لقاء مع رئيس جمهورية العراق جلال طالباني
الثلاثاء 30 أيلول / سبتمبر 2008, 02:10
كورداونلاين
أكد اتفاقاً أميركياً - عراقياً على انسحاب «المتعددة الجنسية» من بغداد نهاية السنة... طالباني لـ «الحياة»: إيران مستعدة لحوار بلا شروط مع واشنطن للبحث في ملفات لبنان وفلسطين والعراق وأفغانستان
نيويورك - راغدة درغام الحياة
كشف الرئيس العراقي جلال طالباني أن الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد أبلغه استعداده للحديث مع الأميركيين من دون شروط، وأن مسؤولاً ايرانياً أكد له استعداد طهران لبحث ملفات لبنان وفلسطين وأفغانستان والعراق مع واشنطن. وقال في مقابلة مع «الحياة» في نيويورك إن الجانبين الأميركي والعراقي اتفقا على انسحاب القوات المتعددة الجنسية من العاصمة العراقية في حلول نهاية هذه السنة. وهذا نص المقابلة:
> هل الاتفاقية الأمنية بين العراق والولايات المتحدة معرقَلة لدرجة عدم وجود أمل بتوقيعها نهاية هذه السنة؟
- لا. ليست معرقَلة لدرجة اليأس من توقيعها، إنما هي مفاوضات مهمة لأن الاتفاقية الأمنية تتعلق بمصير العراق واستقلاله ومستقبله، وبالتالي تحرص الحكومة العراقية على التدقيق في نقاط الاتفاق وحتى الكلمات والجُمل المستخدمة في الاتفاقية. ولكن النية موجودة لدى الطرفين العراقي والأميركي لتوقيع هذه الاتفاقية الأمنية لأنها من مصلحة العراق ولأنها تُنقذه من مشاكل كثيرة يعاني منها الآن. كما أن هذه الاتفاقية تؤدي إلى استكمال استقلال العراق الناقص حالياً نظراً إلى وجود قوات التحالف في العراق، والتي تتمتع بصلاحيات واسعة. حينئذ (توقيع الاتفاقية) تبقى هذه القوات محصورة في معسكراتها، والجيش العراقي يتمتع بصلاحيات أكثر وأكبر.
> بعض العراقيين يعتقد بأنه في حال عدم التوصل إلى الاتفاقية الأمنية مع الولايات المتحدة من الآن حتى نهاية السنة، فسيكون توقيعها مع الإدارة المقبلة صعباً جداً؟
- لا أشارك هذا البعض في رأيه لأنني أعتقد بأن النية والارادة متوافرتان لدى الجانبين، وأملي كبير بأن يتم الاتفاق قبل نهاية العام. ولكن إذا لم يحصل هذا الاتفاق، لا سمح الله، فمن الممكن أيضاً مواصلة الحوار والتفاوض، حتى مع الإدارة الجديدة، لأن هذه الاتفاقية من مصلحة الطرفين. وإن كنت شخصياً أفضل توقيع هذه الاتفاقية في عهد الرئيس جورج دبليو بوش.
> لماذا؟
- لأنه يتفهم الوضع العراقي جيداً، وهو حريص على تلبية المطالب العراقية قبل انتهاء ولايته.
> مَن مِن المرشحين الديموقراطي والجمهوري في رأيك قد يكون التعاطي معه في شأن هذه الاتفاقية أسهل؟
- كلاهما. لأننا صحيح لا نعرف جيداً (المرشح الديموقراطي للرئاسة) السيناتور باراك أوباما، ولكن نعرف (المرشح الديموقراطي لمنصب نائب الرئيس) جو بايدين معرفة جيدة وهو خبير في شؤون العراق. وكذلك (المرشح الجمهوري للرئاسة السيناتور) جون ماكين أيضاً خبير وعليم، و(المرشحة الجمهورية لمنصب نائب الرئيس حاكمة ولاية ألاسكا) السيدة سارة بايلين أولسو بدأت تتفهم الأوضاع العراقية جيداً وابنها جندي أميركي في العراق. لذلك نعتقد بأن أياً من المرشحَين سيكون متجاوباً مع المطالب العراقية.
