هوشنك أوسي:عبور السنديان الى رستم جودي
الخميس 11 تشرين الأوّل / أكتوبر 2012, 19:09
كورداونلاين

بنادقكَ التي أقامت عرساً لمواسم الدوري والكناري، تقيمَ الآن قدّاساً جنائزيّاً للوديان والجبال.
عيناكَ الباسمتان، ترثينا، وما من يدٍ تمسكُ بمديةٍ مستعرةٍ، لتكوي الجرح الذي فتحتهُ في أرواحنا.
النهرُ في عناقه الأخير للجبل، أفشى للغيم؛ أن بيارقَ الخيال وراياتهِ، ها هناك، لا زالت منتكسة، والخيولُ حنّطتها الرّيح.
تساورُني كما تساوِرني وساوسُ الوطن المنكوبِ والدرب المذبوح.
لا زال الحجلُ يرصدُ خطاكَ المتبقّية التي لم تخطُها نحو خيباتنا.
ولا زال صدرُ الأمّ فردوساً يناجيك الغفوة عليه ولو لحظةً واحدة، قبيل الرحيل.
أمّكَ التي سجّتكَ بمخملِ الأدعية على سجّادة الصلاة، هي أمّي، أمّ البراري والكرومِ وبيادرِ القمح وأسراب القطى.
توسّد بندقيّتكَ، آناءَ توسّمكَ انبلاجكَ الأخير من تحت ركامِ الأخيلة.
هذا صوتكَ، مضرّجاً بالهديلِ، يلوّح بمناديل العودة الى الأغنية.
هو ذا ظلّكَ مضرّجاً بعبقِ النعنعِ البرّي، يبشّرُ الموتى بالنشور.
هو ذا الجبلً، كليلاً، عليلَ الكبرياء، مقشعرَّاً، يدندنُ في سرِّه: من هنا عبر السنديان، جريحَ الظهرِ، نحو أعراسه.
بنادقكَ التي أقامت عرساً لمواسم الدوري والكناري، تقيمَ الآن قدّاساً جنائزيّاً للوديان والجبال.
عيناكَ الباسمتان، ترثينا، وما من يدٍ تمسكُ بمديةٍ مستعرةٍ، لتكوي الجرح الذي فتحتهُ في أرواحنا.
لكل قادسيّةٍ رستمها الذبيحُ. ولقادسيّات الكردِ على الكرد، رستمها الشاسعُ الجرحِ، الفارعُ الحزنِ، الفارعُ الألمِ، العميقُ الانكسار.
لا تنصت لنداءتنا لكَ بالعودة.
إبقَ حيث مظلوم دوغان وزكية وروناهي وبنفش وفايق وأورهان آيدن واسماعيل وخبات... ومشعل وجوان وشيرزاد...
لا تعد!... أوصيكَ: لا تعد، لئلا يتخثّر الكلامُ في حلقكَ من هول بؤسنا والخراب.