( من يحاور من !؟ )
حوار أجراه عبدالرحمن الباشا لمجلة الصوت الآخر
برنامج لنتحاور،برنامج حواري يقدمه الزميل كفاح محمود على الهواء مباشرة كل يوم سبت من فضائية كوردستان .
في العاشر من أيلول الحالي ، أنهى البرنامج عامه الرابع قدم خلالها أكثر من 190 حلقة في المواضيع السياسية والثقافية والاجتماعية ، في إقليم كوردستان والعراق عموما.
واستضاف خلال السنوات الأربع ، الكثير من السياسيين في العراق وكوردستان والبلدان العربية ،منهم الرئيس اللبناني الأسبق أمين الجميل والسيد عبدالعزيز الحكيم والأستاذ فاضل ميراني والسيد حاجم الحسني رئيس الجمعية الوطنية السابق والسيد عدنان المفتي رئيس البرلمان الكوردستاني إلى جانب الكثير من زعماء الأحزاب العراقية والعربية من أمثال السيد حسين عبدالرازق أمين عام حزب التجمع المصري ورئيس مجلس الأمة الكويتي والإماراتي واليمني.، و العديد من رجال الفكر والإعلام من أمثال الدكتور سعدالدين إبراهيم ومحمد بن نصر والدكتور كاظم حبيب وفالح عبدالجبار وصالح قلاب وحماده الفراعنة ورجائي فايد وسالم وهبي وفريدة النقاش وغيرهم .
أولا: لماذا ( لنتحاور ) ؟ ومن يحاور من ؟
وما هو البديل؟ لقد جربنا كثيرا من الوسائل نحن هنا شعوب الشرق الأوسط ولعل أتعسها تلك اللغة الخالية من الحياة والتي دفعنا أثمانها باهظة من حياتنا عبر عشرات السنين، تذكر معي الملايين التي قضت عبر الصراع العربي الإسرائيلي في موضوعة فلسطين وما حصل لكلا الطرفين من ضياع لفرص ثمينة للتطور الاجتماعي والاقتصادي وكل مناحي الحياة.
قالها الرئيس الأسبق بورقيبة في وقت مبكر من الصراع ودعا الطرفين إلى الحوار وقبول البعض بدولتين تضمنان حقوق المكونين الفلسطيني والإسرائيلي، إلا أنهم أخرجوه من الملة بل واعتبروه خائنا مرتدا وها هم بعد عشرات السنين يطمحون إلى أطراف مقترحاته؟
وكذا حصل بين الهند والباكستان حتى جلسوا وتحاوروا وتركوا لغة الموت إلى إشعار آخر، إنه الحوار والتحاور في آخر المطاف لو أدرك المتخاصمون فالحوار لغة راقية بل هي الأرقى والأكثر حضارة بعد أن جرب الطرف الأول كل وسائله في التعاطي مع مفردات الحياة وثوابت العيش الكريم باستخدام العنف والإلغاء وتهميش الآخر والإصرار على تنفيذ مآربه بلغة الموت والدمار!؟.
علينا أن نتحاور مع أنفسنا بداية وتلك بربي أول الخطوات لبناء بيت قوي ورصين ، واقصد هنا البداية وأول حلقات المجتمع وهي الأسرة، واعني الأب والأم والأولاد واستخدام نظام تربوي متحضر يعتمد لغة الحوار والإقناع بدلا من الإملاء وإلغاء الآخر من خلال تعبئته وتهميش إنسانيته ليتحول إلى إنسان آلي ليس إلا.
في برنامج لنتحاور اعتمدنا هذه الأسس مع الآخر، والآخر هنا كل من يحاول أن يلغي الآخرين أو يقصيهم أو يهمشهم، وهو محاولة تربوية أيضا لإشاعة الحوار وقبول الآخر وان اختلف في الرأي أو الفكر، وهنا لا أعني من يجلس معنا في الأستوديو تحديدا بل ربما نكون نحن الاثنين أنا وضيفي ندفع إلى الآخر لغة الحوار في رسالة إعلامية نقصد فيها إن الحوار هو لغتنا مع الآخرين.
ثانيا: لماذا نبادر نحن، وندعو الطرف الآخر للمحاورة، ولماذا لا يكون العكس ؟
ربما لأننا نحترم الحياة وندرك تماما ماذا تعني الحروب أو الوسائل الأخرى غير الحوار، نحن أكثر شعوب الأرض ربما تقديسا للسلام والأمان والحياة، وبإطلالة بسيطة على فلكلورنا ودقائق حياتنا ندرك شفافية مجتمعاتنا ورقتها وتشبثها بحياة راقية ملؤها الحب والتطلع إلى مستقبل أكثر إشراقا.
