تقرير مفصل عن المرسوم 49 مقدم من المنظمة الكردية
للدفاع عن حقوق الإنسان والحريات العامة في سوريا
المرسوم التشريعي رقم ( 49 ) لعام 2008
أصوله التاريخية ونتائجه والآثار الكارثية المرتقبة
(( محافظة الحسكة نموذجاً ))
بتاريخ 10 / 9 / 2008 صدر المرسوم التشريعي رقم / 49 / لعام 2008 والذي تضمن تعديل بعض المواد من القانون رقم / 41 / تاريخ 26/10/2004 الناظم لأحكام التملك والاستثمار في المناطق الحدودية والذي كان بدوره ألغى المرسومان التشريعيان رقم / 193 / تاريخ 3/4/1952 ورقم / 75 / تاريخ 28/7/1962.
بداية رئينا من المفيد سرد التطور التاريخي لهذا المرسوم والأصل الذي انحدر منه والأسباب الموجبة لصدوره في حينها والنتائج العملية التي حققها (( بمنع سكان هذه المناطق من حق التملك وتداول أملاكهم بحرية وبالنتيجة جعلهم في وضع غير مستقر ومستعدين للهجرة في أي وقت وبالنتيجة أحداث تغير ديمغرافي في هذه المناطق )) عبر التاريخ الطويل من التطبيق العملي , حيث أن هذا المرسوم التشريعي ينحدر بداية من قرار حكومة الانتداب الفرنسي رقم / 16 ل. ر / تاريخ 18/1/1934 والذي كان خاصاً بتملك الأجانب وليس المواطنين والذي نص على:
(( لا يجوز للأجنبي إجراء معاملة بيع أو رهن أو تأمين أو أيجار لمدة تتجاوز تسع سنوات على العقارات الواقعة في المناطق المتاخمة للحدود إلا بعد الحصول على ترخيص من رئيس الدولة في سوريا ولبنان ))
والذي جاء بوقته ليمنع تغلغل الأجانب من الحدود لشراء الأراضي في المناطق الحدودية الحساسة أو تأمين حقوق طويلة الأجل في تلك المناطق , ورغم انه سبق وأن صدر المرسوم التشريعي رقم / 189 / تاريخ 1/4/1952 المعدل بالمرسوم التشريعي رقم / 123 / تاريخ 6/10/1953 والذي نظم شروط تملك غير السوريين للأموال غير المنقولة في سوريا , ألا أن هذا القرار كان السابقة التشريعية الأولى التي مهدت الطريق لصدور المرسوم التشريعي رقم / 193 / لعام 1952 والذي بموجبه منع آلاف المواطنين من حق التملك وتحديداً إذا كانوا ينتمون بأصلهم إلى الشعب الكردي رغم أنهم من السكان الأصليين لتلك المناطق, وهذا لا يختلف عليه اثنان .
وفيما يلي نص المرسوم رقم 193 تاريخ 3/4/1952 :
أن رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء
بناء على الأمر العسكري رقم 2 المؤرخ في 3/12/1951
يرسم ما يلي :
1 – لا يجوز إنشاء أو نقل أو تعديل أي حق من الحقوق العينية على الأراضي الكائنة في مناطق الحدود وكذا استئجارها أو تأسيس شركات أو عقد مقاولات لاستثمارها زراعياً لمدة تزيد على ثلاث سنوات وكذلك جميع عقود الشركات أو عقود الاستثمار الزراعي التي تتطلب استحضار مزارعين أو عمال أو خبراء من القضية الأخرى أو البلاد الأجنبية إلا برخصة مسبقة تصدر بمرسوم عن رئيسي الدولة بناء على اقتراح وزير العدل بعد موافقة وزارة الدفاع الوطني وفقاًَ لأحكام هذا المرسوم التشريعي .
أن أحكام المحاكم المتعلقة بالأراضي المذكورة لا تنفذ ما لم تقترن بالرخصة المنوه بها.
2 – تعين مناطق الحدود المنصوص عليها في المادة الأولى بمرسوم يصدر بناء على اقتراح وزارة الدفاع الوطني.
3 – يقدم طلب منح الرخصة إلى أمين السجل العقاري .
يحيل أمين السجل العقاري هذا الطلب بعد القيام بالإجراءات القانونية العادية إلى المحافظ الذي يقوم بإجراء تحقيق على مسؤوليته بجميع الطرق التي يراها موصلة لمعرفة الغاية الحقيقة من إجراء المعاملة المطلوبة , وعما إذا كانت تخفي غاية أخرى تتنافى مع أمن الدولة ومصلحتها . على المحافظ أن ينظم تقريراً بنتيجة التحقيق مشفوعاً برأيه ويحيله مع الطلب إلى أمين السجل العقاري .
يرفع أمين السجل العقاري الطلب مع أوراق التحقيق إلى وزير العدل عن طريق المديرية العامة للمصالح العقارية .
4 – تخضع معاملات نزع الملكية الجبري في المناطق المذكورة في المادة الأولى من هذا المرسوم التشريعي للأحكام المبينة في المواد السابقة.
خلافاً للأحكام القانونية المتعلقة بنزع الملكية الجبري يودع رئيس التنفيذ أمين السجل العقاري نسخة عن قرار الإحالة القطعية وصورة قيد العقار المقرر إحالته لإجراء التحقيق وإتمام الإجراءات المنصوص عليها في المادة السابقة .
5 – يبت في طلب الترخيص في ميعاد شهر من وصول الإضارة لديوان رئاسة الدولة .
أن رفض رئيس الدولة الترخيص بإجراء التسجيل للمزاود الأخير يبطل حكماً الإحالة القطعية . وفي هذه الحال يطرح العقار أو الحصة الشائعة منه للبيع ثانية بناء على ذوي العلاقة لمدة خمسة عشر يوماً.
6 – أن رفض رئيس الدولة الترخيص قطعي لا يقبل أي طريق من طرق المراجعة إلا أنه يجوز إعادة الطلب بعد انقضاء سنة من تاريخ الرفض.
7 – يعتبر باطلاً كل عقد يجري خلافا لأحكام هذا المرسوم التشريعي وكل عقد يجري باسم شخص مستعار بغية التخلص من أحكامه, وتعتبر باطلة جميع الشروط الفرعية التي يقصد منها ضمان تنفيذ العقود المذكورة.
8 – لا تخضع معاملات الإرث والانتقال لأحكام هذا المرسوم التشريعي وتتم وفق النصوص القانونية النافذة.
9 – يعاقب بغرامة تتراوح بين مئة وخمسمائة ليرة كل موظف نظم أو صدق صكاً أو عقداً خلافاً لأحكام هذا المرسوم التشريعي .
10 – على النائب العام إقامة الدعوى بإبطال العقود المسجلة خلافاً لأحكام هذا المرسوم التشريعي لدى المحاكم المختصة وعليه متابعة تنفيذ الأحكام الصادرة بشأنها .
11 – يلغى المرسوم التشريعي رقم 41 / س المؤرخ في 10/9/1941 والمرسوم رقم / 2407 / المؤرخ في 8/11/1948 وجميع الأحكام والقرارات المخالفة لأحكام هذا المرسوم التشريعي.
12 – ينشر هذا المرسوم التشريعي ويبلغ من يلزم لتنفيذ أحكامه .
دمشق في 9/7/1371 هـ الموافق 3/4/1952
رئيس الدولة رئيس مجلس والوزراء
الزعيم فوزي سلو
وحيث أن المادة الثانية من هذا المرسوم التشريعي نص على أن مناطق الحدود تعين بمرسوم يصدر بناء على اقتراح وزير الدفاع. وبالفعل فقد صدر المرسوم التشريعي رقم / 2028 / تاريخ 4 / 6 / 1956 والذي أعتبر أن مناطق الحدود تشمل ما يلي :
1 – كامل محافظتي القنيطرة والحسكة .
2 – كامل منطقة جسر الشغور .
3 – المناطق المتاخمة للحدود السورية – التركية بعمق خمسة وعشرين كيلو متر وهي المناطق التي يحدها شمالاً الحدود السورية – التركية وجنوباً الخط المار بمجموعة من المدن والقرى تبدأ بــ تل اواديس وتنتهي غرباً ببلدة دامار .
