم وفي شكل يومي يخضعون لتفتيش جنود أميركيين في الدخول أو الخروج من المنطقة الخضراء.
نحن عملياً نبحث عن تحقيق السيادة عبر الاتفاق الأمني الذي ينسجم مع مفهوم السيادة العراقية بقوة... ولا اعرف كيف يمكن ان تتحقق السيادة عبر الإبقاء على الدور الأميركي كما هو اليوم عبر رفض الاتفاق حيث لا يمكن الحديث مطلقاً عن إرادة وطنية مستقلة.
> البعض يقول إن بغداد تعوّل على متغيرات في السياسة الأميركية تجاه العراق بعد تولي الإدارة الديمقراطية؟
- قراءتنا السياسية تؤشر الى ان تغييراً جوهرياً في السياسة الخارجية الأميركية تجاه العراق لن يحدث في عهد الرئيس الأميركي باراك أوباما، فالأميركيون خسروا نحو 4 آلاف عسكري في حربهم في العراق وصرفوا بلايين الدولارات وهذه التضحيات لا بد ان تصل الى أهدافها المتمثلة بإنشاء عراق ديمقراطي فاعل في المنطقة وعلاقات تبادل مصالح عميقة مع واشنطن.
الولايات المتحدة في النهاية دولة مؤسسات ونظامها السياسي لا يسمح بمتغيرات جوهرية في السياسات الخارجية أو حتى الداخلية.
> كان هناك على الدوام حديث عن إنشاء قواعد عسكرية أميركية في كردستان في شكل سري وآخرها الحديث عن مطار سري هنا في السليمانية؟
- لا توجد اتفاقات سرية أو علنية مع الولايات المتحدة بمعزل عن بغداد وأيضاً ليس هناك أية قواعد عسكرية ولا معسكرات أميركية في كردستان.
> مناسبة الحديث عن القواعد العسكرية يرتبط بفرضية حاجة الإقليم الى حماية أمام التهديد التركي فما زالت مشكلة حزب العمال الكردستاني عامل اضطراب في علاقاتكم مع تركيا؟
- نحن في إقليم كردستان نؤيد التعاون مع الدول الإقليمية على العموم ومع تركيا بشكل خاص ونرفض التدخل في الشؤون الداخلية التركية. ونرى ان حدود تحرك حزب العمال الكردستاني تنحصر في الحدود التركية ولا نؤيد امتداده الى خارج هذا الإطار، وننظر الى الموضوع برمته باعتباره شأناً داخلياً تركياً.
اعتقد ان متغيرات إيجابية تحدث في تركيا نفسها، ونشرت أخيراً تصريحات رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان الذي أبدى استعداداً للحوار مع حزب العمال الكردستاني ونحن ندعم هذا التوجه بقوة.
علاقتنا الاقتصادية مع تركيا جيدة على امتداد السنوات الماضية، فكردستان تحتضن نحو 400 شركة تركية ونطمح الى توسيع دائرة التعاون لتشمل علاقات تعاون سياسية سليمة.
> أعلن رئيس إقليم كردستان أخيراً استعداده للحوار المباشر مع تركيا حول حزب العمال؟
- كانت هناك بالفعل مباحثات حصلت في بغداد قبل اشهر لكننا لم نتلق أية دعوة مباشرة لخوض هذا الحوار المباشر على رغم ان الحوار مع تركيا من ثوابت إقليم كردستان.
> هناك حديث عن تحالف تركي - إيراني مع أطراف سياسية فاعلة في العراق للحد من نــفوذ الطــرف الكردي في الملفات الســياسية الحســاسة ككــركوك؟
- سمعت مثل هذا الحديث لكني لا أستطيع تأكيده أو نفيه... نحن نطالب الأطراف السياسية العراقية باللجوء الى الدستور العراقي وليس الى الخارج لحل المشكلات في ما بينهم، فاتفاقنا في داخل العراق هو المدخل الصحي لبناء بلادنا ومنع التدخلات الخارجية في شؤونها.
العراق بلد مهم على المستوى الاستراتيجي ومن الطبيعي ان يكون هدفاً لتدخل دول إقليمية أو خارجية والحل هو البناء والتوافق الداخلي لمنع تحول البلاد الى ساحة تنفيس حسابات دولية وإقليمية.
> لننتقل الى قضية تهجير المسيحيين من مدينة الموصل، فاسم «البشمركة» تم تداوله في معرض تحميل المسؤولية عن الأحداث ما رأيكم؟
- الاتهامات التي أطلقت في هذا الشأن غير مسؤولة فنحن ننفي بشدة أي علاقة لإقليم كردستان في تهجير المسيحيين بل ان المعلومات التي توصلنا اليها تشير الى تورط تنظيمات تابعة لـ «أنصار الإسلام» وحزب البعث في قضية تهجير الاخوة المسيحيين من الموصل، نحن ليس لدينا تنظيمات في صفوف المسيحيين ومنحنا سكان الإقليم من المسيحيين حقوقاً ومقاعد في البرلمان وحقيبة وزارية مهمة وندعم كل ما يتعلق بهذه الشريحة المهمة في العراق.