ربما نحن من الشعوب القلائل على الأرض لا تحب الحروب وتجيدها بما يميزها في المقاومة والبسالة، فلم يتعرض شعب في التاريخ المعاصر كما تعرض له شعبنا في الحروب والإبادة والتهجير وتخريب المدن والقرى طيلة عشرات السنين حتى اعتقد العدو والصديق إننا انتهينا وأصبحنا جزء من الماضي!
ولكننا وبفسحة صغيرة من السلام والأمان وبسنوات قليلة جدا نهض شعبنا كما نراه اليوم وأصبح جزء مهم من حاضر المنطقة بجامعها لا جزء من ماضيها.
الطرف الآخر ليس بالضرورة من حاربنا طيلة عقود بل ربما يكون من ضحايا تلك الثقافة البائسة التي زرعها العنصريون هنا وهناك في أذهان كثير من الناس التي باتت لا تنظر إلينا إلا من فوهة البندقية التي لا يجيدون استخدامها بفروسية كما فعلوا في التصفيق لاؤلئك الذين اقترفوا جرائم حلبجة والأنفال بحق المدنيين العزل من الأطفال والنساء والشيوخ.
ثق إن الطرف الآخر بدأ يدرك تماما إن الحوار هو ملاذه الأخير معنا بعد أن انهار مشروعه العنصري ليس هنا في العراق فحسب بل اجزم إن ما حصل هنا بعد انتفاضة الربيع عام 1991 م وما بعد سقوط نموذج صدام حسين الشوفيني عام 2003 م، رغم تشبثه ببقايا تلك الثقافة والتربية الفاسدة التي أدت بالعراق إلى ما نراه اليوم، بل في كل البلدان التي تتكون من مجموعة أعراق وطوائف في الشرق الأوسط تحديدا.
نعم فلنكن دوما نحن المبادرين إلى الحوار والتحاور فتلك واحدة من ارقي الصفات وارفع ما يميز الإنسان المتحضر عن سواه، السنا نحن الذين تعاملنا مع أسرى فيلقين بكل فروسية وسمو؟
ألا تتذكر كيف كان البيشمه ركه يتخلون عن أغطيتهم ومعاطفهم وحتى وجبات غذائهم للأسرى من جيش العدو بينما كان الآخرون يعدمون أسرانا في الجانب الآخر؟؟
ألا يكفي كل هذا أن نكون نحن المبادرين دوما بما يليق بهذا السلوك وهذه الأخلاقيات؟
ثالثا: برنامج ( لنتحاور ) موجه لمن ؟ المشاهد العراقي أم المشاهد في الوطن العربي ؟
لنتحاور برنامج موجه للمشاهد الناطق بالعربية هنا في الإقليم أو في العراق وخارجه وهو يستهدف في أطروحاته العقد الخلافية سواء منها ما يتعلق بين الإقليم والمركز أو بين العرب والكورد والآخرين من المكونات المتعايشة في الإقليم وبقية أنحاء العراق بما يقرب وجهات النظر بعيدا عن التشنجات أو إثارة الكراهية والنعرات العنصرية، وبما يشرح قضية شعبنا ويدفعها إلى الرأي العام في الدول العربية وبين الناطقين بها في العالم.
ودعني أكون أكثر شفافية معك الآن ، نحن نستهدف المشاهد العراقي هنا خارج الإقليم حيث يتعرض هذا المشاهد إلى ضغوطات إعلامية وإيديولوجية مشحونة بأفكار شوفينية وأجندات أجنبية فيما يتعلق بالعقد الخلافية مع الحكومة الفيدرالية في كركوك وسنجار وخانقين موضوع النفط والغاز وكثير من المواضيع العالقة لحد الآن.
رابعا: هل أثمر الحوار ، بعد أربعة أعوام من البرنامج ، هل أقتنع ( الآخر ) بوجهة نظرنا ؟
لا استطيع أن اجزم تماما فهذه اللغة ليست سلاحا اتوماتيكيا سريع الإطلاق، بل هي لغة هادئة وشفافة تحترم الزمن وتقدس الحياة وتتناول بشفافية أحاسيس الآخرين وتحتاج إلى قناعات ربما تستغرق زمنا أطول، إلا إنني مؤمن تماما بأن هذه اللغة سواء في البرنامج أو ما سبقها من تطبيقات سلوكية عبر عقود من النضال إنما هي تطبيق لما كان يدعو إليه الزعيم مصطفى البارزاني دوما وفي معمعة القتال والثورة في الركون دائما إلى لغة الحوار مع الآخر حتى يستقيم ويدرك بأنهم لن ينالوا منا بلغة الحرب وعليهم أن يتحاوروا معنا.