ومن ثم صدر المرسوم التشريعي رقم / 75 / تاريخ 28/7/1962 الذي عدل بعض من مواد المرسوم التشريعي رقم / 193 / وقد جاءت التعديلات كما يلي :
1 – عدلت المادة الأولى من المرسوم 193 بأن أصبحت.......... إلا برخصة مسبقة تصدر بمرسوم عن وزير الداخلية بناء على اقتراح وزير الإصلاح الزراعي بعد موافقة وزارة الدفاع الوطني وفقاًَ لأحكام هذا المرسوم التشريعي ( ولاحقاً أصبحت بقرار عن وزير الداخلية ) .
2 – عدلت المادة الثالثة من المرسوم 193 بأن أصبحت...... يرفع أمين السجل العقاري الطلب مع أوراق التحقيق إلى وزير الإصلاح الزراعي عن طريق المديرية العامة للمصالح العقارية .
3 – عدلت المادة الخامسة من المرسوم 193 بان أصبحت ...........أن رفض وزير الداخلية الترخيص بإجراء التسجيل للمزاود الأخير يبطل حكماً الإحالة القطعية .
4 - عدلت المادة السادسة من المرسوم 193 بان أصبحت ........ أن رفض وزير الداخلية الترخيص قطعي لا يقبل أي طريق من طرق المراجعة .
ومن ثم صدر المرسوم التشريعي رقم / 1360 / تاريخ 11/11/1964 والذي أكد على المرسوم التشريعي رقم / 2028 / تاريخ 4/6/1956 والذي أعتبر مناطق الحدود ما يلي:
1 – محافظتا القنيطرة والحسكة بكاملهما .
2 – قصبة جسر الشغور .
3 – الحدود التي عينها المرسوم / 2028 / تاريخ 4/6/1956 وهي المناطق المتاخمة للحدود التركية بعمق خمسة وعشرين كيلو متر وهي المناطق التي يحدها من جهة الشمال الحدود السورية – التركية ومن جهة الجنوب الخط المار بالمدن والقرى والنقاط الآتية من الشرق نحو الغرب : تل اواديس – دميركو – كاسروك – تل التوبل – خربة السمرة – جول بارات – تحو موتك – تل ديباك – الفايدة – تل عبد السلام – تل العصافير – عين نويلحات - بير أرغويا – تل الحسام – سبع جفار – خانيق خرابة – بطانة – برق – أبو شار – دادات – البوير – حيادة – كانلي – كوير – تل البطال شرقي – أخترين – عفرين ( البلدة ) – باسوطة – برج عبدالو – غزوية – دير سمعان – فاتورة – تل أعدة – الدانا – تل – كفر تخاريم – أرمناز – بيرة أرمناز – الغفر – قرميدة – حمام شيخ عيسى – دادخيين خطاب – بطيبات – الرانة – قرقرة – جب الحمر – دورين – الكرم – كفرية – سولاس – سركسية - دامار .
وبعد أكثر من نصف قرن على تطبيق المرسوم التشريعي رقم / 193 / صدر القانون رقم / 41 / تاريخ 27/10/2004 والذي ألغي بموجبة المرسوم التشريعي رقم / 193 / وتعديلاته والذي تفاءلنا به بعض الشيء ورأينا فيه بصيص أمل لعله يكون خطوة على طريق تصحيح مسار المرسوم التشريعي رقم / 193 / سيما ما ورد في المادة العاشرة الفقر ( ب) والتي استثنت صراحة الأرضي الواقعة ضمن حدود المخططات التنظيمية المصدقة للوحدات الإدارية أو النطاق العمراني وبذلك يكون الحصول على الرخصة مطلوب للأراضي الزراعية فقط
وكذلك ما ورد في المادة ( 4 ) من القانون ( 41 ) وما تم استنتاجه من تلك المادة بأن هذه الأراضي من الممكن أن يحصل المشتري على ضمان حقه بشكل قانوني وذلك بالحصول على قرار قضائي مكتسب الدرجة القطعية بتثبيت حقه أمام المحاكم إلا أن تنفيذ ذلك القرار وتسجيله في الصحائف العقارية إنما يتوقف على الحصول على الرخصة المذكورة, ألا إن التطبيق العملي لتلك المادة لم يرى النور بسبب التعليمات الأمنية التي وجهت إلى المحاكم بعدم إصدار أية قرارات قضائية إلا بعد إبراز الترخيص القانوني المنوه عنه وبذلك تكون المادة المذكورة قد أجهضت وفرغت من مضمونها في مخالفة واضحة وصريحة لنص القانون وعدنا إلى ما كنا عليه قبل صدور القانون / 41 / لعام 2004
وفيما يلي نص القانون :
رئيس الجمهورية
بناء على أحكام الدستور وعلى ما أقره مجلس الشعب بجلسته المنعقدة بتاريخ 4/9/1425 هــــ الموافق 18/10/2004 م
يصدر ما يلي :
المادة – 1 – لا يجوز إنشاء أو نقل أو تعديل أو اكتساب أي حق عيني عقاري على أرض كائنة في منطقة حدودية أو إشغالها عن طريق الاستئجار أو الاستثمار أو أية طريقة كانت لمدة تزيد على ثلاث سنوات لأسم أو لمنفعة شخص طبيعي أو اعتباري إلا بترخيص مسبق .
المادة – 2 – تحدد المناطق الحدودية بمرسوم يصدر بناء على اقتراح وزارة الدفاع.
المادة – 3 – آ – يصدر الترخيص المنصوص عليه في المادة ( 1 ) من هذا القانون بقرار من وزير الداخلية أو من يفوضه بذلك بناء على اقتراح وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي وموافقة وزارة الدفاع.
ب – إن رفض وزير الداخلية للترخيص قطعي لا يقبل أي طريق من طرق المراجعة إلا أنه يجوز إعادة الطلب في حال زوال السبب المانع للترخيص أو انقضاء سنة من تاريخ الرفض.
المادة – 4 – تنفذ أحكام المحاكم وقرارات القضاة العقاريين المتعلقة بالأراضي الكائنة في مناطق الحدود بعد اقترانها بالترخيص المنوه به .
المادة – 5 – تخضع معاملات نزع الملكية الجبري للأراضي الكائنة في مناطق الحدود التي تنفذها دوائر التنفيذ بوزارة العدل بالمزاد العلني للترخيص المذكور وفي حال عدم حصول المزاود الأخير على هذا الترخيص تبطل الإحالة القطعية حكماً وتطرح الأرض مجدداً للبيع بالمزاد العلني .
المادة – 6 – في حال عدم تقديم طلب الترخيص خلال ثلاثة أشهر من تاريخ أيلولة الحق العيني العقاري على أرض في منطقة حدودية أو من تاريخ إشغاله عن طريق الاستئجار أو الاستثمار أو أية طريقة كانت لمدة تزيد على ثلاث سنوات يعتبر الإشغال باطلاً .
المادة – 7 – آ - في حال إشغال أرض في منطقة حدودية عن طريق الاستئجار أو الاستثمار أو بأية طريقة كانت لمدة لا تزيد عن ثلاث سنوات يتعين على من شغل الأرض المذكورة إعلام الجهة الدارية المختصة في موقع الأرض خلال المهلة المحددة في المادة السادسة من هذا القانون .
ب – لا تخضع اكتساب الحقوق العينية العقارية على ارض في منطقة حدودية أو حقوق إشغالها عن طريق الإرث أو الانتقال إلا لشرط إعلام الجهة الإدارية المختصة المنصوص عليه في الفقرة السابقة .
ج – على من يستخدم مزارعين أو عمالاً أو خبراء في الحالات المشمولة بهذا القانون إعلام الجهة الإدارية المختصة عن كل ما يتعلق باستخدامهم وفق الإجراءات الواردة في التعليمات التنفيذية .
المادة – 8 – آ – يمتنع على الدوائر العقارية والكتاب بالعدل إجراء المعاملات المشمولة بأحكام هذا القانون ما لم تكن مقترنة بترخيص مسبق أو بصورة عن إعلام الجهة الإدارية المختصة المطلوب حسب الحال.