> اجتمعت مع السيدة سارة بايلين، كيف وجدتها؟ هل هي على علم بالملف العراقي؟
- الحقيقة أنني تعجبت، لأنني وجدتها ذكية وتفهم الوضع في العراق أكثر مما كنت أتوقع. ويبدو أنها بدأت تدرس الأوضاع منذ رُشحت لنيابة الرئاسة، ولكنها سيدة ذكية، وهي في الحقيقة تُريد أن تفهم وتطّلع أكثر فأكثر على الوضع العراقي.
> قيل على لسان أحد المسؤولين العراقيين إن المرشح الديموقراطي باراك أوباما طلب منكم تأجيل التوقيع على هذه الاتفاقية حتى، ربما، يُصبح هو رئيساً. هل حدث ذلك؟ ولماذا؟
- التقيت السيد أوباما في بغداد عندما زارنا، وكذلك خابرته هاتفياً عندما كنت في الولايات المتحدة المرة الماضية. لم يتطرق السيد أوباما إلى هذا الموضوع إطلاقاً، إنما شرح لنا سياسته القاضية بأن يتمهل في موضوع انسحاب القوات الأميركية في العراق ليأخذ رأي القيادة العسكرية الميدانية والتفاهم مع الجانب العراقي في هذا الموضوع مع رغبته في إبقاء قوتين، واحدة لمكافحة الإرهاب وأخرى لتدريب الجيش العراقي. أما ما يتعلق بمقولة رفضه التوقيع مع الإدارة الحالية، فأنا لم أسمعها منه أبداً.
> يبدو لي أن الاتفاقية في الواقع منتهية فنياً بانتظار قرار سياسي، مَن هو صاحب هذا القرار الذي لم يتخذ؟
- دولة رئيس الوزراء نوري المالكي يعتقد بوجوب عرض هذه الاتفاقية على المجلس السياسي للأمن الوطني. وبعد موافقة المجلس السياسي، يجب أن تُطرح الاتفاقية على البرلمان حتى يوافق عليها. فإذا وافق عليها البرلمان يكون التوقيع عليها نهائياً.
> إذن هذه عرقلة؟
- ليست عرقلة، هي أصول قانونية ديموقراطية. نحن في بلد ديموقراطي لا تستطيع فيه الحكومة أن تنفرد بمسألة خطيرة كاتفاقية أمنية مع الولايات المتحدة. ولا تتمتع بهذه الصلاحية، وهي لا تتحمل مسؤوليتها وحدها بل تريد إشراك كل الفئات السياسية العراقية في تحمُّل هذه المسؤولية وإبداء رأيها في هذه المسألة المهمة.
> متى ستخرج القوات الأميركية من بغداد؟
- أعتقد بأن هناك اتفاقاً على أن يكون (انسحابها) نهاية هذا العام.
> هل اتفقتم على خروج القوات الأميركية؟
- اتفاق مبدئي على أن تخرج القوات الأميركية من بغداد نهاية هذا العام.
> عندما تتراجع أو تخرج القوات الأميركية من المدن العراقية، هل تعود إلى قواعد لها في العراق؟
- نعم. تعود إلى قواعد معينة اتفق عليها الجانبان العراقي والأميركي. وهذه مسألة فنية في الحقيقة يدرسها الجانبان، وستكون هذه القوات موجودة في هذه القواعد ومستعدة لمساعدة الجانب العراقي في محاربة الإرهاب وفي الدفاع عن الديموقراطية في العراق.
