مروان سليمان:الأنظمة المهزومة لا تنتصر على شعوبها
الخميس 06 كانون الأوّل / ديسمبر 2012, 07:31
كورداونلاين

إسطورة أبدية بقاء النظام السوري تهاوت تحت أقدام الثوار و إن عملية سقوطه مرتبط بعوامل من أهمها و اولها العامل الداخلي أو العامل الذاتي و هو غير مهيأ تماماً إلا من بعض النواحي المعنوية لدى غالبية الثوار
الحرية حق طبيعي من حقوق بني البشر وغاصبها مجرم سفاح و من حق الشعوب المسلوبة حريتها أن تناضل و تكافح حتى تسترد حريتها المسلوبة.و أن الكفاح الحقيقي من أجل الحرية ينبثق من وجدان الشعوب و إيمانها الذي لا يتوقف حتى تحقيق الهدف المنشود ألا و هو النصر مهما طال الزمن، لأن الحرية إغلى ما في الوجود.
كما يُمكن لنظام ديكتاتوري مجرم سفاح أن يسجن و يعذب و يقتل ثائراً ولكن ليس بمقدور ذاك النظام المجرم سجن أو تعذيب أو قتل ثّورة وقودها الشعب.
ان المخرج الحقيقي للأزمة السورية يتمثل في خطة سياسية جديدة يكون نظام الأسد خارج هذه الخطة لأنه منتهي الصلاحية و لا بد من إبتكار صيغ عملية و قابلة للتطبيق و تكون متطابقة مع مطاليب الشعب التي تجمع بين الحرية والعدالة الاجتماعية، وبين العدالة الاجتماعية والاقتصاد العادل وبين الحرية والأمن الذي يحقق الأمان للمواطن و يسهر على راحته و يطبق القانون بكل مسؤولية و ضمير.. وبين الوطنية الحقيقية الذي يتبنى حب الوطن و الإعتراف بالآخر و يؤمن بشراكة غيره في هذا الوطن و التمسك بالخيار الديمقراطي الذي يحفظ حقوق الشعب في التعبير و الرأي وترسيخه .
إن النظام الذي يدعي بأنه سيحقق الحق والخير والعدل لهذا البلد المنكوب,الآن و بعد عقود طويلة من الحكم بالحديد و النار و كيف تم على يدي هذا النظام اغتيال الهوية السورية من خلال هجرة خيرة أبناء الوطن و تجويع الشعب و نهب خيرات البلاد و تسليم المناصب المهمة للعائلة و المقربين منه و كيف تم قتل ذاكرتنا السورية و تزوير التاريخ من خلال نسب البطولات و الإختراعات للقائد الفذ و جعل سورية مزرعة لعائلة بحد ذاتها تتصرف بالوطن كملك خاص و كيف يتشفى هذا الحكم البغيض و الحقود على الإنسانية بموت وطن لمجرد أن الشعب طالب بحقوقه و حريته و خاصة أنه يدعي الديمقراطية و يبشر بها كذباً و نفاقاً و زوراً و بهتاناً وهو من إغتالها وخنقها ومنعها عن الشعب منذ عقود لا بل أن النظام قد أخذ على عاتقه أن يتبنى وجهة نظر أعداء سوريا كدولة، و أعداء سوريا كشعب، و إغتال جميع رفاق دربه و الذين أوصلوه إلى سدة الحكم, فكل من دس السم لغيره لا بد من أن يتذوق من نفس الكأس الذي سقاها بها غيره و خاصة بعد أن دمر البلد بكل ما فيه .
على مر التاريخ القديم و الحديث لم ولن يمر على السوريين حقبة مظلمة وسوداءوعصر انحطاط وتخلف وظلم مثل حقبة هذا النظام المرتبط بعائلة الأسد إرتباطاً مباشراً الذي لم يغتل الهوية السورية فحسب بل عمل على تدمير الانسان السوري سياسياً و إقتصادياً و إجتماعياً ولكن السوريين عادوا ليثبتوا للعالم بأنهم جزء مهم من هذا العالم وأنهم شعب حي بعد أن كان العالم يعتقد ان هذاالنظام المتوحش والمدمر كتب المشهد الأخير للدولة السورية منذ أكثر من 40 سنة من خلال أبدية الحكم و السلطة لصالح عائلة الأسد.
إن إسطورة أبدية بقاء النظام السوري تهاوت تحت أقدام الثوار و إن عملية سقوطه مرتبط بعوامل من أهمها و اولها العامل الداخلي أو العامل الذاتي و هو غير مهيأ تماماً إلا من بعض النواحي المعنوية لدى غالبية الثوار و لكن القوى السياسية مختلفة فيما بينها ومنها على سبيل المثال العلاقة بين الإئتلاف الوطني من جهة و بين كل من هيئة التنسيق الوطنية و المجلس الوطني الكردي من جهة أخرى والعامل الاقليمي وهو الذي يتحكم بمجريات الأمور على الساحة السورية بشكل عام و منها تركيا و قطر التي تدعم فقط الجماعات الإسلامية كالإخوان المسلمين والعامل الدولي و هو حتى الآن لم يأخذ موقفاً حاسماً و جدياً في سبيل دعم المعارضة السورية بشكل عملي و فعلي بعيداً عن التصريحات و المؤتمرات التي لم تجلب سوى الكلام للشعب السوري،لذا فإن النظام أيضاً المدعوم من قوى دولية و أقليمية لن يستطيع أن يحسم المعركة لصالحه. و بالرغم من المآسي و المجازر المروعة و كثرة الضحايا فان الحرب ستتحول الى حرب استنزاف الرابح فيها خاسر والنتيجة تدمير سوريا كليا.
قد تغفو الشعوب و تستكين فترة من الزمن وتصبر ولكن الشعوب لا تموت أبدا و تبقى حية و تناضل من أجل أهدافها المشروعة فهي تظل تنتظر يوم الخلاص فنيران الطغاة التي اشعلوها لن تخيفهم و متى ما أريقت الدماء فإن الثورة سوف تظل مشتعلة والطغاة بسفكهم للدماء يساهمون بإشعال النار أكثر فأكثر، فدماء كل ضحية و شهيد يسقط يعد بمثابة محرك ووقود للثورة و دين في رقبة الشعب يجب سداده من خلال متابعة الثورة حتى تحقيق أهدافها،فكم من ضعيف غلب حاكماُ متجبراً و كم من حنجرة هزمت المدافع و الطائرات بكل ما فيها من أسلحة و كم من قلم هزم بندقية و كم من مظاهرات سلمية أسقطت رؤوساء كانوا متشدقين بالحكم حتى الرمق الأخير و أخيراً و ليس آخراً فإن الأنظمة المهزومة لا تنتصر في الحروب أبداً.
مروان سليمان
04.12.2012