زكية خيرهم :تعدد الزوجات والأزواج في العالم
الثلاثاء 16 نيسان / أبريل 2013, 02:41
كورداونلاين
تعدد الأزواج مرفوض وغير قابل للعقل، بل يتقزز منه الأذن. وأن المنطق إذا تزوجت المرأة بأكثر من رجل فمن تطيعه منهم؟ وماذا لو أمرها هذا بأمر وأمرها الآخر بخلافه
بقلم زكية خيرهم
الجزء الأول
تعدد الزوجات والأزواج في العالم
تعدّد الزوجات والرّق والإماء والسبايا كان موجودا قبل الإسلام حيث كان العرب في الجاهلية يتزوجون من أكثر من أربعين أمرأة. وحين جاء الإسلام لم يلغ تعدد الزوجات ولكن وضع له ضوابط. قال الله عزّ وجلّ في كتابه الكريم في سورة النساء"وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع . لم يكن العرب في"الجاهلية" يتزوجون من نساء كثيرات بسبب حلّ مشكلة عددهن الذي يفوق الرجال. في مجتمعنا الإسلامي يستطيع الرجل أن يتزوج من أكثر من واحدة في وقت واحد، كما هو الأمر عند بعض الطوائف المسيحية واليهودية. في حين تبيح قوانين بعض الدول تعدد الزوجات، فإنه ممنوع في دول أخرى ويعاقب مرتكبه بالسجن. يختلف العدد المسموح به من الزوجات من ديانة لأخرى. ففي حين يحدده الإسلام بأربع زوجات فإن بعض الديانات لا تضع حدا على عدد الزوجات مثل طائفة المورمون. يعتبر تعدد الزوجات في الخليج شائعا بينما في شمال دول إفريقيا قليل رغم أنه مباح وذلك لأن رجال شمال افريقيا لا تتوفر لهم أموال البترول ولا يستطيع جلّهم حتى أن يعيل عائلة وزوجة واحدة. لكن الحمد لله أن في عالمنا العربي رجال غيورون على المرأة من شيوخ وأغنياء، وجدوا لنا حلاّ لهذه المشكلة بخطابات الشيوخ ومال الأغنياء. فالشيوخ يشرحون لنا سبب الزواج المتعدد وهو بسبب عدد النساء الذي يفوق الرجال. كما أن هناك نساء مطلقات وأرامل وعوانس من سيتزوجهن "المسكينات"؟ عندهم الحلّ ، يشرعونه ويحلّلونه حسب هواهم وسيعاملون هؤلاء الزوجات بالعدل. هكذا سينقذ ذكور مجتمعنا مشكلة العنوسة والفقر. ولكن كيف وهم ينكحون المرأة لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها؟ قال الله عزّ وجلّ في القرآن الكريم،" وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِن تُصْلِحُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً (129). وجد مشايخ من أهل العلم، علماء أفاضل حكيمين عارفين دارسين لا نستطيع نحن البسطاء فهمه، على أنّ العدل يتمثّل في ما ينفقه الزوج على زوجاته من مال وملبس ومسكن. مع العلم أن المرأة المتعلمة التي تستطيع الإعتماد على نفسها لا ترضى شراكة في زوجها ولا عدلا في المال حتى وإن اشترى لها قصرا وللأخرى أسكنها خيمة. وتلك الغيرة زرعها الله في بني البشر امرأة كانت أم رجلا. وما دخل للمشايخ في أحاسيس المرأة وغيرتها، ذلك سيعرقل مشروع الزواج المتعدد ويعرقل مشروعهم الفحوليّ لحلّ المشاكل العويصة التي تلاقيها نساء العرب من المحيط إلى الخليج، من فقر وعنوسة وأرامل بأطفال عديدة لا يجدن ما يقتاتونه بعد وفاة الزوج الذي ترك الزوجة جاهلة من غير علم. تعمل خادمة أم تبيع خبزا وغيره في الشوارع. أليس العلم عند ذلك الصنف من الشيوخ فقط للرجال وليس للنساء. هم يريدون الرأفة بالمرأة في المجتمع ويجدون حلاّ لمشاكلها الإقتصادية والاجتماعية. هم