> لكن الاتهامات أشارت الى محاولات كردية لحصر المسيحيين في منطقة سهل نينوى المجاورة للإقليم من اجل إيجاد منافذ لضم المنطقة والوصول الى ضم الجزء الشرقي من الموصل الذي يتركز فيه الأكراد؟
- لم ندع يوماً ان مدينة الموصل جزء من إقليم كردستان ولن نحاول ضم المدينة الى الإقليم في أية مرحلة لأننا نقول دائماً ان الموصل هي مدينة «كردستانية» بـ «هوية عراقية» فنسبة 39 في المئة من سكانها هم أكراد لكن المدينة ليست جزءاً من الإقليم ولم نقدم على أي عمل يمكن ان يفسر باعتباره محاولة للمطالبة بالمدينة.
الجميع في العراق يعلم ان علاقات التعايش التاريخية التي تجمع الموصل بدهوك واربيل الكرديتين أقوى من تلك التي تجمعها مع تكريت وهذا نابع من عمق الأخوة بين جميع المكونات التي تقطن المدينة.
> لكن عرب المدينة ما زالوا يشككون بما يعتبرونه تدخلاً كردياً في شؤونهم عبر البشمركة الكردية أو عبر ضباط وجنود أكراد ينتمون شكلاً الى الجيش العراقي ويدينون بالولاء الى قوات البشمركة؟
- هذا غير صحيح.. فالبشمركة لا تتواجد في المدينة الا كحراسات محدودة لبعض مقار الأحزاب الكردية كما ان قوات الجيش والشرطة هناك تتبع قانوناً وتتلقى الأوامر من وزارتي الدفاع والداخلية العراقيتين.
> لكن لمن الولاء في النهاية؟
شخصياً اعتقد أن ولاء الأكراد في الجيش والشرطة سيكون فقط لمرجعياتهم القانونية في المركز ما دام الدستور العراقي هو المظلة لحكم وإدارة العلاقات في العراق أما إذا تخطى المركز على الدستور فسيكون لنا حديث آخر بشأن مسالة الولاء.
- يدفع بنا هذا الكلام الى الحديث عن مستقبل علاقاتكم مع بغداد، فهناك مسائل معلقة مع الحكومة المركزية وهناك اجتماعات متواصلة لحل مشكلات عقود النفط وكركوك وحدود الإقليم وسواها لا يبدو انها تفرز حلولاً قريبة؟
كنت أحد أعضاء الوفد الرسمي الكردي الرفيع الذي زار بغداد للتباحث حول القضايا مثار الجدال بين الطرفين. بحثنا هناك بصراحة الخيارات المتاحة للخروج من هذه الأزمات واعتقد ان الوقت اليوم مناسب لحسمها في شكل نهائي.
في بغداد هناك اتجاهان سياسيان أحدهما يدعم السلطة المركزية المطلقة وآخر يحاول تكريس المفهوم الفيديرالي في الحكم، ونحن في مجمل حواراتنا ننسجم مع النصوص الدستورية ولا نحاول العبور فوقها وهذا الحال واضح في تمسكنا بنص المادة 140 التي تعد المدخل الطبيعي لحل قضية كركوك.
شكلنا خمس لجان مشتركة مع حكومة المركز تختص كل لجنة بنقاط الخلاف مثل المادة 140 والمناطق المتنازع عليها وحدود الإقليم والعقود النفطية وهي ستبدأ قريباً في أعمالها وستقترح حلولاً توافقية. أنا شخصياً متفائل بقدرتها على إنهاء التوتر.
كقيادي في «الاتحاد الوطني الكردستاني» الذي يتزعمه الرئيس جلال طالباني كيف تقرأ بوادر الخلاف داخل الحزب؟ سمعنا حديثاً عن انشقاق في صفوفه نتج عنه طرد مجموعة من الأعضاء باعتبارهم «انقلابيين»؟
لم يحدث أي انشقاق أو انقلاب في صفوف الاتحاد، فالحزب الذي ينتمي الى الاشتراكية الدولية يترك حيزاً واسعاً لخلافات الرأي بين أعضائه، بل ان الاتحاد تشكل كجبهة سياسية من مجموعة من التنظيمات عام 1975 اختارت طوعاً عام 1991 ان تتوحد في شكل منهجي وتؤسس نظاماً داخلياً صار دستوراً على الأعضاء احترامه.
وبالنسبة للمجموعة التي طُردت من الاتحاد أنا كنت أتمنى ان لا تكون العقوبة بهذه الشدة، فالعقوبة اشد مما يجب، وكان يمكن تجميد عضويتهم أو استدعاؤهم من لندن الى السليمانية لسماع آرائهم وأفكارهم وأسباب تمردهم.
المصدر: جريدة الحياة