الأحد 22 كانون الأوّل / ديسمبر 2024, 02:00
هل الحيادية مجرد شعار ترفعه المؤسسات الإعلامية!؟




هل الحيادية مجرد شعار ترفعه المؤسسات الإعلامية!؟
الخميس 28 آب / أغسطس 2008, 02:00
كورداونلاين
ما هي أكثر الكلمات التي تتكلم عن الحيادية فالحيادية تعتبر أكثر كلمة استخداما في الوسط الإعلامي و قد يندر أن ترى وسيلة إعلامية لا تصف نفسها بالحيادية. و الحيادية معناها الدلالي يشير إلى أن لا نكون مع أي طرف و أن نحيد ( أي نميل) عن الطرفين، و ما أصعب هذه المهمة في مهنة الإعلام.

آلان عثمان

 

ما هي أكثر الكلمات التي تتكلم عن الحيادية فالحيادية تعتبر أكثر كلمة استخداما في الوسط الإعلامي و قد يندر أن ترى وسيلة إعلامية لا تصف نفسها بالحيادية. و الحيادية معناها الدلالي يشير إلى أن لا نكون مع أي طرف و أن نحيد ( أي نميل) عن الطرفين، و ما أصعب هذه المهمة في مهنة الإعلام.

و إذا كانت هناك مؤسسة إعلامية تدعي الحيادية فأنها يجب أن تكون قبل أي شيء مستقلة و هنا يبرز السؤال الأهم، هل هناك مؤسسة مستقلة عن أي شيء؟ الإجابة صعبة! لكن لهذا السؤال عدة إجابات فإذا رأينا مؤسسة مكتفية مادية و لا تحتاج إلى مواد إعلانية إي لا تواجه صعوبات في تمويلها و لا يهمها هذا المصدر فبالتالي لا تواجه ضغوطات من المعلنين الذين قد يسحبون إعلاناتهم إذا تناولت قضايا تمسهم، لكن هذا الأمر لا يعني بأن هذه المؤسسة مستقلة فإذا كانت بمنأى عن ضغوطات المعلنين فهي بحاجة إلى مصدر تمويل آخر فتكون تابعة لجهة تنظيمية تهدف المنظمة السياسية من خلال تلك المؤسسة الإعلامية أن تحشد أكثر عدد من الجمهور لتؤمن بسياسة تلك المنظمة  و هذا الشكل الأكثر انتشاراً خصوصاً بين الفضائيات اللبنانية و التي تكون في أغلبها تابعة لجهات تنظيمية لها أهداف سياسية بحتة و هو ما يؤدي إلى إسقاط صفة الاستقلالية عن هكذا قنوات، و بشكل عام تنقسم مصادر تمويل أغلب المؤسسات الإعلامية إلى

1- مصادر تجارية يكون الإعلان أهم مصدر ففي هذه الحالة ترى تلك المؤسسات تعج بالإعلانات و تطغى أحياناً المادة الإعلانية على بعض برامج تلك الوسائل ( لا أقصد في هذا الأمر المؤسسات الإعلامية التي تنطلق من دول الاتحاد الأوربي لأنها تحكم بقوانين بحيث يكون للإعلان مدة محددة و مساحة محددة ).

 2- أما الشكل الثاني من التمويل فله عدة أشكال و ليس بالضرورة أن يكون ورائه حزب سياسي فقط يتخذ شكل الإعلام الرسمي الذي يقوم بالترويج للحكومات و الأنظمة الحاكمة لتلك البلدان، و للدول العربية تجربة فريدة في مثل هكذا إعلام فمجمل الوسائل الإعلام العربية هي أدوات في أيدي أجهزة أمنية توجه الخط السياسي لتلك القنوات و تحدد أجندتها، وفق سياسة هدفها الأول تلميع صورة ذلك النظام لذلك نرى أولى نشرات الفضائيات العربية تبدأ بأخبار رؤسائها و ملوكها و أمرائها حتى لو لم يملك الحدث أي عنصر من عناصر الخبر المعروفة بين الوسط الإعلامي. و قد يتخذ شكل أخر مثل الوسائل التي توجه إلى شعوب أخرى مثل هيئة الإذاعة البريطانية و فضائية بي بي سي العربية و فضائية روسيا اليوم الروسية و الحرة الأمريكية و العالم الإيرانية و فرانس24 الفرنسية و دوتش فيليه الألمانية و…و لهذه الوسائل أهدافها و هي غالبا ما تكون تحت إشراف وزارة الخارجية لتلك الدول، لكن يجب التنويه بأن هناك بعض الوسائل تتمتع بمهنية كبيرة و توصف بالحيادية من قبل أغلب الوسط الإعلامي مثل هيئة الإذاعة البريطانية التي تعرض وجهات النظر المختلفة لأي حدث ( هذا لا يعني بأن هذه الوسيلة هي حيادية 100% فيوجه بعض النقد لتغطيتها في بعض الأحداث) و بالعودة إلى الوسائل الإعلامية الموجهة إلى الشعوب فبمجرد أن يكون تمويل تلك القنوات من دول غير ناطقة بلسان تلك الشعوب تسقط صفة الاستقلالية عن هذه القنوات.