ركيزة المجتمع وعموده الفقري في إيجاد حلول لكلّ مشاكلنا بعبقريتهم . ويكفي أن ربيعنا العربي أفضل مثال لبداية حلول المشاكل في أمتنا العربية قاطبة. فهم أوشكوا على حل القضية الفلسطينية بحيث أنهم وقفوا وقفة رجل واحد ضد حكامهم المتواطئين مع اسرائيل وأفتوا للمسلمين جمعاء أن يخرجوا إلى فلسطين للجهاد. كما أنهم خاطبوا ملوك ورؤساء أمتنا بمحاربة الفساد والرشوة وسجن الأبرياء. ومعظم هؤلاء المشايخ والحمد لله متزوجين من ثلاث وأربع، وبالتحديد من بنات صغيرات في سن أبنائهن أو من قاصرات في السن سودّت عيشهم فأسرعوا بطلاقها بعد أن أغذقوها ضربا لم ينفع. ضحكت كالبكا وأنا أسمع شيخا يسأل في برنامج تلفزيوني استشاريا في طب الأسرة والمجتمع عن رأيه في تعدد الزوجات. فقال له هذا العالم العلامة والفاهم الفهامة، أن منظمة الصحة العالمية تعرّف صحة الإنسان بالتوازن الروحي والجسدي والعقلي. يقول الطبيب الاستشاري أن الرجل غير المتوازن شفاؤه من عدم توازنه أن يتزوّج إمرأة أخرى حتى تردّ توازنه. فسأله الشيخ الفاضل إن كان متزوجا، أجاب ضاحكا: اثنين. وسأله إن كان سيتزوج ثالثة ضحك وقال: " زوجتين أفضل لكن ثلاثة ألأفضل، أسأل الله أن أنهي هذه الليلة على خير". حين سمعته يتمنى زوجة ثالثة. تمنيت أن أسأل هذا "الطبيب" العبقري ، ماذا عن عدم توازن المرأة؟ ما أروع علمائنا وشيوخنا حين يتمترسون بالقرآن لأغراضهم الشيطانية وما أروع علاج أطباءنا في توازن المجتمع العربي المريض حتى النخاع. وحسب قول الشيخ أن الكتاب السنوي الذي تصدره الأمم المتحدة أن عدد النساء في روسيا يزيد عشرون مليونا من عدد الرجال. وفي اليابان ثلاثة ملايين وثلاثمئة ألف عن الرجال. فما رأي الشيخ في حلّ مشكلة روسيا واليابان التي تعج بالعوانس. هل سيصدر فتوى لفتح وغزو روسيا واليابان حتى يسبون نساءها؟
أحد الشيوخ خطب في المنبر معتذرا أنه لا يقصد التشبيه ، أن النبي "ص" قال إن امرأة بغيّا دخلت الجنة في كلب سقته. حرفتها الزنا تتاجر بعرضها ، زنت مرة واثنين وعشرة ومأتين. رقّ قلبها لكلب اسقته فغفر الله لها. وأضاف أن المرأة ليست كلبا إنما هي أختا مسلمة حرّة عايزة الحلال . ليه تُصد؟ ما أروع هذا الشيخ الجليل لعقله الراجح ولأمثلته الدامغة التي تدخل في القلب كالسهم، لكنها تدخل العقل فتبلّده. فشيخنا الجليل أسأله كيف لهذه المرأة الزانية التي استشهدت بها الآن دخلت الجنة لأنها سقت كلبا، أين حكم الشرع عليها بالرجم؟ أو أن مثالك هذا الذي استشهدت به الآن، يخدم موضوعك هذا حتى تؤثر به على السامع. الله ما أروعه مثلا في الرأفة بالحيوان وحتى بتلك الزانية. لكن أين الرأفة بالمرأة التي تأمرون بهجرها و ضربها إن خفتم نشوزها؟ ووطئها رغم الهجر حتى تشبعون جوعكم. وأنتم في خطابات أخرى تشهدون بعاطفتها. ماذا عن الرجل إذا نشز؟ كم من رجل أتى بأمراض الإيدز لزوجاته وأولاده وأمراض أخرى تناسلية رغم أنه متزوج من أربعة، فجوعه الجنسي لا تكفيه حتى حور العين التي كلما نكح واحدة منهن صارت عذراء من جديد. كم من رجل يدخل سكيرا على زوجته. وكم من رجل يغيظ زوجته بسكرتيرته أو صاحبته في العمل؟ ماذا قال الشرع عن هؤلاء؟ هل يحقّ لزوجته أن تهجره أيضا في المضجع حين ينشز؟ أما الضرب فذلك مستحيل للمرأة أن تقوم به ليس لشيء وإنما هي ليست بقوة الرجل العضلية. ماذا عن رأفتكم بالمرأة في أحاسيسها وشعورها حين تدخل عليها زوجات أخريات؟ تصور أيها الشيخ الجليل إن كانت الصورة معكوسة. أن المرأة هي التي يمكنها أن تتزوج عليك مثنى ورباع من الرجال، هل تقبل ذلك؟ لا تستشيط غضبا رحمك الله واغمض عينيك ثانية وضع نفسك مكانها. هل فعلا وجدتم حلا لمشكلة العنوسة والأرامل والفقيرات المعدومات حتى في دول البترول تلك التي يعيث أمراءها ورجالها في الأرض فسادا؟ لم لا يذهبون ويتزوجون الفقيرات اللواتي يعشن وأطفالهن في بيوت من زنك وتنك في وطن يعتبر من أغنى الدول العربية؟ منذ أن حلل الزواج المتعدد لكم؟ ما رأينا منكم إلا زواجكم من القاصرات والفتيات الصغيرات الجميلات. يمل الزوج من زوجته الأولى الغارقة في تربية أطفالها، ويبحث عن المغامرة والحب والعشق مع واحدة شابة تعيد له شبابه. نعم، لقد حلّ رجال من بلدان البترول مشكلة المرأة في الدول العربية النامية. لكنهم لم يتزوجوا عانسات أو أرامل. لقد تزوجوا فتيات صغيرات وأخذوهن إلى أوطانهم. وهناك تعرضن للضرب من طرف "الضراير". أما آخرون فاكتفوا بالسفر إلى هذه الأوطان ليشتروا بناتنا القاصرات لليالي معدودة، يفضن بكاراتهن مقابل شقة أو فيلا أو سيارة وحين تنتهي عطلتهم ولياليهم الحمراء يرجعون إلى الوطن على أمل السفر مرة أخرى لفض بكارات أخرى. وبورك في أموال البترول لفحول العربان العاربة والمجون. في بلدانهم يجلبون خادمات بمواصفات معينة حتى يعاشرونهن. فهنّ حلالهم وملك يمينهم. إن كان فعلا هناك مسلمين يرأفون بالمرأة حسب خطاباتكم الرّنانة لن تبق عانس ولا أرملة ولا متسولة في شوارع الأمة العربية بأسرها. وبما أنكم غيورين كثيرا على الإنسانية، رحيمون كريمون، لم لا تتحرك قلوبكم هذه التي انفطرت على النساء وحلّ مشاكلهن بمسيار ومسفار ومسياح ومتعة، أين فتاويكم لحكامكم أن يجدوا حلولا للشباب العاطلين عن العمل والفقراء منهم والمتسولين والمتسكعين العازبين وأن يوفروا لهم وظائف حتى يستطيعون الإستقرار والزواج من هؤلاء الفتيات الفقيرات ويوفرون عليكم وعلى الميسورين منكم عبء تعدد الزوجات الأرامل المصحوبة بأولادها اليتامى وعبء زواج القاصرات يا أصحاب القلوب الرحيمة والكبيرة. طوال حياتي لم أر رجلا تزوج من أرملة بأبناءها، ولم أقرأ ذلك لا في رواية أو شاهدته في تلفاز. ما أقراه وأسمعه أن الذكور تجري وراء الإناث الصغيرات، يركضون وراءهن كالكلاب المسعورة. والمبكي المضحك يشرح الشيخ ويضيف قائلا لمن حوله من السذج. هناك بعض النساء يقلن لم لا يباح تعدد الأزواج للنساء. يجيب أن الله سبحانه متّع النساء بأشياء لم يمتع بها الرجال. وأن الله حلل لها لبس الذهب وليس للرجال ، أي أنه فضل المرأة عن الرجل. والله فضل المرأة حيث تصلي في البيت بينما الرجل يجب ان يصلي في المسجد، كما فضلها عليه بحيث انها ترتاح حين تكون حائضا في شهر رمضان والرجل يصلي شهرا كاملا وليست مجبورة للجهاد في الحرب كما الرجل. المرأة فضلها الله على الرجل في لبس الحرير وفي الألوان في اللبس وأن ينفق عليها زوجها. يغيب على الشيخ الفاضل، أن المرأة المتعلمة والمثقفة لا ترضى أن تتزين بالذهب ولبس الحرير وانتظار