ب – تعد باطلة سائر العقود والتصرفات والإجراءات التي تجري خلافاً لأحكام هذا القانون أو تجري باسم شخص مستعار بغية التخلص من أحكامه كما تعد باطلة جميع الشروط الفرعية التي يقص منها ضمان تنفيذها .
ج – على النائب العام إقامة الدعاوى اللازمة إبطال العقود والتصرفات والإجراءات المخالفة لأحكام هذا القانون ومتابعة تنفيذ الأحكام الصادرة بشأنها .
المادة – 9 – آ – يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى سنتين وبالغرامة من عشرة آلاف ليرة سورية إلى مائة ألف ليرة سورية كل من يخالف أحكام المادة ( 1 ) أو الفقرة ( أ ) من المادة ( 8 ) من هذا القانون.
ب – يعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنة وبالغرامة من ثلاثة آلاف ليرة سورية إلى عشرة آلاف ليرة سورية كل من يخالف أحكام الفقرتين ( آ و ج ) من المادة ( 7 ) من هذا القانون , ويعاقب بالغرامة من ثلاثة آلاف ليرة إلى عشرة آلاف ليرة سورية كل من يخالف أحكام الفقرة ( ب ) من المادة ( 7 ) من هذا القانون .
المادة – 10 – لا تطبق أحكام هذا القانون في الحالات التالية:
آ – أيلولة الحق العيني العقاري أو حقوق الاستئجار أو الاستثمار لصالح الجهات العامة.
ب – وقوع الأرض ضمن حدود المخططات التنظيمية المصدقة للوحدات الإدارية أو النطاق العمراني.
ج – معاملات الإفراز والاختصاص والقسمة وتصحيح الأوصاف.
المادة – 11 – يصدر وزير الداخلية التعليمات التنفيذية لهذا القانون.
المادة – 12 – يلغى المرسومان التشريعيان رقم 193 تاريخ 3/4/1952 ورقم 75 تاريخ 28/7/1962.
المادة – 13 – ينشر هذا القانون في الجريدة الرسمية.
رئيس الجمهورية
بشار الأسد
ومن ثم وبعد النتائج الباهرة التي حققتها هذه القوانين والمراسيم وعلى مدار أكثر من نصف قرن من التمييز والانتهاك القانوني الصارخ بحق الإنسان والإنسانية في الإقصاء من حق التملك وتداول الملكية وفي تفقير المنطقة والتهجير القصري بسبب الأوضاع الاقتصادية المزرية وإمعاناً في السياسة الاستثنائية الممنهجة صدر المرسوم رقم / 49 / تاريخ 10/9/2008 والذي نحن بصدد النتائج المرتقبة منه على ضوء ما سبقه من مراسيم وقوانين , الذي جاء كالصاعقة التي شلت جميع أوصال المناطق التي نزلت فيها والتي قضت بتعديل جذري في مادتين من مواد القانون رقم / 41 / لعام 2004 وما سبقه وهما المادتان رقم / 1 / ورقم / 4 / وفي تعديل بعض المواد الأخرى لتكون منسجمة مع تعديل هاتان المادتان بأن تم تبديل مصطلح الأرض بمصطلح العقار وقد رأينا من المفيد أن نورد المرسوم كما جاء :
المرسوم التشريعي رقم / 49 /
رئيس الجمهورية
بناء على أحكام الدستور
يرسم ما يلي
المادة ( 1 ):
تعدل المواد التالية من القانون رقم ( 41 ) تاريخ 26/10/2004 وتصبح على النحو التالي :
المادة 1 - لا يجوز إنشاء أو نقل أو تعديل أو اكتساب أي حق عيني عقاري على عقار كائن في منطقة حدودية أو إشغاله عن طريق الاستئجار أو الاستثمار أو بأية طريقة كانت لمدة تزيد على ثلاث سنوات لأسم أو لمنفعة شخص طبيعي أو اعتباري إلا بترخيص مسبق سواء كان العقار مبنياً أم غير مبني واقعاً ضمن المخططات التنظيمية أم خارجها .
المادة 4 – أ – لا تسجل الدعاوى المتعلقة بطلب تثبيت أي حق من الحقوق المنصوص عليها في المادة ( 1 ) من هذا القانون ولا توضع إشارتها ما لم تكن مقترنة بالترخيص وترد كافة الدعاوى القائمة بتاريخ نفاذ أحكام هذا القانون إذا كان الترخيص غير مبرز في اضبارة الدعوى مع مراعاة أحكام المادة ( 31 ) من القرار رقم ( 186 ) لعام 1926 .
ب – تنفذ قرارات القضاة العقاريين المتعلقة بأعمال التحديد والتحرير للعقارات الكائنة في مناطق الحدود وتسجل في الصحائف العقارية على أن تثقل عند التسجيل بإشارة تقضي بعدم جواز إعطاء سند التمليك أو تنفيذ أي عقد أو إجراء أية معاملة إلا بعد الحصول على الترخيص .
المادة 5 – تخضع معاملات نزع الملكية الجبري للعقارات الكائنة في مناطق الحدود التي تنفذها دوائر التنفيذ بوزارة العدل بالمزاد العلني للترخيص المذكور وفي حال عدم حصول المزاود الأخير على هذا الترخيص تبطل الإحالة القطعية حكماً ويطرح العقار مجدداً للبيع بالمزاد العلني
المادة 6 - في حال عدم تقديم طلب الترخيص خلال ثلاثة أشهر من تاريخ أيلولة الحق العيني العقاري على عقار في منطقة حدودية أو من تاريخ إشغاله عن طريق الاستئجار أو الاستثمار أو أية طريقة كانت لمدة تزيد على ثلاث سنوات يعتبر الإشغال باطلاً .
المادة 7 - آ - في حال إشغال عقار في منطقة حدودية عن طريق الاستئجار أو الاستثمار أو بأية طريقة كانت لمدة لا تزيد عن ثلاث سنوات يتعين على من شغل العقار المذكور إعلام الجهة الإدارية المختصة في موقع العقار خلال المهلة المحددة في المادة السادسة من هذا القانون.
ب – لا تخضع اكتساب الحقوق العينية العقارية على عقار في منطقة حدودية أو حقوق إشغاله عن طريق الإرث أو الانتقال إلا لشرط إعلام الجهة الإدارية المختصة المنصوص عليه في الفقرة السابقة . ج – على من يستخدم مزارعين أو عمالاً أو خبراء في الحالات المشمولة بهذا القانون إعلام الجهة الإدارية المختصة عن كل ما يتعلق باستخدامهم وفق الإجراءات الواردة في التعليمات التنفيذية .
المادة 10 – لا تطبق أحكام هذا القانون في الحالات التالية:
آ – أيلولة الحق العيني العقاري أو حقوق الاستئجار أو الاستثمار لصالح الجهات العامة.
ب – معاملات الإفراز وتصحيح الأوصاف .
المادة ( 2 )- يلغى كل نص مخالف لأحكام هذا المرسوم التشريعي.
المادة ( 3 )- ينشر هذا المرسوم التشريعي في الجريد الرسمية.
دمشق في 10/9/1429 هــ الموافق لــ 10/9/2008
رئيس الجمهورية
بشار الأسد
ملاحظة : تم اعتماد محافظة الحسكة نموذجاً لهذه الدراسة في تطبيق المرسوم / 49 / لعام 2008 والمراسيم السابقة.
أولاً : في الشكليات القانونية والدستورية لإصدار المرسوم
1 – ينص الفقرة ( 1 ) المادة / 111 / من الدستور السوري لعام 1973 على ما يلي: (( يتولى رئيس الجمهورية سلطة التشريع خارج انعقاد دورات مجلس الشعب على أن تعرض جميع التشريعات التي يصدرها على المجلس في أول دورة انعقاد له ))
ونتساءل هنا عن مبررات العجلة الزائدة من إصدار هذا المرسوم التشريع، بحيث لم يكن بالإمكان انتظار انعقاد دورة مجلس الشعب حتى يتمكن من صياغته كقانون بعد أن يتم دراسته في لجنة التشريع ومناقشته من النواب؟؟؟ (( مع تحفظنا الكامل على قدرة هؤلاء النواب على أداء واجبهم الدستوري )) سيما وأن دورة مجلس الشعب بتاريخ إصدار المرسوم كانت ستعقد في غضون أقل من شهر . كذلك فإن المرسوم المذكور لم يعرض على مجلس الشعب حتى تاريخه تماشياً مع نصوص الدستور الذي يسمو على جميع النصوص القانونية والتشريعية.
