|
حزني كدو :تركيا تصر على انهاء صراعها الطويل مع أكرادها
الإثنين 11 آذار / مارس 2013, 23:03 كورداونلاين

أصاب أردوغان بالاحباط من قدرة تركيا المحدودة على انجاح الثورات العربية , خاصة في سورية التي تواجه رد فعل عنيف في الداخل التركي لدعم المتمردين في سوريا الذين يخوضون حرب دموية اهلية , هذه الحرب التي فتحت بصائر الحكماء في تركيا وجعلتها تنشد السلام في حديقتها الخلفية الخاصة بها
تركيا تصر على انهاء صراعها الطويل مع أكرادهاعندما قتل ثلاثة من ابرز الناشطات الكرديات في باريس في يناير الماضي , زاد قلق المحللين , من أن اعمال القتل هذه قد تعرقل محادثات السلام الوليدة التي بدأت اواخر العام الماضي بين تركيا و حزب العمال الكوردستاني , ولكن العكس تماما, يبدو أن كلا الجانبين قد تقدموا نحو الامام بمزيد من التصميم والعزم على إنهاء إحدى أقوى وأعقد الصراعات في المنطقة , والتي حصدت ارواح ما يقرب من اربعين الف شخص على مدى ثلاثة عقود.لقد كان القتل صدمة كبيرة للكرد , وكان حزن الكرد لا مثيل له على قتل الناشطات الثلاث , لكن ايمانهم بالسلام خفف من حزنهم وذلك لمصلحة الاجيال القادمة . لقد غدا الرئيس أردوغان شخصا ينادي بالسلام لدرجة أنه مستعد أن يشرب شراب " الشوكان " السام والقاتل " اذا كان ذلك يعني وضع حد للاعمال العدائية وجلب السلام لشعبه ولبلاده.كما ان أوجلان خصم أردوغان والحكومات التركية اللدود , زعيم حركة كردية مسلحة منذ ثلاثة عقود , أصدر رسالة محبة وسلام من جزيرة ايمرالي حيث سجنه, يدعوا لانشاء خلية لوقف اطلاق النار في آذار القادم وانسحاب المقاتلين من الأراضي التركية بحلول شهر أغسطس .لقد أصاب أردوغان بالاحباط من قدرة تركيا المحدودة على انجاح الثورات العربية , خاصة في سورية التي تواجه رد فعل عنيف في الداخل التركي لدعم المتمردين في سوريا الذين يخوضون حرب دموية اهلية , هذه الحرب التي فتحت بصائر الحكماء في تركيا وجعلتها تنشد السلام في حديقتها الخلفية الخاصة بها .إن السلام المنشود إذا تحقق سوف يجعل من تركيا قوة إسلامية اقليمية وسوف يؤدي إلى تلميع إرث أردوغان كصانع السلام وهذا قد يدفع به إلى رئاسة تركيا . "إذا كان المحادثات ناجحة سيحصل اردوغان على عائد للسلام , كقائد استطاع ان يحقق ويجلب السلام الى تركيا بعد ثلاثة عقود من الصراع الدامي حسب ما قاله سنان اولجي رئيس مركز دراسات السياسة الاقتصادية و الخارجية و هو ديبلوماسي تركي سابق و يدير مركز ابحاث في استطنبول.وحسب وصف عدد من المحللين فأن محادثات السلام مع السيد أوجلان مؤسس حزب العمال الكوردستاني المحظور أمريكيا و أوربيا له مغزى تاريخي هام وهذا سيجعل لتركيا مكانة عالمية و دولية كدولة مزدهرة و امة اسلامية ديمقراطية , والكثيرين يرون بان هذا هو الدافع الرئيسي لدى أوردوغان .وحسب وجهة النظر هذه , وجد السيد أردوغان نفسه من دون أصوات تؤيده في البرلمان لصنع التغييرات الدستورية اللازمة لخلق مركز رئاسي اقوى , هذا المركز الذي قد يسعى اليه أردوغان في انتخابات السنة القادمة مقامرة كبيرة بالنسبة لاردوغان لانه يراهن بأن عملية السلام سوف تحظى بتأييد أقوى من المشرعين الكرد بتغيير الدستور وهذا هو امله الاخير للحصول على هذا التحول للنظام الرئاسي.ان تسريب دقيقة واحدة من ماجرى في مقابلة السجين اوجلان جعل قائد الكريلاء يهدد بمزيد من الحرب و العنف اذا فشل اردوغان في تلبية مطالبه بتحقيق المزيد من الحقوق القومية للكورد قد تسبب في ضجة في وسائل الاعلام التركية لدرجة ان بعض المعلقين اعتقدوا بان التصريحات الاستفزازية قد تعقد المحادثات .لندع السياسة الوطنية جانبا و لننظر الى روح المنطقة الكوردية وعاصمتها هنا في آمد أو ديار بكر, وبعيدا عن اسطنبول المدينة المنفتحة على العالم , فان أمال السلام الحقيقي الممتزج بالصدمات المتراكمة من ويلات الحرب ,و الاستياء العام ضد الدولة التي انكرت على الكورد هويتهم القومية كبيرة وجديرة بالاهتمام.