ازعم الآن بأن أصدقاءنا من العرب والترك والإيرانيون أكثر من أي وقت آخر وهذا بحد ذاته انتصار لفلسفتنا في الحوار واعتمادنا لغة ديمقراطية متحضرة تعتمد احترام وقبول الآخر.
في معظم حواراتي مع النخب العربية غير العراقية اكتشف بأنهم لا يعرفوا شيئا عن الكورد إلا صلاح الدين الأيوبي بقدر تعلق أمره بموضوع فلسطين تاريخيا ودوره كقائد عسكري مسلم في تحرير القدس العربي ليس إلا؟
وتلك بتقديري كما يزعم أكثرهم تعود لسببين أساسيين الأول هو عدم اكتراث هذه النخب بالأعراق غير العربية التي تعيش في هذه المنطقة خوفا من نشوء كيانات أخرى كما يزعمون ويطلقون تسمية ( إسرائيل الثانية ) على محاولة أي عرق غير عربي بالتحرر أو المطالبة بالحقوق السياسية.
والثانية هي عجز الإعلام الكوردي في إيصال القضية إلى الرأي العام العربي وتلك أيضا محكومة بسببين مهمين الأول ذلك الحصار غير المعلن على هكذا مواضيع في معظم وسائل الإعلام العربي الرسمي وغير الرسمي والثانية هي ما يعانيه الإعلام الكوردي نفسه في موضوع الإعلام باللغة العربية واللغات الأخرى.
خامسا: هل إن البرنامج ( لنتحاور ) ولد من وحي ( أكثر من رأي ) أو ( الاتجاه المعاكس ) ؟
ليس هناك أي مشروع أو فكرة نابعة من فراغ، وازعم إن كل تفاصيل الحياة بما فيها المبادرات هي فعل ورد فعل بل إن كثيرا من أعمالنا ما هي إلا تصحيح لأعمال أخرى أو تطوير لها أو لفكرتها من وجهة نظرنا، وهي أيضا في أوجه أخرى تحديات إنسانية وأعمال إبداعية تتفرد في شكلها ومضمونها.
حقيقة كنت أراقب معظم البرامج الحوارية التي تقدمها الفضائيات هنا في منطقتنا وهي تمتاز أي تلك البرامج بإمكانيات فنية وتقنية راقية وتعكس في أدائها مجموعة الأفكار والثقافة التي يمتلكها صاحب تلك القناة دولة كانت أم أفراد وأحزاب ومن ضمنها هذين البرنامجين الذين ذكرتهما رغم إن الأول أكثر تقدما من الآخر في طروحاته وأسلوبه الحواري بعيدا عن تشنجات وصراخات الآخر.
اعتقد إن برنامج لنتحاور يختلف في أدائه عن معظم هذه البرامج الحوارية وأنا لا ازعم هنا بالأفضلية لأنها ليست من مهماتي فهي مهمة الجمهور والمتلقي وهو في الآخر من يمنحنا في رضائه تفوقنا.
في لنتحاور هناك حوار من اجل حل معضلة ما أو من أجل شرح موضوع معين يهم المشاهد وهناك بين هذا وذاك محاولة لإيصال الخطاب الكوردي إلى الرأي العام العربي دونما تشنجات وإشاعة للكراهية أو الأحقاد وصولا إلى قواسم مشتركة من اجل مستقبل أفضل لأجيالنا القادمة.
ودعني أن أقول لك بكل صراحة وشفافية أن الشاشة تدخل كل البيوت ويراك فيها معظم الناس وهنا أنت تمثل حضارتك الشخصية ومجموعة القيم والآداب التي تحملها وتتصف بها، وتحمل أيضا أمانة أن لا تجرح أو تخدش حياء الناس المتلقين لك من المشاهدين والمشاهدات، كما أيضا من واجبك الأخلاقي أن لا تكون سببا في صناعة الانفعالات والتشنجات التي تؤدي إلى الكراهية والعنف وربما إلى القتل!