2 – إن المرسوم حتى تاريخه لم ينشر في الجريدة الرسمية أو في أحدى جرائد العاصمة لكي يتحقق الغاية المرجوة من العلانية وهي :
أ - العلم والاطلاع : وإلا كيف لنا من تطبيق قاعدة لا جهل في القانون إذا كان من يطبق عليه هذا القانون لم يسمع به أصلاً وأنه صدر خلسة وفي ليلة ظلماء لا بدر فيها .
ب - النفاذ: أي أنه أصبح نافذاً من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية ما لم يحدد تاريخاً أو موعداً لبدء نفاذه, وفي جميع الأحوال لا ينفذ بأثر رجعي.
وبالتالي فإن المرسوم المذكور فهو غير دستور وغير قانوني وينحدر إلى درك الانعدام لذلك نرجو من السادة القضاة القيام بواجبهم الدستوري وما يمليه عليهم ضميرهم من تطبيق القانون والدستور وبالتالي عدم تطبيق هذا المرسوم .
ثانياً : في مواد المرسوم وما تضمنه من مخالفات دستورية وقانونية :
1 – ورد في المادة ( 1 ) من المرسوم التي عدلت المادة ( 4 ) من القانون 41 الفقرة ( أ ) – لا تسجل الدعاوى المتعلقة بطلب تثبيت أي حق من الحقوق المنصوص عليها في المادة ( 1 ) من هذا القانون ولا توضع إشارتها ما لم تكن مقترنة بترخيص .....
أن هذه الفقرة تتناقض مع الفقرة ( 4 ) من المادة ( 28 ) من الدستور السوري لعام 1973 والذي ينص على أن:
(( حق التقاضي وسلوك سبل الطعن والدفاع أمام القضاء مصون بالقانون ))
وأن ذلك ليس فقط حجب حق التقاضي على من يطبق عليهم وإنما هي إنكار للعدالة باعتبار أن إنكار العدالة تتمثل في صورتين هما:
1 – عدم سماع الدعوى ( ونص المرسوم أسوء من ذلك كونه أمر بعدم تسجيل الدعوى أصلاً )
2 – عدم فصل الدعوى حين توفر أسباب الفصل .
وبالتالي حجب حق عن المواطنين هي من الحقوق الطبيعية المتعلقة بالإنسان كانسان وهو الالتجاء للقضاء لحفظ حقه سيما إذا كان حقه مهدداً بالضياع , بل أكثر من ذلك فقد عمل هذا المرسوم على تكريس ضياع حقه بان جعل تصرفه باطلاً أصلاً .
2 – كذلك ورد في نفس الفقرة من المادة المذكورة....... وترد كافة الدعاوى القائمة بتاريخ نفاذ أحكام هذا القانون إذا كان الترخيص غير مبرز في اضبارة الدعوى ...
وحيث أنه وفق القوانين السابقة فإن الترخيص لم يكن لزاماً على المتقاضين قبل رفع الدعوى وبالنتيجة فإن المرسوم طبق على فترة زمنية لم يكن موجوداً فيها (( الأثر الرجعي لتطبيقه ))
وبالتالي فقد خالف المرسوم نص المادة / 30 / من الدستور السوري لعام 1973 والتي تنص على:
(( لا تسري أحكام القوانين إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها ولا يكون لها أثر رجعي ويجوز في الأمور الجزائية النص على خلاف ذلك )).
وبذلك يكون المرسوم قد خالف نصوص الدستور الذي يسمو على جميع النصوص التشريعية الأخرى والتي يجب على جميع القوانين والمراسيم أن تتوافق معه وإلا تعتبر باطلة وغير ذي أثر قانوني والباطل لا ينشئ أثراً .
وأن النتائج العملية لتطبيق هذه الفقرة من المرسوم ستكون كارثية بكل المقاييس سيما إذ ما عرفنا بأن 95 % إذا لم نقل أكثر من البيوع التي تمت في الأراضي الزراعية (( إذا كان المشتري من الكورد )) في ظل تطبيق المرسوم 193 وتعديلاته وعلى مدار أكثر من نصف قرن من الزمن ( كون المرسوم المذكور طبق على الأراضي الزراعية دون العقارات الواقعة ضمن المخطط التنظيمي للمدن ) مازالت منظورة أمام القضاء حتى هذه اللحظة على اعتبار أن المحاكم وبعد سماع إقرار البائع بالبيع للمشتري كلفت المشتري بالحصول على الترخيص القانوني المنصوص عنه في المرسوم 193 لعام 1952 وتعديلاته ليتسنى للمحكمة إصدار قرار قضائي بذلك وتم شطب الدعوى إلى أن يبرز الترخيص القانوني المنوه عنه من قبل المشتري وأن المذكور لم ولن يستطع الحصول على الترخيص القانوني لمجرد أنه ينحدر من أصول كوردية. وبالتالي فان البائع أو أي من ورثته يستطيع وفي أية لحظة تجديد الدعوى المشطوبة والسير بالدعوى وبالتالي فالقضاء ملزم بحسب هذا المرسوم أن يرد الدعوى لعلة عدم إبراز الترخيص القانوني وإعادة الحال إلى ما كان عليه قبل التعاقد (( وأي قرار سيكون هذا القرار وأية نتائج كارثية ستترتب عليه وأي جرائم سترتكب بسببه )) أهو ضياع لحقوق كل هؤلاء البشر ؟؟؟ وهنا يتبادر إلى أذهاننا هذا السؤال (( يا ترى ما هي الأسباب التي دعت المشرع وماذا كان يدور في ذهنه عند إضافة هذه الفقرة على المرسوم 49 لعام 2008 ؟؟؟ )) أهي تتعلق بأمن الدولة والأمن العام والأمن القومي والأمن الاستراتيجي؟؟؟ أم هي سياسة الاضطهاد الممنهج وبنصوص القانون؟؟؟ ولا يهم إذا كانت مخالفة للدستور أو للقانون أو لكل التشريعات الدولية أو القيم الإنسانية أو لحقوق الإنسان الطبيعية اللصيقة به كإنسان أو لكل المواثيق والعهود الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان؟؟؟!!!
( لكل مواطن حق الإسهام في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وينظم القانون ذلك )
المادة / 26 / من الدستور السوري النافذ
( أ- لكل فرد حق التملك، بمفرده أو بالاشتراك مع غيره.
ب- لا يجوز تجريد أحد من ملكه تعسفاً. )
المادة / 17 / من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان
كذلك جاء في نص الفقرة / 1 / من المادة ( 14 ) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ما يلي:
( الناس جميعاً سواء أمام القضاء. ومن حق كل فرد، لدى الفصل في أية تهمة جزائية توجه إليه أو في حقوقه والتزاماته في أية دعوى مدنية، أن تكون قضيته محل نظر منصف وعلني من قبل محكمة مختصة مستقلة حيادية، منشأة بحكم القانون. ويجوز منع الصحافة والجمهور من حضور المحاكمة كلها أو بعضها لدواعي الآداب العامة أو النظام العام أو الأمن القومي في مجتمع ديمقراطي، أو لمقتضيات حرمة الحياة الخاصة لأطراف الدعوى، أو في أدنى الحدود التي تراها المحكمة ضرورية حين يكون من شأن العلنية في بعض الظروف الاستثنائية أن تخل بمصلحة العدالة، إلا أن أي حكم في قضية جزائية أو دعوى مدنية يجب أن يصدر بصورة علنية، إلا إذا كان الأمر يتصل بأحداث تقتضي مصلحتهم خلاف ذلك أو كانت الدعوى تتناول خلافات بين زوجين أو تتعلق بالوصاية على أطفال ).
