غسان جان كير :تفسير الماء بالماء
الثلاثاء 13 تشرين الثّاني / نوفمبر 2012, 15:06 كورداونلاين

لمّا أدركنا أن لا حياة فيمن نستحثهم , وهم – عنوة- يعمهون في جهلهم , و راضون ويستجدون رضانا عن ثرثرتهم , ادرنا لهم الظهور , ولم يخطروا في بالنا اياما وشهور , وانقطعت بيننا المودّة والألفة , ولا نحب لقائهم حتى بالصدفة
حدثنا العطال البطال قال : لمّا حكمتنا الثورة بالتغيير , ولاحت الحرية في الأفق كالمصباح المنير , غذّينا الخُطى في السيل الهادر , وخالفنا تهادي القطا في السير المُكابر , وأسرعنا بالانضمام الى المظاهرات , وافترشنا الارض في الاعتصامات , وبعيون مغرورقة نستجدي انضمام الرفقة , ولسان حالنا يقول : ( هادا اليوم اللي جنّا نريدو ) , ( فالظرف الموضوعي والذاتي مناسب ) , والنظام الرجعي ( لفضل القيمة ) ناهب , ووددنا أن نأخذ الرفقة بالأحضان , ونشكرهم بكل امتنان , على تلقينهم إيانا نظرية الدياليكتيك , وشرحها لنا الى وقت آذان الديك , وودنا على الاقل , كي يخفّ عن كاهلنا الثِقل , أن يربتوا على أكتافنا , و يُسرفوا في اتحافنا , بإيراد أمثلة خلاّقة , و أفكارٍ نيّرة سباقة . ولمّا أدركنا أن لا حياة فيمن نستحثهم , وهم – عنوة- يعمهون في جهلهم , و راضون ويستجدون رضانا عن ثرثرتهم , ادرنا لهم الظهور , ولم يخطروا في بالنا اياما وشهور , وانقطعت بيننا المودّة والألفة , ولا نحب لقائهم حتى بالصدفة .فَبَينا أهمُّ بالذهاب الى محاضرة , تتناول المآسي في المدن المحاصرة , وإذ بجرس البيت يرنّ , ولمّا فتحتُه كاد عقلي أن يجنّ , وكأنّما ديناصوراً قد بُعث حيا , أو فيل ماموث قد خرج من جليد سيبيريا , وبعد هُنيهة تبيّنتُ ملامحه , و أزكمت انفي نتانة روائحه , مُعتمراً قُبّعة روسية عتيقة , كعلامة رضا عن دولة يعتبرها صديقة , ودخل البيت من دون استئذاننا , وصار يُلقي ترّهاته على آذاننا , ويقاطعنا – كيفما عنّ له - في النقاش , غير آبهٍ بنعتنا له بالخفاش , ولمّا أيقنّا عُقم تفكيره , مجّدنا قائده , ورددنا مُستهزئين : عاش عاش عاش .. , و تركناه يسترسل على عواهنه , و يُدّخل اصبعه في منخره , ويمسحه ببنطلونه , فقال : انما التي تدّعونها ثورات , هي بالأصل مؤامرات , وخطط امبريالية صهيونية , و مروّجوا السياسات الانفتاحية , والأنظمة الساقطة , كانت مع العدو مُعاهِدة , وأما سوريا فلن تركع , وستبقى للمقاومة مرجع .. فقلنا : لا فُضّ فوك , ومعك رفاقك وأبوك , هلا نثرت لنا الدُرر من فيك , وشرحت لنا مسألة من الدياليكتيك , و أوردت لنا مثلا ثوري , تراه عياناً وبشكل فوري , عن تحوّل التغيرات الكمية , الى تغيرات نوعية ؟ .قال : الماء .. سخّنوه الى المائة درجة , فيتحوّل الى قطرات بخار في حالة مُندمجة .
|