> هناك كلام الآن عما يُسمى «الصفقة الكبرى» بين الولايات المتحدة وإيران. ما هي في رأيك عناصر هذه الصفقة الكبرى؟ ماذا يريد الإيرانيون من هذه الصفقة الكبرى المحتملة، وماذا يريد الأميركيون؟
- ليست لدي معلومات دقيقة عن الصفقة سواء أكانت كبرى أو صغرى... أما بالنسبة لما تريده إيران، حسب معلوماتي المستندة على الحوار مع الاخوة الإيرانيين أنهم مستعدون لتحسين العلاقات مع أميركا. عندما زارنا الأخ الرئيس الدكتور محمود أحمدي نجاد في بغداد أخبرني في صورة خصوصية بأن إيران مستعدة للتفاوض من دون قيد وشرط مع الأميركيين لحل كل القضايا، وكذلك سمعت من مسؤول إيراني كبير أن إيران مستعدة للبحث مع أميركا في الملفات الأفغانية واللبنانية والعراقية والفلسطينية، وبالتالي فإن الإيرانيين في رأيي يريدون أولاً الاطمئنان إلى عدم تعرضهم للاعتداء.
> تقصد كنظام؟
- كنظام طبعاً، وعدم تعرُّض إيران إلى أي اعتداء عسكري، وعدم منعهم من تخصيب اليورانيوم واستعمال الطاقة النووية للأغراض السلمية. وهم مستعدون لإعطاء ضمانات بأن إيران لن تُنتج القنبلة الذرية لأنه، كما تفضل سماحة السيد علي خامنئي، أن هذه الأسلحة مخالفة للإسلام لأنها تحرق الأخضر واليابس وتقتل الناس بصرف النظر عن مسؤوليتهم في الحرب وغير ذلك. لذلك أعتقد بأن الإيرانيين راغبون في تحسين العلاقة مع الولايات المتحدة.
> هل من المفيد للمنطقة أن تكون إيران قوة مهيمنة، خصوصاً أن لها نفوذاً كبيراً في العراق لم تملكه في الماضي؟
- أود أن أصحح لك نقطتين. أولاً ليس لإيران نفوذ قوي في العراق. هذه إشاعة رُوجت، وأريد أن أشرح لك هذه النقطة بالتفصيل. كل القوى السياسية العراقية الفاعلة في المجتمع ترفض هيمنة أي دولة أجنبية. نرفض هيمنة أميركا، نرفض هيمنة تركيا، نرفض هيمنة إيران، نرفض الهيمنة في العراق لأننا مشتاقون إلى الاستقلال والسيادة الوطنية. ثانياً ما يقال عن تبعية الشيعة في العراق إلى إيران أيضاً اشاعة، لأن الشيعة في العراق هم أصل الشيعة في العالم، المذهب الشيعي ظهر في العراق أولاً، المراكز المقدسة الشيعية كربلاء النجف الأشرف الكاظمية سامراء موجودة في العراق، المقابر المقدسة للإمام علي والحسين والكاظم والعباس والعسكريين موجودة في العراق. ففاتيكان الشيعة في العالم هو النجف الأشرف. الشيعة في العراق ليسوا تابعين لا للشيعة في إيران ولا في أي بلد آخر. ولذلك هذه مقولة تُردد كثيراً وأعتقد بأنها خاطئة. سابقاً كانوا يقولون مثلاً إن العراق لا يستطيع إسكات «جيش المهدي» بسبب التدخل الإيراني، فيما أُسكت «جيش المهدي» بمساعدة إيران، وليس بالضغط من إيران. هذه المسائل غير الدقيقة التي تشعل العراق أرجو تصحيحها. لذلك كنت أريدك أن تأتي إلى العراق لتري بأم أعينك هذه المسائل والحقائق الموجودة في العراق. أما مسألة الهيمنة، فإنها مرفوضة سواء كانت إيرانية أو غير إيرانية، نعتقد بأن إيران لها الحق أن تكون قوية ومزدهرة وصناعية تستفيد من الطاقة الذرية سلمياً، لأن لإيران شعباً كبيراً، 70 مليوناً. وايران صاحبة حضارة، وليست بلداً حديثاً، بل دولة تاريخية وحضارية، وهي من أقدم الحضارات في العالم. فلذلك لإيران الحق أن تكون قوية ومزدهرة لكن الهيمنة مرفوضة. لا أعتقد بأن إيران تستطيع أن تهيمن على الشرق الأوسط. والدول العربية، الحمد لله، ليست قاصرة الآن. والعراق عندما ينهض وسينهض قريباً جداً إنشاء الله، يستطيع أن يكون قوة متوازنة وأن يكون دولة عربية قوية ومركز ثقل في المنطقة. إيران بلد معروف ذو حضارة قديمة، والشعب العراقي غني برجالاته، بمفكريه وبعلمائه وبخريجيه. وكذلك العراق بلد غني بثرواته الطائلة. لذلك يستطيع العراق أن يكون دولة عربية قوية متمكنة في الشرق الأوسط عندما ينهض إنشاء الله من كبوته الحالية.
