في خطوة جديدة على الساحة السياسية والدبلوماسية قررت الجامعة العربية في اجتماع لها يوم أمس 6/3/2013 في القاهرة بمنح مقعد سوريا في الجامعة العربية إلى الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة في سوريا بشرط أن يكون لها هيئة تنفيذية أو حكومة مؤقتة على أرض الواقع ، إلى جابب دعوتها لحضور القمة العربية المقرر انعقادها في الدوحة لتمثيل سوريا .
وفي خطوة أخرى أكثر قوة وجرأة ، فقد اتخذت الجامعة العربية قراراً آخر بالسماح للدول العربية الأعضاء فيها بتزويد المعارضة المسلحة في الداخل بجميع أنواع المساعدات بما فيها السلاح والعتاد .
أعتقد أن هاتين الخطوتين تأتيان في وقت لم تثمر فيه التحركات والجهود الدبلوماسية السابقة بالنتائج المثمرة على طريق ايجاد الحلول السياسية والسلمية وإن دل ّ ذلك على شيء فإنه يدل على أن الآمال كلها متجهة نحو نتائج الحسم في ساحات المعارك ، والتي تشهد في الفترة الأخيرة تقدما كبيرأ وانتصارات سريعة ومهمة تسجل لصالح قوات المعارضة .
من جهة أخرى فإن الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة تحصل من خلال هذه القرارات على غطاء قانوني وشرعي في المجتمع الدولي ، مما يمهد لها الطريق بشكل أوسع لتلعب دورها في الساحة الدبلوماسية والسياسية لتمثل الشعب السوري والدولة السورية ، ومن جهة أخرى ستمنحها القوة المعنوية لتمتين أواصر وحدتها ما سيجعلها تحقق انجازات وانتصارات سياسية لا تقل أهمية عن انتصاراتها في الميدان ، و سيؤدي إلى فتح المجال لها في أن تجلس على مقعد سوريا في الأمم المتحدة في
المستقبل القريب ، الأمر الذي سيؤدي إلى قطع جميع الشرايين عن الحياة السياسية والدبلوماسية للنظام السوري .
ولا بدَّ أن الدول العربية قد حصلت على الضوء الأخضر من الولايات المتحدة الأمريكية في اتخاذ هذه القرارات ، لا سيما بعد مباحثات جون كيري في معظم الدول العربية التي شملت مصر والسعودية و دول الخليج العربي ، و يأتي هذا بعد اتخاذ الاتحاد الأوروبي وعلى رأسهم بريطانيا قراراً بمنح المعارضة المعتدلة مساعدات عسكرية مثل مدرعات غير قتالية ، وأنواع أخرى من المساعدات .
مؤشرات هذه التطورات تؤكد أيضاً بأن الضباب بدأ يزول شيئاً فشيئاً عن سياسة الولايات المتحدة الأمريكية إزاء الأزمة في سوريا ، ومن المحتمل أن تصل في المستقبل القريب إلى اتخاذ مواقف أكثر تبلوراً ووضوحاً في اتجاه دعم المعارضة المعتدلة بالمساعدات اللازمة عسكرياً ، لأنها لن تستطيع أن تنأى بنفسها عن الموضوع في ظل سيطرة الجيش الحر على مناطق شاسعة من المحافظات السورية ، وستبذل جهوداً كبيرة في عملية فرز المعارضة المعتدلة ودفعها نحو الأمام ، والعمل على أن تبقى زمام الأمور في يدها لتضييق الدائرة حول الجماعات الإسلامية المتطرفة التي تتنافس في الميدان لتحقيق أهداف لها في إنشاء إمارات إسلامية في المناطق المحررة ، وخاصة في المناطق الشمالية وهذا ما لن تسمح الولايات المتحدة الأمريكية له أن تتكلل بالنجاح بأي شكل من الأشكال .
من خلال قراءة هذه الأحداث التي تتواصل ، والتي تبدو كأنها سيل جار يأخذ مساره في التواءات أودية عميقة يصعب على الناظر مشاهدتها إلا من مواقع محددة نظراً لتعقد واشتباك خيوط من يشرفون على نسجها في أروقة مصادر القرار ، إلا أنها في المحصلة تشير إلى أن الأمور تتجه نحو قرب إسقاط النظام السوري في الأشهر القادمة ، وقرار أصحاب هذا المحور
أصبح محسوماً بأن تتم على أياد سورية وبدعمٍ عسكري من معظم الدول العربية ، والاتحاد الأوروبي وتركيا ، والولايات المتحدة الأمريكية .
في 7 / 3 / 2013
كوران بافي آري