وكذلك لا يمنح القانون الدولي الدولة سلطة تقديرية غير مقيدة لتحدد لنفسها القضايا التي تعتبرها ماسة بالأمن القومي، حيث اشترط خبراء القانون الدولي والأمن القومي وحقوق الإنسان، ما يلي لفرض هذه القيود: ( لا يعد القيد المطلوب فرضه تحت مسوغ الأمن القومي مشروعاً، ما لم يكن الغرض الحقيقي منه والأثر الناجم عنه والذي يمكن التدليل عليه، هو حماية وجود البلاد أو سلامة أراضيها ضد محاولات لاستخدام القوة أو التهديد باستخدام القوة، أو الحفاظ على قدرتها للتصدي لأية محاولة لاستخدام القوة، أو لأي تهديد باستخدامها سواء أكان ذلك من مصدر خارجي، مثل تهديد عسكري، أو من مصدر داخلي، مثل التحريض على قلب النظام ).
جاء في نص المادة ( 133 ) من الدستور السوري ما يلي:
( القضاة مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون، وأن شرف القضاة وضميرهم وتجردهم ضمان لحقوق الناس وحرياتهم ).
وهنا نهيب بالسادة القضاة القيام بواجبهم في تطبيق الدستور والقانون وفق ما يمليه عليهم ضميرهم لأداء رسالتهم الإنسانية لنصرة الحق وحفظ حقوق المواطنين وإرساء قيم العدالة والمساواة.
وإننا على يقين تام أن تحقيق العدالة والحفاظ على حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، غير ممكن دون تحقيق استقلالية القضاء وحياده ونزاهته. وهذا ما أكد عليه المواثيق والعهود الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان. وبالتالي فأن مراعاة حقوق الإنسان في أي بلد تتطلب وجود نظام قانوني إنساني، فعال لإقرار العدل، يضمن للمواطنين حقوقهم وحرياتهم الأساسية.
لا سيما إذا تقدم المتقاضين بدفع بعدم دستورية المرسوم التشريعي رقم / 49 / لعام 2008 وهي ما تسمى الرقابة بطريق ( دعوى الدفع )والتي سكت عنها الدستور، والمقصود بها، هو إنه يجوز للأفراد حق إثارة الدفع بعدم دستورية قانون في نزاع أمام القضاء العادي، وعلى القاضي عندئذ أن يقوم بتمحيص القانون، فإذا تبين بأنه دستوري عمل به وفي حال تبين أنه غير دستوري أمتنع عن تطبيقه على النزاع المعروض أمامه. أي أنه لا يلغي القانون غير الدستوري ولكنه يكتفي بعدم تطبيقه، ويبقى القانون قائماً من الناحية القانونية.
وقد استقرت محكمة النقض على أن الطعن بطريق الدفع لا يحتاج إلى نص دستوري يجيزه، ولا يعتبر ذلك تعدياً من القضاء على سلطة التشريع ما دامت المحكمة لا تضع بنفسها قانوناً، ولا تقضي بإلغاء القانون، ولا تأمر بوقف تنفيذه.
وأن المحكمة الدستورية المشكلة بموجب النصوص الدستورية، لا تحد من سلطة القضاء في مراقبة دستورية القوانين عن طريق الدفع بالامتناع عن تنفيذ القانون المخالف للدستور، مما يقتضي إهمال تطبيق القانون من التطبيق، وهذا ما استقر عليه الفقه في ضوء الاجتهاد القضائي، حيث اعتبر أن مبدأ القضاء العادي بقبول دفع الأفراد بعدم دستورية قانون، يشكل إحدى الضمانات المطلوب توافرها لحماية حقوق وحريات الأفراد.
أن تصدي القضاء العادي أو الإداري بالبت بدعوى الدفع لعدم دستورية قانون، يكون عادة بخصوص القوانين التي تشكل تعدياً على الحقوق المالية للأفراد، مثل هذا المرسوم الذي نحن بصدده : ( المصادرة، نزع الملكية دون تعويض، منع حق التقاضي ...) .
حيث يكون القضاء العادي عاجزاً تماماً عن البت بدعوى الدفع لعدم دستورية قانون منع إحالة رجال الأمن إلى القضاء عن الجرائم التي يرتكبونها أثناء قيامهم بوظائفهم، مثل: ( أعمال التعذيب بحق الموقوفين )، رغم أن الدستور السوري حظر استخدام التعذيب الجسدي أو المعنوي أو المعاملة المهينة، وكذلك عاقب عليها قانون العقوبات السوري.
كذلك منع المرسوم وضع أشارت الدعاوي الخاصة بالحقوق العينية العقارية والتي يعتبرها القانون الحماية الأساسية لحفظ حقوق المتقاضين من الضياع , ومن تزاحم البيوع .
وبالتالي تعريض حقوق المتقاضين والمواطنين للضياع لأن أشارات الدعاوي تكون ضمانة المشتري اتجاه الآخرين سواء كانوا حسني النية أم لا كون إشارة الدعوى الموجودة على الصحيفة العقارية تعتبر أعلاناً لكافة الناس بوجود حق لأحد الأشخاص متعلق بهذا العقار وبالنتيجة تكون حجة على الآخرين لأسبقية حفظ حقه اتجاههم ومن دون هذه الإشارة يكون حقه عرضة للضياع وبالتالي يستطيع البائع بيع نفس العقار إلى عدد لا نهائي من الأشخاص , سيما وأن المرسوم أعتبر أي تصرف خلافاً لنص المرسوم يعتبر باطلاً ولا يعتد به وبالتالي فالمرسوم يعتبر تشجيعاً للفاسدين على ارتكاب الجريمة وبيع نفس العقار إلى عدد كبير من الأشخاص وبشكل يعفيه من العقوبة أيضاً , بل أكثر من ذلك لا يستطيع المشتري مقاضاته قضائياً لأن تصرف المشتري بحسب المرسوم باطل أصلاً .
فإذ ما عرفنا بان شريحة واسعة جداً من الذين يطبق عليهم المرسوم (( وهم الشعب الكردي بكامله و دون استثناء )) لا توافق الجهات الأمنية لهم على منحهم الترخيص القانوني للتملك (( وهذا ثابت من التطبيق العملي على مدار أكثر من نصف قرن من تطبيق المرسوم التشريعي رقم 193 وتعديلاته في محافظة الحسكة )) ومن لا يقتنع بهذا الكلام يستطيع بكل سهولة الرجوع إلى سجلات المصالح العقارية في محافظة الحسكة أو أي من دوائر الزراعة أو المصرف الزراعي التعاوني ويتأكد من ذلك أو يسأل أي مواطن عادي في الشارع لا على التعيين . وبالتالي فأن حقوق كل هؤلاء البشر مهدد بالضياع والمنطقة مقبلة على كوارث اجتماعية لا نهاية لها .
وبعد سرد هذه المخالفات القانونية والدستورية في هذا المرسوم التشريعي وما سبقه من مراسيم وقوانين تتعلق بحق التملك في مناطق الحدود.
وهنا لابد لنا من ذكر الحقوق المشمولة وغير المشمولة بهذا المرسوم، وهي:
أولاً - الحقوق التي يشملها تطبيق هذا المرسوم التشريعي :
مع دراسة المرسوم 193 وتعديلاته والتطبيق العملي له في محافظة الحسكة ( كنموذج لهذه الدراسة ) وبعد أكثر من نصف قرن على تطبيقه , فإن المعاملات المشمولة بهذا المرسوم مع شرح الحالات العملية خلال تطبيق المراسيم السابقة هي :
1 – إنشاء أي حق من الحقوق العينية على(( الأراضي )) بحسب المراسيم السابقة (( العقارات )) بحسب المرسوم 49 الكائنة في مناطق الحدود أو نقله أو تعديله .
