توقّف قوات «درع الفرات» على بعد مئات الأمتار من مدينة الباب، منذ خمسة أيام، من دون التقدم مباشرة نحو المدينة، لا يردّ إلى مبررات ميدانية بحتة
مع اقتراب قوات «درع الفرات» من حدود مدينة الباب الاستراتيجية،
أوقفت أنقرة، التي تقود تلك القوات، التقدم، بعد تعثّر مساعيها بخطوط حمر دولية، وعودة
دمشق وحلفائها إلى تهديد الطيران التركي والتحضير لفتح جبهة جنوب المدينة
بدا جليّاً أن توقّف قوات «درع الفرات» على بعد مئات الأمتار
من مدينة الباب، منذ خمسة أيام، من دون التقدم مباشرة نحو المدينة، لا يردّ إلى مبررات
ميدانية بحتة.
فبرغم أن الاندفاعة التركية أعطت لمجموعات «درع الفرات» أفضلية
عسكريّة لدخول المدينة على حساب الجيش السوري وحلفائه من جهة، والأكراد من جهة أخرى،
فإن أنقرة أظهرت «حذراً» من إتمام الخطوة الأخيرة التي أعلنتها مراراً على أنها أولوية.
«الحذر» التركي بدا أمس، أنه مبني على أسس متينة، إذ أوضح
وزير الدفاع التركي فكري إيشق، أن كلاً من «موسكو وواشنطن لديهما رؤى بدورهما حول مدينة
الباب الاستراتيجية»، مشيراً إلى أن مباحثات ثلاثية مكثّفة روسية ــ أميركية ــ تركية،
تجري لمتابعة التطورات على جبهة المدينة. ولفت إلى أن هناك «مصالح مختلفة» حول المدينة،
وتركيا تسعى بدورها «لضمان أمنها وحماية مصالحها الإقليمية».
وفي ضوء التعثّر التركي، بدا لافتاً «البرود» لدى دمشق وحلفائها
في التعاطي مع جبهة الباب خلال الأيام الماضية، في ضوء تأكيدهم مراراً أن المدينة ليست
خارج الحسابات الميدانية، واستكمالهم للتعزيزات على جبهة مطار كويرس، جنوباً. وقد يفسّر
ما سبق ضمن ما نقلته صحيفة «حرييت» التركية عن مصدر عسكري، أفاد بأن أنقرة أوقفت طلعاتها
الجوية خلال الأيام الثلاثة الماضية (ما بعد وصول «درع الفرات» إلى قرية قديران شمال
الباب) بعد «عودة التهديدات من أنظمة الدفاع الجوي السورية، وبموافقة روسية»، مشيراً
إلى أن «الجيش السوري يُعِدّ لشن هجوم على المدينة والسيطرة عليها».
بدوره، يشير كلام المتحدث باسم «التحالف الدولي» جون دوريان،
أول من أمس، عن أن خطوة أنقرة في الاندفاع نحو المدينة هي قرار «مستقل» أخذته بمعزل
عن «التحالف»، إلى أنها لن تستطيع الرهان على دعم واشنطن في مواجهة موسكو وحلفائها،
ما قد يفضي إلى إفشال تقدمها العسكري الأخير في أمتاره الأخيرة.
وقد يتقاطع تقدم «قوات سوريا الديموقراطية» الأخير ووصوله
إلى حدود بلدة قباسين المتاخمة لمدينة الباب من الجهة الشمالية الشرقية، مع الإرادة
الأميركية بالضغط على أنقرة التي تصرفت «منفردة»، وخاصة أن تقدم «قسد» ــ التي تشكّل
«وحدات حماية الشعب» الكردية قوامها الرئيسي ــ من محيط منبج إلى ريف الباب، أتى بعد
تصريحات أميركية ــ كردية مشتركة عن انسحاب «الوحدات» من منبج إلى شرق نهر الفرات.
وهو ما يدل على أن إعلان الانسحاب قد يمهّد لعودة «قسد» إلى «ماراتون» الباب، كتحالف
«محلي» بغالبية عربية لا يعتمد على الأكراد بشكل رئيسي، ويسحب ذريعة أنقرة حول مخاوفها
من «التغيير الديموغرافي» في المدينة.
وفي هذا السياق، قال رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم،
أمس، إن بلاده تنتظر من الولايات المتحدة تنفيذ «وعد» بشأن انسحاب تنظيم «حزب الاتحاد
الديموقراطي» من مدينة منبج. وأضاف: «تفاهمنا منذ البداية مع أميركا بخصوص إنهاء وجود
حزب الاتحاد الديموقراطي في منبج، وانسحابه إلى شرق الفرات، وفي كل لقاء يقولون إنهم
ملتزمون وسيفعلون ما يقتضيه ذلك... لا نزال ننتظر تحقيق الأمر، سينسحبون وعليهم الانسحاب
بطريقة أو بأخرى».
"الاخبار اللبنانية"