> يُقال إن هناك تنافساً أو تكاملاً، أي أدوار متعددة للقيادات الشيعية في العراق. يقال إن بعضها يتنافس مع القيادات الإيرانية وبعضها يتماشى معها. بالطبع نعرف بأن آية الله علي السيستاني هو من أبرز القيادات الشيعية، كيف ترى دوره؟
- قلت قبل وقت طويل إن دور سماحة السيد علي السيستاني هو نعمة للعراق. ولعب سماحته، حفظه الله، دوراً بارزاً في الاستقرار والأمن في العراق وفي المصالحة الوطنية. وأعتقد بأن هذه القضية أيضاً مشوهة لدى الرأي العام العربي. فالقيادات الشيعية في العراق متعددة، كما هي القيادات السنية والقيادات الكلية. فالقيادات الشيعية المراجع الكبرى للشيعة في العراق متفقة على سياسة معينة، وهي احترام الدين الإسلامي في العراق والمصالحة الوطنية في العراق وتعزيز الاخوة العربية - الكردية، وتعزيز القوى العربية الشيعية - السنية، والحفاظ على استقلال العراق وسيادته. ولكن المراجع لا تتدخل في الأمور الصغيرة واليومية للعراق. بالنسبة إلى موقف المراجع العراقية الكبيرة، وخصوصاً سماحة السيد علي السيستاني وسماحة السيد الحكيم والإسحاقي وبشير، كل هؤلاء الأكارم لا يؤمنون بولا ية الفقيه وهي النظرية الحاكمة في إيران. وكذلك الأحزاب السياسية الشيعية لها مواقف مختلفة، مثلاً الكتلة الصدرية لها موقف، و «المجلس الأعلى» له موقف، و «حزب الفضيلة» له موقف، و «حزب الدعوة» له موقف. ولكن أنا في تقديري أن العراقيين جميعاً يعتزون باستقلالهم وبالنزعة العراقية المعروفة بالعالم. نحن لم نعتد أن نكون تابعين لأحد، وإنما اعتدنا أن يتبع الآخرون العراق.
> نسمع عن خلافات كردية - شيعية، وعن خيبة أمل كردية بالشيعة والعكس صحيح، وبأن بعض الأكراد يريدون حجب السلطة عن الدولة أو المساومة على هذا الأمر. أين دورك في هذا؟
- هذه أسئلة عديدة جمعتيها في سؤال واحد. أولاً لا توجد خلافات شيعية - كردية، إنما يوجد تحالف كردي - شيعي من قديم الزمان. من عهد الديكتاتورية إلى الآن. هذا التحالف موجود حالياً، ويلعب دوراً مهماً في المصالحة الوطنية في العراق، إلا أن هذا لا يعني أن الأكراد يحصرون علاقتهم مع الشيعة فقط، بل بالعكس يلعب الأكراد دوراً أيضاً في العلاقة مع العرب السُنة. ومثل ما لدى الكرد اتفاقات مع «المجلس الأعلى الإسلامي»، كذلك لديهم اتفاقات مع «الحزب الإسلامي العراقي» الذي هو حزب عربي سُني في العراق. ويلعب الكرد دائماً دور الوفاق والوئام بين القوى العراقية. فإذن تحدث أحياناً خلافات في الحزب الواحد، وفي العائلة الواحدة، وفي المكتب السياسي الواحد في العراق. هذا العصر هو عصر الحوار وعصر النقاش وليس عصر التبعية المطلقة ليشمل كل شيء. فإذا وُجد مرة خلاف بين موقف كردي وآخر شيعي، أي هذا لا يعني بأن هنالك نزاعاً أو خلافات عميقة بين الشيعة والكرد، بل بالعكس العلاقات وطيدة.