وبالتالي وبحسب المرسوم 193 وتعديلاته فأن الأراضي التي كانت تخضع للحصول على ترخيص مسبق هي الأراضي الزراعية فقط ولا تشمل العقارات الواقعة ضمن المخططات التنظيمية المصدقة للوحدات الإدارية الواقعة في مناطق الحدود (( العقارات المبنية المعدة للسكن أو التجارة أو الصناعة .... )) وهذا ما أكدته وزارة الداخلية من خلال التعليمات التي وجهتها إلى مدراء النواحي والمناطق الكائنة في المناطق الحدودية بأن أحكام المرسوم التشريعي 193 لا تشمل العقارات المبنية بل تقتصر على الأراضي الزراعية فقط , وكذلك أكد هذا الرأي وزارة العدل في بلاغها رقم / 55 / تاريخ 21/5/1952 والذي نص على : (( عدم شمول العقارات المبنية بأحكام المرسوم 193 وإنما تقتصر هذه الأحكام على الأراضي الزراعية وما في حكمها )) وكذلك بصراحة الفقرة ( ب ) من المادة ( 10 ) من القانون ( 41 ) لعام 2004 .
أما وفق المرسوم التشريعي رقم ( 49 ) لعام 2008 فأن نطاق شموله جميع العقارات سواء داخل المخططات التنظيمية للمدن أم خارجها سواء مبنية كانت أم غير مبنية والتي جاءت صريحة لا لبس فيها ولا غموض .
2 – إشغال هذه الأراضي والعقارات سواء عن طريق الاستثمار أو الاستئجار أو بأية طريقة كانت لمدة تزيد عن ثلاث سنوات بحسب المرسوم ( 49 ) والقانون ( 41 ) لعام 2004 .
وبحسب المرسوم ( 193 ) كان استئجار هذه الأراضي أو تأسيس شركات أو عقود مقاولات لاستثمارها زراعياً لمدة تزيد على ثلاث سنوات.
3 – جميع عقود الشركات أو عقود الاستثمار الزراعي المتعلقة بهذه الأراضي والتي تتطلب استحضار مزارعين أو عمال أو خبراء من الأقضية الأخرى أو البلاد الأجنبية وتأسيس الشركات وعقود المقاولات لاستثمارها زراعياً لمدة تزيد على ثلاث سنوات ( بحسب المرسوم ( 193 ) .
أما بالنسبة إلى المرسوم ( 49 ) والقانون ( 41 ) فقد اقتصرت على إعلام الجهة الإدارية المختصة عن كل ما يتعلق باستخدامهم.
4 – آ - تنفيذ أحكام المحاكم المتعلقة بالأراضي المذكورة ( بحسب المرسوم 193 وتعديلاته والقانون 41 )
وهذه الفقرة وأن كانت واضحة تماماً حول إمكان إصدار قرارات قضائية مكتسبة الدرجة القطعية بين المتقاضين إلا أن تنفيذ هذه القرارات في الصحائف العقارية تتوقف على إبراز الترخيص القانوني بذلك إلا أنها في الواقع العملي لم تنفذ نهائياً بسبب التعليمات التي وجهت إلى المحاكم بوجوب عدم إصدار أية أحكام قضائية تتعلق بالأراضي المذكورة إلا بعد إبراز الرخص المطلوبة من وزارة الداخلية , رغم ذلك كان بإمكان المشتري أن يسجل دعواه أمام المرجع القضائي المختص ويتم الاستماع إلى إقرار البائع بالبيع ( أمام المرجع القضائي ) وقبض الثمن والتي كانت تحول دون رجوع البائع عن البيع وإنكار عملية البيع وكانت تدون إشارة تلك الدعوى على الصحائف العقارية التي كانت تحفظ حق المشتري من تزاحم البيوع ( أي بيع نفس المبيع لأكثر من شخص ) .
أما بحسب المرسوم التشريعي رقم ( 49 ) لعام 2008 :
فلم يعد بالإمكان مجرد تسجيل الدعوى في ديوان المحكمة وبالنتيجة حجب حق التقاضي وإغلاق أبواب المحاكم بوجه الأفراد مما يعني إنكاراً للعدالة, وبالنتيجة سيضطر الأفراد إلى سلوك طريق استيفاء الحق بالذات (( وهو جرم يعاقب عليه القانون )) أو سلوك شريعة وقانون الغاب (( القوي يستأثر بالضعيف )) .
كذلك منع تدوين إشارة الدعوى على الصحيفة العقارية (( التي تعني إعلان تعلق حق المشتري بالمبيع لجميع الناس )) وبالتالي ضياع هذه الحقوق , بسبب عدم وجود الضمانات القانونية . وذلك ما لم تكن مقترنة بإبراز الترخيص القانوني من السلطة التنفيذية، وهذا يعني هيمنة السلطة التنفيذية على اختصاص السلطة القضائية واغتصابها صلاحيات السلطة القضائية بإخضاعها للتعليمات الصادرة عنها, ما يعني مخالفتها للدستور الذي يحفظ ضمان فصل السلطات الثلاث ( التشريعية والتنفيذية والقضائية ) .
كذلك ورد في نفس الفقرة بان ترد كافة الدعاوى القائمة بتاريخ نفاذ أحكام هذا القانون أذا كان الترخيص غير مبرز في اضبارة الدعوى وهذا يعني تطبيق المرسوم بأثر رجعي على وقائع وحقوق لم يكن موجوداً حينها.
ب – تنفيذ قرارات القضاة العقاريين المتعلقة بإعمال التحديد والتحرير للعقارات الكائنة في مناطق الحدود ......... الخ
5 – معاملات نزع الملكية الجبري في الأراضي .
وقد اوجب المرسوم على رئيس التنفيذ أن يودع أمين السجل العقاري نسخة عن قرار الإحالة القطعية ليتم السير في إجراءات الترخيص المذكور وفي حال عدم حصول المزاود الأخير على الترخيص تبطل الإحالة القطعية حكماً ويطرح الأرض أو العقار بحسب الحال مجدداً للبيع بالمزاد العلني .
ومن المفيد أن نذكر هنا ومن واقع التطبيق العملي لإجراءات المرسوم 193 وتعديلاته التي كانت تلزم الأراضي الزراعية فقط لهذا الأجراء, فأن معاملات نزع الملكية التي كانت تنفذها دوائر التنفيذ كانت شبه مستحيلة التنفيذ وكانت تكلف أعباء مادية مرهقة للغاية وتطيل أمد التقاضي إلى درجة الملل واليأس، وبالنتيجة كانت على الأغلب ترد الاضبارة مع عدم الموافقة, وبالتالي يطرح العقار مجدداً للبيع بالمزاد العلني وبالنتيجة :
1 - إخضاع القرارات القضائية إلى أهواء وقرارات السلطة التنفيذية ( وزارة الداخلية )
2 - هدر للوقت وإطالة لأمد التقاضي وضياع لحقوق الدائنين.
3 – هدر للمال باعتبار أن كل النفقات السابقة تذهب هباءً منثوراً وتبدأ من نفقات جديدة وهدر جديد للمال .
4 - زعزعة ثقة المواطنين بالقضاء وإمكانية تحصيل حقوقهم .
إذاً وفق المرسوم السابق وتعديلاته كانت هذه الإجراءات تشمل الأراضي الزراعية فقط .
أما بالنسبة للمرسوم / 49 / فقد أصبحت جميع معاملات نزع الملكية الجبرية مشمولة بتطبيقه وبالنتيجة استحالة تنفيذ هذه الإجراءات .
6 - في حال عدم تقديم طلب الترخيص خلال ثلاثة أشهر من تاريخ أيلولة الحق العيني العقاري على عقار في منطقة حدودية أو من تاريخ إشغاله عن طريق الاستئجار أو الاستثمار أو أية طريقة كانت لمدة تزيد على ثلاث سنوات يعتبر الإشغال باطلاً .
وهذا يعني إبطال جميع التصرفات الحاصلة قبل صدور هذا المرسوم وبالنتيجة إعادة الحال إلى ما كان عليه قبل التعاقد وبالنتيجة ضياع لحقوق المواطنين .
ثانياً – الحقوق المستثناة من تطيق هذا المرسوم:
منها ما هو خاضع لإعلام الجهات الإدارية ومنها ما هو مستثنى تماماً:
1 – معاملات إشغال العقار عن طريق الاستئجار أو الاستثمار لمدة لا تزيد على ثلاث سنوات وهذه تكون خاضعة لإعلام الجهات الإدارية فقط .
