حسني كدو:حرب تركيا الأطول
الثلاثاء 28 آب / أغسطس 2012, 14:41
كورداونلاين
لقد اثبت هذا التمرد الكوردي الأخير بأنه الأكثر مرونة وديمومة ولا يزال يركل ويسدد ضرباته وان خسائر هذا التمرد اوقع اكثر من 40000 ضحية اي عشرة أضعاف الصراع في ايرلندا الشمالية
كلما طال أمد الصراع بين الحكومة التركية وبين حزب العمال الكوردستاني كلما قل تفاءلي واصبحت ليس فقط اشك في امكانية بقاء تركيا دولة موحدة لعدة عقود مقبلة بل تزداد مخاوفي بأن اي تقسيم لتركيا سيكون كابوسا دمويا مرعبا.(مصطفى أقيول) صحفي تركي.
دعونا نعود بالذاكرة قليلا إلى الوراء حتى نعرف ما الذي يجري ويدور من حولنا وماذا نتحدث عنه بالضبط. الكورد كانوا احد الاعمدة الرئيسية في تشكيلة الدولة العثمانية المتعددة الأعراق والأجناس. وكانوا من الشعوب الأكثرولاء للامبراطورية العثمانية .واستمر هذا الولاء والتقليد من جانب الكورد في الحرب العالمية الأولى وحروب التحرير المتلاحقة من 1919م إلى 1922م ، حيث قاتل الكورد بقوة متحدين مع اخوانهم الترك ضد الغزات الكفرة ضاربين اروع النماذج عن الترابط الاسلامي وتوحدهم.
ومع اكتمال اعلان الجمهورية التركية العلمانية القومية الصرفة والتي اعتمدت على العنصر والعرق التركي( خلاف الامبراطورية العثمانية )والتي تجاهلت حقوق الكورد والقوميات أو الأجناس الأخرى، شعر الكورد بأنهم انخدعوا وتعرضوا للخيانة من قبل من كانوا يعتقدونهم اخوتهم في الدين والوطن.
وهكذا لم يمض سنتيين على الجمهورية التركية حتى قامت ثورة كبيرة بقيادة الشيخ سعيد بيران في 1925م، والتي ارست الأرضية للثوارت الكوردية فيما بعد. لقد تم سحق ثورة 1925م، بقسوة ووحشية كبيرة.وخلال السنوات الخمس عشرة ، من حكم الرجل الواحد (اتاتورك ) قامت انتفاضات وتقريبا كل سنة انتفاضة , وكانت أخرها ثورة (سيد رضا ) في 1937م، في ديرسيم والتي لم تتم القضاء عليها الا بالطائرات والقنابل والغازات السامة .
لذلك يعتبر حزب العمال الكوردستاني الامتداد لهذا الارث المحكوم من الثورات وهو الأهم حتى الأن والذي جاء بين 1980-1983 كرد فعل على ظلم انقلاب ( كنعان ايفرين ) العسكري, والذي اعاد ارهاب الدولة العسكرية واستعادة كل اشكال الاستيعاب القسري فظاظة , ونشر الذعر والرعب , حتى ان قائد الانقلاب نفسه اطلق على الكورد تسمية ( اتراك الجبال ) .
وعلى الرغم من ذلك, كان حزب العمال الكوردستاني ولا يزال مدفوعا بايديولوجية خاصة وبنسخة كردية قومية شرسة تقابلها نسخة من اليمين التركي القومي المتطرف (وكأنهما نسخة من الأرثوذكسية و الماركيسية – اللينينية).
لقد اثبت هذا التمرد الكوردي الأخير بأنه الأكثر مرونة وديمومة ولا يزال يركل ويسدد ضرباته وان خسائر هذا التمرد اوقع اكثر من 40000 ضحية اي عشرة أضعاف الصراع في ايرلندا الشمالية. وبالطبع يستمد الحزب المحظور ديمومته وبقاءه من القاعدة الكبيرة له بين الكورد في تركيا. كما لا ننسى بان الكثير من الكورد يحتقرون هذا الحزب ويعطون اصواتهم للاحزاب التركية التى تنال اعجابهم وتدخل قلوبهم كحزب العدالة والتنمية بدلا من الأحزاب المويدة لـ PKK.
كل هذا يجعل المشكلة الكوردية معقدة جدا في تركيا مع عدم وجود حل سهل. على عكس ما حصل في ايرلندا, الخطوط الفاصلة بين الشعبين ( الكورد والترك ) غامضة, اذ ترى أكثر من مليون من الاسر المختلطة في تركيا ومع وجود الأكراد الذين يعيشون في جميع تركيا, وكذلك مدينة استانبول التي تعتبر مأوى لأكبرعدد من الكورد في تركيا .وعلاوة على ذلك هناك الكثير من الكورد المستعدين للتضحية بأرواحهم في سبيل الحزب المحظور , و هناك ايضا الكثير من الكورد الذين يفضلون الموت بدلا من العيش تحت حكم الحزب العمالي الستاليني العقيدة حتى الأن.
في الواقع قابلت الحكومة اغلب المطالب الكوردية بالايجاب , بينما مسألة التعليم العام باللغة الكوردية او المزيد من الحكم المحلي في جنوب شرق البلاد مسألة ممكن النظر فيها , غير ان استمرار والتزام الحزب المحظور بالعنف ومايترتب بالمثل من عناد الجانب التركي يسمم كل شيء.ومن ثم الأن بالضبط وابتداء من شهر اغسطس (أب ) 2012م، يبدوا ان التوصل الى سلام حقيقي بين الطرفين بعيد جدا.
اعداد وترجمة حسني كدو .المقال للكاتب التركي مصطفى أقيول.