د.م.درويش: لغة النفط في سوريا أسهل بكثير من لغة السياسة
السبت 04 أيّار / مايو 2013, 17:12
كورداونلاين
في قاموس لغة النفط لا يوجد حرية ولا يوجد ثورة ولا يوجد أخلاق وإنما المسيطر في ميدان النفط هو المال، المصلحة ، السلاح وما شابه ذلك، أما لغة السياسة فهي تتشابه في صميمها مع لغة النفط من باب اللاّ أخلاق،
لعمري ولعمر غيري ممن هم مثلي، نجد سوية أنّ من يُسيطر على آبار النفط هو الذي سيُهيمن في المناطق النفطية وما حولها لحماية مكامن النفط وما ستدره عليهم من دولارات في السوق السوداء وحتى في السوق البيضاء، ولكن المصيبة هنا تتمثل بدور المُتلهفين للسيطرة على النفط من أجل مصالح ضيقة،شخصية أو عشائرية أو حزبية مُتجاوزين بذلك كل المصلحة العامة والمصلحة الوطنية ومتجاوزين حق كل السوريين ولاسيما الكورد المُلتصقين بالمناطق النفطية في سوريا كونها تتطابق مع مناطقهم الجغرافية والتاريخية .
فبعد أن سرق النظام السوري، وعلى مدى عدة عقود، كل عائدات النفط السوري عامة والنفط الكوردي خاصة، جاءت اليوم العشائر والأحزاب والكتائب المسلحة، جاءت لتسيطر على هذه الآبار وحجب عائداتها عن النظام في سبيل كسب سريع للدولارات مهما كان الثمن، وبالتالي هم هناك من أجل الدفاع عن النفط وحمايته تاركين خلفهم ملايين المشرّدين والمتسوّلين السوريين الذين ينتظرون العون والمساعدة من ثوار النفط بعد أن ضاقوا ذرعاً بثوار السياسة.
في الحقيقة في قاموس لغة النفط لا يوجد حرية ولا يوجد ثورة ولا يوجد أخلاق وإنما المسيطر في ميدان النفط هو المال، المصلحة ، السلاح وما شابه ذلك، أما لغة السياسة فهي تتشابه في صميمها مع لغة النفط من باب اللاّ أخلاق، ولكن تبقى لغة السياسة أعقد بكثير من قرينتها النفطية، حيث نستطيع أن نورد كل الصفات الدبلوماسية المُتضمنة في قاموس السياسة مُضافاً إليها كل ما يُعاكسها أو كل ما يُناقض هذه الصفات، وهذه المحاكمة أُطلقها مُستنداً لأول تعريف للسياسة وفق الفلاسفة الإغريق ألا وهو: السياسة هي فن الكذب، واليوم يقولونها بدبلوماسية: السياسة هي فن الممكن، وبهذا في لغة السياسة يمكن تكذيب كل ما هو ممكن ويمكن نفي الممكن كي يصبح لا ممكناً.
بالعودة للشأن السوري بما فيه من مآسي وثورة ومعارضة ونظام ومسلحين ومسالمين ومعارضين ومؤيدين ووو .....وبكل ما فيه من متناقضات واختراقات وتجاوزات ممكنة وغير ممكنة، نجد أن لغة السياسة في كل هذه المعمعة هي إماّ ضائعة أو غير مفهومة، وإن وُجدت فهي معقّدة وركيكة لدرجة أنها تجعل الساسة وزبانيتهم يهربون منها ويهرعون نحو حقول النفط حيث الكسب الذي يجلب الهيمنة ويصنع الجاه والتسلط لشق طريق الدكتاتورية الثورية الصاعدة هنا وهناك، مُنتهزين الجو الثوري الشعبي السوري العام ومتستّرين بشعارات الثورة المُتمثلة بالحرية المنشودة لسوريا، ولكن هيهات هيهات بين لغة النفط والسياسة وبين مفهوم الثورة والحرية.
ولا أريد أن اغفل هنا عن ذكر الدور المُتخاذل المُشوّه والغامض الذي يُمارسه المجتمع الدولي مُُستفيداً من كل التناقضات القائمة على الساحة السورية والإقليمية ومتناولاً لغات مختلفة كلغة السياسة والنفط والطائفية والعرقية والإستراتيجية ومفرداتها
باحث وكاتب كوردي، 03/05/2013