طه الحامد:ستؤكلون عندما يؤكل الثور الأبيض- طه الحامد
الجمعة 24 آب / أغسطس 2012, 14:43
كورداونلاين
ما يؤسف له هو إنضمام لفيف من الكورد إلى هذه الجوقة الشوفينية، حيث بات شغلهم الشاغل التهجم و الإفتراء على مناصري هذا التنظيم، متذرعين ببعض السلوكيات و الممارسات التي بدرت عنهم في السابق
ربما التاريخ يعيد نفسه مرة أخرى، ولكن هذه المرة ضد القضية الكوردية في سوريا. فقد شاهدنا نفس السمفونية الشوفينية البغيضة ضد المشروع الفيدرالي في العراق قبل سنوات، عندما توحد المثقفون و السياسيون و الإعلاميون العرب و الترك و الفرس في جوقة مقيتة للوقوف ضد حق الشعب الكوردي في إقليم كوردستان بتقرير مصيره. و قد باءت محاولات تلك الأبواق بالفشل الذريع، لدرجة أخذت بالعديد منهم لاحقاً إلى تقديم فروض الطاعة و المداهنة و بشكل إرتزاقي لقيادة الاقليم، طمعاً في فرصة أو عقد إقتصادي. و في هذه الأثناء أصبح الأتراك يستقبلون السيد مسعود برزاني كرئيس و زعيم كوردي، تاركين ورائهم نعته بصفات لم تكن تليق بشخص في مستواه.
لا شك في أن تلك التحولات لم تأتي لأجل سواد عيون الكورد، بل كانت ثمرة وحدة الصف الكوردي و تنامي قوته العسكرية و الإقتصادية، إضافة للحماية الدولية النسبية التي تنظر إلى كوردستان كمخزون نفطي و حليف مرتقب و شريك في إعادة ترتيب المنطقة خلال العقود المقبلة.
بعد هذه المقدمة يمكننا الدخول إلى صلب الموضوع الكوردي في سوريا، لفهم طبيعة الهجمة المنظمة التي جعلت من الكورد في سوريا شغلها الشاغل.
فقد تناوبت المعارضة السورية، أفراداً و جماعات، ليبراليين و إسلاميين، يساريين و قوميين و حقوقيين، على إظهار العداء و الإنكار و الحقد المبيّت تجاه القضية الكوردية، و إن كانت الحدة تختلف من جماعة إلى أخرى. و قد إتبعت في ذلك طرق وأساليب عديدة تركزت على تفريق و تشتييت الكورد، من خلال سعي كل مجموعة سورية لإستمالة هذا الطرف أو ذاك من الحراك الكوردي إلى جانبها. فتم تقسيمهم، أفراداً و أحزاب، على المجلس الوطني السوري و هيئة التنسيق و المنبر الديمقراطي و لجان و هيئات عديدة أخرى تشكلت تحت يافظة معارضة نظام الأسد.
و تم رشوة بعض الرموز و الهيئات و التنسيقيات الشبابية لحضها على إيجاد بدائل عن الأحزاب الكوردية و التمرد عليها و الدعوة لإسقاطها مع النظام السوري. وبلغت هذه الحملة أوجها في الهجمة الشرسة على تواصل الكورد مع إمتدادهم الطبيعي و التاريخي في باقي أجزاء كوردستان. و كانت حصة الأسد في هذه التهجم موجهة ضد حزب الاتحاد الديمقراطي و حزب العمال الكوردستاني، تحت ذرائع تباينت من إتهامهما بالتشبيح و الوقوف إلى جانب النظام، إلى حملهما لأجندة إنفصالية.
هذه الأبواق كانت حتى الأمس القريب جزء من النظام و لا تزال حاملة لمنظومته الفكرية و الإيديولوجية. لذلك فإن محاولاتها الرامية إلى إضعاف دور و قوة الإتحاد الديمقراطي و السعي إلى عزله عن وسطه الكوردي لا تنبع من حب تجاه بقية الكورد، أو كره لتحالفه المزعوم مع النظام، بقدر ما تهدف إلى ترك الظهر الكوردي عارياً، مجرداً من القوة العسكرية و التنظيمية و الإنضباطية العالية المتوفرة لدى هذا الحزب، نظراً لكونه القوى الكوردية الوحيدة القادرة على بث الرعب في روح التيارات الشوفينية التي تستكثر على الكورد حقوقهم المشروعة.
ما يؤسف له هو إنضمام لفيف من الكورد إلى هذه الجوقة الشوفينية، حيث بات شغلهم الشاغل التهجم و الإفتراء على مناصري هذا التنظيم، متذرعين ببعض السلوكيات و الممارسات التي بدرت عنهم في السابق و كانت محل رفض عام في حينها و لسنا بأية حال في صدد التبرير لها. و لكن التجارب المريرة من الصراع الكوردي-الكوردي، خاصة بين الديمقراطي الكوردستاني و الإتحاد الوطني الكوردستاني، أو بين الأول و حزب العمال الكوردستاني، و ما تمخض عنها من نتائج كارثية على مصالح الشعب الكوردي، تفرض علينا سلك مسارات وطنية قومية حكيمة، واضعين نصب أعيننا المصلحة الكوردية العليا فوق الإعتبارات الحزبية و الشخصية الضيقة.
هذه المصلحة الكوردية العليا تستدعي أن تكون قوة و جبروت الإتحاد الديمقراطي معنا و ليست ضدنا. فالسياسة حقل لا ثوابت أبدية فيه، يتغير حسب الظروف و المعطيات. خصمك اليوم قد يكون حليفك في الغد و العكس صحيح. لذلك فإن حزب الإتحاد الديمقراطي قابل للتحول إن تواجد في بيئة مناسبة تمكنه من مد جسور الثقة، و هو في النهاية جزء من حركة التحرر الوطني الكوردي، نجاحه هو نجاح للكورد و سقوطه هو بنفس المقدار سقوط للكورد.
فيا معشر الكورد، تأكدوا إنكم ستؤكلون عندما يؤكل الثور الأبيض!