نفقة من زوج معتبرة ذلك تفضيلا لها عنه. وأن هناك من النساء من يصمن شهورا عديدة في السنة من غير توقف إلا في وقت الحيض بغية التقرب لله. كفانا خطاباتكم وأمثلتكم التي لم تعد تدخل عقل عاقل. فإن كان تعدد الزوجات لحل مشاكل النساء لماذا تعتبرونه متعة ، فهو مسؤولية كبيرة حيث أن الرجل تزوج امرأة ثانية وتبنّى أطفالا آخرين, أصبحت له عائلتين يستلزم أن يقوم بواجب الزوج والأب والمربي لكلا العائلتين. متى سيتسنى وقت المتعة للزوج المتعدد المسؤوليات، المتزوج الأرامل بأطفالها؟ وأخيرا أقول للشيخ الفاضل أن الزواج المتعدد الذي يراه حلاّ لإشكالية كثرة الإناث عن الذكور في العالم، فإن هناك مناطق في العالم عائلات فقيرة جدا بها الإناث أقل من الذكور ، تتزوج فيها المرأة من رجلين أو ثلاث أو أربع.
تعدد الزوجات والأزواج في العالم
الجزء الثاني
بقلم زكية خيرهم
يفسر شيوخنا الأجلاء أن التعدّد بسبب النسبة العالية للنساء في العالم. غفل شيوخنا أن في العالم أيضا مجتمعات يزيد فيها الرجال عن النساء، وترتبط المرأة بأكثر من زوج واحد وتجمع بينهم في نفس الوقت. تحضرني اشكالية تعدد الزوجات أو الأزواج كإيجاد الإختلاف في لعبة الفوارق. ذلك أن في المجتمع الشرقي تعدد الأزواج (بوليجامي) هو المصطلح الذي يشير إلى زواج الرجل من أكثر من امرأة، وما يعرف بعدد الزوجات (بوليأندري) ولو أن الغالبية العظمى من الرجال في تلك المجتمعات يرفضون شراكة زوجة واحدة إلا أن الأمر في النهاية مألوف عندهم. والأزواج هناك يعيشون في منزل واحد كما هو الأمر عندنا إلا أن الصورة معكوسة، ويقومون بمسؤولية الواجبات المنزلية كالطبخ وتنظيف البيت وتربية الأطفال وإطعامهم كدور المرأة في مجتمعاتنا. ونجد هذه الظاهرة في "التبت" التابعة للصين وفي النيبال ونيمبا وسيريلانكا. وفي بعض القبائل الدينية المنغولية، وقبائل دينية في الصين وفي أمريكا الجنوبية وقبائل صحراوية من قارّة إفريقيا، وعند قبائل "الماساي" في كينيا و شمال تنزانيا و نيجيريا. وأنواع تعدد الأزواج عندهم شكلا من تحديد النسل. فإن الزوجة تحمل فقط مرات معدودة بغضّ النظر عن عدد الأزواج لديها. لو أن كل رجل في نظرهم تزوج امرأة واحدة سوف يزداد عدد السكان بشكل كبير. وعالجوا مشكلة الغيرة عند الأزواج "الضراير" بحكمة المرأة كما رضخ الأزواج لواقعهم الذي يحتم عليهم التعايش تحت ظل الزوجة، واستطاعوا أن يدبروا حياتهم الجنسية والحياتية بطريقة عادلة وبالصبر حين تكون المرأة في حالة حيض أو نفاس. مفارقة مناقضة في عالمنا العربي الذي يرى أن زواج امرة من أزواج عدة أمر لا يقبله عقله، بحيث إن دعاها أحدهم وهي حائض، حسب قول أحد الشيوخ، ما دخل له هو في الأمر. عندنا لا يراعى إحساس المرأة ورغباتها الجنسية والنفسية. لنفترض أن الزوجة تحتاج زوجها في اليوم الذي سيذهب عند الثانية أو الثالثة أو الرابعة، ماذا عليها أن تفعل؟ هل تنتظر وكأنها في طابور حتى يأتيها الدور؟ وهل الحياة الزوجية هي فقط جنس ومتعة ورغبات؟ أين دور الأب مع أطفاله حين يتنقل من زوجة لأخرى؟ وهل الحياة هو الإكثار من الأطفال؟ ماذا عن تربيتهم ومنحهم الحب والعاطفة؟ هناك أزواج لهم أطفال كثيرون لا يعرفون طلباتهم ولا حاجياتهم ولا مشاكلهم.