هنا في ديار بكر في أحد أيام كانون الثاني الباردة وفي هذه المدينة القديمة ذات الجدران الحجرية البازلتية والمساجد الكبيرة يقف عجوز كردي شامخ شموخ جبال كوردستان المروية بدماء الشباب, متجهم الوجه ,وتجاعيد وجه يحكي مأساة شعب , ينتظر هذا الكوردي مثل غيره خروج جنازة مقاتل أخر من الكريلاء , لقد كانت هذه الجنازة مختلفة عن غيرها , انها تذكره بان مع محادث السلام هذه لا تزال الحرب قائمة وتحصد الارواح , ثم يضيف قطب الدين ياش البالغ من العمر60 عام " لثلاثين عام الدولة تقتل بني شعبي , و انكرتني و حرمتني من لغتي ومن هويتي ونحن ذاهبون للجنازات , ومع ذلك الناس يهتفون للسلام , وما زلت أمل السلام واومن به.بالرغم من ان العذاب , والاختفاء والقتل الخارج عن القانون على يد حملة مكافحة الارهاب (الكونتراكريلاء ) قد توقف الى حد كبير منذ 1990, فانه لا يزال الألاف من النشطاء الكورد في السجون بسبب تهم الارهاب الموجهة لهم لمشاركتهم في الانشطة السياسية السلمية.ثم يضيف رجل اربعيني " هناك الكثير من الأمور نريد قول , ولكن السجن و العذاب مصيرك بمجرد التفوه أو التحدث مع مراسل صحيفة للتعبير عن غضبك تجاه الدولة ومع ذلك .....تركيا دولة ديمقراطية ....................؟نعم لقد شاهدنا مشاهدات عدة , هنا في مدينة ديار بكر , وفي مدن كوردية أخرى , ولكن كانت هناك شهادات تدل على التقدم في مجال حقوق الانسان الكوردية والتي كانت مستحيلة قبل سنوات قليلة . ففي قاعة المحكمة يتحدث المتهم , وهو عمدة سابق بتهمة تورطه مع منظمة كوردية محظورة باللغة الكوردية للدفاع عن نفسه نتيجة القانون الذي صدر مؤخرا . وفي المكتبة المحلية , التي سميت بمكتبة محمد اوزن على اسم الكاتب والروائي الكوردي محمد اوزن يقوم مجموعة من الطلبة الكورد بدراسة اللغة الكوردية لانهم يعتقدون بان الدولة ستسمح لهم في يوم ما بتعليم وتدريس هذه اللغة , ومع ذلك الكورد لا يزالون يشعرون بانهم مواطنون من الدرجة الثانية في بلدهم.ثم يروي المحامي الكوردي محمد أختار " هناك رأي عام بان الكورد كلهم مجرمون وبأن لدى كل كوردي بندقية او قنبلة وهو جاهز لاستخدامها , و يضيف المحامي انه لا يزال يمتنع عن التحدث بالكوردية في الاماكن العامة عندما يزور اسطنبول خوفا على حياته ومستقبله.ثم يشاركنا البروفيسورفاهان كوسكون للقانون من جامعة ديكل في ديار بكر " ولكن منصفين فان اردوغان اتخذ خطوات أكثر راديكالية على طريق الحل نحو المشكلة الكوردية وان حزب العدالة و التنمية ذي الجذور الاسلامية جلبت تحسينات غير مسبوقة بالنسبة للكورد , محطة تلفزة كوردية , رعاية صحية افضل , بالاضافة للبنية التحتية في جنوب شرق البلاد وهذا ما جعل الناس ينتخبون اردوغان ويراهنون ويحافظون على أمالهم في حل سلمي للقضية الكوردية المزمنة.لكن هناك شعور مسيطر هنا , بان نهاية العنف سوف لن يمثل نهاية للصراع الكوردي , فهناك اسر الذين قتلوا من قبل وحدات شبه عسكرية للدولة في التسعينات من القرن الماضي , واهل هذه الاسر يريدون تحقيق العدالة واعطاء كل ذي حق حقه , لكن القانون والنظام الاساسي يسقط كل جريمة مضى عليها اكثرمن 20 عام , وهذا سيغلق العديد من الملفات ,وهذه مشكلة كبيرة لان الناس يريدون معرفة ما جرى لاهلهم , ومن دون ذلك سيكون من المستحيل انجاز و تحقيق سلام اجتماعي في هذا البلد. التغيير جار لا محالة , لذلك تقوم الدولة بتحويل اثار مباني قديمة منذ قرون,جرى ضمن اسوارها وغرف تعذيبها اهوال وفظائع بشعة على يد اجهزة الكونتر كريلاء (اجهزة مكافحة الارهاب ) انها عملية تجميلية لوجه تركيا القبيح ,وسيتم تحويلها الى مقاصد سياحية , و الموقع سيضم كافتيريا ,مسرح للدمى ومتحف للاثار, انها تكريم للمدينة العثمانية ,ولكن من دون الاعتراف بأهوال وفظاعة ما جرى في الاونة الاخيرة.ثم يقول الشاب الذي يعمل في تحويل هذه المباني رمزي كندال البالغ 29 عام " لقد أصبت بقشعريرة عندما تجولت في تلك المباني وغرفها المقيتة في البداية , لكن كل تلك الايام البشعة قد ولت , كما ان زيارة بعض السجناء السابقين في بعض الاحيان ونظراتهم وتجاعيد وجهوهم تؤلمني , غيران في الوقت الراهن لدينا الكثير من الامل , و لكنني حذر ومع ارادة الله ستكون هذه الحرب قد انتهت.
من مشاهدات لصحفين اوربين واتراك
|
1373.
مواضيع جديدة في موقعنا الجديد اضغط هنا
|
|
|