هوشنك اوسي:الجيش الحر وغزوة الأشرفيّة
السبت 27 تشرين الأوّل / أكتوبر 2012, 20:43
كورداونلاين

الاخطر مما جرى في حيّ الاشرفيّة، هو ان يكون فعلاً هنالك جهات كرديّة او شخصيّات كرديّة، تقف وراء تحريض الجيش الحرّ لـ"غزو" الحيّ، بحجّة حمايته او القيام بعمليات نوعيّه فيه
الجيش الحر وغزوة الأشرفيّة!
قرار دخول حيّ الاشرفيّة، ذي الغالبيّة الكرديّة في مدينة حلب، والذي اتخذه الجيش الحرّ، أقلّ ما يقال فيه أنه غبي ومتهوّر وخطير. وهذا القرار، وما نجم عنه من احتراب عربي – كردي، مدان بأشدّ العبارات. وفي الوقت عينه، انجرار اي طرف كردي لمعركة، تصبّ نتائجها في طاحونة النظام، هو أيضاً قرار خاطئ ولامسؤول. وبالتالي، كان بالإمكان تجنّب سقوط الضحايا من الطرفين.
ما شهده حيّ الاشرفيّة من أحداث، باعث على الأسف والحزن والاسى والألم الشديد. ان يخطف الجيش الحرّ، مدنيين كرد، هي جريمة، تضاف الى جريمة تصويبه "رصاص الثورة" الى صدور الكرد السوريين العزّل. واختطاف وحدات الحماية الشعبيّة لمدنيين، (بحسب اخبار متواترة)، هو أيضاً أمر مؤسف ومحزن.
ما جرى في حيّ الاشرفيّة الكردي، في حلب الشهباء – العربيّة، أمر مقلق، ويجب تطويقه، والحؤول دون تكراره، أيّاً كانت الأسباب. والأخطر من كل ما جرى، ما صرّح به نائب قائد الجيش الحرّ مالك الكردي لموقع "الكرديّة نيوز" الإخباري، وتلميحه الى انجرار الجيش الحرّ لخديعة، كانت وراءها جهات كرديّة سوريّة، هي التي حرّضت على دخول الجيش الحرّ لهذا الحيّ الذي يسيطر عليه جهات موالية لحزب العمال الكردستاني. والأخير، صرّح مراراً، بأنه يقف على مسافة واحدة من النظام والمعارضة السوريّة، وأكّد انه "لا مع النظام ولا مع المعارضة"، وبصرف النظر عن الاختلاف أو الاتفاق مع هذا الموقف، إلاّ ان الجيش الحرّ والمعارضة السوريّة، يجب ان تحيّد الكردستاني، قدر المستطاع، ولا تحاول الدخول معه في صراع عبثي وخاسر وفاشل وتافه، يكون فيه الجيش الحرّ هو الخسران. وهذا ما يريده ويخطط له النظام السوري.
وفي سياق تلميحه الى الجهات الكرديّة، التي أشار لها الكردي في تصريحه السالف، أتى على ذكر كتيبة صلاح الدين. ولنكن صريحين أكثر؛ في حال صحّت تصريحات الكردي، فأن ايّة جهة كرديّة أو أيّ كردي سوري، ينزلق به الحال الى هذا الدرك من الحقد والضغينة والكراهية والعدوانيّة...، فلا غرابة في وصفه بأنه عارٌ على أمّة الكرد، وبل على الانسانيّة قاطبةً.
اعتقد ان ما شهده حيّ الاشرفيّة، يتعدّى تصريحات مالك الكردي، الى الصراع الحاصل بين العمال الكردستاني وجماعة الاخوان المسلمين، وعلاقة هاتين الجهتين العقائديتين مع أنقرة. إذ ان الكردستاني يقاتل تركيا، لأجل حقوق الكرد، والاخوان هم حلقاء اردوغان، حتّى لو كان ذلك على حساب سورية. ما يعني ان معركة حي الاشرفيّة، بالتأكيد، هي معركة الآخرين على الارض السوريّة. فلا هي معركة الجيش الحرّ ولا معركة قوات الحماية الشعبيّة الكرديّة، دفعت أثمانها من دماء السوريين كرداً وعرباً.
ان معركة حيّ الاشرفيّة، وما شابها من تهوّر وجنون، من قبل الجيش الحرّ، ربما كان الهدف منها جسّ نبض قوّة وتأثير العمال الكردستاني على الارض السوريّة، قبيل اعلان المناطق العازلة، بحيث تشمل المناطق الكرديّة السوريّة أيضاً. ويمكن لمن اتخذ ذلك القرار الارعن، اعتباره لحيّ الاشرفيّة والشيخ مقصود، الخاصرة الرخوة للكردستاني على الاراضي السوريّة. وهذا ما اتضح بطلانه. على المقلب الآخر، ثمّة من الكرد، من يحاول أبلسة او شطينة الثوّار السوريين، والمضي في تشويه الثورة السوريّة لجهة اعتبار الثوّار، ثلّة من القتلة والمجرمين والسفلة وقطّاع الطرق والبرابرة... والسلفيين العراعير!. وهذا ايضاً، يجب ان يتمّ فضحه ونقده بشدّة. ذلك ان العرعورزيم، إن جاز التعبير، لم تسطوا على الثورة السوريّة بعد. وإن نجحت في ذلك، فهذا يعني ان الثورة السوريّة فقدت كامل بريقها وسحرها وجذوة طهراتها الوطنيّة الجامعة لكل مكوّنات الشعب السوري.
في مطلق الأحوال، مجدداً، الاخطر مما جرى في حيّ الاشرفيّة، هو ان يكون فعلاً هنالك جهات كرديّة او شخصيّات كرديّة، تقف وراء تحريض الجيش الحرّ لـ"غزو" الحيّ، بحجّة حمايته او القيام بعمليات نوعيّه فيه، او تحريره من الكردستاني!. وفيما إذا صحّت هذه التلميحات، فأن تلك الجهات او الشخصيّات الكرديّة، ستلحقها لعنات التاريخ الى يوم الدين. وسيظهر الجيش الحرّ بأنه من الهشاشة والسذاجة بمكان لأن ينساق وراء تحريضات او تأليبات هذه الجهة او تلك، سواء أكانت كرديّة او عربيّة.