هل تتذكر تصريحات وحوارات بعض من أعضاء مجلس النواب عن الموصل في فضائيات معينة هنا في العراق ودول الجوار التي تناولت القضية الكوردية وموضوع كركوك والموصل والتي أدت إلى قتل المئات من الكورد في الموصل وتهجير عشرات الآلاف من المواطنين الكورد والتركمان والكلدان؟
من هنا ندرك أهمية اللغة الرصينة والخلق العالي والحوار المهني والنبيل لأنه بالتأكيد يصل إلى كل الناس بمختلف مستوياتها، وهذه باختصار هي رسالتنا إلى الآخرين فليس ذلك الصراخ والشتائم والتحريض على الكراهية والعنف حوارا بل قتالا بائسا!؟
سادسا: أهم الحلقات وأبرز الضيوف !؟
ما زلت أتذكر جيد الحلقة صفر التي قدمتها في التاسع من أيلول 2004 م وكان ضيفي في حينها الزميل كروان عبدالله واكتشفت بعد انتهاء البرنامج بأنها لم تك إلا امتحانا عمليا لي في تقديم البرنامج !؟
حقيقة كانت حلقة جميلة رغم إنها كانت امتحانا ولم تبث على الشاشة، وفي اليوم الثاني وهو العاشر من أيلول كانت الحلقة الأولى مع الزميل فوزي الاتروشي وكيل وزارة الثقافة العراقية الآن وقد تميزت على ما أتذكر بان الزميل العزيز الاتروشي لم يمنحني وقتا حتى لمجرد أن اسأله فقد أدرك بأنني ( مستجد ) وأراد أن يسعفني في تغطيته للموضوع رغم مقاطعتي له أكثر من مرة!
وطالما نتحدث عن الحلقات المتميزة أراني ملزم أن أذكر المحاورين المتميزين في لغة الحوار واحترام وقت البرنامج والتركيز في الإجابات وأبرزهم الأستاذ المناضل فاضل ميراني سكرتير المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني ، فهو محاور من الطراز الأول بما يتميز به من سرعة البديهة والثقافة الموسوعية، وهنا أيضا أذكر الأخ الدكتور محمد إحسان وزير شؤون المناطق خارج الإقليم حيث يتميز بشفافيته وجرأته وعباراته المركز والبليغة والمباشرة.
ومع الأستاذ والزميل البارع جورج منصور أشعر وآنا أحاوره بأنني في امتحان إعلامي أو صحفي، فهو بارع كما عرفناه صحفيا وإعلاميا، ولا أنسى هنا الدكتور منذر الفضل وكاظم حبيب ورجائي فايد وسعدالدين ابراهيم وفريدة النقاش والعشرات مما لا تسعفني الذاكرة أن أتذكرهم فجميعا كانوا متميزين في حواراتهم مما جعل البرنامج متميز في أدائه وتأثيره! أليس كذلك؟
سابعا: تعريف للبرنامج
برنامج لنتحاور برنامج حواري يعرض على الهواء مباشرة كل يوم سبت وعالج في حلقاته التي تجاوزت أكثر من 190 حلقة على مدى أربع سنوات منذ حلقته الأولى في العاشر من أيلول 2004 م عشرات المواضيع السياسية والثقافية والاجتماعية في إقليم كوردستان والعراق عموما.
وقد استضاف خلال سنواته الأربع الكثير من السياسيين في العراق وكوردستان والبلدان العربية ومنهم الرئيس اللبناني الأسبق أمين الجميل والسيد عبدالعزيز الحكيم والأستاذ فاضل ميراني والسيد حاجم الحسني رئيس الجمعية الوطنية السابق والسيد عدنان المفتي رئيس البرلمان الكوردستاني ، إضافة إلى الكثير من زعماء الأحزاب العراقية والعربية من أمثال السيد حسين عبدالرازق أمين عام حزب التجمع المصري ورئيس مجلس الأمة الكويتي والإماراتي واليمني.، إضافة إلى العديد من رجال الفكر والإعلام من أمثال الدكتور سعدالدين ابراهيم ومحمد بن نصر والدكتور كاظم حبيب وفالح عبدالجبار وصالح قلاب وحماده الفراعنة ورجائي فايد وسالم وهبي وفريدة النقاش.
ومما يذكر أنه خلال الأربعة أعوام لم يتأخر البرنامج عن موعده إلا ثلاث مرات كانت الأولى والثالثة بسبب خلل فني في البث من أستوديو دهوك والأخيرة من أستوديو اربيل، أما الثانية فكانت في نهاية حزيران وكنت وقتها في بيروت وتأخرت الرحلة 24 ساعة عن موعدها مما تسبب في تأجيل البرنامج!