الإثنين 10 شباط / فبراير 2025, 21:02
روني علي : الحلقة المفقودة




تكبير الحروف : 12 Punto 14 Punto 16 Punto 18 Punto
روني علي : الحلقة المفقودة
الأحد 09 كانون الأوّل / ديسمبر 2012, 21:02
كورداونلاين
كنا من مدعي السياسة ، والمشتغلين في حقلها ، لم نكن نتلمس يوماً بصيصاً من الأمل الذي من شأنه أن يخرج بنا إلى فضاءات النور ، ونتجاوز من خلاله الشرخ الذي كان - وما زال - يصيبنا في مقتل ،

الحلقة المفقودة

روني علي

       

مع بداية انخراط الأحاسيس في منظومتنا الشعورية ، وتلمسنا للبعض من مفاتيح تحليل قوانين المتناقضات ، وتفاعلنا شيئاً فشيئاً - بالقدر الذي كنا نملكه من الوعي والإدراك المعرفي - مع ما يجري من حولنا من انبهارات التطور ، وتلاحق انكسارات الزمن مع ما كنا نعتبرها بمثابة الثوابت ، والقيم المجتمعية ، وبديهيات السياسة بركائزها الفكرية والثقافية . كنا نكتشف في أعماقنا - وإن لم نكن نجاهر به - تصحر الأفق الذي يؤهلنا لأن نحلل مفردات الواقع وأسس التغيير وقوانين الصراع والتصارع. وبالتالي كنا - وما زلنا - نركن إلى الشكوى والتذمر من الحالة المعاشة في مجمل مفاصل الحياة وفي جميع اتجاهاتها وجوانبها ..!

  وبما أننا كنا من مدعي السياسة ، والمشتغلين في حقلها ، لم نكن نتلمس يوماً بصيصاً من الأمل الذي من شأنه أن يخرج بنا إلى فضاءات النور ، ونتجاوز من خلاله الشرخ الذي كان - وما زال - يصيبنا في مقتل ، ويحولنا إلى كومبارس لا شأن له بكل ما يجري ويدور من حوله ، سوى الصراخ والهتاف والتصفيق في المسيرات الحزبوية ، التي يقودها الزعيم الأبدي، أو المتمرد على أدائه ، ليلتحق هو الآخر بقائمة الآبدين ، والتي حملناها عنوةً ، وبالرغم عن آفاقها وآفاقنا ، صبغة القوموية وصفات النضال ، من انشقاقات وولادات ومهاترات المواقف التي كنا نقتنع - بل يتم إقناعنا - بها على أنها تصب في خانة الفرز الطبقي والسياسي والقيمي... إلخ.

    ولكن ، وبعد أن انزاحت شيئاً فشيئاً رموز الفردية من على صهوة آلة القمع والإبادة ، والتحكم برقاب الأرض والإنسان ، من فرار الشاه وتحطيم أسطورة شاوشيسكو وبينوشيت ، من انهيار لغز الشمولية ومنظومة الأبارتيد وجر تماثيل أبطال الوطنية والوطنيات ، أساطير معارك الحسم والثورات التي دفنت دماء ودموع الملايين من بني البشر ، في الساحات والشوارع، لتتحول إلى لعب بيد أطفال شعوبها ، وعبرة لمن لم يعتبر بعد . لم نتمكن أيضاً من السيطرة على ذواتنا ، ونتخلص من عقدة الشكوى والتذمر . مع أننا وفي قرارة أنفسنا ، ألحقنا كل الذي جرى من طقوس السقوط وشكل التلاشي ، بتراكمات التاريخ وسلبيات الممارسة وعنجهية الفردية ، وطغيان التفرد ، ووضعناها في خانة ، النهاية الطبيعية للسطوة والتسلط .

  إذاً ، وسط كل هذا الكم الهائل من الفرط الذي يصيب العَقد هنا وهناك .. ابتداءً بأفغانستان وما قبلها ، مروراً بجورجيا ، ووصولاً إلى العراق ، وانتهاء بالذي قد ندركه وإن كان يتظاهر باللا مبالاة ، لم نزل أسيري الشكوى والتذمر من الحالة المعاشة .. شكوى الكبير والصغير ، الغني والفقير ، القائد والنصير ، المثقف والسياسي ، والتابعين والخاضعين والخانعين ، من الأداء والشكل والأسلوب .

  فأنظمة تقفز من على شكوى وتذمر شعوبها ، باتكائها على الحديد والسوط . وقوى تتجاهل صرخات برامجها التي تئن تحت وطأة غياب الأفق وتحرر الفكر وانكماش الممارسة الديمقراطية ، وليست لديها القدرة على أن تواكب التيار باستنادها على أناها القوموي ونسف الآخر وإقصائه . وتماشياً معها أو تجسيداً لوجها الآخر ، تتخبط الأطر الكردية عند رسمها للموقف وممارستها للقرار .

   لكن ، وللإنصاف نقول ، بأن الكل بدأ يتلمس جوانب الإشكالية كردياً ، وإن بدرجات متفاوتة - حسب امتلاكه للملكات المعرفية -، ولكل ذي شكوى برنامجه التغييري وشكل الخروج من المأزق المأزوم ، وامتلاكه لأولويات الفرز بين الصالح من الطالح ، والجيد من الرديء ..

  لكن دعنا نتساءل على طريقة السذج والمبتدئين في الممارسة السياسية لنقول :

  إذا كان الكل يعي ما هو المطلوب ، ويلفظ ما هو ممارس ، وأن الظروف الموضوعية تخدم الحالة وتبلور الخصوصية ، فلماذا تأتي النتائج بعكس التفكير والتحليل ؟ .. لماذا نفكر بشيء ونمارس الآخر ؟ .. لماذا الاسترسال في سرد السلبيات ومناطحة كل ما هو عائق ومعرقل في الزوايا الضيقة والبعيدة عن الرقيب والحسيب ، لكن الترجمة تصب في واد آخر .. ؟!.

 إذاً لا بد أن هناك عصاً سحرية تفعل فعلها في ترجمة الأقوال إلى أفعال ، أو أن هناك حلقة مفقودة ما بين الادعاء والممارسة ، خاصةً إذا تعلق الموضوع بخط من الخطوط الحمر .. سواء ما اتصل منها بمفردات السياسة العامة ، أو بشخص الزعيم الأوحد و»فكره« ورؤيته.. فلنبحث قبل كل شيء ، قبل طرح المشاريع والتصارع على المشاريع ، قبل الدخول في فلسفات حول الجدوى من تلك المشاريع ، عن تلك الحلقة المفقودة أولاً وثم أولاً . ؟!!!. 

1417.

مواضيع جديدة في موقعنا الجديد اضغط هنا


ارشيف
ارشيف

صحافة وإعلام و آراء

كتاب الموقع
عبدالغني ع يحيى
العصر الطيني في العراق.
بنكي حاجو
الكذبة الكبرى
ب. ر. المزوري
النقطة
زاكروس عثمان
أحزاب خارج التغطية
إبراهيم اليوسف
النص الفيسبوكي 2.
عبد عبد المجيد
الفسيفساء السورية
أفين إبراهيم
رضاب الفراش
وزنة حامد
قلق الذات