2 – حالة استخدام العمال أو المزارعين أو الخبراء في تلك الأراضي وهذه أيضاً تكون خاضعة لإعلام الجهات الإدارية فقط.
3 – اكتساب الحقوق العينية العقارية في تلك المنطق عن طريق الإرث أو الانتقال وهذه أيضاً تكون خاضعة لإعلام الجهات الإدارية فقط.
وهنا من المفيد أن نذكر أن معاملات التخارج وهي التي يخرج فيها بعض الورثة عن حصصهم الارثية الآيلة إليهم من مورثهم وقبل تسجيل هذه الحصص في السجل العقاري لقاء بدل نقدي أو لقاء تبادلهم بحصص أخرى من التركة , فهذه أيضاً تكون مشمولة بالحصول على ترخيص مسبق بموجب هذا المرسوم والمراسيم السابقة .
4 – أيلولة الحق العيني العقاري أو حقوق الاستئجار أو الاستثمار لصالح الجهات العامة.
5 – معاملات الإفراز وتصحيح الأوصاف .
وماذا بعد :
أن من التطبيق العملي ولأكثر من نصف قرن للمرسوم التشريعي رقم / 193 / لعام 1952 والذي يعتبر أصل هذا المرسوم / 49 / لعام 2008 الذي نحن بصدده .
فان نسبة 95 % أن لم نقل أكثر من ذلك بكثير من السكان الأصليين الذين ينحدرون من أصول كردية لم يتمكنوا من الحصول على الترخيص لتسجيل أملاكهم والحصول على سندات الملكية, ونتساءل هل من الممكن أن يكون كل هؤلاء مشبوهين ؟؟؟ أو أن كل هذه البيوع تخفي ورائها أغراض تمس امن الدولة وكيان الأمة ؟؟؟ أو تمت بأسماء مستعارة لصالح أشخاص آخرين ؟؟؟ حتى تلك البيوع التي تتم من مالك العقار إلى أبنائه أنفسهم لا يوافق السيد وزير الداخلية بنقلها على أسمائهم !!!؟؟؟ فهل يعقل أن يكون الأب المالك في السجل العقاري أميناً على هذا الوطن ويكون أبنائه مشبوهين يعملون ضد مصلحة الوطن وأشخاص غير مرغوبين فيهم للسكن في مناطق الحدود أو بعبارة أخرى في مناطق حساسة تستلزم موافقة وزارة الداخلية ؟؟؟!!!
في الحقيقة أن هؤلاء الملاكين قد تم تسجيل هذه الأراضي على أسمائهم قبل صدور المرسوم / 193 / لعام 1952 حيث كانوا حينها أمناء على امن هذا الوطن وبعد صدور المرسوم المذكور أصبحوا مشبوهين غير مرغوبين فيهم للسكن في هذه المناطق ولا بد من إبدالهم بأشخاص آخرين مرغوبين فيهم ( حسب وصية السيئ الصيت المدعو محمد طلب هلال ).
وأن ما لم يكن بالإمكان تنفيذه بموجب الحزام العربي عام 1973 سيمكن تنفيذه بموجب هذه القوانين والمراسيم الاستثنائية, وإلا فكيف لنا أن نفهم بان أي طلب للحصول على الرخصة من وزارة الداخلية بموجب هذه المراسيم وبمجرد ورود أسم المشتري بأنه من أصول كردية ترد الاضبارة مع عدم الموافقة.
كذلك الحال في معاملات التخارج من التركة وهي حالة أن يخرج بعض الورثة من تركة المتوفي لصالح ورثة آخرين لقاء بدل نقدي أو لقاء تخصصهم بقسم آخر من التركة وهي تحدث عادة في حالة التركات الصغير التي تتبعثر عند توزعها على كامل الورثة.
هذا ما تم تطبيقه سابقاً, فماذا ننتظر من هذا المرسوم الجديد المرسوم / 49 / لعام 2008 وكيف سيكون وقعه على عقولنا وكيف ستكون صدمته على قلوبنا وأي شرخ سيحدثه في كيان أبناء هذا الوطن.
أن هذا المرسوم سيجعل من المناطق المشمولة به مناطق منكوبة بكل المقاييس:
أولاً - من الناحية الاقتصادية : سيصيب الشلل التام هذه المناطق بسبب الجمود الاقتصادي وهروب المستثمرين ورؤؤس الأموال منه وكذلك هجرة الأيدي العاملة للبحث عن لقمة عيشها بعيداً عن هذه المناطق المنكوبة لأن أي نشاط اقتصادي سواء كان صناعي أم زراعي أم تجاري أم خدمي سواء تعلق بالبيع أو الرهن أو الإقراض أو التصنيع أو التجارة لا بد له من أن يكون له ارتباط بشكل أو بآخر بالعقار وبالنتيجة الاصطدام بالمرسوم / 49 / وأول رد فعل من صاحب النشاط هو الابتعاد عن هذه المناطق .
ثانياً - من الناحية الاجتماعية : ينذر هذا المرسوم بالبطالة المرعبة التي سوف تستشري بين أبناء هذه المناطق والتي ستكون نتيجة مباشرة من نتائج هذا المرسوم ومن ثم الجريمة بجميع أنواعها سيما مع البطالة والفقر المدقع المتوقع كنتيجة لأعمال هذا المرسوم وكذلك الهجرة المحتومة التي لا بد منها, أضف إلى ذلك كارثة أخرى هي من أعمال ونتائج هذا المرسوم وهي حالة البيوع السابقة لهذا المرسوم والتي هي من نتاج تعديل المادة الرابعة من القانون / 41 / لعام 2004 والتي تؤكد على أن: كافة الدعاوى المنظورة قبل صدور هذا المرسوم ترد ما لم تكن الرخصة المنوه عنها مبرزة في الاضبارة هذا أذا ما عرفنا أن ما نسبته 95 % من هذه البيوع الزراعية التي كان فيها المشتري من أصول كردية لم يحصل على الترخيص المطلوب وبالنتيجة بقاء الدعوى على حالها وبالتالي يستطيع البائع أو ورثته وفي أي وقت كان تجديد الدعوى وطلب السير فيها وبالنتيجة سوف تقضي المحكمة برد الدعوى لعلة عدم إبراز الترخيص القانوني وإعادة الحال على ما كان عليه قبل التعاقد وأي نتائج كارثية ستحدث عن ذلك والمرسوم واضح في ذلك حيث اعتبرت جميع البيوع التي لم تقترن بالحصول على الترخيص المذكور باطلة وتستوجب إعادة الحال على ما كان عليه قبل التعاقد, وبالنتيجة ضياع حقوق العباد والمزيد من المشاكل الاجتماعية. و حيث أن من يتنصل القانون من حفظ حقه سيضطر إلى حفظ حقه بالذات ( شريعة الغاب ).
ثالثاً – من الناحية القانونية : ستصبح هذه المحافظة محافظة استثنائية بجدارة ويحق لها دخول موسوعة غينس للأرقام القياسية قوانين خاصة استثنائية وتعليمات خاصة استثنائية إحصاء استثنائي 1962 وحزام استثنائي عام 1973 وحالة طوارئ وأحكام عرفية جزائياً ومراسيم وقوانين استثنائية مدنياً ( 193 و 75 و 41 و 49 .... ) والحبل على الجرار, كيف ستتطور هذه المحافظة المسكينة وتزدهر إذا كانت القاعدة فيها استثناءاً والاستثناء فيها قاعدة ؟؟؟!!!
وبالنتيجة مزيد من الفقر المدقع المستشري أصلاً في هذه المناطق, ومزيد من الهجرة المستمرة التي لم تتوقف لحظة وهي في خطوات متسارعة وخاصة بعد أحداث آذار 2004 ومزيد من البطالة ومزيد من الجرائم ومزيد من المخدرات والتي هي في تزايد مخيف, وإننا ولله لم نكن نتصور بأنه سيكون هناك مرسوم أسوء من مرسوم تطبيق الإحصاء الاستثنائي عام 1962 الذي جرد الآلاف من جنسيتهم إلا هذا المرسوم الذي سيجرد الملايين من وسائل عيشهم وحياتهم .
