مروان سليمان:المعارضة و النظام في كفتي ميزان
الإربعاء 28 تشرين الثّاني / نوفمبر 2012, 14:42
كورداونلاين
لم تستطع قوى المعارضة السورية من بناء الثقة فيما بينها،و بدأت و لا زالت مضطربة و تمارس الخطاب البدائي و النقيض معاً بدون أية مرجعية
صحيح أن الثورات لا تمارس الديمقراطية في بداياتها و لكنها لا تتنكر لحقوق الآخرين و خاصة إذا كان الآخرين أخوة في الإنسانية و الدين و شركاء في الوطن و لكنهم يتكلمون لغة أخرى و ينتمون لقومية أخرى، و حتى تكتمل الصورة بوضوح أكثر فقد شارك جميع أطياف الشعب السوري منذ البداية بالثورة ، فالثورة التي قامت من أجل رفع الظلم عن أبناء الوطن يجب أن لا تبخل عليهم حقوقهم المشروعة، و المطلوب هو وضع النقاط على الحروف و يعرف كل ذي حق حقه، و خاصة أن هدف الجميع هو اسقاط النظام و بناء الدولة المدنية الحديثة و العادلة و لكن الثورة لا تنتصر بمجرد سقوط النظام الأسدي بل تكتمل ببناء المؤسسات و الحذر من إقامة نظام شبيه و لكن تحت شعارات أخرى.
إن ما جرى في سوريا من حراك ثوري كان أمراً طبيعياً من جميع النواحي سواء كانت إنسانية أم أخلاقية أم سياسية، ولكن التحولات الدراماتيكية في مسار الثورة السورية كان أكبر من طاقة الإستيعاب و الفهم سواء كان الفكري أو الأيديولوجي أو حتى بين الجمع الحراكي محرك الثورة السورية و التي بدت منذ الوهلة الأولى متفائلة أكثر من اللازم في الأوساط الثورية و الجماهيرية و خاصة بعد ما يقارب السنتين على عمر هذه الثورة الشعبية إلا أنه هناك تطورات كثيرة حصلت أدت إلى بلورة أيديولوجيات لا تنتمي إلى الواقع السوري و أهداف ثورته بشئ البتة.
بعد كل هذا القتل و التدمير و التخريب الممنهج لم تستطع قوى المعارضة السورية من بناء الثقة فيما بينها،و بدأت و لا زالت مضطربة و تمارس الخطاب البدائي و النقيض معاً بدون أية مرجعية و لم تتمكن من الحصول على شرعية شعبية حقيقية سوى رفع شعارات مؤيدة لهذا و ذاك بشكل مؤقت و حسب المزاجية المناطقية و العشائرية و القبلية و العائلية و الولاءات و التحالفات بعيداً عن الواقعية و متطلبات الجماهير الثائرة.
فالقوى المعارضة لم تستطع حتى الآن في استيعاب بعضها البعض و لم تميز بين ما لها من حقوق و ما عليها من واجبات في هذه المرحلة لأنها موجودة أصلاً داخل فكر حزبي أو سياسي ضيق ، و هذا السياسي المتزمت الذي يقود هذا التيار أو ذاك لم و لن يستطيع الخروج من هذه الأطر و الأفكار التي تلزمه بنهجه الحزبي البالي في عدم الإعتراف بالآخر و الإصرار على صحة نهجه السياسي و تنفيذ إملاءات الآخرين، حتى إن الأمر تطور إلى أن أصبح نوعاً من الثأر بين الثائرين أنفسهم كما حصل في مدينة رأس العين( سري كانيه) بين عصابات مدعومة تركياً و بين أهالي المنطقة.
لم تستطع الحركة السياسية المعارضة السورية من التخلص من الفكر الأحادي الإتجاه و التحسس عند مناقشة حقوق الآخرين من الشعب السوري و خاصة الشعب الكردي الذي لم يشعر في يوم من الأيام بجدية الطرف الآخر في الوقوف عند قضاياه و حقوقه و يتلمسها و يشعر بها بحق أو حتى العمل على إعادة بناء الثقة المفقودة بل على العكس من ذلك عندما يتعلق الأمر بالكرد و قضيتهم يعملون على التغطية عليها بالتشويش و التخبط حيناً أو التحجج في تأجيل هذه القضايا إلى ما بعد إنجاز الثورة و هو ما لم يصدقه أحد لأنه يعتبر تملصاً من المسؤولية و التهرب من استحقاقات المرحلة و القفز على المتغيرات و هو ما سيؤدي من وراء هذا الإرجاء و هذا التفكير العنصري إلى ضياع المسألة و تداعيها في نظرهم.
إن الطريق الذي سار عليه المجلس الوطني السوري و من بعده الإئتلاف الجديد في التنكر لحقوق الكرد و التذرع بالوقت و الزمان ما هي إلا حجج واهية و هو ما يؤدي إلى تهديد السلم الإجتماعي و السياسي في سوريا بعد سقوط النظام و هذا ما سوف يؤدي إلى فتح شهية العنصريين و النازيين الجدد في تنفيذ مشاريعهم و أجنداتهم التي لا تخدم الوطن بأي شكل من الأشكال.
مروان سليمان
28.11.2012