وأنا دوري كرئيس جمهورية العراق، هو دور الوفاق والحوار بين الجميع. أود أن أقول لك وعن طريقك إلى العالم العربي، لم أكن متلهفاً لقبول ترشيحي، إنما أستطيع أن أقول عندما فُرض عليَّ الأمر، اشترطت أمرين، الأول توافق الكتل العراقية الأساسية، يعني «الائتلاف» الشيعي، و «التوافق العراقي» و «الاتحاد الكردستاني». وثانياً، أن ألبس العباءة العراقية. عندما قبلت أن أكون رئيس الجمهورية العراقية، قلت للأخوة إنني سأنزع الملابس الكردية وأبقى هنا. ومسألة العباءة العراقية أن يكون رئيس الجمهورية رمز سيادة العراق ووحدته الوطنية وأن يكون للجميع. فلذلك أنا دوري، حتى في الخلاف بين حكومة الإقليم والحكومة المركزية هو دور الوفاق. أحاول دائماً التوفيق بينهم. أؤمن بنظرية الحوار والوفاق والتوافق الكلي، وبنظرية تقديم التساهلات والمساومات لحل القضايا العالقة في العراق.
> كركوك والنفط والأموال كلها جزء من الخلافات.
- نعم. أولاً، النفط هو ثروة عراقية وطنية بنص الدستور؟ المادتان 11 و12 من الدستور العراقي تنصّان على أن النفط ثروة وطنية عراقية أينما وُجد. أينما وجد النفط فهو نفط عراقي. ثانياً مسألة كركوك، ولعلمك أنا من عائلة كركوكية عريقة. مسألة كركوك معقدة وتحتاج إلى التروي والتأني والتدقيق وإلى تفاهم بين مكونات المجتمع الكركوكي، وخصوصاً نحن لدينا المادة 140 من الدستور العراقي الذي أُقر ووافق عليه 12.5 مليون عراقي. لكن نحتاج أيضاً إلى تفاهم بين الكرد والتركمان والعرب الساكنين في كركوك منذ قديم الزمان. بمعنى أنه لا يجوز أن ننفرد ولا ينفرد أحد في كركوك. نعتقد بأنه يجب أن يتعايش الأخوة التركمان والكرد والعرب مع بعضهم بعضاً ضمن كركوك متآخية ومتحدة. أما أين تكون، فهل تكون إقليماً خاصاً أو جزءاً من إقليم كردستان؟ أو هل تكون جزءاً من إقليم آخر؟ فهذه مسألة تُبحث في المستقبل ويجب أيضاً أن تبحث في طريقة توافقية وودية وفي طريقة حوارية. لا يجوز أيضاً أن نجعل من هذه المسألة نقطة انفجار ونقطة خلافات كبيرة في العراق.
> نسمع عن توتر مع «الصحوات» التي يقال إنها تضم حوالي 170 ألف مقاتل. ماذا عن كلام دمجها مع الجيش والشرطة؟
- أولاً، لا أعتقد بأن هناك توتراً، ولا أعرف الرقم الحقيقي لـ «الصحوات»، لكنها لعبت دوراً مهماً جداً في مكافحة الإرهاب. و «الصحوات» تستحق الاهتمام من جانب الحكومة. في طبيعة الحال لا يمكن دمج كل هذا الرقم في الجيش لأن الجيش العراقي محدود. نحن لدينا الآن 12 فرقة، كل عدد الفرق لا يصل إلى 170 ألفاً. فلذلك يجب في رأيي معاملة الصحوات معاملة كريمة، أولاً إدخال ما يمكن إدخاله في الأجزاء الأمنية، في الشرطة، في الجيش، في الأمن... إلخ. ثانياً، تأهيل البقية لاستلام الوظائف الأخرى. ثالثاً، دفع الرواتب لهم لفترة معينة من الزمن. رابعاً، من الممكن مثلاً كحل أن نفكر في تحويلهم إلى أفواج للدفاع الوطني لفترة يحتاج إليها العراق، إلى أن يتم مثلاً توظيفهم أو إيجاد وظائف لهم. يجب أن لا يتم تجاهل «الصحوات» ولا شطبها، ولا رفض مطالبها، وإنما يجب التفاهم معها لنوفر لهم عيشاً كريماً ورغيداً في العراق الذي هو، والحمد لله، غني، وله ثروات يستطيع أن يصرف على أبنائه.