في أوغندا ينتشر فيها عادة تعدد الأزواج والمرأة في بعض المناطق هناك تعمل في أماكن مختلفة وتفضل السفر والترحال بحيث يكون لها أكثر من زوج في أكثر من مكان، وهذا حال زواج المتعة والمسفار والمسياح عندنا. وفي حالة الإنجاب فإن الطفل ينسب في هذه الحالة إلي أمه ولا يهم مطلقا نسبه إلي أبيه. فالزواج في تلك المناطق البدائية، الرجال لا يفضلون العمل ويتركون فرصة العمل للزوجة لتتولى عبء المصاريف والنفقة والمسؤولية كما يقوم الزوج في هذه الحالة بأعمال المنزل التي تعتبر في الطبيعي والمعتاد من الأعمال التي تقوم بها الزوجة وفي هذه الحالة فهو تحت ظل امرأة.
في مجتمعنا هذا الأمر مستهجن. فالمجتمع يستفيد من تعدّد الزوجات ولا يستفيد من تعدد الأزواج. فامرأة يقتل زوجها في حرب أو يقتل في حادث أو زوجة طلبت الطلاق لسبب ما. من الذي يحتويها هي وأبناءها. يرى شيوخنا أن المرأة تحتاج إلى ظل راجل. وأنا أوافقهم الرأي حين يقول بعض شيوخ التطرف وما أكثرهم على اليوتيوب: " ماذا عند المرأة من علم حتى تقدّمه إنما العلم للرجال." من طبيعة الحال نسائهم وبناتهم سيكن من غير تعليم ولا شواهد علمية تؤهلهن للإعتماد على النفس من غير الحاجة إلى ظل رجل. واللواتي يفضلن أن يكن ربات بيت حجال وعبء العمل خارج البيت للرجل. فلتقبل بمقولة ظل راجل ولا ظل حيطة."
تعتبر هذه المجتمعات في نظرنا بدائية وغريبة وشاذة بأعرافهم الإجتماعية، تكون فيها الأنثى هي العنصر البشري المسيطر والتي تقوم بأفعال لا تصلح إلا للرجل في المجتمعات العادية. في بنجاب الهندية يتزوج عدد من الرجال زوجة واحدة وقد يبلغ عدد الأزواج أحياناً ستة أزواج أو ربما أكثر. وإذا حملت الزوجة فيكون الولد الأول من نصيب أكبر الأزواج سناً والثاني للذي يليه وهكذا. ظاهرة تعدد الأزواج في المناطق البدائية الزراعية أمرا شائعا كما هو الحال قي افريقيا وفي آسيا كما هو الحال في التبت والنيبال حيث تكون المكانة الإجتماعية الكبيرة من نصيب المرأة نقيضها في مجتمعاتنا العربية التي فيها الرجال قوامون على النساء. يقول عالم الاجتماع "هيلمي زيا أولكن" لقد ثبت علي مر العصور قدرة الجنس الذكوري على السيطرة والاستمرار وذلك منذ بدء الخليقة، كما ثبت معه أيضا وتأصل مفهوم الزوج الواحد، لكن في بعض المناطق اعتاد السكان علي زواج المرأة من أكثر من رجل، وهذا ما نشاهده في منطقة Fratri باستراليا". ويقول " Hilmi Ziya Ülken" أيضا: "علي الرغم من أن ارتباط المرأة بزوج واحد هو المألوف، إلا أن هناك أسباب أخري دفعت المرأة إلي الارتباط بأكثر من رجل علي مر العصور منها الظروف الجغرافية والمشاكل الاقتصادية، حيث إنه في اعتقاد التبتيين أن زواج المرأة من أكثر من زوج سوف يمكنهم من تقليل عدد الأطفال وبالتالي يكونون قادرين علي تأمين مستقبلهم اقتصاديا إلي حد ما". في حين مجتمعنا الشرقي يشجع على التكاثر والتوالد وتعدد الزوجات. وخرجت لنا موضة جديدة في تحليل الحرام باسم الشرع والدين من مسيار ومسفار ومسياح ومتعة، من غير أن ننسى ملكات اليمين. ومثنى ورباع، وحين يريد الزوج أن يتزوج خامسة، موجود هناك حلّ حلال وشرعي. أن يطلق واحدة من الأربعة حتى يتزوج الخامسة. وفي حالة أنه يريد ابقاء المطلقة رقم أربعة ما عليه إلا أن يرجعها بزواج متعة وقد تبقى معه حياته كلها بعقد المتعة، فقط لايحق لأولادها أن يرثوا بعد وفاته.