وبالنتيجة فإن هذا المرسوم حجب حق أنساني لصيق بكيان الإنسان وهو حق التقاضي أمام القضاء هذا الحق الطبيعي الذي لا يمكن أن يحجب عنه، ومن نتائجه:
- إنه يشكل مخالفة واضحة لمبدأ فصل السلطات وهو تكريس لهيمنة السلطة التنفيذية على السلطة القضائية وبالنتيجة مخالفة واضحة وصريحة لنصوص الدستور.
- إنه يعتبر إنكاراً للعدالة, وضياع لحقوق العباد ومخالفة لأبسط المبادئ الإنسانية .
- إنه يشكل مخالفة واضحة لمبدأ عدم رجعية القوانين فلا يمكن لقانون أن يطبق على وقائع لم يكن موجوداً أثناء حدوثها.
- إنه يربط السلطة القضائية بتعليمات السلطة التنفيذية ويكرس القوانين الاستثنائية ( أحكام عرفية وقانون طوارئ جزائياً ومراسيم وقوانين استثنائية للحقوق المدنية ) المعرقلة للتنمية والازدهار والتطور الاقتصادي والاجتماعي والسياسي.
إذاً كيف سيكون حال المواطن الذي يعيش في ظل هذه الترسانة الهائلة من القوانين الاستثنائية والتمييزية والمحاصرة بعقلية أمنية تتحكم في كل مفاصل الحياة، لا شك أنه لن يكون قادراً على الحركة والمبادرة والابتكار والتجديد...، ويبقى الوطن والمواطن هما ضحية هذه القوانين والمراسيم.
إننا في المنظمة الكردية للدفاع عن حقوق الإنسان والحريات العامة في سوريا ( DAD )، نعتقد أن العلاقة الصحيحة والسليمة، تبدأ بإطلاق الحريات الديمقراطية وإلغاء القوانين الاستثنائية والمشاريع العنصرية وإنهاء سياسة القمع والهيمنة والاحتكار...، والاعتراف الدستوري بالتعددية السياسية والقومية وإرساء مبدأ سيادة القانون واحترام سلطة القضاء واستقلاليته...، والقضاء على آليات الفساد والإفساد، والعمل على خلق المواطنين الأحرار القادرين على المساهمة في بناء وطنهم والعمل على تطوره وازدهاره ونموه ومواجهة تطورات المستقبل بآفاق أرحب.
وأخيراً لكي لا ندخل في الكثير من الشروحات والتفاصيل، رأينا أنه من المفيد هنا التذكير بوصايا ومقترحات الضابط الأمني في محافظة الحسكة السيئ الصيت محمد طلب هلال، في بداية الستينات من القرن الماضي حول كيفية التعامل مع الشعب الكردي في سوريا والعمل على تجويعه وتشريده وتهجيره من مناطقه التاريخية وتغيير التركيب الديمغرافي لهذه المناطق وصهره في بوتقة القومية العربية . وقد جاءت مقترحاته في اثنتي عشر بنداً هي:
1 – أن تعمد الدولة إلى عمليات التهجير إلى الداخل، مع التوزيع في الداخل، ومع ملاحظة عناصر الخطر أولاً فأولاً، ولا بأس أن تكون الخطة ثنائية أو ثلاثية السنين، تبدأ بالعناصر الخطرة، لتنتهي إلى العناصر الأقل خطورة... وهكذا.
2- سياسة التجهيل: أي عدم إنشاء مدارس، أو معاهد علمية في المنطقة، لأن هذا أثبت عكس المطلوب بشكل صارخ وقوي.
3- إن الأكثرية الساحقة من الأكراد المقيمين في الجزيرة يتمتعون بالجنسية التركية، فلا بد لتصحيح السجلات المدنية، وهذا يجري الآن، أنما نطلب أن يترتب على ذلك إجلاء كل من لم تثبت جنسيته، وتسليمه إلى الدولة التابع لها، أضف إلى ذلك يجب أن يدرس من ثبت جنسيته دراسة معقولة، وملاحظة كيفية كسب الجنسية، لأن الجنسية لا تكسب إلا بمرسوم جمهوري، فكل جنسية ليست بمرسوم يجب أن تناقش، تبقي من تبقي أي الأقل خطراً، وتنزع من تنزع عنه الجنسية، لنعيده بالتالي إلى وطنه .
ثم هناك تنازع الجنسيات، فأنك تجد أحدهم يحمل جنسيتين في آن واحد، أو قل ثلاث جنسيات، فلا بد والحالة هذه أن يعاد إلى جنسيته الأولى، وعلى كل حال، فالمهم ما يترتب على ذلك الإحصاء والتدقيق من أعمال، حيث يجب أن نقوم فورا بعمليات الإجلاء.
4- سد باب العمل : لا بد لنا أيضاً مساهمة في الخطة من سد أبواب العمل أمام الأكراد، حتى نجعلهم في وضع، أولاً غير قادر على التحرك، وثانياً في وضع غير المستقر ، المستعد للرحيل في أية لحظة، وهذا يجب أن يأخذ به الإصلاح الزراعي أولاً في الجزيرة، بأن لا يؤجر، ولا يملك الأكراد، والعناصر العربية كثيرة وموفورة، بحمد الله .
5- شن حملة من الدعاية الواسعة بين العناصر العربية ومركزة على الأكراد، بتهيئة العناصر العربية أولاً لحساب ما، وخلخلة وضع الأكراد ثانياً، بحيث يجعلهم في وضع غير مستقر.
6- نزع الصفة الدينية عن مشايخ الدين عند الأكراد، وإرسال مشايخ بخطة مرسومة عرباً أقحاحاً، أو نقلهم إلى الداخل، بدلاً من غيرهم، لأن مجالسهم، ليست مجالس دينية أبداً، بل وبدقة العبارة ( مجالس كردية ) فهم لدى دعوتنا إياهم، لا يرسلون برقيات ضد البرزاني، إنما يرسلون ضد سفك دماء المسلمين، وأي قول هذا القول !
7- ضرب الأكراد في بعضهم، وهذا سهل، وقد يكون ميسوراً بإثارة من يدعون منهم بأنهم من أصول عربية، على العناصر الخطرة منهم، كما يكشف هذا العمل أوراق من يدعون بأنهم عرباً.
8 - إسكان عناصر عربية وقومية في المناطق الكردية على الحدود، فهم حصن المستقبل، ورقابة بنفس الوقت على الأكراد ، ريثما يتم تهجيرهم، ونقترح أن تكون من ( شمر ) لأنهم أولاً من أفقر القبائل بالأرض، وثانياً من المضمونين قومياً مئة بالمئة .
9- جعل الشريط الشمالي للجزيرة منطقة عسكرية كمنطقة الجبهة، بحيث توضع فيها قطعات عسكرية مهمتها إسكان العرب، وإجلاء الأكراد، وفق ما ترسم الدولة من خطة .
10- إنشاء مزارع جماعية للعرب الذين تسكنهم الدولة في الشريط الشمالي، على أن تكون هذه المزارع مدربة ومسلحة عسكرياً كالمستعمرات اليهودية على الحدود تماماً.
11 - عدم السماح لمن لا يتكلم اللغة بأن يمارس حق الانتخاب والترشيح في المناطق المذكورة.
12- منع إعطاء الجنسية السورية لمن يريد السكن في تلك المنطقة، مهما كانت جنسيته الأصلية ( عدا الجنسية العربية ).الخ. .
أن هذه الدراسة، تعطي صورة واضحة لا لبس فيها، عن التوجهات الشوفينية وطابعها الاستئصالي الذي يطال المختلف بالمعنى القومي، ويبدو أن السلطات السورية لا تزال تمشي على خطاها حتى الآن.
12 / 10 / 2008 المنظمة الكردية
للدفاع عن حقوق الإنسان والحريات العامة في سوريا ( DAD )
www.Dadkurd.co.cc
Dadkurd@Gmail.Com