شكل آخر بدأ يظهر بين الفضائيات العربية لا يحتل الإعلان مرتبة كبيرة فيها أي الإعلان لا يدخل في مصدر التمويل و هي ليست رسمية أي لا تبدأ أخبارها بأخبار تلك الدولة التي تبث منها القناة و لا تتدخل الدولة في مصدر التمويل أي لا يخصص لها ميزانية من الدولة لكن مصدر تمويلها من شخصيات في تلك الدولة مثل فضائية الجزيرة و هنا يطرح السؤال نفسه من جديد هل فضائية الجزيرة مستقلة في تمويلها طبعاً الإجابة لا لأنها تمول من قبل أشخاص لهم أهدافهم و أجندتهم، لكي لا نمر على هذا الموضوع بشكل سريع فالجزيرة تعتبر مهنية لكن إطلاق صفة الاستقلالية على هذه القناة فيه شيء من المبالغة و يبقى لها السبق في الكثير من المواضيع و الأحداث و الأخبار و في كثير من الأحيان تعرض وجهات النظر المختلفة و أحياناً تعطي خمسة دقائق من الوقت لطرف فيما تعطي نصف ساعة للرأي الآخر.

إذاً أين سنرى وسيلة إعلامية مستقلة التمويل هل هناك هكذا شيء؟ نعم هناك وسائل إعلامية تمول من جهة هيئات مستقلة مثل مجلس دعم الصحف السويدية و البرلمان السويدي هو الذي يقرر المبالغ و يبدو بأن السويد قامت بهذه الخطوة لمنع الاحتكارات و لمساعدة الصحف للبقاء، و هذا الأسلوب كما هو مبين يخضع للنظام،

و إذا رجعنا إلى موضوع الحيادية مرة أخرى ففي حالة السويد يستطيع الصحفي أن يعمل ضمن وسيلة إعلامية لا يخضع فيها للابتزاز من إي جهة و هو ما يعني بأن تلك الوسائل مستقلة 100% في أمر تمويلها، لكن هل يعني بأن تلك الوسائل حيادية 100%  طبعاً لا. فمثلا إذا طبقنا مثال السويد على الدول التي نعيش فيها و كان أحدنا لها مطلق الصلاحيات في التحرير و النشر و لا يواجه من أي جهة مشكلة في التمويل و ليس عليه قيود رقابية و تناول أحد الصحفيين الكورد موضع الصراع الكردي مع الأنظمة الحاكمة، بالتأكيد سينحاز الصحفي الكردي إلى وجهت النظر الكردية أو تناول صحفي عربي موضوع عن الصراع العربي الإسرائيلي فبالتأكيد سينحاز ذلك الصحفي للجانب العربي و العكس صحيح،

أن ما أردته من هذا المقال هو أنه لا يوجد إعلام حيادي 100% حتى لو كان ذلك الإعلام مستقل من ناحية التمويل فخلفيات العاملين الثقافية و الدينية و القومية و الفكرية و السياسية ستؤثر على ذلك المضمون الصحفي و هو ما يؤدي إلى فقدان تلك المادة لصفة الحيادية.

 

 

171.

مواضيع جديدة في موقعنا الجديد اضغط هنا


ارشيف
ارشيف

صحافة وإعلام و آراء

كتاب الموقع
عبدالغني ع يحيى
العصر الطيني في العراق.
بنكي حاجو
الكذبة الكبرى
ب. ر. المزوري
النقطة
زاكروس عثمان
أحزاب خارج التغطية
إبراهيم اليوسف
النص الفيسبوكي 2.
عبد عبد المجيد
الفسيفساء السورية
أفين إبراهيم
رضاب الفراش
وزنة حامد
قلق الذات