مجتمعنا الإسلامي يشجع على التكاثر والزوجة الولود، ويرى أن تعدد الأزواج من امرأة واحدة يعطّل الرجال عن أرحام أخرى كان يمكن أن تحمل منهم. في حين تلك المجتمعات التي بها تعدد الأزواج يروا ذلك حلا للحد من التوالد بسبب ظروفهم الإقتصادية المعيشية البدائية. وبما أن مجتمعنا يشجع التوالد والتكاثر كما أن غيرة الرجل الشرقي وقلبه الرحيم الذي "يتألم" و"يتمزق" لنساء أخريات غير متزوجات، عوانس كانوا أو أرامل بدزينة أطفال. لماذا نراهم يركضون وراء الصغيرات الجميلات العذراوات، بل أن هؤلاء الصنف من الرجال يسافرون إلى البلدان العربية النامية ليفضن بكارة فتيات قاصرات مقابل مبالغ مال. ولايزال مجتمعنا العربي، يعج أرامل ومطلقات وعوانس لا أحد يلتفت إليهن. كما لايزال مجتمعنا العربي الكبير مليء اطفال يتامى منهم من منتشرين في الشوارع يتسوّلون أو ينظفوا زجاج السيارات في الشوارع ويتعاطون المخدرات. أين شيوخنا الذين يتفننون في فتاوى تشجيع الزنا باسم الشرع أن يجدوا لنا حلا لهؤلاء الأطفال المتسكعين من غير والدين أو قد تكون سبب انتشارهم في الشوارع نسبة الطلاق لسبب ظاهرة الزواج المتعدد؟
نعم، تعدد الأزواج مرفوض وغير قابل للعقل، بل يتقزز منه الأذن. وأن المنطق إذا تزوجت المرأة بأكثر من رجل فمن تطيعه منهم؟ وماذا لو أمرها هذا بأمر وأمرها الآخر بخلافه؟ وماذا لو طلب منها أحدهم أن تصحبه في سفره أو تسافر لتقيم معه في مكان بعيد وطلب منها الآخر خلاف ذلك؟ الجواب أن ذلك المجتمع الذي يعدد الأزواج، المرأة هي التي تأمر وتنهى وتطلب وتمنع لأنها هي القوامة إقتصاديا على أزواجها. أما التعجيز الثاني للذين يعارضون فكرة تعدد الأزواج ويجدون الحل لمعرفة الطفل من أبوه بين أولئك الأزواج بواسطة تحليل الحامض النووي تغاضوا على أن في هذا الأمر امتهان كبير للمرأة ونهب لحقوقها وتعريض الزوجة للفاحشة الصريحة والدعارة الرخيصة بحجة القدرة على تمييز نسب الأبناء. لكن الرجال في مجتمعاتنا يمكن أن يثنّون ويثلثون ويربعون ويملكون ويسبون فتلك ليست دعارة وإنما حلالا وشرعا.
فلنترك بصمة على تعدد الزوجات والأزواج ونقول بصوت صارخ أن كلاهما فاحشة وزنا لا يقبلها عقل الإنسان ولا حتّى الحيوان.