> هل توقف أو هل أوقفت سورية وإيران تدفق المقاتلين عبر حدوديهما إلى العراق؟ سمعنا بأن إيران تُدرب وتُوفد مسلحين جدداً.
- حالياً، إيران وسورية تمنعان التسلل إلى العراق. وأقول إن وضع الأمن والاستقرار جيد جداً في العراق ويتحول إلى ممتاز في المستقبل القريب إن شاء الله. والحدود مع إيران ومع سورية الآن ليست كما كانت سابقاً، ممراً للإرهابيين. بل بالعكس أصبحت حدوداً آمنة ونعتقد بأن الأخوة في سورية وفي إيران يتعاونون معنا في موضوع مكافحة الإرهاب، وخصوصاً أن الإرهاب آفة عالمية تشمل الجميع، فلا إيران تنجو من الإرهاب ولا سورية تنجو من الإرهاب. هل سمعتم بانفجار يوم أمس في جنوب دمشق؟ أدين هذه الجريمة البشعة في شدة وأقدم التعازي لذوي الشهداء وتمنيات طيبة للجرحى بالشفاء. وأعتقد بأن الحكومة العراقية تشاركني هذا الاستنكار والاستهجان. وأنا واثق أن هذه الجريمة البشعة تدفعنا جميعاً، نحن والأخوة في سورية إلى مزيد من التعاون معاً لمكافحة الإرهاب.
> علاقة العراق مع جيرانه العرب تتحسن. أعرف أنك اجتمعت مع وزراء هنا في نيويورك، بمن فيهم وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل. هل هذا التحسُّن يسير كما تريدون أو أنكم تريدون أكثر؟
- هذه المسيرة جيدة. بدأت في شكل جيد، وبدأ الأخوة العرب يرسلون سفراءهم إلى العراق. وعلاقتنا جيدة مع الأخوة في الكويت. وبعد عودتي إنشاء الله نكون هيأنا أنفسنا لاستقبال رئيس الوزراء الكويتي الشقيق، وكذلك بحثنا في العلاقات مع سمو الأمير سعود الفيصل في خصوص تعزيز العلاقات العراقية - السعودية. وكان التجاوب والاتفاق من الجانبين على أحسن ما يرام، ونعتقد بأن السعودية دولة مهمة وصديقة للعراق، وأن السعوديين أيام المعارضة وقفوا موقفاً كريماً منا. وبالتالي نأمل بأن تتحسن العلاقات العراقية - السعودية يوماً بعد يوم، وتصل إلى المستوى المطلوب. أما بالنسبة إلى الشقيقة الكبرى مصر، فنحن اتفقنا مبدئياً خلال زيارتي إلى القاهرة مع الأخ الرئيس محمد حسني مبارك على إقامة علاقات مديدة استراتيجية. وسيكون إنشاء الله لقاءاً قريباً يتم فيه اتفاق، كما تم مع تركيا، على هذه العلاقة الاستراتيجية المديدة.
> تأتيكم أيضاً قيادات من الأردن ولبنان.
