في المراحل الأولى التي بدأت فيها روج آفا العمل

على إبراز الخط الثالث ضمن ما يجري في سوريا

جاء الكثير من الاتهامات التي كانت تصب في خدمة

التفرقة وإبعاد الناس عبر تشويه ما تصبو إليه روج

آفا وإظهاره بشتى الوسائل على أنه انحراف وأكثر

الخيارات السياسية تخبطاً، ومع مرور الزمن تبين أن

تلك الرؤية التي اعتمدتها القوى المعارضة الأخرى

وبعض الأطراف الكردية منها، لا تستطيع أن تكون

الحل للأزمة التي تعصف بسوريا سواء بالجانب

العسكري منه أو السياسي.

نجاح روج آفا بنهجها المقاوم والإنجازات التي

تمت من خلال تلك الخطوة التاريخية، أثارت تلك

الأطراف التي حطمت آمال الشعب السوري بالحرية

والاستقرار، وبالتالي توسَّعت الهوة أكثر بينها وبين من

يدعون تمثيلها، لذا بدأت باللجوء إلى التآمر والانتقام

من تجربة روج آفا في محاولة لتغطية فشلها وإفلاسها

الجماهيري، وتمثلت تلك المحاولات بالهجمات

الرعناء دون إدراك لسببها وبخلق شرخ سياسي في

شارع روج آفا عبر إعلامها الذي اتجه نحو تشويه

حقيقة المشروع الديمقراطي وإظهاره على أنه تقسيمي

يهدف لتفتيت وحدة الأراضي السورية كما وتزامن مع

ذلك حصار دبلوماسي بأوامر تركية حيث تم منع العديد

من الوفود والشخصيات التي كانت تود زيارة روج آفا

للاطلاع على واقعها، بغية التعتيم على تجربة ناجحة.

شهدت روج آفا أياماً عصيبة، وأوقاتاً صعبة، فمن

مخطط إلى آخر وكان الهدف إخضاعها لأجندات

أطراف تعادي ذلك التوجه وذلك لرسم معالم جديدة

للواقع السوري والمنطقة، وما أن بدأت حدة تلك

الهجمات بالازدياد، كان لشعب روج آفا قصة أخرى

في مواجهتها، حيث أكد فيها الشعب على أن المقاومة

طريق لا رجعة عنه والحماية الذاتية ضرورة من

ضرورات الوجود وعلى هذ الأساس وبالالتزام الكبير

بحقيقة هذا الهدف تم دحر جميع الأطراف التي حاولت

النيل من كرامة روج آفا وشعبها وبالتالي انقلبت

المعادلة وبخاصة بعد العزيمة التي قاتل بها الشهداء

والبطولات التي سطروها بدمائهم. طرحت حلول

كثيرة لحل الأزمة السورية وبالرغم من أنها كانت

من قبل أطراف دولية فاعلة إلا أن إقصاء روج آفا

كان سبباً مهماً في عدم نجاحها وبالتالي أدرك العالم

ومن يحاول إخراج روج آفا من إيجاد الحل أنَّه واهم،

لأن حقيقة الحل تكمن في مشاركة مكونات روج آفا

والأخذ برؤيتهم لأن التجربة برهنت على صحتها، وما

اقتناع الأطراف اللاعبة في الأزمة السورية بدور روج

آفا المؤثر بالحفاظ على النسيج المجتمعي وتوفير كل

الخدمات للقاطنين ضمن إدارتنا وحسب الإمكانيات

المتاحة من خلال الإدارة الذاتية، وكذلك بقدراتها

العسكرية التي هزمت التنظيمات الإرهابية في عدة

مناطق إلا حقائق نابعة من إيمان شعبنا بالأهداف التي

ناضل من أجلها ولا يزال، وبنجاح عملنا الدبلوماسي.

أما بالنسبة للمعارضة السورية التي عولت عليها بعض

القوى الدولية والإقليمية فقد تم فضحها سياسياً

وعسكرياً بأنها كانت السبب في تمزيق المجتمع

السوري برمته.

أثبتت روج آفا في هذه المرحلة دبلوماسياً ذاتها بشرح

أبعاد الحل في سوريا وكذلك شرحها المهم لخارطة

الطريق الديمقراطية، فهذه الخارطة التي كان يراها

البعض غير واضحة المعالم، اليوم وبعد نضال القوى

الديمقراطية على الأرض، باتت تدرك أن النموذج

المستوحى من قبل مكونات روج آفا في البحث عن

الحل الديمقراطي هو الأفضل ومع المستقبل سيزداد

قرباً للواقع وأكثر تشخيصاً لحاجة الشعب السوري

وتطلعاته للبناء الديمقراطي، وإن هذا النموذج لم يعد

مقتصراً حله على المستوى السوري بل بات يتجاوز

الحدود الجغرافية للمنطقة ويفرض نفسه كحل مهم

ومناسب لمعضلات العديد من الشعوب التي تحاول

البحث عن خلاصها من الظلم والتهميش.

روج آفا اليوم تقدم النموذج المناسب لحل المشاكل

الناجمة عن الفوضى والدمار المقترف من قبل الهيمنة

المركزية وحكم الأفراد ويعتبر هذا إنجازاً تاريخياً

لشهدائنا وشعبنا المقاوم، أن يكون مندوب الشعوب

المضطهدة بالحل بعدما كان نفسه مضطهداً وعلى

مدار عقود في ظل أنظمة القمع والاستبداد لأننا نؤمن

بحقيقة هذه الثورة الحرة، الثورة حيث النضال من

أجل الجميع دونما جغرافية أو عرق أو ملة أو قومية،

وإن الالتزام بهذا الخط يحتاج إلى المزيد من الإصرار

والمتابعة وتكثيف الجهود للتغلب على كل المعوقات

والسير بعجلة التقدم وكيفية الحفاظ على هذا المنجز من

خلال الاستمرارية بالعمل ...

"روناهي"