عبدالملك علي : عذرا فنحن بشر
الثلاثاء 06 تشرين الثّاني / نوفمبر 2012, 06:35
كورداونلاين

حاكم قابل شعبه بالحديد والنار وسيل الدماء ,بالمجازر والتدمير والتمثيل بالجثث ,ففعل ما لم يفعله أي مستعمر قديما أو حديثا بشعب لاحتلال أرضه أو انتقاما لاغتصاب عرضه
لم يعد خافيا على أحد في العالم ما للإنسان من حقوق وما عليه من واجبات بفضل الثورة العلمية الرائعة والهائلة التي جعلت من الكرة الأرضية بمثابة قرية صغيرة ترى وتسمع ما يجري في سائر أنحائها .
وعلى ما اعتقد فأن سوريا والشعب السوري ينتمون إلى هذه الكرة الأرضية وإلا سوف ندخل في دهاليز الظلم التي يطالب بها النظام نفسه وإنكاره للذات الإنسانية الواحدة ,وتفضيل فئة على فئة أخرى منقسمين إلى درجات متفاوتة من حق المواطنة .
فالحرية أي حرية الفرد في التعبير والرأي وحق الاختيار ورفض الظلم والاستبداد أصبحت في متناول معظم البشر في أنحاء العالم ومنها المنطقة العربية بعد ثورات الربيع العربي وبعض الأنظمة التي حسبت بعد ذلك ألف حساب لشعوبها وتنازلت بعض الشيء عن استبدادها وعنجهيتها
وكانت ومازالت الثورة السورية أحدى هذه الثورات وأعظمها لأنها وقفت في وجه حاكم مستبد (نيرون عصره)وأثبتت للعالم أنها ثورة سلمية تدعو إلى السلام والديمقراطية وحق الإنسان في العيش الكريم البعيد عن الذل والكراهية والبغضاء فهي تنادي منذ بدايتها وحتى الآن بحرية ووحدة الشعب السوري وحقه في تقرير مصيره والتخلص من ظلم فئة جائرة على مقدرات الشعب وخيراته ,حاكم قابل شعبه بالحديد والنار وسيل الدماء ,بالمجازر والتدمير والتمثيل بالجثث ,ففعل ما لم يفعله أي مستعمر قديما أو حديثا بشعب لاحتلال أرضه أو انتقاما لاغتصاب عرضه حتى أصبحت من نوادر الجرائم على مستوى العالم .
وخلال كل هذه الفترة يتحمل الشعب السوري هذا الضغط والإجرام في سبيل نيل حريته ولم يلقى عونا من الدول الكبرى في القضاء على النظام حتى على مستوى المواقف السياسية التي تختلف بين ليلة وضحاها .
فالشعب السوري يعيش تحت النار والقصف المتواصل ليلا ونهارا ويتعرض لأبشع أنواع التعذيب والقتل والتدمير ,وقد يشاهد أحد أمه وأخته وابنه يقتلون برصاص قناص أو يرى بأم عينيه كيف الشبيحة يعتدون على زوجته فماذا نتوقع منه يا حضرة هيلاري كلينتون ,هل تريدي أن يقابلهم بباقة ورد أو تحية خضوع وإذلال واستسلام حتى يثبتوا لكي بأنهم غير متطرفين فأنت وغيرك من الأنظمة في العالم أجبروا الشعب السوري من ثوار وجيش حر على إتباع هكذا طريق فهم بالأخير بشر ولهم طاقات محددة .
فقد منحتم للنظام كل الفرص وحللتم له كل الحرام ووفرتم له كل السلاح,وهيئتم له الغطاء الدولي بعدم التدخل العسكري فكنتم أول من صرحتم بذلك يا حاوية الديمقراطية في العالم تنددون به في العلن وتدعمونه في الخفاء وكأن الذين يقتلون بأسلحته ليسوا بشرا أو هم مخلوقات آتوا من غير كوكب .
وفي الأخير تطلبون من الثوار بضبط النفس وعدم ارتكاب
الجرائم ,أي جريمة إذا كانت الدنيا مظلمة أمام عينيك,أي جريمة إذا كان عدوك نيرون ,أي جريمة إذا لم تلقى أي مساعدة حتى من الخيريين في العالم ,فهناك من يمنعهم من تقديم ذلك ففي الأخير نحن بشر .
فمفهوم الديمقراطية عندكم مقتصرة لشعوبكم أنتم وليست لغيركم وكأن الإنسان لا ينتمي إلى سلالة واحدة ,حتى الذين يعملون في السياسة ويمثلون الشعب السوري لم يسلموا منك فأنت من رحبت بتشكيل المجلس الوطني وأنت الآن تنتقدين هذا المجلس حتى تضيفي فرصة أخرى للنظام للقضاء على الثورة لأنك تعلمين أن مهمة الإبراهيمي قد انتهت فهيأت للنظام فرصة أخرى .
وأخيرا ولبس آخرا فأنني واثق وأجزم بأنه لا يوجد أية ثورة في العالم ماضيا وحاضرا أو مستقبلا بدون أخطاء
فالثورة سيل جارف قد تؤذي أحيانا لكن بالنهاية تهدأ وتتوقف عندما تصب في البحر وعندها تكون قد بلغت الهدف ونالت الغاية وتستعد لتشارك العالم من جديد في صنع مستقبل أفضل للإنسان والإنسانية وإنهاء الأنظمة الاستبدادية والإتيان بأنظمة ديمقراطية تسعى دائما إلى خدمة شعوبها والارتقاء بهم وليس قتلهم ,فالمهم بلوغ الهدف وليس المسار فالهدف أغلى وأسمى من كل شيء.