- علاقاتنا جيدة مع الأردن ولبنان. وأنا التقيت هنا فخامة الرئيس ميشال سليمان، وأبلغته بتحياتنا وتهانينا مجدداً، وبلغته باستعداد العراق للتعاون مع لبنان ولمساعدته. وحتى بحثت واقترحت عليه بأن لدينا رغبة في إعادة مشروع خط أنابيب إلى طرابلس، ونبحث الآن مع الأخوة السوريين في تجديد هذا الخط. ثم نحن مستعدون للتعاون مع الأخوة في لبنان. أما بالنسبة إلى الأخوة في الأردن، فجلالة الملك عبدالله الثاني كان دائماً كريماً معنا ومتجاوباً معنا، وتفضل بزيارتنا. وهذا أول رئيس عربي يزور العراق، نحن لذلك شاكرون أفضاله ولدينا والحمد لله علاقات جيدة. وعلاقتنا تحسنت مع الإمارات التي تفضلت بإرسال وزير خارجيتها إلى العراق وسفير ها، وكذلك مع البحرين. والتقيت هنا بسمو الأمير حمد القطري. وبحثنا معه في تحديد العلاقات وكان متجاوباً معنا، فإذن العلاقات العربية - العراقية تتحسن وتسير في شكل هادئ ومعقول إلى الأمام.
> سأختتم بسؤال عن المال، وفيه أكثر من شق في الواقع. تحاولون الخروج من من الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة لتقولوا إننا أصبحنا قادرين على القيام بمهامنا بأنفسنا، ولكنكم تريدون تطبيق هذا الفصل عليكم حماية للأموال العراقية، تريدون أن تبقون تحت هذا الفصل حماية لكم. كيف ستفعلون ذلك؟
- يجب أن توجهي هذا السؤال إلى معالي وزير الخارجية (هوشيار زيباري) الذي هو مختص بهذه المسألة. أما أنا، بحسب معلوماتي، نريد الخروج من الباب السابع حتى نُظهر للعالم أننا لم نعُد خطراً على العالم. العراق كان موضوعاً سابقاً (تحت الفصل السابع) لأنه متهم بأنه خطر على الأمن والاستقرار في المنطقة. نحن الآن عامل مهم للأمن والاستقرار في المنطقة. لذلك نسعى إلى استقلالنا وسلامتنا الإقليمية. لكن موضوع الأموال العراقية نريد أن تكون هذه الأموال تحت السيطرة العراقية من أجل صرفها لإعمار العراق، لأنك تعرفين بأن العراق دُمر تدميراً كاملاً من الديكتاتورية والحروب.
> تريدون إبقاء الأموال العراقية تحت الفصل السابع كي لا تكون هنالك مطالبات؟
- لا... شخصياً لا أعرف هذه التفاصيل. لكن أعرف بأننا نريد الخروج من الفصل السابع، ونريد إعادة السيطرة العراقية على أموالنا.
> يلوم بعض الأميركيين العراق. يقولون إن هؤلاء العراقيين يتمتعون بنعمة النفط، ونحن أنفقنا أموالنا عليهم، وهم يتساوون معنا بإنفاق الأموال. هناك استياء شعبي أميركي من إنفاق الأموال على العراق، وأنتم طبعاً تُريدون إلغاء ديونكم. ما هو ردكم على ذلك؟
- أولاً بالنسبة الى الديون. طالبنا بأننا لا نستحق أن ندفع ضريبة ديكتاتورية صدام حسين التي كانت كارثة بالنسبة للعراق. ثانياً، نشكر الأميركيين على مساعدتهم لنا وعلى إسهامهم في تحرير العراق من أبشع أنواع الديكتاتورية، وكذلك على الصرف علينا. ولكن هذه قضية أميركية خاصة. يستطيعون أن يمتنعوا عن المساعدة، ويستطيعون أن لا يدفعوا. لم نعد في حاجة إلى مساعدات كثيرة لجهة الأموال، لأن، الحمد لله، الأموال العراقية متوافرة. نحن الآن بحاجة إلى مساعدات تكنولوجية واستثمارات ومصالح مشتركة. إنما نحن أيضاً لدينا من أموالنا ما يكفي للانفاق على شعبنا وعلى اعمار بلدنا. إنشاء الله، في هذه المناسبة أدعو الدول العربية الشقيقة إلى إلغاء ديونها وتعويضاتها على العراق لأننا دفعنا ما فيه الكفاية.
> وهل توجه الدعوة خاصة إلى الكويت؟
- أنا قلت للأخوة العرب.