فارس محمد : آل مقداد والنموذج الكردي
الجمعة 24 آب / أغسطس 2012, 18:33
كورداونلاين

في ثورة البارزاني كانت القرار لزعيم العشيرة عندما كان يحارب بني جلدته إلى جانب الطغاة فبموجب قرار الزعيم يصبح أبناء العشيرة الألف أو الألفين العشرة آلاف محاربين ضد الثورة ويصبحو بيادق بيد الأعداء
الأسرة العشائرية تتكون من أسرة عريضة متماسكة فروعها بشكل وثيق وهي مؤسسة إجتماعية في المقام الأول تنشأ وتستمر نتيجة لعوامل إقتصادية وإجتماعية ونتيجة النظام والملكية والسلطة وهي تسمى بالأسرة العريضة وهي تقدم هوية لمن لا هوية مهنية أو فردية له حيث يكون إعتزاز الفرد لأسرته وعشيرته بدل أن يكون لتنظيمه السياسي أو لقوميته .
والأسرة العشائرية جماعة مغلقة ينظر كل أفرادها نفس النظرة إلى كل ما هو محيط بهم سلبا" أو أيجابا" كلها ترى نفس العدو ونفس الصديق .
وعندما تكون المصلحة العائلية الضيقة هي المهيمنة عندها تغيب الروح الوطنية أو المصلحة القومية وتصبح مصلحة العائلة فوق كل إعتبار وحينها لا يهم إن كان الوطن بخير أم لا
لعل ماجرى في لبنان بالأيام القليلة الماضية جعل مسألة الأسرة والعشيرة تطفو على السطح وجعلنا ندرك خطورة هذه المسألة فالذي حصل في لبنان يعطي إنطباعا" بضعف وهشاشة الدولة وبعدم قدرتها في التحكم بأمورها كدولة لها مؤسسات وقانون إنها عودة بالزمن قرونا" للوراء لبنان التي لطالما كانت مثالا" لديمقراطية الشرق الأوسط وواحة للجمال والأمان فعندما يكون لكل أسرة في لبنان جناح سياسي وجناح عسكري وناطق رسمي وقد يكون هناك وزراء أيضا" عندها يكون الوضع أشبه بلعبة الأطفال الخطرة .
أما النموذج الكردي من آل مقداد فهو موجود في مناطقنا وله عدة أشكال . النموذج الأول ظهر في بدايات الثورة عندما برزت بعض العائلات لتستولي على الملاعب وأراضي أملاك الدولة في بعض المدن وتعلن نفسها صاحبة الأرض بقوة السلاح الحربي لتي كانت تحملها علنا" مستفيدة من غياب أجهزة الدولة وعدم تحكمها بالأمور كما السابق ، عندها تدخلت بعض الأحزاب لتوقف هذه العائلات عند حدها بقوة السلاح .
النموذج الثاني الذي أصبح بطريقة عفوية أو بلعبة سياسية من جانب بعض التيارات صاحبة القرار السياسي في منطقة كاملة لها كامل الحرية في أيقاف أي نشاط أو حراك ثوري على الأرض بحجج مختلفة ويصبح بيدها قرار السلم والحرب.
النموذج الثالث من العائلات قد يكون من بين أبنائها مثقفين وكتاب ولكن للأسف ترى من الوطنية سلعة يمكن أن تفاوض الأحزاب والتيارات السياسية لقاء الإنضمام وتشترط لقاء الإنضمام إستلام مناصب قيادية في هذه التنظيمات أو بحجز مقاعد لها في المجالس والهيئات أو أن يكون قرارها عدم المشاركة في أي نشاط سياسي أو حراك ثوري في حال لم يحققو لها ما تريد ويكون قرار العائلة ملزما" على أبنائها وفي هذا النموذج عودة للتاريخ قرابة المئتي سنة عندما كانت القبائل تقوم بعرض ما لديها من فرسان ومقاتلين لقاء ما يقدمه لهم الغزاة من ألقاب أو نياشين أو رتب فخرية .
تاريخيا"عانينا ما عانيناه نتيجة العقلية القبلية ففي ثورة البارزاني كانت القرار لزعيم العشيرة عندما كان يحارب بني جلدته إلى جانب الطغاة فبموجب قرار الزعيم يصبح أبناء العشيرة الألف أو الألفين العشرة آلاف محاربين ضد الثورة ويصبحو بيادق بيد الأعداء . وفي كردستان تركيا كان الوضع مماثلا"بالنسبة للعشائر التي حاربت ضد الدولة التركية ومن حارب ضد أبناء الشعب الكوردي وضد الثورة وكان للقبلية والعشائرية الدور الأعظم في تفتت وتشرذم المجتمع الكوردي .
ومجتمعنا الذي قطع أشواطا" مهمة في مسيرة التقدم والمدنية يحاول بعض العائلات ممن يروجون لآل مقداد الكوردي الرجوع بالزمن إلى الخلف .